رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

Al-sharq

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

الشرق

مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

تقارير وحوارات

2671

الصحافة الساخرة سلاح سياسي موروث من أيام الثورة الفرنسية

18 يناير 2015 , 05:44م
alsharq
باريس - وكالات

تشكل الصحافة الساخرة الفرنسية التي لا تأبه لأي محرمات حين يتعلق الأمر بمكافحة سلطة أو دين، تقليدا يعود إلى أيام الثورة الفرنسية للعام 1789 والتي تعد صحيفة شارلي إيبدو التي تعرضت لهجوم غير مسبوق، احد ورثتها كما هو حال صحيفة لو كنار أنشيني أو صحيفة هارا كيري سابقا.

ويقول المتخصص في تاريخ الرسم الصحفي، جيوم دويزي: "هذه خصوصية فرنسية، هنا نسدد الضربات ونستخدم الرسم بشكل نضالي للاحتجاج والتنديد ولإسقاط الحواجز".

ويرى المؤرخ كريستيان ديلبورت، أنه "لا توجد وسيلة إعلام مماثلة لشارلي إيبدو في الخارج"، وأن تفرد هذه الأسبوعية التي قضت هيئة تحريرها في اعتداء دام بباريس، هو أنها "ليست منخرطة بالسخرية السياسية وحسب، وإنما أيضا بالنقد الاجتماعي: من بيئة واقتصاد ومالية".

ويضيف أنه خارج فرنسا "هناك صحف فكاهية، لكن السياسة مهمشة. أما في فرنسا فالسياسة موضوع مركزي".

وصحيفتا شارلي إيبدو ولو كنار أنشيني هما أشهر الصحف الساخرة في فرنسا، وتستخدمان النقد الحاد والسخرية المرة، وتمثلان استمرارا لتقليد تحرري ومعاد لسلطة الكنيسة كان عرف أوجه في القرن 19 مع ظهور مئات العناوين التي تتنافس في إثارة الإزعاج.

خرق المحرمات

ويقول ديلبورت: "هذه الصحافة تخرق كل المحرمات"، بيد آن كابو، الرسام الذي قتل في الاعتداء الأخير ويعمل للصحيفتين، يشير إلى فروق "في لو كنار أنشيني هناك حدود (الموت والجنس مثلا) أما في شارلي إيبدو فيمكننا أن نقول كل شيء ونرسم كل شيء".

والأب الحقيقي لشارلي إيبدو هي صحيفة "لاسييت أو بور"، الصحيفة الساخرة الفوضوية في بداية القرن العشرين والتي كانت معادية للاستعمار والدين والعسكر والنظام.

ويوضح كريستيان ديلبورت أن الصحيفة التي كانت تجمع بين قوة الرسالة وقوة الرسم "كانت تتصدى للطغيان وكافة السلطات".

لكن عنف العبارة والرسم ليس حكرا على رسامي الكاريكاتور اليساريين.

لقد كان هناك في القرن التاسع عشر أو ثلاثينات القرن الماضي "رسامون من اليمين ومن اليمين المتطرف لا يقلون شراسة وإبداعا"، كما يشير غيوم دويزي صاحب كتاب عن الكاريكاتور في 2005.

الرسم الساخر

لكن الرسم الساخر لم ينتشر إلا بعد قرن من ذلك التاريخ مع انتشار الأفكار الثورية ومفكرين يكافحون من اجل حرية التعبير.

ويقول دويزي، إن الثورة والتخلص من سلطة الكنيسة الذي تلاها "لا يزالان يشكلان حتى يومنا هذا الفارق بين هذا البلد (فرنسا) وباقي البلدان".

ومثل الملك لويس السادس عشر وزوجته ماري أنطوانيت اللذان اعدما في 1793 الهدف المفضل لرسامي الكاريكاتور الذين كانوا يصورونهما في صورتي خنزير وافعى.

ويشير دويزي إلى أن الصحافة الساخرة في بريطانيا "كانت دائما أكثر احتراما للدين" حتى وان كان يتم التعرض بالخدش أحيانا للعائلة المالكة من قبل بعض الصحف، "وفي الولايات المتحدة أيضا ليس من التقاليد التعرض للكنيسة".

ويوضح ديلبورت "الرسم الساخر في الصحف ولد فعليا في بداية القرن التاسع عشر مع دومييه وشام ثم في وقت لاحق اندريه جيل في عهد الإمبراطورية الثانية".

وتعرضت حينها الكنيسة الكاثوليكية والفاتيكان إلى هجمات عنيفة من رسامي الكاريكاتور ومعظمهم من المناهضين لسلطة الكهنة حتى نهاية القرن التاسع عشر والذين كانوا لا يتورعون عن التهجم على رجال الدين باقسى العبارات.

الهجوم على الأديان

ومنذ ثلاثين عاما مارست شارلي إيبدو الهجوم على كافة الأديان بلا تمييز.

لكن التهكم والسخرية كسلاح سياسي اتخذا شكلا جديدا بدءا من ثمانينات القرن العشرين مع ظهور عروض الدمى والمهرجين على التلفزيون.

ولم يتمكن سوى عدد قليل من الصحف الساخرة من الصمود رغم الصعوبات المالية الناجمة عن التراجع المستمر لعدد القراء وغياب عائدات الدعاية الذي يشكل ثمنا لاستقلال هذه الصحف.

وقد تمنح موجة التضامن مع شارلي إيبدو اثر الاعتداء الذي تعرضت إليه، دفعا جديدا للصحيفة الساخرة على الأقل مؤقتا.

مساحة إعلانية