رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

Al-sharq

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

الشرق

مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

عربي ودولي

261

47 مليون فرنسي يصوتون للانفتاح أو الانعزالية

30 أبريل 2017 , 08:27م
alsharq
باريس - خالد سعد زغلول

يستعد الفرنسيون لانتخاب رئيسهم لولاية رئاسية جديدة الأحد المقبل وهم أمام واقع غريب وغير مسبوق في المشهد السياسي الفرنسي وبات على 47 مليون ناخب المفاضلة بين قوتين جديدتين ومتناقضتين ممثلتين في زعيم حزب الوسط ايمانويل ماكرون وزعيمة حزب الجبهة الوطنية مارين لوبن؛ الأول يطالب بتحديث مؤسسات الجمهورية الخامسة المتهالكة بمفهوم عصري لمواصلة الانفتاح على دول القارات الخمس وفي المقابل تدعي الثانية إلى التقوقع والانعزالية ومقاطعة التكتلات الاقتصادية والسياسية والعسكرية الكبرى والخروج من الاتحاد الأوروبي ومن منطقة الأورو ومن حلف الأطلسي وطرد الاجانب .. هذا وبعد أن تفاخرت مؤسسات استطلاع الرأي الفرنسية بصحة نتائج توقعاتها للدور الأول من الانتخابات الرئاسية. واصلت على نشر توقعاتها بالنسبة إلى الدور الثاني الذي ينطلق اليوم ولكن هذه المرة تلتقي كلها على توقع فوز إيمانويل ماكرون وباكتساح، أمام منافسته مارين لوبان .

أظهر استطلاع للرأي أن مرشح الوسط حزب "المضي قدما" إيمانويل ماكرون سيفوز بفارق كبير عن مرشحة اليمين المتطرف حزب "الجبهة الوطنية ؛مارين لوبن. ومنح أحدث الاستطلاعات وأجرى الاستطلاع معهد «هاريس انتراكتيف وانديد» لصالح قناة التلفزيون البرلمانية. نسبة 61 % من نوايا التصويت إلى ماكرون في مقابل 39 % للوبن. وفي استطلاع سابق أجراه المعهد حصل ماكرون على 64 % من نوايا التصويت ولوبن على 36 % للدورة الثانية.

قد يجد مؤيدو فرنسوا فيون في مواقف لوبن من الهجرة ما يعبر عن قناعاتهم، رغم دعوة مرشحهم بانتخاب ماكرون أما ناخبو جان لوك ملانشون والذين تركهم يختارون من يشاؤون؛ فينظرون بارتياح إلى تلاقي مرشحهم مع دعوة مرشحة اليمين المتشدد للخروج من الاتحاد الأوروبي، والذين يرون في ماكرون امتدادا لعهد هولاند يتوقون إلى التغيير. أما مارين لوبان التي حصلت على ست نقاط أكثر مما حصل عليه والدها في العام 2002، فترى في انتقالها إلى الدور الثاني فرصة تفوق فرصة انتقال والدها إلى هذا الدور في مواجهة جاك شيراك قبل 15 عاما. وآلتها الانتخابية قادرة على حشد المؤيدين، وبعض بنود برنامجها الانتخابي تتشابه كثيرا مع بعض بنود مرشحين من الدور الأول. ويمكن لماكرون الاستفادة من قسم كبير (69 %) من ناخبي المرشح الاشتراكي الخاسر بونوا آمون في حين يمكن أن تستفيد لوبن من أقل من ثلث (28 %) أصوات ناخبي مرشح اليمين الخاسر فرنسوا فيون، وفق الاستطلاع. قد لا تصح كل هذه الحسابات الورقية في احتساب الأصوات الملقاة في صناديق الاقتراع. فالتغيير يحمل معه عامل المجهول والمجهول يخيف بينما التقليدي، أو ما يتقرب منه، يطمئن وهذا الأمر ينطبق على وضع فرنسا التي تطوي عهد هولاند منهكة اقتصاديا وأمنياً ومستضعفة على الساحتين الأوروبية والدولية وتعاني من تشتت نسيجها الوطني. وفي هذه الحالة فان فرنسا بحاجة لتجديد قياداتها أكثر مما هي بحاجة لتغيير وجهها.

لوبن تحتاج إلى معجزة

لكن وفق المعطيات الراهنة على الساحة الفرنسية تحتاج لوبن معجزة من العيار الثقيل والتاريخي لكي يخسر مرشح الوسط إيمانويل ماكرون معركة الرئاسيات في دورتها الثانية أن تنتقل مارين لوبن من مخزون أصواتها الحالية الذي يقدر بسبعة ملايين ناخب إلى الرقم السحري الذي يُؤْمِن لها أغلبية رئاسة الجمهورية أي ستة عشر مليون صوت. وهي مهمة شبه مستحيلة بالنظر إلى السقف الزجاجي السميك الذي يحبس تاريخيا تمددها وبالنظر أيضا إلى تعبئة رموز الطبقة السياسية الفرنسية لمنعها من الوصول إلى قصر الإليزيه وقد وجه مختلف زعماء اليسار واليمين النافذين نداءات قوية النبرة وواضحة المضمون لمنعها من تحقيق هذا الاختراق تحت لواء زعيمي معسكري اليمين واليسار التقليديين الرئيس فرنسوا هولاند والرئيس السابق نيكولا ساركوزي اللذين أعلنا أنهما سيصوتان لمرشح الوسط إيمانويل ماكرون معتبران بأن مرشحة اليمين المتطرف مارين لوبن تشكل 'مجازفة' بالنسبة لمستقبل البلاد.

وقال الرئيس الاشتراكي إن حضور اليمين المتطرف يعرض بلدنا مجددا للخطر، وإزاء هذه المجازفة، لا بد من التعبئة ومن الوضوح في الخيار. من جانبي سأصوت لايمانويل ماكرون بينما وصف ساركوزي لوبن بانها كارثة شاملة لفرنسا في جميع المجالات والصعد لو فازت بالرئاسة وأعلن بأنه سيدلي بصوته له. وقاد الزعيمان مختلف الأحزاب سياسية للتصويت لماكرون من أجل "التصدي" لليمين المتطرف، باستثناء مرشح جبهة اليسار جان لوك ملانشون مرشح أقصى اليسار المتطرف الذي حل في المرتبة الرابعة في الدور الأول ؛ في مقاربة مريبة وعد مناصريه باستشارة عبر الإنترنت لتحديد موقف من هذه الإشكالية ما تسبب له في انتقادات لاذعة. وقد دعته أصوات في الحزب الاشتراكي إلى "إعادة النظر". ويرى المراقبون بأنه سيصوت لصالح لوبن لتقارب برنامجهما بشدة. في المقابل أعلن دوبون آنيون زعيم حركة "قفي فرنسا"، الذي حصل على نسبة 4.73% من الأصوات في الجولة الأولى تحالفه مع لوبن وعن توصله معها لاتفاق حكومي. وقال دوبون آنيون، "نحن اليوم نعيش لحظة تاريخية لأننا نفضّل مصلحة فرنسا على المصالح الحزبية وأعلنت عقبها بأنها ستجعله رئيسا لوزرائها في حالة فوزها.

زيدان يقود الهجوم

وقد قاد نجم نجوم المنتخب الفرنسي السابق ومدرب ريال مدريد الإسباني حاليا زين الدين زيدان الطبقة الفنية والرياضية الفرنسية ودعا الشعب إلى "تجنب" التصويت لمرشحة اليمين المتطرف مارين لوبان "بأقصى ما يمكن" معتبرا بأن الجبهة الوطنية "حزب لا يتوافق بتاتا مع القيم الفرنسية وسبق لزيدان أن اتخذ موقفا مشابها خلال انتخابات 2002 حين وصل والد مارين لوبان، جان ماري، مرشح "الجبهة الوطنية" إلى الدورة الثانية من الانتخابات الرئاسية أمام جاك شيراك والذي فاز وقتها باكتساح بنسبة غير مسبوقة في الأعراف والديمقراطيات الغربية 82.88% حيث تحالفت جميع القوى السياسية المتصارعة في المعسكرين اليساري واليمين بمختلف أجنحته لصالح شيراك.

في المقابل شنّت مرشحة اليمين المتطرف هجوما لاذعا على منافسها الليبرالي ، قائلة إنه يجسد «البرنامج الخبيث للنظام» ويمثل "حكم الأقلية الأوليجاركية" ورأت لوبن بأن الانتخابات الرئاسية «استفتاء مع فرنسا أو ضدها»، مؤكدة أنها تريد أن تعيد لفرنسا حدودا وتضبط العولمة، متهمة خصمها بالسعي لتحويل البلاد إلى قاعة سوق. وعزفت لوبان على وتر السنوات الأربع التي قضاها ماكرون مع بنك روتشيلد، قائلة خلال تجمع انتخابي في نيس إنه ينقصه الشعور اللازم بهذه المهنة، والقدرة على اتخاذ القرارات.. دون أي اعتبار للعواقب البشرية». وقالت لوبان إن "الجبهة الجمهورية البالية المتعفنة تماما والتي لم يعد أحد يرغب فيها ورفضها الفرنسيون بعنف استثنائي، تحاول تشكيل ائتلاف حول السيد ماكرون"، مضيفة "أكاد أرغب في القول حسنا يفعلون".

كما يمكن أن تحظى لوبان بدعم من دعاة السيادة الفرنسية الذين صوتوا لمرشحين صغار، إضافة إلى أصوات الجناح الأكثر محافظة في اليمين.

كما وصفت منافسها، بـ "الضعيف" في مواجهة الإرهاب ، مضيفة أنه لا يملك أي مشروع لحماية الشعب الفرنسي من "الإسلاميين". وقالت لوبان للصحفيين "أنا على الأرض للقاء الشعب الفرنسي ولفت انتباهه إلى قضايا مهمة، بما في ذلك "الإرهاب " الذي أقل ما يمكن أن نصف تعامل السيد ماكرون معه بأنه ضعيف"، مضيفة أن الجولة الثانية مع ماكرون ستكون استفتاء على "العولمة المنفلتة".

وانطلاقا من هذا الدعم البنيوي الذي يحظى به في المشهد السياسي الفرنسي، يجد إيمانويل ماكرون نفسه أمام صعوبات من نوع جديد تختلف تماما عن تلك التي يجب أن يفعلها للفوز بالدورة النهائية. وهذه الصعوبات لصيقة بنوعية الحركة السياسية التي أطلقها، التي حققت اختراقا غير مسبوق في المشهد السياسي الفرنسي بالنظر إلى قصر عمرها والى افتقادها النظري إلى عمق اجتماعي.

من جهة أخرى قد يكون هذا النصر المرتقب لماكرون أو بمفاجأة فوز لوبن بالرئاسة يعكس إرادة شعبية قوية للتغيير بقدر ما يمكن أن يؤشر إلى استغلال مرحلي لظرفية سياسية معينة ساعدت في بروز نجم مكرون وخلقت الظروف الاستثنائية السياسية لاحتلال الصدارة، من بين هذه الظروف مسلسل فضائح الفساد السياسي الذي أنهك فرانسوا فيون وشوش على حملته وحرمه من دعم الفرنسيين المتعطشين إلى تناوب سياسي بعد فشل ولاية الاشتراكي فرنسوا هولاند.

مساحة إعلانية