رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

Al-sharq

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

الشرق

مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

تقارير وحوارات

4310

الحلقة الخامسة.. ناجي صبري لـ "الشرق": الدوحة وجهتي الأولى لعودة العراق لمحيطه العربي

06 أبريل 2016 , 10:22م
alsharq
الدوحة - الشرق

* الشيخ حمد بن جاسم قام بدور محوري لإتمام المصالحة العراقية الكويتية

* لن أنسى لقائي الأول مع سمو الأمير الوالد وتم في أجواء ودية متحررة من البروتوكول

* طلبت من الرئيس صدام إعادة أرشيف الكويت لأهله كبداية لاستعادة أجواء الثقة والأخوة والمصالحة

* قمت بـ"هندسة عكسية" لكسب ثقة الأمم المتحدة واستعادة الحاضنة العربية

* فرنسا حذرت من أن اندلاع الحرب في العراق سيفتح باب الشرور في المنطقة

* الأمم المتحدة تعتبر فشل جهود منع الحرب على العراق يوما أسود في تاريخ المنظمة

* الولايات المتحدة أرسلت 30 عراقيا للتجسس على أقاربهم من علماء الذرة في العراق

* الدبلوماسية العراقية أحبطت محاولة أمريكية لتحويل مسار منظومة العمل الرسمي العربية

* رفضت بشدة تلميحات لوزراء في اجتماع الجامعة لتحميل العراق المسؤولية ومطالبة الرئيس صدام بالتنحي

* عمرو موسى رتّب للقاء عاجل مع أحمد ماهر أكد لي فيه وقوف مصر إلى جانب العراق خلافا لما ذكرته "الأهرام "

* فرنسا وروسيا والصين رفضت وضع آلية تلقائية لشن الحرب على العراق

* قلت لوزيرة خارجية اليابان قلقكم من أمريكا وليس العراق فنحن لم نضربكم بالقنابل النووية

* تأكدنا من وجود ضباط في المخابرات الأمريكية ضمن لجان التفتيش

* بلير كذب وقام بتزوير وثيقة بادعاء أن العراق يدعم الإرهابيين بدلا من جماعات المعارضة

* أول إطلالة لي كانت عبر قناة الجزيرة

أدار الحوار: جابر الحرمي

أعده للنشر : طه حسين- عبدالحميد قطب

لم يكن سقوط بغداد واحتلالها في 9/4/2003 يوماً عادياً للأمة العربية، فهي أول عاصمة عربية يتم احتلالها مجدداً في القرن الواحد والعشرين.

وما يحدث اليوم في الواقع العربي من تداعيات إقليمية، ومشاريع متعددة تتنافس للاستحواذ على حصص من أرضنا العربية في غياب أي مشروع عربي وتفكك للمنظومة العربية.. ما هي إلا نتاج التحول الذي حدث بسقوط بغداد.

لكن هذا السقوط أو الاحتلال لم يأت فجأة، إنما جاء نتيجة خطأ تاريخي واستراتيجي ارتكبته القيادة العراقية في 2/8/1990 بإقدامها على جريمة غزو دولة الكويت الشقيقة، واستباحة سيادتها، والذي مثل ضربة لمنظومة العمل العربي، وأوجد فرصة سانحة لتدخل قوى أجنبية بالمنطقة، ومن ثم تدمير دولة بحجم العراق، ليسهل فيما بعد احتلالها، وهو ما حصل بعد سنوات من الحصار، فكان أن سقطت بغداد في أبرايل 2003.

هناك الكثير الذي قيل وكتب عن الغزو العراقي الغاشم لدولة الكويت الشقيقة، وهناك الكثير أيضاً الذي قيل وكتب عن فترة الحصار، التي امتدت منذ 1991 إلى يوم سقوط بغداد في 2003..

ولكن من المؤكد أن من عاصر وعايش مرحلة غزو الكويت وسقوط بغداد، مروراً بفترة الحصار وتداعياتها وما تعرض له العراق من قصف متجدد، وهجمات تدميرية لأكثر من خمس مرات..، لديه ما يقوله.

د. ناجي صبري آخر وزير خارجية للعراق في عهد صدام حسين

الدكتور ناجي صبري الحديثي، آخر وزير خارجية للعراق في عهد الرئيس صدام حسين هو شاهد على مرحلة مفصلية عاشها العراق.

** حدثنا معالي الوزير عن رد الفعل الأمريكي بعد معركتكم مع الدبلوماسية الأمريكية والبريطانية في مجلس الأمن، ماذا كان رد فعل الولايات المتحدة على إفشالك تحركاتها في مجلس الأمن ولماذا لم تفلح جهودك في وقف الحرب في النهاية؟

- تعرضت للمضايقة والاستفزاز أثناء المغادرة من مطار جي أف كنيدي حيث أخضعوني للتفتيش البدني، بعد علمهم بهويتي، وبالرغم من حصانتي الدبلوماسية. وقبلها حصل استفزاز مماثل في مطار موسكو عند توجهي إلى نيويورك على متن طائرة لشركة أطلنطا الأمريكية، حينما تعمد موظفوها الأمريكيون أن يفرغوا حقيبتي ويبعثروا محتوياتها على مصطبة الحقائب بعصبية واضحة.

وقبل اتخاذنا قرار السماح بعودة المفتشين طلب عدد من وزراء الخارجية اللقاء بي في نيويورك. فالتقيت بالوزير الفرنسي دومينيك دوفيليبان والوزير الألماني يوشكا فيشر. وكلاهما ناشدني الموافقة على عودة المفتشين تنفيذا لقرارات مجلس الأمن. ثم التقيت في اليوم الثاني وزير خارجية كندا.

كما التقيت وزيرة خارجية جنوب إفريقيا السيدة زوما بناء على طلبي، ودار اللقاءان حول قضية العراق، ثم ذهبت للقاء وزيرة خارجية اليابان السيدة يوريكو كاواجوجي بناء على طلبها الذي أبلغتنا به قبل وصولي إلى نيويورك، وجدتها محاطة بعشرات المصورين اليابانيين، تصافحنا وابتسمت للكاميرات وجلسنا وإذا بها تبدأ وابلا من الكلام دون انقطاع وكأن شريطا مسجلا قد انفتح..

فقالت: "إن الشعب الياباني قلق من أسلحة الدمار الشامل العراقية" فقلت لها: "أنتم قلقون من أسلحة العراق؟" لم ترد الوزيرة على سؤالي وواصلت الحديث بذات الوتيرة، فقالت: "نحن قلقون من أسلحة العراق النووية" فقلت لها: "أخشى أن تكوني قد أخطأت العنوان، فنحن ليس لدينا أسلحة نووية ولا غيرها من أسلحة الدمار الشامل".

واستمرت: "ونحن نطالبكم بالامتثال لقرارات مجلس الأمن والتخلص من أسلحتكم النووية والأخرى" قلت لها يا سعادة الوزيرة: "نحن لم نضربكم بالقنابل النووية في هيروشيما وناغازاكي، أمريكا هي التي فعلت ذلك في الحرب العالمية الثانية"، فواصلت دون انقطاع.. فقلت لها: "لا جدوى من هذا اللقاء"، ونهضت فنهضت وصافحتني وابتسمت للمصورين!

وبعدها ذهبت للقاء وزير خارجية أستراليا ألكزندر داونر الذي طلب مقابلتي، فبدأ الحديث بذات الجملة التي بدأت بها الوزيرة اليابانية. فقال: " نحن قلقون في أستراليا من أسلحة الدمار الشامل العراقية" قلت له: " سبحان الله، الآن جئت من لقاء مع وزيرة خارجية اليابان، ويبدو أن رسالة التعليمات الأمريكية التي وصلتها نفسها قد وصلتك أيضا".. فلم يتمالك نفسه من الضحك، فنهضنا وأنهينا الاجتماع. طبعا ضحك على نفسه.

حملة لقرار جديد

كانت الولايات المتحدة وبريطانيا تستخدمان مسألة التفتيش ذريعة وسوطا تضرب به العراق. وبعد القرار العراقي بعودة المفتشين يوم 16 /9 /2002 أعلنت الدولتان أن قرار 1284 (1999) لا يكفي، بعد أن كانتا إلى ما قبل صدور قرارنا، تضغطان على العراق في كل المنابر الدولية لتنفيذه.

وأعلنتا أن ثمة حاجة ماسة لتزويد لجان التفتيش بسلطات أكثر وأشد. وبدأت حملة واسعة لإصدار قرار جديد. فأصدر توني بلير رئيس حكومة بريطانيا ملفا يوم 24/9/2002 زعم فيه أن العراق يمتلك قدرات في جميع أسلحة الدمار الشامل وأن بإمكانه تحضيرها واستخدامها في غضون 45 دقيقة.

ووصف ملفه بأنه ثمرة جهود حثيثة لأجهزة المخابرات البريطانية. لكن مصادر أمريكية وبريطانية أكدت بعد الغزو أن المعلومات التي وردت في ملف بلير (الموثق جدا) منقولة عن اثنتين من مقالات الصحف، وأنه ضم أجزاء كبيرة من ورقة بحثية لطالب كلية في بريطانيا عن العراق عام 1991، وقد نقلت بطريقة قص والصق بأخطائها الإملائية والنحوية!

بل إن هذه المصادر كشفت عن قيام بلير بتغيير فقرات أخرى مما ورد في ورقة الطالب لكي يضفي عليها مسحة ملتهبة على حد تعبير المصادر(certain portions of the academic report were altered by the PM Tony Blair to make them more inflammatory. In one cited instance Blair changed "aiding opposition groups" to "supporting terrorists.")

ونقلت واحدة منها تشير على ما يبدو إلى أن العراق كان:" يقدم المساعدة إلى جماعات المعارضة" فقام بلير بتغييرها إلى: " يدعم الإرهابيين".!!

وكانت الدولتان في الحقيقة تعدان لمحاولة ثانية لدفع مجلس الأمن لإصدار قرار يجيز شن الحرب على العراق باسم الأمم المتحدة بعد أن وفقنا الله لإفشال الأولى في 16/9/2002. ومارست ضغوطا وحملة دبلوماسية واسعة من أجل ذلك.

لكن قرار مجلس الأمن رقم 1441 الذي صدر في 8 /11 /2002 وكان أسوأ من كل ما سبقه من قرارات، لم يأت بما أرادته الولايات المتحدة وبريطانيا اللتان عجزتا عن إقناع المجلس بإصدار قرار يضفي الشرعية الدولية على مشروعها وحليفتها بريطانيا بغزو العراق واحتلاله.

فقد رفضت فرنسا وروسيا والصين وضع آلية تلقائية لشن الحرب على العراق من جانب أي دولة ترى العراق مقصرا في تلبية متطلبات نزع الأسلحة المحظورة. وهكذا أدى تعاون العراق وقراره الحاسم بإعادة المفتشين والنهج الجديد الذي اختطته الدبلوماسية العراقية في التعامل مع أجهزة الأمم المتحدة إلى إحباط المحاولة الثانية الخطيرة التي قامت بها الولايات المتحدة للحصول على غطاء دولي شرعي لنواياها العدوانية غير المشروعة.

وأحبطت الدبلوماسية العراقية، رغم صعوبة الظروف وشح الإمكانيات وكثرة الضغوط، ثالث محاولة خطيرة للدبلوماسية الأمريكية والبريطانية لإصدار قرار دولي يضفي المشروعية على مخطط أمريكا وبريطانيا لغزو العراق.

وقد سربت وكالة "ويكيليكس" الأمريكية رسالة رسمية سرية أمريكية عن هذا الاجتماع الشهير، ونشرتها قبل عامين. والرسالة مرسلة من البعثة الأمريكية الدائمة في الأمم المتحدة إلى البيت الأبيض ووزارتي الدفاع والخارجية والكونغرس ونقلت فيها ترجمة رسالتي إلى الأمم المتحدة قبل 5 أيام من اجتماع مجلس الأمن، واعتبرتها "ويكيليكس" ضربة استباقية من وزير الخارجية العراقي أجهضت استعراض "باول" ومحاولته إقناع المجلس بإصدار قرار الحرب على العراق ونشرتها تحت عنوان: " تسريب تقشعر له الأبدان: العراق يحذر من أدلة مفبركة قبل خطاب "باول" عن أسلحة الدمار الشامل".

إعلان من 11807 صفحات

كان مجلس الأمن قد طلب في قراره 1441 (8/11/2002) من العراق أن يقدم إعلانا كاملا وشاملا عن برامج الأسلحة العراقية خلال شهر، وقد قدمنا الإعلان المطلوب قبل يوم من الموعد أي يوم 6/12/2002، وضم 11807 صفحات.

ورزمته دائرة الرقابة الوطنية العراقية في صناديق عدة وسلمته لمكتب لجان التفتيش في بغداد واحتفظت بنسخة منه موقعة من مكتب لجان التفتيش الدولية. ثم أرسله المكتب جواً في اليوم التالي إلى مقر الوكالة الدولية للطاقة الذرية في "فيينا"، وأرسل نسخة منه إلى مجلس الأمن في نيويورك.

وقد سُلم إلى رئيس المجلس لذلك الشهر وهو سفير الولايات المتحدة لكي يأمر باستنساخه وتوزيعه على أعضاء مجلس الأمن الخمسة عشر. لكن السفير الأمريكي تذرع آنذاك بأن أجهزة نسخ الأوراق في مقر الأمم المتحدة غير كافية لاستنساخ الإعلان! وأرسله إلى مقر البعثة الأمريكية لاستنساخه.

فأعادت البعثة الأمريكية 4 نسخ من الإعلان وزعت على الدول الأخرى دائمة العضوية بعد أن حذفت أسماء الشركات الأمريكية والبريطانية التي كانت تتعامل مع العراق في ميادين التصنيع العسكري، وأبقت على أسماء الشركات التابعة للدول الغربية الأخرى. أما الدول العشر الأخرى غير دائمة العضوية فقد وزع الأمريكيون عليها نسخة من الإعلان مختصرة من 12 ألف صفحة إلى 3 آلاف صفحة فقط!

الكل يعرف الحقيقة

**وما موقف الدول دائمة العضوية؟

- بالطبع كانت للولايات المتحدة حصة الأسد في لجان التفتيش التي ترسل إلى العراق ولمن تختارهم أو تستخدمهم من مفتشي الدول الأخرى. ولكن الدول دائمة العضوية كان أيضا لديها مفتشون في لجان التفتيش، وبوسعهم أن يزودوا دولهم بحقيقة الأمر. وبالوسع القول إن كل الدول دائمة العضوية كانت تعرف منذ 1991 حقيقة ما يجري في العراق في هذا الميدان، وما الذي دمر.

كان الجميع يعرف الحقيقة: أن العراق أصبح خاليا بعد 1991 من جميع أسلحة الدمار الشامل، وأن السلاح الوحيد المنجز آنذاك هو الكيماوي الذي كشف عنه العراق بنفسه في نيسان/ أبريل 1990 قبل الحرب ردا على تهديدات إسرائيل. وقد وضع مخزون الأسلحة الكيماوية بكامله وجميع مصانعها ومستودعاتها تحت تصرف المفتشين منذ أواسط عام 1991 وقامت بتدميرها تدميرا كاملا في العامين التاليين.

وكان العلماء العراقيون قد نجحوا في تحضير بضع غرامات من الوقود النووي فأخذتها لجان التفتيش ونقلتها خارج العراق منذ عام 1991 وقامت بتدمير كل ما له صلة بالبرنامج النووي. وكان على لجان التفتيش بعد أن دمرت هذه الأسلحة والمرافق والمعدات وانتقلت إلى مرحلة المراقبة الدائمة كان عليها أن تبلغ مجلس الأمن بانتهاء ولايتها لكي ينفذ مجلس الأمن الفقرة 21 من قرار 687 للسماح للعراق بتصدير نفطه ثم الفقرة 22 لرفع بقية أشكال الحصار.

لكنها بدلا من ذلك انتقلت إلى تفتيش الوحدات العسكرية والمراكز الأمنية ومنها إلى المكاتب وقصور الضيافة الرئاسية. ثم بقيت تلف وتدور في حلقات مفرغة عن تواريخ البرامج: من أتى بهذه القطعة ومتى وكيف ومن أين ومن فعل هذا ومن فعل ذاك، إلخ من الأسئلة التعجيزية.

وكانوا لا يكتفون بالإجابات الشفهية حيث لا يتوافر توثيق لكل خطوة. بل كانوا يريدون الإجابات موثقة بوثائق رسمية مهما كانت الخطوة صغيرة وبسيطة. وكلما زودتهم الجهات العراقية بما يتوافر من وثائق، طلبوا أكثر مما يعلمون أنه غير موجود. وكل ذلك طبعا كان خارج ولايتهم بموجب قرارات مجلس الأمن، لكنهم كانوا يتمتعون بغطاء قوي من أمريكا وبريطانيا.

التجسس على علماء الذرة

** قيل إن الولايات المتحدة حاولت التجسس على علماء الذرة العراقيين؟

- في الفترة التي انسحب فيها المفتشون من العراق ولم يعودوا، أي من نهاية 1998 حتى عودتهم في 27/11/2002، لم يبقَ للولايات المتحدة من يتجسس على العراق من الداخل، لذا حاولت أن تتحايل على هذا الأمر. فطلبت وكالة المخابرات المركزية، بالضغوط والابتزاز، من ثلاثين عراقيا مقيما في الولايات المتحدة ممن لديهم صلات قرابة مع العلماء العراقيين العاملين في برامج التسليح، التوجه إلى العراق ليتجسسوا على أقاربهم العلماء.

وبالفعل ذهب هؤلاء وعادوا كلهم بتقارير تؤكد عدم استئناف برامج أسلحة الدمار الشامل في العراق. لكن الوكالة، حسب الكتاب، دفنت هذه التقارير.

** وكيف عرفتم بهؤلاء العراقيين الذين أرسلتهم الولايات المتحدة للتجسس على أقاربهم؟

- كشف هذه المعلومات الكاتب الأمريكي الشهير جيمز رايزن في كتابه حالة حرب (State of War: The Secret History of the CIA and the Bush Administration by James Risen)

الذي صدر عام 2006 عن دار فري بريس وأشار إلى أحد هؤلاء وهي عراقية تعيش في ولاية كليفلاند وذكر المؤلف اسمها ومهنتها.

كنا نشك في أن الكثير من المفتشين ومسؤوليهم جواسيس وليسوا مهنيين. وكنا نعلن ذلك فتنكر إدارات جهازي التفتيش أي اللجنة الخاصة أنسكوم ووريثتها أنموفيك والوكالة الدولية للطاقة الذرية وبالطبع الجهات الأمريكية والبريطانية. ولكن هذه الجهات اعترفت بعد الغزو علنا بأبرز من كان العراق يشك في هوياتهم وهما ديفيد كاي رئيس فريق التفتيش النووي عام 1991 ورجرد دولفر نائب رئيس لجنة التفتيش الخاصة بأنهما من ضباط وكالة المخابرات المركزية الأمريكية.

وزير الخارجية العراقي الأسبق في ضيافة الشرق

19 مارس

** كيف كانت جلسة مجلس الأمن التي عقدت في 19 /3/2003 قبل ساعات من شن العدوان؟

- عقد مجلس الأمن 3 جلسات، من 7 إلى 19 آذار/ مارس لمناقشة الوضع في العراق، وذلك كله في ضوء التهديدات والتحضيرات الأمريكية لشن العدوان، وكانت جلسة 19 هي الأهم بالطبع، لأنها كانت قبل ساعات من البدء بغزو العراق.

وفي هذه الجلسة حضر بلكس رئيس لجنة أنموفيك للتفتيش وغاب البرادعي وأرسل تقريره الذي تحدثنا عنه في حلقة سابقة، وقد عارض معظم أعضاء المجلس توجه الولايات المتحدة وبريطانيا لشن الحرب على العراق، وطالبوا بإعطاء مهلة إضافية للمفتشين. ولخطورة الوضع كانت الجلسة على مستوى وزراء الخارجية.

تحدث يوشكا فيشر وزير خارجية ألمانيا الأسبق فأبدى رفضه الشديد للحرب، وتحدث دومنيك دوفليبان وزير خارجية فرنسا آنذاك فأكد أن اندلاع القوة في هذه المنطقة غير المستقرة لا يمكن أن يؤدي إلا إلى تفاقم التوترات والتصدعات التي يتغذى عليها الإرهاب."

يوم أسود

أما إيغور إيفانوف وزير الخارجية الروسي فقال: "لا نملك إلا أن نعرب عن أسفنا لما أقحم فيه العراق من مشاكل، لا صلة مباشرة لها بالقرار 1441 أو بقرارات الأمم المتحدة الأخرى بشأن العراق، وذلك في اللحظة التي أصبح فيها احتمال نزع السلاح من خلال عملية التفتيش أقرب إلى الواقع.

إذ لا يخول أي قرار من تلك القرارات حق استخدام القوة في العراق، خروجا على ميثاق الأمم المتحدة، وإن أياً منها لا يخول إسقاط قيادة دولة بالعنف".

واختتم كوفي عنان الأمين العام للأمم المتحدة الجلسة قائلا: "إن هذا اليوم يوم حزين للأمم المتحدة والمجتمع الدولي، وإني لعلى يقين أن ملايين الناس في شتى العالم يشاطروننا هذا الإحساس بخيبة الأمل، وان شبح الحرب الوشيكة يفزعهم أشد الفزع".

** وهل كانت هناك محاولات عربية لحل الأزمة قبل تفاقمها؟

- الولايات المتحدة، في مخطط حملتها الحربية على العراق التي بدأت منذ عام 1990، سعت لعزل العراق عن محيطه العربي. كما حاولت ان تُفهم أشقاء العراق، ان الحرب عليه ستكون محصورة به ولن تكون لها أي تداعيات على المنطقة. وطبعاً هذا مجافٍ للواقع ولحقائق التاريخ والجغرافية.

فالعراق عنصر أساسي في تحقيق وحفظ السلم والأمن والاستقرار في المنطقة العربية وجوارها الاسلامي بحكم موقعه الاستراتيجي والمركزي واطلالتيه على الخليج العربي وبلاد الشام ومنها للبحر المتوسط. وهو أول دولة في التاريخ والدولة المؤسسة للحضارة الانسانية والرائدة للحضارة العربية الإسلامية.

كل هذه الحقائق تجعل من المستحيل ألا يكون للحرب على العراق واحتلاله وتدمير الحياة الحديثة لشعبه تداعيات مباشرة خطيرة على المنطقة. وما تشهده المنطقة منذ محاصرة العراق والبدء بانهاكه عسكريا واقتصاديا عام 1990 وصولا الى غزوه واحتلاله عام 2003 خير دليل على هذا.

جهود عربية

كانت هناك جهود مخلصة من المملكة العربية السعودية لحل الازمة بين العراق والكويت قبل اندلاعها، وأعقبتها مساعٍ صادقة من المملكة الأردنية الهاشمية. وجميعها عملت أميركا على افشالها. بل ودفعت القيادة المصرية لحسم الموضوع في القمة العربية، واظهار موقف عربي متطابق مع الموقف الامريكي الذي لم يرغب في حل الأزمة سلميا.

وقد خلف ذلك فتورا واضحا وبرودا كبيرا في علاقات العراق مع الدول العربية. وفي ظل الضغوط التي كانت تتعرض لها العراق، بقيت هذه الحالة، ولم تجر محاولات حثيثة لمعاجتها.

البيت العربي

** بالعودة للمحيط العربي، كيف بادرت معالي الوزير لإحداث اخترق على صعيد العودة للبيت العربي؟

- جئت الى وزارة الخارجية من خارجها ودخلتها سفيرا في 8/6/ 1998، رغم اني عملت مستشارا لمدة خمس سنوات في السفارة العراقية في لندن في النصف الثاني من السبعينيات. وخلال فترة عملي سفيرا في النمسا وسلوفاكيا وممثلا للعراق في الوكالة الدولية للطاقة الذرية ومنظمات دولية أخرى اقتربت من أجواء وزارة الخارجية وهموم واهتمامات الدبلوماسية العراقية.

ولكن بتعييني وزيرا للدولة للشؤون الخارجية في 18 /4 /2001 دخلت الى قلب الوزارة، وفي هذه الفترة التي امتدت أقل من 4 أشهر اتيح لي التعرف عن كثب وتفصيليا على أوضاع الوزارة ونقاط الخلل في أدائها لسياسة العراق الخارجية.

وحينما توليت إدارة الوزارة في 4 /8 /2001 كانت الصورة واضحة أمامي. وكانت العلاقات العربية من أول اهتماماتي. فهذه العلاقات هي محور وجوهر سياسة العراق الخارجية. وكان علي أن أبدأ بعملية واسعة لتعديل مسار الاداء لكي تكون الوزارة أمينة وكفؤة في تنفيذها سياسة العراق الخارجية بما يخدم مصلحته الوطنية العليا.

الجزيرة والدوحة بوابة العراق

في ثالث يوم لتعييني وصل إلى بغداد الإعلامي العربي الكبير الأستاذ محمد كريشان على رأس فريق تلفزيوني من قناة الجزيرة لمقابلتي. وكانت هذه المقابلة مناسبة جيدة لي لكي أطرح التصور الجديد لمهمتنا في تنفيذ سياسة العراق الخارجية. وكانت باكورة تحركي العربي من دولة قطر.

فبعد مباشرتي بمنصبي الجديد بنحو اسبوعين عقد في الدوحة مؤتمر وزراء خارجية دول منظمة التعاون الاسلامي (المؤتمر الاسلامي سابقا). فجئت الى دولة قطر، والتقيت أنا والوزراء ، في حفل غداء، مع صاحب السمو الأمير الوالد الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني.

فتصرف معي حفظه الله تصرفا ودياً يفوق التصرف البروتوكولي الاعتيادي، وبما ينم عن موقف أخوي صميمي من العراق وشعبه. بعد هذا بفترة وجيزة وصلتني دعوة من حكومة دولة قطر لزيارة الدوحة في شهر رمضان المبارك. فكانت أول زيارة ثنائية لوزير عراقي لدولة خليجية منذ عام 1990.

خلال الزيارة اتصل بي سفيرنا في البحرين وقال لي ان جلالة ملك البحرين يدعوك لزيارة المنامة. فكانت زيارتي لدولة قطر البوابة لتحرك الدبلوماسية العراقية الجديدة نحو محيط العراق العربي.

أرشيف الكويت

** في الدوحة ماذا كانت أجواء اللقاءات بينكم وبين سمو الأمير الوالد ووزير الخارجية؟

- تحدثنا عن قضية العراق وتطوراتها والعلاقات العربية وأهمية عودة العراق لمحيطه الخليجي والعربي. وكان الترحيب الذي حظيت به إشارة ود ومحبة وتقدير عميقة من دولة قطر للعراق ولشعبه.

ثم ذهبت الى مملكة البحرين وأجريت مباحثات مماثلة في أجواء ودية صميمية مع جلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة وسمو رئيس الوزراء الشيخ خليفة بن سلمان آل خليفة ووزير الخارجية.

وفي البحرين اتصل بي الشيخ حمدان بن زايد وكان وزيرا للخارجية آنذاك وقال لي ان دولة الامارات قررت رفع مستوى التمثيل الدبلوماسي مع العراق. هكذا بدأنا نتجاوز الأمور السلبية في علاقات العراق العربية بدءً من العلاقات العراقية - الخليجية.

كل هذا التوجه طرحته على الرئيس صدام حسين رحمة الله عليه. فرحب به، وقرر ايقاف كل ما من شأنه ان يعكر أجواء العلاقات العربية العراقية. وبدأ يتحدث في لقاءاته وفق هذا التوجه. وأتذكر انه اتخذ قرارً بمنع أحد كبار المسؤولين من اللقاء بأي وسيلة اعلام عراقية او غيرها بعد أن تحدث سلبا عن إحدى الدول العربية بما يخالف التوجه الجديد للدبلوماسية العراقية في التعامل مع الدول العربية.

بالطبع أول الامور التي كان يتعين علينا ان نعالجها بقايا ملف العلاقة مع الكويت، كان لدينا أرشيف الدولة الكويتي وهو بمثابة مركز الوثائق الرسمية الخاصة بالدولة الكويتية مثل وثائق وزارتي الدفاع والداخلية ودائرة الجنسية والديوان الأميري. وقد نـُقلت مع كثير من المواد التي أخذت الى بغداد وحفظت في مكان أمين حفاظا عليها من الضرر في الحرب التي كانت وشيكة. وأعيدت جميعها بعد وقف اطلاق النار في آذار/ مارس 1991.

وقد بقي الارشيف ويضم أكثر من مليونين ونصف مليون وثيقة. فطلبت من زميلي المهندس محمود ذياب الاحمد وزير الداخلية ان نزور المكان الذي تحفظ فيه هذه الوثائق، واصطحبني الى أحد المراكز الأمنية لوزارة الداخلية للحفاظ عليه حيث كان كلف بالاشراف على حراسته ضابط برتبة عميد.

استحصلت موافقة الرئاسة على اعادة الارشيف الكويتي الى أهله. وأخبرت الامين العام للامم المتحدة والامين العام لجامعة الدول العربية، ورتبت مع السفير فورنتسوف المقرر الدولي المسؤول عن المفقودين الكويتيين واعادة الممتلكات إليه.

جانب من حوار د. ناجي صبري وزير الخارجية العراقي الأسبق

إعادة الأرشيف إلى الكويت

واختار الاخوان الكويتيون ان يتم تسليم الأرشيف على الحدود، وتم ذلك بمحضر واشراف دولي وعربي. ونشطنا مسألة البحث عن المفقودين باعتبارها مسألة انسانية، وقمنا باجراءات عديدة في المحافظات الجنوبية، وطرحت الأمر على الرئيس صدام حسين وقال لي أعلن ان الاخوة الكويتيين مرحب بهم ان يرسلوا وفدا الى العراق، واذا أرادوا ان يجلبوا سياراتهم معهم. وأنهم احرار في أن يدخلوا أي مكان رسمي مدني أو عسكري أو أمني، وهم يختارون الهدف وينطلقون اليه بدون ابلاغ الجهات العراقية.

ونقترح عليهم ان يصطحبوا معهم مسؤولا عراقيا فقط لتسهيل دخولهم. واتفقنا مع السفير فورنتسوف على عقد اجتماعات مع الجانب الكويتي للنظر في موضوع المفقودين وعقد عدة اجتماعات في عمان.

ومضينا على ذات النهج الى مؤتمر قمة بيروت في اذار/ مارس 2002 وكان ذروة الجهد الذي بذلته الدبلوماسية العراقية لتصيفة ذيول الازمة وتنقية الاجواء بين العراق وأشقائه العرب. وجلسنا في مباحثات ودية مباشرة انا والدكتور محمد الصباح وزير خارجية الكويت وكان اول لقاء رسمي عراقي بين العراق والكويت..

وجلسنا في باحة فندق فينيسيا في جلسة استمرت على فترتين كل فترة تقريبا ساعتين وبحضور كل وزراء الخارجية العربية والأمين العام للجامعة العربية وتحدثنا في كل الاشياء حتى أن الأمير المرحوم سعود الفيصل قال مازحا: " لماذا نحن موجودون اذا كان كل منكم يتحدث مع الآخر بصيغة أخي".

وكان الدكتور الصباح مستجيبا وراغبا في تجاوز الخلاف. وبنينا على ذلك في إعداد قرار الصلح بين العراق والكويت، وأدى وزير خارجية دولة قطر الشيخ حمد بن جاسم والأمين العام للجامعة السيد عمرو موسى دورا محوريا في إتمام المصالحة الكويتية العراقية الذي يعتبر قرارا مفصليا في حينه يعبر عن رغبة البلدين في تجاوز هذه الازمة.

وفي بداية الجلسة الرسمية للقمة دخل رئيسا الوفدين السعودي والعراقي ولي العهد السعودي انذاك المرحوم الأميرعبدالله (ولي العهد آنذاك) ونائب الرئيس العراقي السيد عزة الدوري اجتماع القادة ممسكين بأيدي بعضهما البعض وسط تصفيق الحضور. وكانت اشارة جميلة على زوال أهم ما كان يعكر صفو العلاقات العربية.

تنقية الأجواء

واصلنا جهودنا وزرت معظم دول الخليج، والدول العربية الأخرى. ودعي نائب رئيس الدولة للقيام بجولة في المنطقة بدأناها بالبحرين ثم قطر والامارات وعمان. وقد أثمر الجهد الذي بذلناه لتنقية الاجواء العراقية - العربية في ان يحرم الولايات المتحدة من استخدام موقف منظومة العمل الرسمي العربية في دعوة مجلس الأمن لتمرير محاولاتها لشن الحرب على العراق باسم الأمم المتحدة.

وكانت جميع قرارات المؤتمرات العربية الوزارية وتلك التي على مستوى القمة في الفترة التي توليت فيها مسؤولية وزارة الخارجية العراقية تطالب بانهاء الحصار وتتضامن مع العراق ضد التهديدات بالعدوان والحرب، وكان آخرها الاجتماع الوزاري العربي الذي عقد بعد شن الحرب بأربعة أيام في القاهرة.

** لكن لعل معاليك تتحدث بقدر من الدبلوماسية ولا تريد التطرق الى دور الرئيس حسني مبارك في إظهار الرئيس صدام وكأنه معاند للمجتمع الدولي بتوجيه رسائل توحي بذلك وتهيئ الاجواء لغزو العراق وتلقي باللوم والتبعية على العراق؟

- هذا رأيك، وليس رأيي.

** مبارك في كل مرة كان يرسل رسائل يلقي فيها باللوم على العراق وهو يتحدث باسم النظام العربي الرسمي فهل كان أسير ضغوط أمريكية؟ ولا ننسى قمة 1990 حيث الدفع نحو الرؤية الامريكية؟

- أنا أتحدث عن الفترة التي توليت فيها المسؤولية، حيث التقيت بالرئيس حسني مبارك عدة مرات وكانت جلسات ودية ولم يبدِ أي موقف منتقد او معارض او مسيء للعراق على الاطلاق.

طبعا كتب بعد الغزو الكثير عن الرئيس مبارك وانه أبلغ الأميركيين ان لدى العراق اسلحة محظورة. لا استطيع الا ان اتحدث عما لمسته بنفسي في لقاءاتي المتعددة معه.

** لكن لم يقدم على الدعوة لحل الخلافات العراقية العربية؟

- انا أسجل للحكومة المصرية موقفا ايجابيا عندما كان الامريكيون يضغطون على منظومة العمل الرسمي العربي لكي تتبنى موقفا يسهل للأميركيين أن يطلبوا من مجلس الامن شن الحرب على العراق باسم الشرعية الدولية.

فعندما ذهبت الى مصر لحضور اجتماع وزراء الخارجية العرب في يوم 9/11/ 2002، كان كولن باول قد دعا قيادة العراق للاستسلام. فشعرت ان هناك شيئا مريبا في اجواء التحضير لاجتماع وزراء الخارجية العرب بعد ان ظهرت مقالة في صحيفة الاهرام المصرية تشير الى هذا الجانب اشارة غير مباشرة.

وتقول لماذا لاتتحمل القيادة العراقية المسؤولية وتساهم في حل الازمة. فأخبرت الامين العام للجامعة العربية بهواجسي حول احتمال قيام مصر بطرح الموقف الاميركي في الاجتماع الوزاري العربي واستنكارنا لمثل هذا الموقف واعتزامنا التصدي له.

وقلت له هذا اجتماع لوزراء الخارجية العرب وليس اجتماعا تديره الولايات المتحدة، والجامعة تمثل ارادة الدول العربية ولا يجوز لها ان تمثل قرارات الولايات المتحدة، فنفى ذلك.

وبعد ساعات قليلة اتصل بي سفيرنا السابق في القاهرة المرحوم الدكتور محسن خليل وقال ان وزير الخارجية المصري السيد احمد ماهر يريد مقابلتك وكانت المرة الاولى التي التقي به ثنائيا في مكتبه، وعبرت له عن الشيء نفسه. فنفى نفيا قاطعا ان تكون الدولة المصرية على هذا النهج. وفي الاجتماع لم ينطق الوزير المصري بأي كلمة تصب في هذا الاتجاه.

** وماذا دار في هذا الاجتماع؟

- كانت بداية الحديث من الأمير سعود الفيصل رحمه الله، وتحدث عن الأزمة بشكل عام وضرورة تضافر الجهود لحلها. وقد خاطبته وتحدثت عن جهود العراق لحلها وتعاونه في تنفيذ القرارات الدولية. وكان الجو طبيعيا ووديا، لكن زميلا آخر انبرى في حديث تلميحي وغير صريح عن ضرورة تحلي القيادة العراقية بالمسؤولية والمساهمة في حل الازمة.

وقد رد عليه السيد فاروق الشرع وزير خارجية سورية وأغلق الموضوع برمته. كنا بالطبع نجلس في قاعة الجامعة على شكل حذوة حصان مفتوحة على رئاسة الاجتماع تبدأ بموريتانيا من الشمال وتنتهي بالأردن من اليمين.

فتحدثت مخاطبا الزملاء الوزراء وقلت: " يا اخوان كل الدول العربية من موريتانيا الى الاردن (وأشرت بيدي الى جلسة الوزراء) هل منكم دولة احتاجت رجالا ولم تجد رجال العراق أمامها؟ هل منكم دولة احتاجت مالا ولم يكن مال العراق أمامها؟ هل منكم دولة احتاجت سلاحا ولم يكن سلاح العراق امامها؟" فأومأ برأسه وزير الخارجية الموريتاني موافقا في اشارة لقيام العراق، بتحويل صفقة مدرعات مع الروس الى موريتانيا، وذلك لمساعدتها في التصدي لاعتداءات على أراضيها. قلت لهم:" لا نطلب منكم يا اخوان مالا ولا سلاحا ولا رجال.

كل ما نحتاجه الا يأتينا ضرر من أي دولة عربية". وهكذا أحبطت بتوفيق من الله محاولة من الولايات المتحدة لتحويل مسار منظومة العمل الرسمي العربية الى دعم جهودها لاضفاء الشرعية الدولية لغزو العراق إحدى الدولة المؤسسة لهذه المنظومة.

بالطبع امريكا أعلنت في ما بعد انه حتى لو تنحى الرئيس العراقي فانها ستدخل العراق. وكانت تريد ان تستسلم الدولة العراقية باستسلام قيادتها. لكن هذا ليس ديدن دولة العراق الوطنية ولا ديدن قيادتها. فليس من شيمة القيادة الوطنية العراقية وليس من شيمة القادة الوطنيين العراقيين أن يفروا الى بر الأمان ويتركوا دولتهم وشعبهم عرضة للغزو والعدوان والأذى والمحن.

**يبقى المسار مع إيران وخلفية العلاقات العراقية الإيرانية وهو ما تبدأ به الحلقة القادمة ان شاء الله - يتبع..

مساحة إعلانية