رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

Al-sharq

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

الشرق

مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

عربي ودولي

1851

سوريا الأزمة المنسية.. من يوقظ العالم؟

03 يناير 2022 , 06:55ص
alsharq
مخيمات النازحين غارقة في مياه الامطار
هاجر العرفاوي

تسبّبت الحرب في سوريا في أكبر أزمة إنسانية على الاطلاق خلال القرن، مخلفة خرابا ودمارا على الشعب السوري وعلى المنطقة، حيث هجرت وشردت الملايين من السوريين في داخل وخارج البلاد، ولقي خلالها نحو نصف مليون سوري حتفهم دون اعتبار لحجم الخسائر الاقتصادية والاجتماعية والأثرية. وبعد مرور اكثر من عقد على اندلاع النزاع، لايزال السوريون يبحثون عن الأمان بعد ان روعهم الاقتتال الذي لم تسلم منه النساء ولا الأطفال، وتكالب عليهم الآلام من مناخ قاس ونقص في الغذاء والعلاج والمأوى.

لوقت غير بعيد، كانت سوريا ثاني أكبر بلد بعد باكستان، يستقبل اللاجئين من مختلف الدول، لكنها باتت أكبر مصدّر للاجئين والنازحين في العالم جراء الحرب والاقتتال المستمر، ولم يخطر ببال السوريين يوما أن يأتي عليهم الدور في التهجير القسري من ديارهم، فرارا من الموت حاملين اوجاعهم واحزانهم على وطن دمرته حرب شرسة. ومهما بلغت التقارير والاحصائيات المتعلقة بالأزمة الإنسانية السورية من الدقة والحياد، لن تتمكن من نقل حقيقة المأساة وحجم المعاناة المستمرة التي يكابدها اللاجئون والنازحون السوريون على حد السواء.

أرقام صادمة

وطيلة السنوات الماضية، نشأ جيل بأكمله من السوريين خارج وطنه، بين دول الجوار وأوروبا وامريكا.

واشارت تقارير للمفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين الى ان عدد اللاجئين السوريين تضاعف عشر مرات خلال العام المنصرم، مقارنة بالعام 2012، حيث فر اكثر من 5 ملايين لاجئ سوري منذ اندلاع النزاع، الى دول الجوار لاسيما تركيا ولبنان والأردن، وثلثهم تقريبا من الأطفال من دون 11 عاماً، من بينهم أكثر من 15 ألف طفل عبروا الحدود السورية منفصلين عن ذويهم، فأي مستقبل لهذا الجيل الذي لم يعرف غير الموت والدمار والترهيب؟ ولا تزال الأوضاع الداخلية في سوريا تدفع أكثر من نصف مليون شخص للخروج منها سنوياً.

وبينما اختار هؤلاء السوريون دول الجوار ملاذا للفرار من القصف والقمع في ذروة احتدام الصراع، فضل مئات الآلاف دفع مبالغ طائلة للمهربين وركوب البحر وخوض المخاطر، املين ان تنتهي معاناتهم بوصولهم الى أوروبا. ووفقًا لإحصائيات حديثة أصدرها مكتب الإحصاء الأوروبي "يوروستات"، استفاد اللاجئون السوريون أكثر من غيرهم من فرص الحماية في دول الاتحاد الأوروبي، إذ تشير الإحصائيات إلى ان اكثر من 70 ألف سوري حصلوا على وضع الحماية هناك، وأغلبهم في ألمانيا الوجهة الأساسية للسوريين في أوروبا، ولكن مع في تزايد موجة تدفق المهاجرين لاسيما من الشرق الاوسط، بدأت أوروبا تحد من اعداد الوافدين اليها.

ونزح ما يقارب السبعة ملايين سوري، على وقع المعارك والهجمات المتكررة، مخلفين وراءهم منازلهم وكل ما يملكون، ليستقر معظمهم فيما بعد في المخيمات. وبعد اعوام من الحوارات المتواصلة مع المجتمع الدولي والضغط، نجحت تركيا التي تستضيف اربعة ملايين لاجئ سوري، في وضع لبنات منطقة آمنة على الحدود مع سوريا بهدف توفير فضاء يعيش فيه النازحون في الداخل وضمان العودة الطوعية للاجئين السوريين من تركيا إلى بلادهم مستقبلاً، لكن غارات النظام وحلفائه على السكان في مناطق خفض التصعيد اجبرتهم على النزوح منها باتجاه الحدود التركية.

أوضاع مأساوية

ويعيش السوريون الفارون من الاقتتال وبطش النظام القمعي، أوضاعا معيشية مأساوية لاتنتهي بين الجوع والبرد والحاجة الى الدواء، فضلا عن مخاوفهم بشأن الترحيل. وبات جميع اللاجئين تقريباً عاجزين عن توفير الحدّ الأدنى من الإنفاق اللازم لضمان البقاء على قيد الحياة.

ومع حلول الشتاء، تفاقم موجات البرد الشديد والمنخفض الجوي الذي يضرب المنطقة، الأوضاع المتردية لاسيما في مخيمات شمال غربي سوريا، حيث تتسببت العواصف والامطار الغزيرة في اغراق مئات الخيام وتشريد الاف الاسر النازحة بالأساس. وفي ظل انعدام البنية التحتية الأساسية من طرقات ومياه وشبكات صرف صحي، تتحول المخيمات في الشتاء الى برك طينية ومستنقعات. وفي ديسمبر الماضي، اطلقت الشبكة السورية لحقوق الانسان، نداء استغاثة عاجلة بعد تضرر نحو 400 مخيم بسبب السيول الجارفة، وتشريد ما يفوق 3 آلاف، مناشدة الدول والمنظمات العربية والدولية الإسراع في تقديم المساعدة.

وتعيش السوريات اللاتي فقدن ازواجهن خلال الحرب، ظروفا صعبة للغاية حيث تكافحن يوميا من اجل اطعام اطفالهن، وبحسب منظمة اليونيسيف يعاني أكثر من نصف مليون طفل دون سن الخامسة من التقزم نتيجة لسوء التغذية المزمن. وغيبت الحرب حوالي 2.5 مليون طفل داخل سوريا، و750 ألفا آخرين في الدول المجاورة، عن المدارس.

واعادت الحرب في سوريا رسم خارطة النفوذ والسيطرة، حيث غيرت حياة حوالي عشرين مليون شخص داخل سوريا، وبات هناك اكثر من مليوني سوري يعيشون في فقر مدقع. ووفق برنامج الأغذية العالمي، يكافح نحو 13 مليون شخص لإيجاد طعام يسدّ رمقهم كل يوم، و 13,4 مليون شخص بحاجة إلى مساعدات إنسانية، وفق الأمم المتحدة.

ورغم تراجع حدة الاقتتال في سوريا إلى حد كبير خلال العام 2021، لا يزال معظم السوريين يفتقدون أمان العودة إلى بلادهم، خشية النظام القمعي الذي بقي على عرش السلطة بينما تحولت البلاد الى دمار شامل.

استجابة ضعيفة

وتراجع الوضع الانساني في الاجندة الدولية، مع تفاقم التصعيد في الازمة السورية مؤخرا، ورغم نداء الأمم المتحدة وتعبيرها عن قلقها البالغ إزاء اوضاع ملايين المدنيين لاسيما في إدلب، وكشفها عن احتياج الفارين إلى مساعدة إنسانية عاجلة، إلا أن الاستجابة الدولية بقيت ضعيفة في حين تتعرض حياة الملايين الى خطر حقيقي بشكل يومي.

وفي 9 يوليو الماضي، تبنى مجلس الأمن الدولي قرارا توافقيا حول الإبقاء على معبر باب الهوى لنقل المساعدات عبر الحدود لمدة سنة واحدة بشرط تقديم الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، تقريرا عن عمل الآلية بعد 6 أشهر. وفي منتصف الشهر الماضي، اكد غوتيريش في تقريره الأول أن المساعدات الإنسانية عبر الحدود للسكان السوريين من دون موافقة دمشق، ما زالت ضرورية. ولا يلقى تفويض الأمم المتحدة الذي يسمح للمساعدات الدولية بعبور الحدود السورية من دون موافقة دمشق، إجماعا إذ تعارضه روسيا التي تؤكد على سيادة سوريا، وتبقيه الولايات المتحدة ودول غربية لأسباب إنسانية.

ويمثل معبر باب الهوى شريان حياة حاسم للأشخاص في شمال غرب سوريا، اذ يوفر الغذاء والمياه النظيفة والإمدادات الطبية لأكثر من مليون شخص. وبحسب منظمة العفو الدولية، فان السماح فقط باستخدام معبر حدودي واحد في باب الهوى مرة أخرى لمدة ستة أشهر أو ربما لفترتي ستة أشهر هو أمر ضروري ولكنه تدبير ضئيل للغاية ولا يزال غير كافٍ بصورة مؤسفة لتلبية الاحتياجات الإنسانية الهائلة للسكان المدنيين. وفي العام 2020، أدى إغلاق معبرين اخرين إلى تفاقم الأزمة الإنسانية في كل من شمال غرب وشمال شرق سوريا.

عملية تشاورية

و في اهتمام خاص بالأزمة الإنسانية في سوريا، اطلقت دولة قطر وتركيا وروسيا عملية تشاورية جديدة، بالتوازي مع مسار استانا، الذي يبحث بشكل مستمر وقف اطلاق النار في سوريا والمستجدات السياسية والعسكرية والإنسانية. وأعربت الدول الثلاث خلال اجتماعها الأول بالدوحة في 11 مارس الماضي، عن قلقها البالغ إزاء تأثير جائحة كوفيدـ19 والتحدي العميق الذي يشكله على النظام الصحي السوري وعلى الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية والإنسانية، ما يستوجب التدخل السريع للأمم المتحدة ووكالاتها، ولا سيما منظمة الصحة العالمية. وأكدت في بيان مشترك، على ضرورة زيادة المساعدات الإنسانية في جميع أنحاء البلاد دون تمييز وتسييس وشروط مسبقة من أجل دعم تحسين الأوضاع الإنسانية وإحراز تقدم في عملية التسوية السياسية، ضرورة تسهيل العودة الآمنة والطوعية للاجئين والنازحين داخليا. وظلت دولة قطر ملتزمة بالوقوف الى جانب الشعب السوري منذ اندلاع الازمة من خلال تقديم كافة أشكال الدعم من حزم معونات اغاثية أو برامج تنموية.

ومع دخول الحرب عقدها الثاني، يظل السؤال حول المسار الذي تتجه إليه الازمة في سوريا، دون إجابة في ظل غياب مؤشرات واضحة على قرب انتهاء النزيف الذي خلفته اسوأ الحروب في العالم العربي. وفي صورة توقف الحرب كليا، قد تحتاج سوريا إلى نصف قرن او أكثر لإعادة بناء واعمار ما تهدم وإعادة اللاجئين والمشردين الذين تركوا بيوتهم وقراهم هربا من الموت. وما إن لم يمارس المجتمع الدولي، ضغوطاته على النظام للوصول إلى اتفاق سياسي شامل يلبي تطلعات الشعب السوري، وما إن لم يتحرك لتوفير المساعدات الاغاثية والحماية للمدنيين، ستظل الأزمة السورية وصمة في جبين الإنسانية جمعاء.

اقرأ المزيد

alsharq سوريا: إرسال أول رسالة مصرفية عبر نظام "سويفت" بعد 14 عاماً من التوقف

أعلن مصرف سوريا المركزي إرسال أول رسالة مصرفية عبر نظام المدفوعات الدولي سويفت في خطوة تُعد الأولى منذ... اقرأ المزيد

228

| 21 نوفمبر 2025

alsharq الإعلان في طرابلس عن تأسيس الهيئة العليا للرئاسات لتوحيد القرار الوطني

أعلن المجلس الرئاسي والمجلس الأعلى للدولة وحكومة الوحدة الوطنية في ليبيا عن تأسيس الهيئة العليا للرئاسات تضم الرئاسات... اقرأ المزيد

130

| 20 نوفمبر 2025

alsharq إيران تبلغ وكالة الطاقة الذرية بإلغاء اتفاق القاهرة

أعلنت إيران رسمياً، اليوم، إنهاء اتفاق القاهرة المبرم مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية، الذي نص على استئناف التعاون... اقرأ المزيد

414

| 20 نوفمبر 2025

مساحة إعلانية