رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

Al-sharq

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

الشرق

مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

محليات

2376

متاحف قطر... عام من النجاح يتوج عقدا من التقدم والرقي

14 ديسمبر 2015 , 10:25ص
alsharq
الدوحة - قنا

اكتسب العام الحالي أهمية خاصة بالنسبة لمتاحف قطر، فمع التقدم الكبير الذي تم إحرازه في إبراز خصائص المؤسسات الثقافية في البلاد والتعريف بمعالمها وتهيئة الظروف لازدهارها، لم تقتصر 2015 بالنسبة لمتاحف قطر كونها سنة حافلة بالأنشطة والفعاليات أكثر من أي وقت مضى، بل تجاوزت "المتاحف" ذلك لتتوج الذكرى العاشرة لتأسيس هذه المؤسسة الهادفة إلى إثراء حياة كافة سكان قطر وضيوفها وتطوير المؤسسات الثقافية والمواقع التراثية في البلاد، فضلا عن التحفيز والدفع نحو ثقافة محلية متأصلة تتوق للإبداع والابتكار.

وخلال هذا العام وكما في التسعة أعوام السابقة، عملت متاحف قطر باجتهاد وتفان ودون كلل لتحقيق هذه الأهداف، حيث أنجزت المؤسسة من خلال جهود والتزام فرق العمل لديها، خطوات إلى الأمام نحو تحقيق استراتيجية ورؤية قطر الوطنية 2030، هذه الرؤية التي ستنقل قطر من اقتصاد مرتكز على النفط والغاز إلى اقتصاد قائم على المعرفة. ويتمثل دور متاحف قطر في دعم مكانة الفنون والتراث والإبداع وتعزيز الدور الذي تلعبه في الحياة الثقافية للبلاد، حيث ارتأت متاحف قطر منذ تأسيسها، أن تلعب الدور المنوط بها في دعم التنمية والتقدم في سبيل الإسهام من موقع "المتاحف" كمؤسسة وطنية في البلاد.

وقد ساعد عمل متاحف قطر في التعريف بقطر وإيصال صوتها للعالم، تحت القيادة الرشيدة لرئيس مجلس أمناء متاحف قطر سعادة الشيخة المياسة بنت حمد آل ثاني، مما يدل على أن الفن يمكن أن يمثل جسرا هاما يعمل كصلة وصل بين الثقافات، حيث يتماشى ما تقوم به المتاحف مع الدور الذي تلعبه سعادة الشيخة المياسة سواء في قطر أو عالميا بوصفها الراعي الملتزم والداعم للفنون وبوصفها كذلك السفير القوي والنصير المؤثر لتنمية الثقافة والتعليم.

ويتمثل هدف متاحف قطر في تطوير وتعزيز واستدامة القطاع الثقافي وفق أعلى المعايير، وللقيام بذلك ترتكز استراتيجية المتاحف على ثلاثة محاور رئيسية وهي الفن والتراث والإبداع.. ففي المقام الأول، تعمل متاحف قطر على جعل الفن جزءا لا يتجزأ من الحياة اليومية، كما تبني وتدعم الجيل القادم من الجماهير الثقافية فضلا عن شحذ روح المشاركة من خلال المعارض والبرامج التعليمية التي تلقي الضوء على قيمة ومعنى الفن والثقافة في المجتمع.. كما تحرص المتاحف أيضا على حماية وصون التراث في دولة قطر وذلك عبر تقدير تقاليد الماضي وإيلائها الأهمية التي تستحق وفي نفس الوقت احتضان المستقبل والعمل لأجله.

وتركز المتاحف بشكل عام على رعاية المواهب الناشئة وإلهام الأجيال الجديدة والصاعدة من الفنانين والمبدعين وتعمل على تطوير منتجي الفن والثقافة المستقبلين، ففي صميم استراتيجيتها الالتزام بمساعدة قطر لخلق تجارب وخبرات الفن والثقافة والتراث من داخلها.. كما تسلط متاحف قطر الضوء على مساعدة العالم ليعرف قطر عن كثب – وذلك من خلال الانطلاق من قوة ومكانة الفن وتوظيفه في الربط بين الثقافات وتعزيز التفاهم المتبادل بين البلدان ومن خلال مبادرة الأعوام الثقافية.

ولدى متاحف قطر شبكة متنوعة من المتاحف وصالات العرض التي تزخر بمجموعة هائلة من المعروضات، من القطع الفنية الإسلامية التقليدية والتاريخية إلى الأعمال الفنية والمنحوتات المعاصرة الأخاذة ،حيث كان هذا العام واحدا من أثرى الأعوام بالنسبة لمتاحف قطر وأكثرها تنوعا حتى الآن من حيث وفرة التجارب المتاحة للجماهير المحلية في البعض من متاحفها وصالات عرضها المعروفة بما في ذلك متحف الفن الإسلامي، ومتحف: المتحف العربي للفن الحديث وجاليري متاحف قطر-الرواق، بجانب عرضها في جميع مؤسساتها - وخارجها أيضا – وتطرقها إلى محتوى وموضوعات تمس الحياة اليومية ويتردد صداها لدى الناس من جميع الخلفيات.

وبوصفه من المتاحف الرائدة، يواصل متحف الفن الإسلامي توسيع نطاق جاذبيته وتحقيق أكبر قدر من النجاح أكثر من أي وقت مضى في الوصول إلى الجمهور الذي تتزايد أعداده بشكل متصاعد. وقد شهد هذا العام توافد أعداد كبيرة من الزوار على المتحف لاستكشاف مقتنياته القيمة ومعارضه المتنوعة وصالات عرضه ومطاعمه ومناظره الأخاذة. وبلغ عدد زوار المتحف منذ افتتاحه سنة 2008 أكثر من 1.8 مليون شخص للاطلاع على روائعه التي تم جلبها من مجتمعات وثقافات متنوعة.. كما يحظى المتحف أيضا بحضور قوي على الإنترنت وهو أكثر المتاحف متابعة من قبل الجمهور على الفيسبوك مع أكثر من مليوني "إعجاب".

ويلعب المتحف دورا رئيسيا في المجتمع من خلال البرامج الموجهة للمدارس، وذلك عبر تعليم وتثقيف النشء حول موضوعات مختلفة ويواصل الطلاب والمعلمون على حد سواء الاستفادة من المتحف لأنه يقدم لهم الإضافة خارج المناهج الدراسية الرسمية ويمكنهم من تعلم مواضيع حقيقية وملموسة من خلال القطع الفنية المعروضة فضلا عن تمكينهم من المشاركة في دورات تعليمية تفاعلية.

وخلال هذا العام، استضاف المتحف سلسلة من أبرز المعارض وأشهرها على الإطلاق، حيث افتتح في أوائل شهر مارس الماضي، معرضا جديدا ومميزا، وهو "عجائب الخلق: أساطير الحيوانات في الفن الإسلامي" الذي يلقي الضوء على الحيوانات الحقيقية والأسطورية التي تم تصويرها في الأساطير والحكايات والقصص الخيالية في الفن الإسلامي. وتبع هذا المعرض، معرضا مميزا آخر وهو "القاجاريات: صورة المرأة في إيران القرن التاسع عشر" والذي يصور أهمية الشكل الأنثوي في الأعمال الفنية خلال الحقبة القاجارية في إيران (1779 – 1925). إضافة إلى ذلك، يعتبر افتتاح معرض "الصيد: هوايات الملوك في الأراضي الإسلامية" دليلا آخر على ثراء وتنوع معارض متحف الفن الإسلامي، حيث استعرض هذا المعرض قطعا فنية من مجموعة المتحف مع أعمال فنية من متاحف عالمية، ومن بين المعروضات المخطوطات الزاخرة بالرسوم والمشغولات المعدنية المطعمة والخزف الملون.

وفي سياق متصل، سعت متاحف قطر لجعل الفن جزءا لا يتجزأ من حياة الناس اليومية سواء الذين يعيشون في قطر أو يزورونها، حيث تصمم البرامج والمعارض التي تحفز الجماهير المحلية من خلال تبني الحاضر واستشراف المستقبل.. ويعد "متحف" المتحف العربي للفن الحديث، خير مثال عبر تبنيه لهذه المقاربة من خلال احتفائه بالإبداع المعاصر في العالم العربي، وهو واحد من أكثر المتاحف جاذبية وعصرية وحيوية ضمن مجموعة متاحف قطر وصالات عرضها.

وتزامنا مع احتفاله بالذكرى الخامسة لافتتاحه، أحرز المتحف العربي للفن الحديث تقدما بارزا في تأسيس منصة عالمية رائدة للفنانين العرب الحديثين، فضلا عن كونه مساحة للابتكار والتعبير تستقطب الجمهور المحلي. ويتضح ذلك جليا من خلال تتويج متحف بلقب "أفضل وجهة ثقافية ناشئة" خلال حفل توزيع جوائز أفضل الوجهات الثقافية لعام 2015 "أوسكار المتاحف" الذي أقيم بلندن خلال شهر أكتوبر من هذا العام، متفوقا بذلك على متحف عمان الوطني ومتحف دبي للصور المتحركة ومتحف صلصالي الخاص بدبي.

كما شهد هذا العام استضافة "متحف" لمجموعة متنوعة وغنية من البرامج والمعارض، وقد شملت أبرز معرض منفرد ضخم للفنان المصري المعروف عالميا وائل شوقي، قدم خلاله عرض الدمى الشهيرة مع أفلام "الحروب الصليبية وقصص أخرى"، وتم خلاله الجمع بين مراجع الفنان التاريخية والأدبية والسينمائية.

وتميز فصل الخريف بافتتاح معرض "ركز : أعمال من مجموعة متحف" خلال شهر نوفمبر، وهو المعرض الذي يغوص عميقا في ثنايا مجموعة الأعمال الفنية الحديثة الأضخم والأكثر حيوية من العالم العربي وإيران وتركيا ومناطق مرتبطة تاريخيا بشبه الجزيرة العربية، ويقدم المعرض لمحة عن بعض الأعمال الأكثر شهرة في المتحف من خلال سلسلة من المعارض المنفردة التي تسلط الضوء على الفنانين الرئيسيين في المجموعة.

ومن بين أهداف المتحف العربي للفن الحديث، الذي تشمل مقتنياته أكثر من 9 آلاف عمل فني، أن يكون قادرا على أن يصبح مصدرا ومركزا للدراسات المتخصصة في الفن العربي الحديث. كما تم إعداد موسوعة متحف للفن الحديث والعالم العربي في 2014، بغرض إنتاج قاعدة بيانات على الإنترنت لإجراء البحوث عن الفنانين العرب. وعلى مدار العام، تمت إضافة عدد متزايد من المواد البحثية التي لا تقدر بثمن والخاصة ببعض أبرز الفنانين المتخصصين في الفن العربي.

وقد شهد مارس الماضي لحظة تاريخية هامة متصلة بالركيزة الثالثة من ركائز استراتيجية متاحف قطر، الهادفة إلى تطوير الأجيال القادمة من المواهب الفنية ، وذلك من خلال إطلاق "مطافئ : برنامج إقامة الفنانين". وتمتد هذه المبادرة لمدة تسعة أشهر وهي نقطة انطلاق مثالية لعشرين من الطاقات الإبداعية الناشئة والأكثر موهبة في البلاد من مجموعة من التخصصات المتنوعة - بما فيها الفن والتصوير والتصميم والهندسة المعمارية - وتهدف هذه المبادرة إلى تمكينهم من تنمية قدراتهم وأساليبهم التقنية وصقل مواهبهم ليكونوا بذلك فنانين.

وسيكون مبنى مطافئ : مقر الفنانين، مركزا للفنون مفعما بالألوان والحيوية والنشاط متاحا للجمهور . فمنذ 2012، عمل فريق متاحف قطر على ترميم مبنى الدفاع المدني القديم، استعداداً لاستضافة برنامج الإقامة الفنية الجديد، وقد نجح فريق المتاحف في الحفاظ على الواجهة الأصلية للمبنى مع إعادة ترميم الكثير من خصائص المبنى دون إحداث تغيير جذري عليه. ومستقبلا، ستكون مطافئ وجهة ثقافية مميزة للجمهور فضلا عن كونها مساحة لخدمة العديد من الطاقات الإبداعية المستقبلية.

وبالتوازي مع إطلاق "مطافئ"، تم رسميا إطلاق "معرض 555"خلال شهر مارس كتقدير لـــ"مركز الفن" باعتباره المبادرة الأولى من نوعها للإقامة الفنية في الدوحة والتي انطلقت في أوائل التسعينيات لتتواصل لعقد كامل. وقد استعرض "معرض 555"، الذي أشرف على إقامته سعادة الشيخ حسن بن محمد بن علي آل ثاني، حقبة محورية في تطوير الفنون ليس في قطر فقط، بل في جميع أنحاء المنطقة ككل.

وفي سياق الاعتراف الدولي المتزايد بمساهمة قطر في الحوار والتقدم من خلال الفن والثقافة، وتطور البلد كمركز ثقافي رائد، وتجسيدا لهذا الاعتراف، استضافت متاحف قطر خلال شهر مارس من هذا العام مؤتمر "الفن من أجل الغد" بالتعاون مع صحيفة "إنترناشيونال نيويورك تايمز".. وقد حضر للدوحة العديد من الخبراء المعروفين وشخصيات ثقافية وكبار رواد وقادة الفنون من القطاعين العام والخاص، وخبراء السياحة، ومخططي المدن ومطوري الأعمال من مختلف أنحاء العالم لمناقشة المتغيرات المتصلة بالفن والهندسة المعمارية وقدرتها على تحويل الناس والأماكن.

وقد تم إطلاع الوفود المشاركة على أهم خصائص التغيير الحاصل في المشهد الفني والثقافي لقطر وتنامي نضج جمهور المبدعين وتطورها كحاضنة للفن والثقافة .. وتحدث خلال المؤتمر كل من رئيسة مجلس أمناء متاحف قطر سعادة الشيخة المياسة بنت حمد آل ثاني والفنان العالمي الشهير جيف كونز والمهندس المعماري الشهير جان نوفيل والفنانين القطريين يوسف أحمد وعلي حسن وغيرهم.

ومثل النجاح المتواصل لبرنامج التبادل الثقافي "الأعوام الثقافية" سمة رئيسية أخرى من سمات تواصل متاحف قطر مع الجمهور العالمي وعلى مدى السنوات الأربع الماضية، ساهم هذا البرنامج في تعزيز الاعتراف والإشادة والتقدير والتفاهم المتبادل بين قطر والدول الشريكة من خلال باقة مبتكرة ومتنوعة من المعارض والمهرجانات والمسابقات والأنشطة والفعاليات.

وقد ركز العام الثقافي 2015 في الربط بين شعبي كل من دولة قطر والجمهورية التركية عن طريق استكشاف الثقافات المعاصرة والتقليدية لكلا البلدين. ونجحت متاحف قطر في تعزيز هذا الترابط عبر برنامج غني من المعارض ذات المستوى العالمي والتي تضمنت معرض اللؤلؤ، فضلا عن البرامج التعليمية والتبادلات الثقافية في كلا البلدين. ومن أبرز ما ميز هذا العام الثقافي استضافة معرض "رحلات فنية: زوايا جديدة، منظورات جديدة" في كتارا، والبازار والمهرجان التركي الذي استضافته مؤخرا حديقة متحف الفن الإسلامي، فضلا عن عدد من المعارض المشتركة بالتعاون مع وزارة الثقافة التركية.. وكسابقاتها من الأعوام الثقافية، ساهمت أنشطة العام الثقافي قطر-تركيا 2015 في إلقاء الضوء على الخصائص الثقافية التي تميز كل بلد ومكنت المواطنين والمؤسسات في كلا البلدين من خلق شراكات طويلة الأمد.

ومع بلوغ هذه المرحلة، من الواضح أن هذا العام بالنسبة لمتاحف قطر كان حافلا بالأحداث والفعاليات ومفعما بالحيوية والنشاط، حيث تفخر المتاحف بكل ما قامت به وما أنجزنه خلال عام 2015، لا سيما عن كل ما تم تحقيقه خلال العقد الأول من عمر المؤسسة.. ومن المؤكد أنه لا يزال أمام متاحف قطر الكثير للقيام به في سبيل تحقيق أهدافها، ولكن بالنظر إلى المرتكزات الرئيسية التي أسست عليها استراتيجية متاحف قطر، فإن هذه الأسس راسخة وثابتة وقوية ومواتية لتحقق أهدافها، حيث تتطلع متاحف قطر بكل ثقة وأمل إلى أن يكون عام 2016 المقبل عاما مثمرا وحافلا بالعديد من النجاحات الجديدة.

مساحة إعلانية