رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

Al-sharq

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

الشرق

مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

تقارير وحوارات

1041

السويدان لـ"الشرق": رمضان رسالة هدفها إعادة الإنسان إلى طريق الله

21 يونيو 2016 , 01:58م
alsharq
أجرى الحوار - عبدالحميد قطب

الله يحب أن يتكرم على عباده لتظهر آثار اسمه الكريم في خلقه

أهم قوانين الفلاح التعامل مع الله تعالى وتبجيله سبحانه

ديننا دين عدل ومن اعتدى على أهلك وولدك لا يجوز أن ترد بالمثل

الكثير من أصحاب النفوذ ينفرون ممن ينهاهم عن المنكر لكن لا بد من نهيهم عنه

أنصح الشباب بتحديد هدفهم في الحياة وأن يضعوا خطة من أجل خدمة الأمة والنهضة بها

دعا الدكتور طارق السويدان من يلتزمون في رمضان فقط دون سائر الشهور، إلى تجنب هذا الأمر، قائلا: رمضان ليس تقليدا اجتماعيا أو عادة سنوية تتكرر، بل رسالة هدفها إعادة الإنسان إلى طريق الله.

وقال الدكتور السويدان في حواره مع "الشرق" إن ديننا دين العدل، فمن اعتدى على أهلك وولدك لا يجوز لك أن تعتدي على أهله وولده، فالمجرم الذي يجب رده وعقابه، أما أهله فهم أبرياء لا ذنب لهم وإلا صارت شريعة الغاب، ولا يجوز استعمال الآية الكريمة كحجة لتبرير الاعتداء على الأبرياء: "ۚ فَمَنِ اعْتَدَىٰ عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدَىٰ عَلَيْكُمْ "فهذه الآية لا تؤخذ بمعزل عن الآية الكريمة الأخرى: "وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَىٰ".

ونصح الشباب المسلم بالجدية في أمورهم، والبعد عن توافه الأمور، وأن يكونوا أنفسهم تكويناً صحيحاً ويسلحوا أنفسهم بالقدرات الإدارية والقيادية التي تعينهم في الحياة، ودعاهم أيضاً بكثرة الاطلاع والقراءة، وأن يكونوا عنصر بناء لا هدم في مجتمعهم.

وإلى نص الحوار

فضيلة الشيخ ماذا تقول لمن يلتزمون في رمضان ثم يبتعدون عن هذا الالتزام بعد الشهر الفضيل؟

رمضان ليس تقليدا اجتماعيا أو عادة سنوية تتكرر، بل رسالة هدفها إعادة الإنسان إلى طريق الله عندما ينحرف وينسى فيعيد رمضان تذكيره بحقيقة وجوده في الحياة، فالمطلوب في النهاية أن نكون ربانيين، والمعادلة التي أطرحها أن يحاول الإنسان إن يكون بعد رمضان أفضل منه بالمقارنة مع ما قبل رمضان.

مخالفة المظهر الأفعال

ماذا تقول لم يخالف مظهرهم المتدين أعمالهم وخاصة في رمضان؟

هذا انفصام في الشخصية لدى بعض مدعي التدين المزيف فهم متدينون مادام الالتزام لا يتصادم مع مصالحهم، ولكنهم عند تعاملهم مع الناس ينسون التزامهم مقابل تلك المصالح، وهذا هو انفصام الشخصية المرفوض، ولا يعول على هؤلاء أي تغيير إيجابي في المجتمع لسبب بسيط أن فاقد الشي لا يعطيه، فمن يريد أن يغير المجتمع نحو الأفضل، عليه أن يمتلك فضائل كبيرة كالصبر والتضحية وتحمل الناس، وكم رأينا من ملتحين لا يحترمون قانون المرور مثلاً أو يتعاملون بعنصرية وعنجهية مع غير أهل بلدهم، فهل هذا هو السلوك الذي نريد أن نزرعه في الناس ؟ وكم من مدعي تدين لا يكاد السواك يسقط من أيديهم وعندما يأتون لحقوق من يعمل لديهم من السهولة أن ينكروا حقوقهم والرسول صلى الله عليه وسلم يحذر من المظاهر الخالية من المقاصد الشرعية فيقول: "رب صائم ليس له من صيامهم إلا الجوع والعطش"؛ لأنه لم يفهم مقصد الصيام وهو بلوغ التقوى.

تضاعف الحسنات

هل تتضاعف الحسنات في رمضان؟

عن ابن عباس رضي الله عنهما عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما يرويه عن ربه تبارك وتعالى قال: (إن الله كتب الحسنات والسيئات، ثم بيَّن ذلك، فمن همَّ بحسنة فلم يعملها كتبها الله عنده حسنة كاملة، وإن هم َّبها فعملها كتبها الله عنده عشر حسنات إلى سبعمائة ضعف إلى أضعاف كثيرة، وإن هم َّ بسيئة فلم يعملها كتبها الله عنده حسنة كاملة وإن هم َّ بها فعملها كتبها الله سيئة واحدة) رواه البخاري ومسلم.

وهذا من كرمه سبحانه فهو اسمه الكريم، ويحب أن يتكرم على عباده لتظهر آثار اسمه الكريم في خلقه ولنركز على الجزء الذي فيه "فمن همَّ بحسنة فلم يعملها كتبها الله عنده حسنة كاملة، وإن همَّ بها فعملها كتبها الله عنده عشر حسنات إلى سبعمائة ضعف إلى أضعاف كثيرة"

وكلمة "همَّ" تعني: نوى بكل جدية وحاول بكل جدية.

ودعونا نستعمل هذه المعاني ونتعرض لنفحات كرم الله عز وجل التي وعدنا بها في هذا الحديث للتخطيط لرمضان (وذلك لأن رمضان كله موسم استجابة الدعاء ومضاعفة الحسنات):

فبدلا من أن ننوي نية عامة بالقيام والقرآن والطاعات وصلة الأرحام والتفريج عن المنكوبين وبذل الصدقات ونحوها من الأعمال المباركات

ودعونا نحول النية الى "همة" ودعونا نضاعف ما ننوي عمله، فبدلاً من نية ختمة واحدة دعونا ننوي عدة ختمات وبدل مراجعة بعض الحفظ دعونا نقرر أضعاف ذلك ونضاعف كل ما ننوي من أعمال صالحة في كل المجالات مثل: صلة الأرحام والصدقات، والمشاركة في التنمية، وتنفيس الكربات، وصلاة النافلة، وكثرة الأذكار والابتعاد عن المعاصي والملهيات، ومحاربة الاستبداد والطغيان والدعوة الى الله تعالى، والأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر، والالتزام بمواعيد العمل، وزيادة الإنتاج، وغيرها الكثير.

وأنا هنا أتساءل هل تعجزون عن النية؟ ماذا ستخسرون؟ إن تحولت إلى أفعال، فلكم من الأجر وكأنكم عملتموها ١٠ أضعاف إلى ٧٠٠ ضعف وأكثر وإن لم تعملوها (حتى كسلاً) كتبت لكم وكأنكم قمتم بها مرة واحدة!

(سبحانك ما أكرمك) وأخيراً أقول؛ "أنا لم أرَ عجزاً في البشر كالعجز عن النية"!

ماذا تقول لمن يحرص على ختم القرآن أكثر من مرة في رمضان دون التمعن والتدبر في آياته؟

أقول له ليس المهم كم وصلت في قراءة القرآن، ولكن المهم كم وصل القرآن في قلبك اقرأ القرآن بثلاث طرق:

١- اختم أكبر كمية من الآيات والسور والأجزاء، فكل حرف بعشر حسنات على الأقل، وما أعظم ذلك من أجر وتواصل مع القرآن وبعد عن هجره. ٢- اقرأ القرآن مع التفسير وخاصة للسور التي تحفظها حتى يصل القرآن إلى قلبك ٣- اقرأ القرآن للبحث عن القوانين التي فيه وهي أنواع.

ما أنواع هذه القوانين؟

قوانين الفلاح في الآخرة مثل (تِلْكَ الدَّارُ الْآخِرَةُ نَجْعَلُهَا لِلَّذِينَ لَا يُرِيدُونَ عُلُوًّا فِي الْأَرْضِ وَلَا فَسَادًا ۚ وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ).

ب- قوانين الأخلاق والعلاقات مثل (الَّذِينَ يُنفِقُونَ فِي السَّرَّاءِ وَالضَّرَّاءِ وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ ۗ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ).

ج- قوانين التفاعل بين الحضارات مثل (إِن يَمْسَسْكُمْ قَرْحٌ فَقَدْ مَسَّ الْقَوْمَ قَرْحٌ مِّثْلُه وَتِلْكَ الْأَيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ) أي لن تسيطر أي حضارة على البشرية باستمرار.

د- قوانين الدروس والعبر من التاريخ التي نبه إليها القرآن في الآية الكريمة: (قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِكُمْ سُنَنٌ فَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَانظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُكَذِّبِينَ) وأهم القوانين هي: قوانين التعامل مع الله تعالى وتبجيله سبحانه (وما قدروا الله حق قدره).

الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر

فضيلة الشيخ، هل الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر فريضة؟

نعم.. فالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر فريضة يمكن أن تؤدي بشكل جماعي ونقوم بتوزيع الأدوار فيها، أي يتفق زيد وعمرو بأن يقوم زيد بالأمر بالمعروف لأن هذا يتناسب أكثر مع طبيعة شخصيته، بينما يقوم عمرو بالنهي عن المنكر، لأن ذلك يناسبه أكثر وبمجموع عملهما المشترك يتحقق الأجر لهما ويرتفع إثم التقصير عنهما معاً كما أن هناك الكثير من أصحاب النفوذ ينفرون ممن ينهاهم عن المنكر، لكن لا بد من نهيهم عنه، فهذا واجب شرعاً، لكننا لا نريد أن لا يسمعوا النهي بالمعروف، فتوزيع الأدوار يحقق لنا الأمرين معاً بشكل فعال أكثر.

كيف نفند الدعوات التي تدعو للاعتداء على غير المسلمين بحجة مهاجمة أنظمتها لديارنا؟

ديننا دين العدل فمن اعتدى على أهلك وولدك لا يجوز لك ان تعتدي على أهله وولده فهو المجرم الذي يجب رده وعقابه وهم أبرياء لا ذنب لهم وإلا صارت شريعة الغاب، ولا يجوز استعمال الآية الكريمة كحجة لتبرير الاعتداء على الأبرياء: "ۚفَمَنِ اعْتَدَىٰ عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدَىٰ عَلَيْكُمْ "، وهذه الآية لا تؤخذ بمعزل عن الآية الكريمة الأخرى: "وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَىٰ".

ومن حاول الإصرار على الاعتداء على الأبرياء باستعمال الآية الأولى فنسأله: "لو أن زيداً اغتصب ابنة عمرو، فهل يجوز عندكم أن يقوم عمرو باغتصاب ابنة زيد؟" بحجة (بمثل ما اعتدى عليكم) هذا المنطق يخالف العقل كما يخالف الإجماع الشرعي.

اتقوا الله ولا تبرروا الاعتداء على الأبرياء باسم الدين، فالإسلام براء براء براء من هذه الجرائم النتنة.

مساحة إعلانية