رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

Al-sharq

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

الشرق

مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

منوعات

2408

بالصور.. "الشرق" تتجول في سجن "مانديلا" بجزيرة روبن آيلاند

21 مارس 2015 , 07:14م
كيب تاون – سها طارق

ربما أول ما يتبادر إلى المسامع اسم الزعيم الجنوب إفريقي نيلسون مانديلا، تُداعب ذاكرة التاريخ ذكرى رجل تمكن من التصدي لنظام الفصل العنصري الذي أقرته أقلية غربية طمعت في أرض تزخر بالمواردحتى وصل لكرسي الرئاسة بعد سنوات اعتقال بلغت 27 سنة وهى مدة زمنية قد تكون كفيلة للإشفاق عليه وتثمين نضاله السياسي.

لكن بعيدا عن التعاطف النظري الذي سردته أوراق التاريخ، "بوابة الشرق" تذوقت عمليا لساعات مرارةالذل الذي عاشه مانديلا داخل جزيرة روبن آيلاند في مدينة كيب تاون، تلك الجزيرة التي تبدو طوال طريقالتوجه إليها جنة تنعم بمناظر خلابة تحيط بها مياه المحيط الأطلنطي والجبال البديعة لكنها في الحقيقية ليستسوى سجن شهد تكبيل الأجساد بأوصاد حديدية وسجلت جدرانه أصوات صراخ آلام التعذيب لكتم صوتالحرية.

مستعمرة

التوجه لجزيرة روبن آيلاند التي تبعد مسافة 11 كيلو متر عن مقاطعة كيب الغربية يتطلب استقلال باخرة تقطعالطريق بقلب المحيط الأطلنطي خلال ساعة ونصف، وعند النزول منها تجد بمواجهتك لافتات عريضة تجمعاللونين الأبيض والأزرق مدون عليها تاريخ الجزيرة مصحوب بصور ومقولات مأثورة لمانديلا عن الحريات.

وجزيرة روبن آيلاند قبل أن تتحول لمنفى ومعتقل سياسي كانت مستعمرة لمرضى الجذام حتى اكتشف الطبيبالنرويجي "جير هارد هانسن" علاج المرض الذي ينتشر في المناطق الاستوائية عام 1837 وتحتوى الجزيرة على مقابر لضحايا هذا المرض مقسمة طبقا لأعراقهم وألوان بشرتهم تنفيذا لأحكام المحتلين الأوروبيين آنذاك خاصة الهولنديين رغم أن سياسة الفصل العنصري لم يكن قد تم إقرارها بعد رسميا حيث بدأت عام 1948، لكن بدأ الترويج لها عام 1917 بالتزامن مع الاحتلال الأوروبي باستخدام كلمة الفصلالعنصري "الأبارتيد" في الخطابات الرسمية للسياسيين.

وبُني على أنقاض المقابر ذلك السجن أو المنفى الذي يعد مدينة متكاملة تضم مدرسة وكنيسة واستراحات لدرجة أن بعض المعتقلين كانوا يصطحبون أسرهم معهم خلال فترة احتجازهم.

بعد ذلك تلمح بعينيك محجر حجري, يتضح أنه المحجر الذي التزم مانديلا بالعمل فيه يوميا خلال تنفيذ مدة عقوبته، حيث كان يُفرض عليه تقطيع عدد متغير من القطع يوميا خلال الفترة من عام 1965 لـ 1977, الأمر الذي أصابهبأزمة صحية بالجهاز التنفسي نتيجة لاستنشاق غبار الجير الأسمنتي, ألزمته فراش المستشفى لثلاثة أشهر ذات مرة لكن تم إعفائه من ذلك العمل الشاق ببلوغه سن الـ 60 وفقا لأحكام القانون وكُلف بعمل آخر، وهو تمهيد الطرقالذي وجد فيه المجال للتحرك بحرية نسبية .

السجن الجامعة

ومن المرهق السير على الأقدام إلى داخل مباني السجن لتباعد المسافات بينها، حيث يضطر الزائر للركوب حافلات متاحة هناك نظرا لتحول الجزيرة إلى مزار سياحي منذ عام 1996 بات تابعا لمنظمة اليونسكو.

وبمجرد الوقوف أمام المدخل المؤدى لمباني السجن يصطحبك مرشديه الذين كانوا سابقا نزلائه كمعتقلين وأجمعوا أنهم فضلوا هذا العمل لارتباطهم بما أطلقوا عليه "السجن الجامعة" حيث تعلموا فيه معاني الوحدة والديمقراطيةوأيضا التسامح على أيدي مانديلا فقد كان يجمعهم يوميا ويلقنهم أفكاره وتطلعاته الخاصة بالحرية والسلام.

وقال المرشد "زوزو مادولو" لـ "بوابة الشرق" خلال الدخول لمبنى مستقل محاط بأسلاك شائكة قبل التوجهلزنزانة انفرادية لا تتجاوز مساحتها مترين قضى فيها مانديلا 18 عاما: "أفضل ذكرى لازالت معلقة بذهني عندماجلبوا لنا آسرة ننام عليها بعدما تم توقيع بروتوكول في جينيف ألزم النظام السياسي بتحسين أوضاع السجن فقدكنا ننام بعراء فقط يلقوا لنا غطاء واحد كنا نرتديه قبل أن يجلبوا لنا ملابس ونتدثر به بآن واحد.

وأضاف: "بعضالعنابر الجماعية قدرتها الاستيعابية تتحمل فقط 20 شخصا إلا أنهم كانوا يجمعوا فيها 60 شخصا فكنا نجلس لجوار بعضنا فتتلاحم أجسادنا ونشعر بالدفىء خاصة عندما يحل المساء وتشتد برودة الطقس لحد التجمد أحيانا".

السجين 34 / 4666

وفى رواق طويل للسجن الانفرادي تجد على يمينك زنزانة السجين رقم 34 / 4666 أو المعتقل نيسلون مانديلاالمتهم عام 1964 بالتحريض على الإضرابات العمالية وقيادة جماعات مسلحة، زنزانة لا تحتوى سوى علىغطاء واحد للتدثر وآخر يمكن استخدامه كوسادة وبرميل صغير لقضاء الحاجة ومنضدة لتناول الطعام الذي كانيختلف نوعه بين السجناء ذوى البشرة البيضاء ونظرائهم ذوى البشرة الداكنة أو السوداء كما يحلو الوصف لسكانجنوب إفريقيا.

هروب وحياة

وبسؤال المرشد عن مدى إمكانية الهروب من ذلك السجن أو المدينة ذات المتاهات والمداخل والمخارج المتباعدةوالمعقدة، قال: "الهروب صعب جدا ومع ذلك حاول معتقل من أصول مغربية الهروب مرتين ولما ضاقوا منه أرسلوهلسجن في أستراليا.

وروى أيضا قصة استحضرها حول تجسس غواصة يابانية على الجزيرة، التي كانت قاعدة للبحرية البريطانيةفي غضون الحرب العالمية الثانية وهو ما لم يكن يدركه اليابانيون فالقي القبض على طاقم الغواصة ولم يُعرفمصيرهم.

وتم الإفراج عن آخر معتقل سياسي بسجن جزيرة روبن آيلاند عام 1991 إلا أن 7 سجناء فقط قرروا البقاءمع عائلاتهم هناك، حيث تعلقوا بالمكان ويعملون في ترميم الأسلحة وأعمال الصيانة وكذا بإجراء أبحاث علمية عن الحياة البرية.

مساحة إعلانية