رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

Al-sharq

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

الشرق

مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

عربي ودولي

1522

أهالي النقب المحتل لـ "الشرق": نعيش في العراء.. والاحتلال الإسرائيلي مستمر بإرهابنا وهدم منازلنا

12 فبراير 2022 , 06:21م
alsharq
النقب المحتل -  حنان مطير

على أصوات ضجيج جرافات الاحتلال الصهيوني وجيشه، استيقظت عائلة "أبو عصيدة" وقد جحظت عيون النساء ورحنَ يلملمنَ أنفسهنّ ويحتضنَّ أطفالهنَّ المذعورين الذين باتوا وحيدين في مهب الريح والبرد القارس بعد أن هدمت الجرافات "7" بيوتٍ من بيوتهم الواقعة في قرية البقيعة في النقب.

"خرجنا بأرواحنا وملابسنا التي تستر أجسادنا فقط، دمروا كل ما في طريقهم، لم يتركوا لنا أي شئ يُشعِرنا بالاستقرار والحياة، لكننا رغمًا عنهم باقون مزروعون بالأرض ولن نُحقّق لهم هدفهم بطردِنا والاختلاء بأرضنا وأرض أجدادِنا" يروي أبو شادي أبو عصيدة "للشرق" والحزن والغضب يملأ كلماته.

ويصف:" صباح مطلع فبراير كان الأكثر فزعًا على قلوبنا فقرابة 150 جندي جاؤوا بآلياتهم العسكرية وأسلحتهم و بأصواتهم الصارخة، لطردنا، بدون أي سابق إنذار ، رجوتهم أن يتركوا خزانات المياه التي نجلبها إلى مكان سكننا بمعجزة فقاموا بتدميرها على الفور لإضافة الملح على جرحنا، أما ألواح الطاقة الشمسية فكانت أول ما بدؤوا بتدميره لأنهم يعلمون أهميتها في حياتِنا في ظل منعهم لمدّ خطوط الكهرباء". ويعلق:" لقد جاؤوا يحملون معنى الإرهاب الحقيقي في وجوههم وكلماتهم وأفعالهم".

وتأتي عملية الهدم، عقب قرار إسرائيلي صدر بإخلاء عدد من المنازل في القرية، مع الإشارة إلى أن هذا القرار لا يشمل المنازل التي جرى هدمها اليوم.

وقبل أربعة أشهر، أصدر الاحتلال الإسرائيلي قرارات إخلاء بحق 6 عائلات من القرية، وطالبتها بالإخلاء إلى مناطق أخرى، ويبدو أن استهداف القرية جاء بنية تنفيذ مخططات سلطوية التي تسري على جميع مناطق تواجد العرب في النقب، ويعتمد على دفع الأهالي للخضوع لإملاءات ما تسمى "دائرة أراضي إسرائيل" والموافقة على عقد تسويات على أرضهم التاريخية.

ويوضح أبو شادي -50 عامًا- أن تلك ليست المرة الأولى التي يهدم فيها الاحتلال بيته فقد هدمه قبل ذلك (7) مرات خلال 14 عامًا ومن بين تلك المرات هدموا له بيتًا من الحجر كلّفه نصف مليون شيكلًا "تعبنا وعملنا كمن يحفر بالصخر أنا وأولادي من أجل توفير ذلك المبلغ وبناء البيت الذي دمروه بغمضة عين" يحكي بأسف.

ويقول:" يحرمنا الاحتلال من التعمير في النقب ببناء بيوت من الحجر ويمنعنا من مدّ خطوط الماء والكهرباء، ويحرص على عدم السماح بإنشاء أي منشأةٍ يمكنها أن تصنع الحياة في هذه القرية والقرى من حولِها، لا مستشفى، لا عيادة، لا بلدية، ولا مدرسة ولا يُسمح لنا حتى بفتح بقالة، فالاحتلال لا يعرف غير الهدم والتدمير والقتل". ويضيف:" منذ وُلِدت وأكثر كلمة أسمعها في أرضي "ممنوع.. ممنوع".

ويكمل:" إن احتجت لشراء شيء أضطر للذهاب قرابة 10 كيلو للوصول لأحد أقرب المتاجر ، وللأسف هي خاصة بالاحتلال، وفيها يبيعني الشيء بضعف سعره بمجرد أن يلمح أنني عربي".

تطهير عرقي

ويؤكد "للشرق":" ما يقوم به الاحتلال ليس إلا تهجير وتطهير عرقي، يريد أن يطردنا من أرضنا التي وُلِدنا نحن وآباؤنا وأجدادنا بها، فأبي وجدي حتى في عام النكبة 1948 لم يخرجان من النّقب ولم يتركاها ويذهبان لأي بلد آخر، وإنْ حُرِمنا من أقارِبنا الذي هُجّروا إلى البلدان العربية آنذاك حتى اليوم".

ويوضح:" الاحتلال واهمّ إن ظنّ أن ما يربطنا بأرضنا فقط هو البيت خاصة المصنوع من الحجر، إن ارتباطنا بالأرض ارتباط روحي عميق لا يقطعه هدم بيت ولا حرمان من توفير أساسات العيش، فأرض النقب وترابها هي بيوتنا وسماؤها هي غطاؤنا ولحافنا ونجومها هي قناديلنا".

بيوت عائلة أبي شادي ليست بيوتًا من حجر تهدد "إسرائيل" إنما من صفيح وخشب، لكن ذلك لم يضمن لها البقاء، لأن الاحتلال دائم الذعر من كل فلسطيني مرابط في أرضه فيسعى لتهجيره بقوة السلاح وبكل الطرق.

وحرص أبو شادي على توفير كل شيء لأسرته رغم صعوبة الظروف والحياة، يعلق:" وفرت الطاقة الشمسية لبيتي ولنسائي وأولادي، وكذلك أجهزة الحاسوب والتلفاز، ولم أحرم أطفالي من التعليم وإن كان الأمر صعبًا عليهم وإن كانوا يعانون في رحلة ذهابهم وعودتهم بسبب عدم وجود مدرسة في المنطقة، فيضطرون للذهاب بالباص الذي يسير بهم مدة ساعة ونصف ذهابًا وساعة ونصف رجوعًا".

ويروي:" اليوم باتت كتب أولادي ممزقة أمام عيني وكذلك ملابسهم وكل أغراضهم، لم يسلم أي شيء من إرهاب الاحتلال وظلمه، وها نحن في العراء في ظل البرد القارس لم يغمض لنا جفن ولن نترك الأرض".

مساحة إعلانية