رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

Al-sharq

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

الشرق

مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

عربي ودولي

819

د. جون جازفينان لـ الشرق: دعم أوروبي للوساطة القطرية في الملف النووي

06 سبتمبر 2022 , 07:00ص
alsharq
واشنطن- زينب إبراهيم

 

أوضح د. جون جازفينان المدير التنفيذي لمركز الشرق الأوسط بجامعة بنسلفانيا، والمؤرخ الأمريكي الإيراني ومؤلف كتاب "تاريخ العلاقات الأمريكية الإيرانية منذ 1970 وحتى الآن" أهمية الدور القطري الحيوي في التفاعل مع مستجدات الاتفاق النووي الإيراني، ذلك في ضوء الموقف الأمريكي والإيراني عقب تقديم المقترح الأوروبي والتصريحات المتضادة من كلا الجانبين هو تطور بالتأكيد ليس مأمولاً ولكنه ليس فارقاً أيضاً في المحاولات التي كانت جادة وقريبة من الوصول لصيغة اتفاق عبر صفقة تمكن من استعادة الاتفاق النووي، وعموماً يجب ربط ذلك بسياق مسار المفاوضات ذاته الذي طالما ما كان معقداً وبه الكثير من الصعوبة من البداية، ورغم ما قدمته إيران من نهج يرحب بالحوار ولكنه غير راغب في العودة سوى بشروط قد ترى أنها جاءت بمطالب كبرى ولكن مطالب إيران وموقفها هو لتبيان مدى جدية الإدارة الأمريكية في العودة للاتفاق وتحقيق الاستفادة الأقصى من سيناريو استعادة الاتفاق النووي، ذلك في ضوء حجم الضرر الكبير في خطوة الانسحاب المنفرد وسياسة التصعيد القصوى إزاء إيران، وكان مفهوماً أوروبياً قبل تقديم الاقتراح الذي راعى اعتبارات تمتد مدخلاتها لموقع متكافئ ومصالح محدودة، الحذر الشديد من قبل إيران من أي مفاوضات لاستعادة الاتفاق النووي تكون بجانب فقدها للثقة أنها بالأساس قد لا تمتد سوى بارتباطها بإدارة بايدن وولايته!، هذا ضرر كبير وبالغ لا يتم معالجته بالصورة التي تكون مرضية لإيران تحقق لها الضمانات بأن يكون هذا المسار في صالحها ويعوضها تماماً عما أحاق بشعبها من عقوبات اقتصادية حادة في فترات عصيبة عبر النكوص الأمريكي في الإدارة السابقة.

◄ نهج متوازن

يقول د. جون جازفينان المدير التنفيذي لمركز الشرق الأوسط بجامعة بنسلفانيا: إن ما تحاول قطر القيام به في هذه المرحلة الصعبة الجديدة في مسار الاتفاق الذي كانت عودته قريبة، هو إبقاء المسار الدبلوماسي في اتجاه مفتوح للحوار، ودائماً ما تبنت قطر هذا النهج ولكن المختلف في الاهتمام الدولي المتجدد في الوساطة القطرية هو ما قامت به قطر من تطوير لأدواتها في الوساطة والاستضافة الدبلوماسية وتوجهات تخفيف التوترات ونزع فتيل الأزمات في ملفات إفريقية وإقليمية وفي الملف الأفغاني، ومدى الثقة الكبرى الذي تحظى بها الدوحة من الإدارة الأمريكية وهذا ما كان ملموساً في أن بوادر الاتجاه الإيجابي أو حتى موجات الهجوم الإسرائيلية القوية لتقويض جهود استعادة الاتفاق النووي، جاءت في الزيارة الخاصة التي قام بها حضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، أمير البلاد المفدى، إلى إيران وعدد من الدول الأوروبية وجعل هذه الزيارة الرفيعة وتوقيتها ومعادلة الوضع العالمي والاقتصاد والطاقة والفرص المطروحة وموازنات القوى والمكانة الدبلوماسية لدولة قطر عالمياً بما حققته من مكتسبات مهمة يجعل التطلع لأي مبادرة قطرية ملموساً عالمياً ومقدراً دولياً عبر قدرة الدوحة على تحقيق مكتسبات مهمة في ظروف دولية معقدة، والمميز في أن قطر في وضعها الفريد الحالي لا تتحمل أي حرارة سياسية تتعلق بعلاقاتها مع إيران بل كانت مبادراتها الأخيرة تحظى دائماً بترحيب أممي وإشادة أوروبية ودعم دولي، والواقع السياسي الإقليمي الحديث تغير إلى الصورة التي أصبح فيها لا حاجة لقنوات خلفية للتواصل مع إيران بل قنوات اتصال مفتوحة تستخدم لتمرير المقترحات الأمريكية والأوروبية في أدوار الوكالة الدبلوماسية التي تلعبها قطر بما تحظى به من ثقة وتقدير كبير من إدارة بايدن، وفي تاريخ الحوار الخليجي الإيراني كانت هناك أيضاً مبادرات عمانية وقطرية تجاه الحوار مع إيران على أكثر من صعيد إستراتيجي، وما تغير في المعادلة السابقة هو أن الحوار القطري الإيراني الحالي يجري على الصعيد الرسمي المباشر في ضوء كون علاقات الدوحة وطهران سياسيا ودبلوماسيا وتجاريا وعلى صعيد الطاقة غير مرهونة في الجهة المقابلة بعلاقاتها مع أمريكا، فالدوحة تقوم بأدوار متوازنة ربما تجدها مرحبا بها مع إيران أكثر منها من روسيا في ضوء التصعيد الأخير في أوكرانيا.

◄ وساطة متميزة

ويتابع د. جون جازفينان، في تصريحاته لـ الشرق: إن طبيعة الوساطة القطرية تمثلت عبر أكثر من سبيل في إقناع وتشجيع إيران من أجل العودة لاتفاقية العمل المشتركة الشاملة 2015 والامتثال لشروط وكالة الطاقة الذرية، ولا شك أن الدوحة تمتلك بجانب وضعها الدبلوماسي الخاص درجة مهمة من قوة الروابط الاقتصادية والفرص المستقبلية المهمة على صعيد الطاقة التي تمنح لكل الأطراف امتيازات عديدة من العودة للاتفاق النووي؛ حيث إن العودة للاتفاق كانت ستحقق غايات عديدة في صالح الأطراف كافة وستعود بالنفع الاقتصادي الكبير على إيران في الصعيد ذاته، كما أن إيران كانت بحاجة للترغيب بكل تأكيد بتلك المزايا المهمة وهو الأمر الذي من الممكن أن تكون لعبت عليه قطر بدبلوماسيتها القوية والذكية وقوتها الاقتصادية المتنامية دولياً في ضوء وضعها من أكبر منتجي ومصدري الطاقة في العالم في أن تقدم لإيران ما كانت تنشده من رؤية واضحة لمكاسب مضمونة وواقعية يمكن الاعتماد عليها ليس فقط لاحتواء التوترات وعدم غرق المنطقة في تصعيد عسكري محتمل وفوضى التسليح النووي وخطورة النهج التصعيدي وحروب الوكالة، ولكن بتحقيق مكاسب اقتصادية شاملة يمكنها أن تدعم الإدارة الرئاسية الجديدة في إيران من تقديم هذا الاتفاق المختلف عليه داخلياً في تعزيز الأسهم الاقتصادية بمصالح ملموسة ومضمونة والأهم مستدامة.

◄ تفاعل دبلوماسي

وأوضح د. جون غازفينان: إن التفاعل الدبلوماسي القطري والزيارات والمحادثات الهاتفية التي جمعتها مع إيران لا شك أنه شيء إيجابي ومن الجيد للغاية وجود مثل تلك الأصوات والمبادرات على خلفية الفترة الدقيقة من احتمالية انهيار كل شيء والعودة للمربع صفر، هذه المرحلة مهمة للغاية في مستقبل المفاوضات وتحتاج لهذا النهج المهم الذي يتسم بسرعة التفاعل وأهمية المبادرة في ضوء مرحلة تتسم بالحساسية والتعقيد والصعوبة المتجددة منذ انطلاق مفاوضات فيينا، جانب آخر يرتبط بأن الأجواء كانت مهيأة بالفعل على صعيد التوقيت والظرف الاقتصادي والسياسي العالمي للعودة لهذه الاتفاقية وأيضاً أنها في منتصف الفترة الرئاسية للرئيس بايدن وهو ما كان سيدعم مساراً أمريكياً مختلفاً في المنطقة ومع إيران يحقق وضعاً يمكنه أن يصب في صالح الأطراف كافة، فصحيح أن المخاوف الإيرانية مرتبطة بكل تأكيد بألا ترهن نفسها مع إدارات متغيرة وقرارات لا يمكن الاعتماد عليها كخيارات مستدامة ووجود قوى جمهورية منافسة راغبة في اتخاذ مسار آخر تجاه إيران في مختلف الملفات سواء إسرائيل واليمن والعقوبات، ولكن أيضاً كان لحسم استعادة الاتفاق عبر صفقة مهمة للطرفين يمنح فرصاً للعمل مع إدارة بايدن على أكثر من ملف حيوي وحاسم على أكثر من صعيد.

◄ أهمية قطرية

واختتم د. جون غازفينان تصريحاته موضحاً: كثير من الأسباب تجعل إيران تقبل الوساطة القطرية بترحيب وحرص كبيرين، فما يجمع الدوحة وطهران الكثير خاصة على الصعيد الاقتصادي وسط ارتفاع إجمالي التبادل التجاري في الأعوام الأخيرة بصورة رئيسية خاصة في ظل فترة التعقيد الخليجي، بجانب أن الطرفين يمتلكان حقوقاً مشتركة في حقل شمال الوفير بالغاز الطبيعي المسال ولكن قطر تتميز بامتلاكها أحدث وأهم تقنيات الإذابة والتسييل الخاصة بالتعامل مع الغاز الخام لصورة الغاز الطبيعي المسال وأيضاً امتلاكها لروابط قوية زادتها قوة مع الأسواق الأوروبية التي ترغب بكل تأكيد في تأمين احتياطاتها المستقبلية، وأيضاً ما عقدته قطر من شراكات مع شركات أمريكية ودولية مهمة في مشروعات التوسع تضمن أيضاً استغلالها لشبكة العلاقات الدولية التي تتمتع بها تلك الشركات في توفير مستهلكين وتحقيق تعاقدات طويلة المدى في سوق مختلف بالنسبة لإيران ولقطر معاً وهو السوق الأوروبية بدلاً من الأسيوية، بجانب بكل تأكيد ما تمتاز به قطر من قوة اقتصادية قادرة على تغيير معادلات حيوية ولكن الذهاب إلى ان قطر بإمكانها أن تنخرط مباشرة في حل أزمة الاقتصاد الإيراني المكبل بالعقوبات كما تشير بعض وجهات النظر التي تتعامل مع المشهد بمكاشفة مباشرة لا يقدم الحل المهم، فصحيح أن قطر بإمكانها تقديم الكثير من الدعم الاقتصادي ولكن الحل يأتي في تحقيق اتفاقات اقتصادية ضمنية وربحية بالفعل أو ما يمكن تسميته بمغريات اقتصادية حيوية يمكن لقطر أن تلعب دوراً فيها ولكن الدور الأهم يكون في الموقف الأمريكي ذاته والتعهد بعدم فرض أي عقوبات جديدة في حال امتثال إيران للبنود المقترحة في الاتفاق، ودور قطر رئيسي وحيوي ولكن حتى بمعزل عن هذا الاتفاق المهم حيث يحرص كلا الطرفين في أمريكا وإيران على توطيد العلاقات مع الدوحة وفقاً لإستراتيجياتهما الإقليمية أو تطورات الأوضاع لسياسة الشرق الأوسط، فالعودة للاتفاق ستحقق بالتأكيد مكاسب رئيسية لكل الأطراف بما فيهم قطر ولكن العلاقات مع الدوحة من الجانبين ستظل مقربة في أكثر من ملف إقليمي آخر وهو ما تسعى قطر جاهدة مرة أخرى لاستغلال تلك الروابط القوية من أجل الحفاظ على جهود استعادة الاتفاق النووي وتدعيمها.

مساحة إعلانية