رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

Al-sharq

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

الشرق

مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

محليات

838

د. المريخي : "التدين" بإخلاص وفق الكتاب والسنة يجلب الأدب للإنسان

05 أغسطس 2016 , 11:00م
alsharq
محمد دفع الله

الأخلاق العالية مؤشر لقوة الإيمان..

قال د. محمد بن حسن المريخي إن خير ما تحلى به المرء المسلم بعد دينه القويم وعقيدته الإسلامية السمحة، أدب رفيع وخلق كريم، أدب يسمو به إلى علياء الأمور وسماء المعالي ورفيع المنازل، أدبٌ يُزينه ويُحليه ويمنعه عن الحرام ويرده عن ما هو منقصة ومعيب ويحفظه عما هو معدود من سفاسف الأمور. أدب يهذب خلقه ويحسن منطوقه ويضبط مشيته وحبسته وكلمته ويزيده وقاراً وجمالا.

وذكر في خطبة الجمعة بجامع الإمام محمد بن عبدالوهاب أن الأدب هو استعمال ما يحمد من الأقوال والأفعال، وهو الأخذ بمكارم الأخلاق والوقوف على ما هو جميل وحسن وقال نقلا عن غيره "الأدب تعظيم مَنْ فوقك والرفق بمن دونك وهو الورع وصيانة النفس وهو استعمال الكلام الجميل والمعاملة الحسنة والمنطق الحُلوِ والإحسان إلى عباد الله وكل ما خلق الله. يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: "مِنْ حسن إسلام المرء تركه ما لا يعنيه".

الأدب عُنوان السعادة

وقال إن أدب الإنسان عُنوان سعادته وفلاحه، وقلة أدبه عنوان شقاوته وهلاكه. وإنه ما استجلب خيرُ الدنيا والآخرة إلا بالأدب الجمِّ ولا استجلب حرمانها إلا بقلة الأدب وذهابه. وأشار إلى أن كيف نجى الأدبُ مع الوالدين مَنْ أطبقت الصخرة عليه باب الغار، فما تزحزحت بعد إذن الله تعالى إلا بعدما سأل ربَّه عز وجل بقبر الوالدين.

ولفت إلى ابتلاء الله تعالى صاحب الصومعة حين امتنع عن إجابة نداء أمه فهُدِمتْ صومعتُه وضربه الناس وابتلى برميهم له بالفاحشة. ودعا إلى تأمل أحوال كل شقي ومفترٍ ومُدْبِرٍ كيف تجد قلة الأدب هي التي ساقته إلى الحرمان.

وقال إنه إذا تحلى المرء بالأدب حسنت أخلاقه، وكثر مصافوه، وقلّ معادوه، فتسهلت عليه الأمور الصعاب، ولانت له القلوب الغِضاب، وكان سهلَ المعاملة، ليِّنَ الجانب، سلساً مطاوعاً منقاداً، قليل الخلاف والنفور، طلق الوجه، طيب الكلمة، ذَا صدر منشرح كبير يسع جميع الناس. يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: رحم الله رجلاً سمحاً إذا باع وإذا اشترى وإذا اقتضى. رواه البخاري.

وجاء في الخطبة "إن الأدب في المرء شيء عظيم! لا تعدله الأموالُ ولا الكنوز، ولا العقارات ولا كثرة الخدم والحشم. إنه دليل على الإيمان ورسوخه أو قلته ونقصانه واضطرابه. يقول أبو حفص السهروردي رحمه الله: حسن الأدب في الظاهر عنوان حسن الأدب في الباطن.

يقول ابن القيم رحمه الله: أدب المرء عنوان سعادته وفلاحه، وقلة أدبه عنوان شقاوته وبوادره.

الأدب من أولويات السلف

وذكر أن الأدب كان من أولويات السلف الصالح في عنايتهم بأبنائهم وذرياتهم كانوا يرون التحلي به من أكبر المنن الربانية أن يتحلى أبناؤهم بالأدب، فكانوا يأتون بمؤدبين يأدبون أبناءهم، يعلمونهم الأدب مع الله تعالى ورسوله والشريعة والوالدين وولاة الأمر والأرحام والناس أجمعين، يعلمونهم الأدب مع المخالف والمحاور والمُجالِس والكبير والضيف وما لا يجوز التكلم به وما يجوز. ويهتمون بذلك تمام الاهتمام. ويتبعونهم حتى نشأت أجيالهم التي حملت الدين الحنيف بعقيدته الصافية وعباداته وأحكامه، وحملت الأخلاق المرويات والشيم والمعارف والمعالي وسمو الصفات ورفيع العادات.

وكان عبدالله بن عمر رضى الله عنهما جالساً مع أبيه عمر في حضرة رسول الله وكبار الصحابة، فقال رسول الله: إن من الشجر شجرة لا يسقط ورقها، وإنها مثل المسلم فحدثوني ما هي؟ فوقع الناس في شجر البوادي. قال عبدالله بن عمر: ووقع في نفسي، أنها النخلة، فاستحييت، ثم قالوا: حدثنا ما هي يا رسول الله؟ فقال: هي النخلة. قال عبدالله بن عمر لأبيه عمر بعد ذلك، أنه كان يعرفها ولكنه استحيا أن يتكلم في حضرة رسول الله وأكابر الصحابة، فقال له عمر: لأن تكون قلت هي النخلة، أحب إليَّ من كذا وكذا. يعني لو قلت الجواب لشرفتني عند رسول الله. رواه البخاري ومسلم. والشاهد من الحديث: أنه رضى الله عنه من حيائه وأدبه استحيا أن يتكلم وهو يعرف الجواب لصغر سنه تأدباً مع رسول الله وكبار الصحابة.

الدين مصدر الأدب

وأكد الخطيب أنه لا يؤدب الناس كبيرهم وصغيرهم ذكرهم وأنثاهم إلا الدين الحنيف — دين الله القويم — فهو مصدر الأخلاق ومنبع الآداب فمن تدين لله بدينه مخلصاً ووقف على كتابه الكريم وسنة رسوله الأمين، وأقام الصلاة واهتم بالشريعة وعلم أنها أغلى عنده من الماء البارد عند الظمآن فسوف ينال الأدب الرفيع. فما من متدين بدين الله صادقاً مخلصاً إلا أعطاه الله تعالى الأدب والخلق الكريم، وما أخذ احد الدين بغير اهتمام ورعاية، واعتبره من الأمور المؤخرة وقدم عليه دنياه وماله ونفسه إلا خاب حظه من الأدب فكان عبوساً ضيق الصدر لا يطيق أحداً مَلولاً جاهلا، يشرق ويغرب في السيئات والأوزان والآثام. وقال إن دين الله تعالى هو منهل الآداب والأخلاق، ولذلك كان سيد الخلق محمد رسول الله عليه الصلاة والسلام صاحبَ الخلق العظيم، الذي شهد له ربه عز وجل فقال (وإنك لعلى خلق عظيم).

مساحة إعلانية