رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

Al-sharq

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

الشرق

مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

رمضان 1436

894

القرة داغي: أحذر الغرب من التمادي في الإساءة للإسلام بحجة الحرية

12 يوليو 2015 , 02:06م
alsharq
الدوحة - بوابة الشرق

الكتاب : فقه التعامل عن الإساءة إلى المقدسات الإسلامية

دراسة شرعية وتأصيلية وقانونية في ضوء فقه المواطنة مزودة ببرنامج شرعي للأقليات المسلمة في بلاد الغرب وعامة المسلمين

المؤلف: د. علي محي الدين القرة داغي

الحلقة : 24

إذا كان القول: الإرهاب لا دين له ، فإنه لا يجوز تحميل هذا الإرهاب للإسلام ، كما لا يجوز تحميل الإرهاب الذي يقوم به بعض أصحاب الأديان على تلك الأديان نفسها.. وإذا كنا نتحدث عن الإفراط والتفريط والتشدد في الشرق الإسلامي ، فإنه وجدت في الغرب مجموعة من الأعمال المتمثلة في الرسوم المسيئة والأفلام والمسرحيات والمقالات التي نالت من مقام الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم المبعوث رحمة للعالمين.. سوف نتناول في هذا البحث المبادئ والقواعد العامة والأحكام المتعلقة بالأقليات الإسلامية .. والمبادئ والقواعد العامة المستنبطة من قصة سيدنا يوسف عليه السلام ، حيث يعتبر قدوة للأقليات ، ومن المهاجرين في حبشة في عصر الرسول صلى الله عليه وسلم . فقه المواطنة باعتباره مدخلاً للتعايش ومنطلقاً للاندماج الإيجابي.
ثم نتحدث عن فقه التعامل مع الآخر عند الاساءة إلى المقدسات الإسلامية حيث نبين المبادئ العامة الحاكمة فيه ، حق الإنسان في حرية التعبير ، موضحاً أسباب اندفاع البعض نحو الاساءة ، ثم بيان الموقف الشرعي (التأصيل الشرعي) بالنسبة للمسلم الذي يعيش في البلاد غير الإسلامية ، والواجب الشرعي للأقلية المسلمة نحو الاساءات الموجهة للمقدسات ، وواجب الدول والعالم الإسلامي نحوها ، وضرورة وجود خطة استراتيجية هادئة وهادفة لمنع الازدراء بالأديان.

إن الأقلية الإسلامية بأمس الحاجة إلى خطة استراتيجية شاملة للتعامل مع هذه الأزمات، تكون هادئة، وهادفة لا تخضع للعواطف والاثارة حتى لا تتكرر هذه المآسي في كل مرة بحيث تدرس دراسة شاملة ودقيقة من قبل المختصين والعلماء والمفكرين وتوضع لها أهداف واضحة ووسائل، وأدوات عملية للتنفيذ، وبرامج ومشروعات كبيرة ومتنوعة تغطي الأقلية الإسلامية والأكثرية، وبخاصة مراكز القرار السياسي والاعلامي، والاقتصادي، والاجتماعي، ويتم ترتيب ورش العمل في جميع البلاد يشترك فيها المتخصصون من المسلمين، ومن غيرهم من أهل هذه البلاد، وتستهدف اضافة الى ماقلناه سابقا ما يأتي:
— توعية المسلمين بالرد الحضاري وليس الرد العاطفي غير المدروس الذي تكون آثاره السلبية كثيرة أو عكسية تضرّ ولا تنفع.
— توعية الأكثرية بضرورة التعايش والاحترام المتبادل.
— توعية الأقلية الإسلامية، وبخاصة الشباب بالمنهج الوسط في التعامل مع الآخر، وداخل البلاد التي هم يعيشون فيها، وبيان حرمة الايذاء ونقض العقود والعهود والمواثيق.
— التركيز على فقه المقاصد والمآلات التي تترتب على الإرهاب، والمعاملة السيئة من تشويه صورة الإسلام الجميلة، وأن هذه التصرفات الإرهابية تساعد أعداء المسلمين، واليمين المتطرف للصعود والوصول إلى الحكم، وبالتالي التضييق على الأقلية الإسلامية، وعلى الدعوة الإسلامية.
— التركيز على أن فقه المآلات فقه أصيل في الكتاب والسنة، فمن الكتاب قوله تعالى: (وَلاَ تَسُبُّواْ الَّذِينَ يَدْعُونَ مِن دُونِ اللّهِ فَيَسُبُّواْ اللّهَ عَدْواً بِغَيْرِ عِلْمٍ)، ومن السنة ما فعله النبي صلى الله عليه وسلم مع المنافقين بل مع رأسهم الذي قال: (لَيُخْرِجَنَّ الْأَعَزُّ مِنْهَا الْأَذَلَّ) وهذا كفر بواح لأنه يقصد بالأذل: رسول الله صلى الله عليه وسلم وصحبه الكرام، بالاضافة إلى دوره الخطير في اتهام زوجة الرسول صلى الله عليه وسلم الطاهرة السيدة عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها بالزنا، وفي محاولة إحداث فتنة بين المهاجرين والأنصار ولذلك طلب بعض الصحابة قتله فردّ عليهم الرسول صلى الله عليه وسلم بالامتناع عن ذلك لما يترتب على ذلك من مفاسد خطيرة مثل تشويه صورة الإسلام والنبي صلى الله عليه وسلم فقال في حديث صحيح متفق عليه "دَعْهُ؛ لا يتحدث الناس أن محمداً يقتل أصحابه"
وما فعله الرسول صلى الله عليه وسلم هو في أمر مشروع وفي ظل دولة إسلامية، وعدم وجود وسائل الإعلام اليوم الخطيرة ومع ذلك قد تركه لما يترتب عليه من مآلات فاسدة، فما بالك بأفعال محرمة أساساً وفي بلاد غير إسلامية، وفي ظل هذا الإعلام الخطير الذي يستطيع أن يجعل الحبة قبة، ويزين الباطل بثوب الحق، ويترتب عليها آثار أخطر من ذلك فكيف يجوز الاقدام عليها؟!!.
وأقترح لتفعيل ذلك على مستوى أوروبا تكوين لجنة فعالة تحت إشراف الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين، واتحاد المنظمات الإسلامية بأوروبا، والمجلس الأوروبي للافتاء والبحوث لتعمل بجدّ وإخلاص لوضع ميثاق مفصل مؤصل للتعامل وفق الشريعة الإسلامية ومقاصدها، وفقه المآلات يترجم إلى اللغات الحية في أوروبا، وتنشر بشكل جيد وعلى مستوى مناسب لتصل من خلال وسائل الإعلام المتنوعة إلى الحكومات، ومؤسسات المجتمع الأهلي، وحقوق الإنسان، بل إلى كلّ بيت أوروبي مسلماً كان أو غيره.
وقد قمت بترتيب ميثاق حول هذه المسائل قدمته إلى مؤتمر داغستان، ومؤتمر قبردينو بلقاريا بروسيا، واعتمده الحاضرون.
وكذلك وجهت رسالة مفتوحة إلى عقلاء الغرب ومفكريه وقادته، مطالباً فيها عدم رد الفعل على جرائم المتطرفين بالاعتداء على مقام رسولنا الكريم من خلال نشر الرسوم المسيئة ونحوها، ومحذراً من مغبة التمادي في الإساءة والازدراء بالإسلام بحجة القيم والحرية، وداعياً إلى القضاء على أسباب الإرهاب مع التركيز على الحل الفكري، أذكرها — كملحق للبحث — للاستفادة، بعد ذكر بيان الاتحاد.
وأخيراً لماذا هذه الخطة؟
إننا نلاحظ أن أعداء الإسلام والمسلمين — وبخاصة الصهاينة — قد اكتشفوا حقيقتنا بأننا عاطفيون، يستطيعون إثارتنا من خلال إثارة ما يؤثر في عواطفنا، وبالتالي تبقى دائماً في دائرة (إدارة الطوارئ) وليس في إطار (الاستراتيجية) البعيدة المدى، بل إنهم استطاعوا أن يثيروا العالم ضدنا، فمثلاً كانت مواقف الدانمارك، والنرويج ايجابية جداً لصالح القضية الفلسطينية، وسلبية نحو اسرائيل، فاستطاع الصهاينة أن يشجعوا بعضهم، أو بعض أنصارهم لإثارة المسلمين من خلال الرسوم المسيئة التي لا تعبر إلاّ عن رأي فاعلها، وليس الشعب الدانماركي المسالم، فثرنا نحن ضد الدانمارك حكومة وشعباً وشركات، وبالتالي اضطرت لأنْ تأخذ موقفاً سلبياً من المسلمين.
وهكذا يفعلون في كل مكان، فالشرع الذي يعتد بفقه المآلات وسدّ الذرائع، ويوجب النظر في آثار الأفعال، حتى بمنع سبّ الأصنام حتى لا يسبّ الله تعالى.. يفرض علينا نحن المسلمين حكماء واعين يعرفون سبيل المجرمين، فيقطعونه، وهكذا يقتضي العقل السليم، والفطرة السليمة بأن تعامل اساءتهم بالرد الحضاري وليس العاطفي غير المدروس كما قال الله تعالى: (فَاصْدَعْ بِمَا تُؤْمَرُ وَأَعْرِضْ عَنِ الْمُشْرِكِينَ . إِنَّا كَفَيْنَاكَ الْمُسْتَهْزِئِينَ) والله المستعان.
وآخر دعوانا أن الحمد لله ربّ العالمين
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

مساحة إعلانية