محليات

598

نفوق 18 نوعاً من الأسماك لارتفاع درجات الحرارة

أكد فريق بحثي مُكون من عدد من المختصين والمعنيين من إدارة الثروة السمكية وإدارة الرصد البيئي بوزارة البيئة ومركز الدراسات البيئية بجامعة قطر والإدارة العامة لأمن السواحل والحدود بوزارة الداخلية بأن الظاهرة الحالية لنفوق بعض أنواع الأسماك في المياه القطرية مُرتبطة ارتباطاً وثيقاً بالعوامل الطبيعية المناخية، خاصة ارتفاع درجة حرارة مياه البحر ونقص الأكسجين المُذاب في الماء.

وأضاف أعضاء الفريق عقب قيامهم بإجراء مسح بحري، يوم الأربعاء المنصرم ، بواسطة سفينة الأبحاث "جنان"، أن العوامل المناخية الطبيعية وأهمها ارتفاع درجة حرارة مياه البحر في فصل الصيف، تلعب دوراً رئيسياً في ظاهرة نفوق الأسماك في العديد من دول المنطقة، مثلما حدث سابقاً بصفة متكررة في المياة القطرية وفي سلطنة عمان وغيرها، حيث أثبتت الدراسات التي اعتمدت على العديد من البيانات البيئية التي يتم رصدها للمنطقة محلياً أو بواسطة وكالة ناسا الفضائية، أثبتت أن السبب يرجع إلى عوامل عديدة مُرتبطة ببعضها، تضم درجة حرارة مياه البحر، والعوالق البحرية، والرياح، والتيارات البحرية والأكسجين الذائب في مياه البحر، مما يُرسخ دور العوامل المناخية وخاصة درجة حرارة مياه البحر في ظاهرة النفوق الجماعي للأسماك.

وتضمن المسح الذي قام به الفريق البحثي رصداً للخصائص الفيزيائية للمياه البحرية، ورصد أنواع وتجميع عينات من الأسماك النافقة على إمتداد قطاع المسح البحري، هذا بالإضافة إلى دراسة الخصائص الفيزيائية والكيميائية للمياه البحرية من خلال محطات ذات أعماق 7، 14 و 29 متر.

وقد استخدمت في عملية البحث الإمكانات و الأجهزة البحثية المُتوفرة على متن السفينة "جنان" للقياس الفوري للعديد من المُعاملات المُتعلقة بخصائص مياة البحر، مثل درجة الحرارة، الأُكسجين الذائب، الكثافة، التأين، الملوحة، الشفافية وغيرها. كما تم تجميع عينات مياه من تلك المحطات لاستكمال بعض التحاليل المخبرية المُتعلقة بجودة وسلامة مياة البحر.

وسجلت درجة حرارة سطح البحر في منطقة المسح، درجات عالية نسبياً، حيث تراوحت بين 35.65 و 36.20 درجة مئوية. كما تراوحت درجة حرارة مياه قاع البحر، بين 35.76 و 35.92 درجة مئوية. كما سجلت مُؤشرات الاوكسجين الذائب في الماء، مُعدلات مُتدنية تراوحت بين 2.99 و 3.86 مليجرام/لتر.

وتعليقا على نتائج المسح قال السيد محمد سعيد الشقيري المهندي، مدير إدارة الثروة السمكية بوزارة البيئة وعضو الفريق البحثي، أن نتائج المسح تُؤكد أن الظاهرة الحالية لنفوق الأسماك، هي نتيجة مباشرة للعوامل المناخية حيث ارتفاع درجة حرارة مياه البحر وما تبعه من تدني مستويات الأوكسجين الذائب في مياه البحر، مشيداً بسرعة استجابة الجهات المعنية بالدولة و تفاعلهم مع الحدث وتضافر الجُهود بتكليف المُتخصصين والمعنيين للمشاركة في هذا المسح المهم لمعرفة الأسباب الحقيقية والعلمية لنفوق الأسماك والتي أظهرت نتائجه أن ارتفاع درجة الحرارة هي السبب الرئيسي والمباشر لهذه الظاهرة.

وقال الدكتور إبراهيم محمد الأنصاري، أستاذ الكُتل المائية بجامعة قطر، عضو الفريق أن ظاهرة نفوق الأسماك، ظاهرة قديمة، قُمنا برصدها منذ عام 1996 وأصبحت تتكرر بشكل شبة سنوي أو كل عامين، خاصة خلال الأسبوع الأخير من شهر أغسطس والأول من شهر سبتمبر، مشيراً إلى أن السفينة "جنان" التي تمتلكها جامعة قطر وما تحويه من تجهيزات بحثية و مُختبرات حديثة قد ساهمت بفاعلية من خلال استخدامها في المتابعة المُتكررة لرصد ظاهرة نفوق الأسماك لأن نعرف اْن ذُروة النُفوق تحدث خلال هذه الفترة الحرجة من موسم الصيف وبعدها تبدأ في الانحسار.

وأضاف الدكتور إبراهيم المسلماني، أُستاذ البيولوجيا البحرية ومسؤول سفينة الأبحاث بجامعة قطر، عضو الفريق البحثي، أن الأسماك تتأثر بصورة متفاوته بتغير درجات الحرارة ومُعدلات الأكسجين الذائب في المياة. حيث نجد أن الأسماك السطحية الأكثر مقدرةً على السباحة في عمود الماء والتنتقل من منطقة لأخرى مُقارنة بالأسماك القاعية ذات طاقة الحركة المحدودة الأمر الذي يجعلها أكثر عُرضة إلى أي تغيرات في ماء البحر، لذا نجد أن مُعظم أنواع الأسماك القاعية والتي يتم اصطيادها بواسطة القراقير، عادة تتعرض للنفوق في حالة ارتفاع درجة حرارة الماء، لأن نطاق حركتها يكون محدودا ولا تستطيع الهرب الى المناطق العميقة أو المناطق المنخفضة الحرارة، كما أن الارتفاعالكبير في درجات حرارة ماء البحر عن الحد الطبيعي، قد يؤدي أيضا الي نفوق العديد من الكائنات البحرية الأُخرى، خاصة الشعاب المُرجانية التي تُعتبر موئلاً مُهما للأسماك وغيرها.

وعرض السيد جاسم العمادي خبير الرصد البيئي، دورالمُختصين من إدارة الرصد البيئي بوزارة البيئة، الذين قاموا برصد الظاهرة ومسح الشواطيء وجمع عينات الأسماك النافقة من شواطئ ومياه المنطقة الجنوبية حيث تم إرسالها للتحليل لدى المُختبرات المركزية بوزارة البيئة.

وأفاد الأستاذ الدكتور محمد عبد الله، إستشاري تقييم المخزون السمكي وادارة المصايد، بإدارة الثروة السمكية بوزارة البيئة، أن الأسماك النافقة شملت عدد 18نوعاً هي:عنفوز،بدح، حاقول، شنينوة، نيسر، ضلعة، ربيب، بسار، صافي، سبيطي، خثاق، جش، عماد، فسكر، وحرة، يماة، سولي وشعري.

وبعضها أنواع سطحية أما مُعظمها فهي أسماك قاعية مُستوطنة تعيش عادة في المناطق الشاطئية قريبةً من الشعاب المرجانية، كما تتواجد في المياه العميقة بالقرب من الجزر والمناطق الصخرية.

وعن أهمية تلك المُسوحات البحرية أضاف، أنه نظراً لأن نُفوق الكائنات البحرية مُمكن أن يحدث لأسباب عديدة، لذا كان لزاماً أن يتم إجراء المسح البحري بالرغم من الإنطباع السائد لدى الكثيرين عن إرتباط ظاهرة النفوق الحالية بإرتفاع درجات الحرارة، وذلك للتأكد من المُسبب الفعلي والتحقق من عدم وجود مُسببات أخرى غير إرتفاع درجة الحرارة، سواء كانت تلك المُسببات طبيعية أو نتيجة لممارسات خاطئة ، وهذا ما تم تحقيقه بالفعل حتى الآن، حيث أشارت نتائج تحليل العينات إلى عدم وجود مُسببات أُخرى، سواءً منها المُتعلقة بالظواهر الطبيعية مثل المد الأحمر، أو غير ذلك من مُسببات النفُوق.