رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

Al-sharq

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

الشرق

مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

محليات

1570

د. محمود عبد العزيز لـ"الشرق": الإسراف في الطعام خلال رمضان مذموم شرعاً

08 أبريل 2023 , 07:00ص
alsharq
محمد العقيدي

أكد فضيلة الشيخ الدكتور محمود عبد العزيز، أن الإسراف في إعداد موائد الإفطار في رمضان، أو في غيره مذموم ومنهي عنه لا سيما في الطعام والشراب، وقال الله تعالى: (وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ) [الأعراف: 31]. وقال النبي صلى الله عليه وسلم: (مَا مَلأَ آدَمِيٌّ وِعَاءً شَرًّا مِنْ بَطْنٍ، بِحَسْبِ ابْنِ آدَمَ لُقَيْمَات يُقِمْنَ صُلْبَهُ، فَإِنْ كَانَ لا مَحَالَةَ، فَثُلُثٌ لِطَعَامِهِ، وَثُلُثٌ لِشَرَابِهِ، وَثُلُثٌ لِنَفَسِهِ) [رواه الترمذي وابن ماجه وصححه الألباني في صحيح الترمذي]. وأضاف أن الإسراف في الطعام والشراب فيه مفاسد كثيرة منها أن الإنسان كلما تنعم بالطيبات في الدنيا قَلَّ نصيبه في الآخرة، روى الحاكم عَنْ أَبِي جُحَيْفَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ شِبَعًا فِي الدُّنْيَا أَكْثَرُهُمْ جُوعًا يَوْمَ الْقِيَامَةِ).

ورواه ابن أبي الدنيا وزاد: (فما أكل أبو جحيفة ملءَ بطنه حتى فارق الدنيا). وقال عمر بن الخطاب رضي الله عنه: (والله إني لو شئت لكنت من ألينكم لباساً، وأطيبكم طعاماً، وأرَقِّكُم عيشاً، ولكني سمعت الله عز وجل عَيَّرَ قوماً بأمر فعلوه فقال: (أَذهَبْتُمْ طَيِّبَاتِكُمْ فِي حَيَاتِكُمُ الدُّنْيَا وَاسْتَمْتَعْتُمْ بِهَا فَالْيَوْمَ تُجْزَوْنَ عَذَابَ الْهُونِ بِمَا كُنْتُمْ تَسْتَكْبِرُونَ فِي الأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَبِمَا كُنْتُمْ تَفْسُقُونَ) [الأحقاف: 20].

ولفت إلى أن من مفاسد الإسراف الطعام أن الإنسان ينشغل بذلك عن كثير من الطاعات، كقراءة القرآن الكريم، والتي ينبغي أن تكون هي الشُّغل الشاغل للمسلم في هذا الشهر الكريم، كما كانت عادة السلف، فتجد المرأة تقضي جزءاً كبيراً من النهار في إعداد الطعام، وجزءًا كبيراً من الليل في إعداد الحلويات والمشروبات، وكذلك أن الإنسان إذا أكل كثيراً أصابه الكسل، ونام كثيراً، فيضيع على نفسه الأوقات الفاضلة، وقال سُفيان الثَوري رحمه الله: «إذا أردت أن يَصح جسمك ويقل نومك أقلل من طعامك»، ومن مفاسد الإسراف في الطعام أيضا أن كثرة الأكل تورث غَفلة القَلب، وقيل للإمام أحمد بن حنبل رحمه الله: «هل يجد الرجل من قِلبه رِقَّةً وهو شَبِعٌ؟ قال: ما أرى ذلك»، منوها للإسراف مشاكل عديدة؛ منها مشاكل ماديَّة تقع على كاهِل الأسرة، ومشاكل صحِّية؛ حيث إنَّ الإسراف في أكل ما لا حاجة للجسم له من الطَّعام يعود بالمشاكل الجسيمة على الجهاز الهضمي للإنسان، موضحا أن الحِكمة من الصيام هي شعور المسلمين بحاجة الضعفاء والمساكين، وليس المزيد من الإسراف والتبذير فيما لا فائدة منه؛ لذا فإنَّ الاهتمام بالمأكولات والمشروبات أمر يهدِّد استفادة المسلمين من حِكمة الصيام، داعيا الأسر المسلمة إلى تجنُّب مصاحبة المسرفين والمترفين، وملازمة الذين يَدعون ربَّهم بالغداة والعشيِّ يريدون وجهه، وفي هذا الخصوص يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: (الرجل على دِين خَليله، فلينظر أحدكم مَن يُخالل)، كما قال صلَّى الله عليه وسلم: (لا تصاحِب إلَّا مؤمنًا، ولا يأكل طعامَك إلَّا تقي).

وأوضح أن ظاهرة الإسراف في المأكل أصبحَت ظاهرة لافتة، رعاها الإعلام، ومواقع التواصل الاجتماعي، التي جعلَت المشتركين فيها يَحرصون على تكبير الموائد وتزيينها من أجل التِقاط صورة، فأصبحَت ظاهرة مجتمع، وأصبح ارتباط رمضان بالأكل ارتباطًا وثيقًا، حتى اقترنَت بعض الأطعمة والمشروبات بهذا الشهر دون غيره. أما عن الخطابة، فقد أكد فضيلته أن الخطابة كانت نشاطا متميزا مع ظهور الإسلام، وذلك لأن رسالة الإسلام هي خطاب من الله تعالى إلى خلقه، تكلف النبي صلى الله عليه وسلم ومن تبعه بتبليغه وكانت وسيلتهم لأداء هذه المهمة، كل ما أمكن من وسائل البيان والاتصال، وعلى رأس ذلك أسلوب الخطابة، وكان أول من وقف خطيبا هو رسول الله حين أمره الله تعالى «وأنذر عشيرتك الأقربين» 14، فصعد جبل الصفا فقال (أرأيتكم لو أخبرتكم أن خيلا بالوادي تريد أن تغير عليكم أكنتم مصدقيّ؟)، قالوا نعم ما جربنا عليك إلا صدقا، قال (فإني نذير لكم بين يدي عذاب شديد).

واستمر عليه الصلاة والسلام في استثمار كل فرصة سانحة ليخاطب جموعهم، مذكرا وناصحا وداعيا إلى الله، وبمثل ذلك قام أصحابه في مختلف الأحوال، إلى أن استقر الإسلام في المدينة، فشرع الحق سبحانه لعباده عبادة أسبوعية كل جمعة، جعل من شعائرها الخطبة، فأصبحت الخطابة لازمة لدخول الناس في الإسلام.

مساحة إعلانية