رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

Al-sharq

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

الشرق

مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

عربي ودولي

410

"الشرق" في قلب الأقصى في الذكرى الـ55 لإحراقه

21 أغسطس 2024 , 07:00ص
alsharq
❖ القدس المحتلة - محمـد الرنتيسي

لم تخمد نيران الحقد التي أشعلها الصهيوني مايكل دنيس روهان قبل 55 عاماً لتطال المصلى القبلي ومنبر صلاح الدين في المسجد الأقصى المبارك، فبعد مرور كل هذه السنوات على الجريمة، ما زالت النار مشتعلة في أولى القبلتين، ولا زالت القدس في قلب الاشتباك، بأهلها المرابطين، ومعهم شوارع القدس العتيقة، وأصوات الأذان.

لم تتوقف الاقتحامات للحرم القدسي الشريف، ولا الحفريات والأنفاق تحت أساساته، ولم تنته محاولات الأحزاب اليمينية المغرقة في التطرف، لهدم المسجد الأقصى لبناء هيكلها المزعوم على أنقاضه.

ربما حجب هدير الدبابات والطائرات وأزيز الرصاص ودوي الانفجارات في الحرب الهستيرية التي يشنها كيان الاحتلال منذ اليوم التالي لـ»طوفان الأقصى»، المخاطر التهويدية التي تواجهها المدينة المقدسة، ويرتفع منسوبها هذه الأيام، بالتزامن مع الأعياد الدينية اليهودية، وذكرى إحراق المسجد الأقصى المبارك.

فما أن شبت جذوة النار التي ضربت غزة، حتى أطفأت كل عناوين الاشتباك مع قوات الاحتلال، إذ بالكاد يجد المراسلون الصحفيون مكاناً لاستذكار مشاهد الاقتحام اليومية لباحات المسجد الأقصى، تبعاً لمقتضيات مواكبة الحرب التطهيرية في قطاع غزة.

ربما كان وهج الميدان على أرض غزة، أقوى وأبرز من بقية العناوين الأخرى، وخصوصاً في ضوء اتساع دائرة النار، وتسارع عداد الشهداء والجرحى والمفقودين، لكن كل هذا لا يعني أن جبهة القدس كانت هادئة.

ففي استدارة تاريخية، يجد المتتبع للأحداث، أن القدس شكلت على الدوام شرارة المقاومة الفلسطينية، فمن مجرزة المسجد الأقصى خلال الانتفاضة الأولى عام 1990، والتي تصدى خلالها المقدسيون لعصابة الهيكل المزعوم، وافتدوا أرض الإسراء والمعراج بالمهج والدماء والأرواح، إلى هبة النفق عام 1996، رداً على الحفريات الخطيرة تحت أساسات المسجد الأقصى، إلى الانتفاضة الثانية المعروفة بـ»انتفاضة الأقصى» عام 2000، والتي جاءت كرد حتمي على تدنيس رئيس وزراء الاحتلال آنذاك أريئيل شارون لأولى القبلتين، ولاحقاً معركة البوبات الإلكترونية على أبواب البلدة القديمة، وتالياً هبة مصلى باب الرحمة عام 2018، وليس انتهاء بمعركة «طوفان الأقصى» التي أبقت على جبهة القدس متقدة، وإن كان وهج النار في غزة.

فإلى أين تتجه الأوضاع في القدس؟ وهل تخرج عن ضوابطها والحرب لم تضع أوزارها بعد في غزة؟ أسئلة فرضت نفسها وازدادت توهجاً في الأيام الأخيرة، مع بدء موسم الأعياد اليهودية، لتمضي القدس على حبل مشدود، بل إنه أقرب إلى خيط رفيع يفصلها عن الوقوع في حلقة النار.

العارفون ببواطن الأحداث في القدس، يعتبرون المدينة المقدسة كأنها في فوهة مدفع، وثمة غبار كثيف أخذ يعلو في سماء القدس، عطفاً على ما أقدم عليه وزراء ومسؤولون في كيان الاحتلال، بتحريك وليمة النار كي تطال مدينة القدس وأخواتها في الضفة الغربية.

وفي الأيام الأخيرة، دشن مقاومون فلسطينيون عدة عمليات فدائية في القدس المحتلة، لكن صداها لم يتردد كثيراً، بفعل ازدحام ميدان المواجهة بالأخبار المتسارعة حول تداعيات وتطورات الحرب في قطاع غزة، فهل تسابق القدس لحظة الانفجار التي تبدو وشيكة، ولن يكون بعدها كما قبلها.

يجيب مدير عام أوقاف القدس عزام الخطيب بأن مدينة القدس، تبدو كـ»طنجرة ضغط» تزداد حرارتها كلما اقتربنا من المناسبات الدينية اليهودية، كما أن المسجد الأقصى يبدو كأنه يسير على جمر المحرقة في قطاع غزة، فلم تتوقف الاقتحامات للحرم القدسي الشريف، ولم تهدأ محاولات تهجير المقدسيين كما يجري في أحياء سلوان والشيخ جراح والطور، والاحتلال ماض في تغيير معالم المدينة، من خلال هجمة تهويدية محمومة. وفيما أعين العالم على غزة، وكيفية خروجها من الحرب الجنونية عليها، تنطلق بشكل شبه يومي اقتحامات جيش الاحتلال وعصابات المستوطنين للمسجد الأقصى من باب المغاربة، ويتصدى لهم أبناء القدس من منطلق عقائدي ووجوب حماية القدس ومقدساتها.

ويستشعر الفلسطينيون الخطر المحدق بالقدس ومقدساتها، على وقع تهديدات للاحتلال بدأ يعلو صوتها، في ذكرى إحراق المسجد الأقصى، ما يزيد من حبس أنفاسهم، بينما يواصل الكيان اللعب بالنار، وأياً كانت مشاهد الدمار في قطاع غزة، فلا يمكن بحال حرف الأنظار عن مهد الرسالات وأرض الأنبياء، وصحيح أن الهدف الذي هاج لأجله «طوفان الأقصى» لم يتحقق بعد لجهة وقف تدنيس المسجد الأقصى، ولجم معاول الهدم التي تحفر تحت أساساته، إلا أن أهل بيت المقدس لا يخشون استدراجهم إلى «الطوفان» لتبقى جبهتهم مفتوحة على كل الاحتمالات، وشعارهم: «عيوننا ترحل إلى غزة كل يوم، لكن قلوبنا معلقة بالقدس».

مساحة إعلانية