رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
• الإنسان كيفما وأينما كان على كوكبنا يحتاج الزاد والقوة والدافع ليتحرك وينجز ويبدع.. يحتاج من يقف بجانبه في خطواته الأولى بوجوده على كوكب الأرض كي لا يتعثر ويسقط، في كل مراحل عمره وحياته يحتاج من يقف معه ليهنأ.. ينعم بجمال أيامه ومن معه، قد يتصور البعض بأنه لن يحتاج لأحد يرافقه في سفر أو مغامرات.. فلا بد أنه سيأتي يوم ويحتاج لمن يقف بصدق وحب وإخلاص معه.
• الإنسان عبارة عن روح حية نابضة بأحاسيس ومشاعر.. وخلجات كثيرة تتحرك وتسبح في أعماق هذه الروح.. أرواحنا تحتاج دوماً لمن يطمئنها ولمن يزرع الثقة فيها.. تحتاج من يجيبها على أسئلتها الكثيرة الباحثة عن إجابات في النفس وعقول بشر وليس ضمن دفتي وأغلفة كتب!..
• تحتاج الروح من يسكن ويهدئ روعها لطول زمن حيرتها وبحثها. الروح الشفافة تظل دوما بحاجة لمشاعر صدق وحب.. مشاعر.. نقية حولها لتحيا وتقف وتستمر.. فالنفس البشرية تحتاج لإرواء ليعيد الحياة لجفاف شاءت الظروف أن تصل لأعماقها رغماً عنها.. تحتاج لأن تمضي.. تحتاج للكلمة.. الكلمة واللمسة الحانية لتتعامل وتعمل وتحيا.
• ظروف الحياة تضع في دروبنا أشكالا من البشر سواء في البيت أو العمل.. ودروب وأرصفة عدة، نصادف من ضمنهم أشكالاً من البشر يتصفون بالبخل والشح في رفضهم وتماديهم.. وإصرارهم في عدم منح الكلمة المشجعة والكلمة الطيبة حتى وإن كانت بسيطة.. كِٰــ شكر.. فهذه الكلمة تفتح آفاقاً للإنسان وتمنحه دفعة للمضي والإنجاز وإنعاش روحه للعمل والحياة والابتكار والتفاؤل.
• من الناس من يتعالون ويتكبرون عن البوح بما يكتنف أعماقهم وما يكنونه من مشاعر تجاه غيرهم.. وكأنّ بوحهم وانسياب مشاعرهم جرم اقترفوه! أو يظهرونهم بمظهر الضعف!.. ومنهم من يقيد مشاعره بوضعها في صندوق ويحكم إغلاقه بالسلاسل الحديدية يسعى لركنها في ركن ما في أعماقه كي يحول دون وصول الآخرين إليها!.. أو كي يحرص دون تبذيرها وسرفها يمنة ويسرة لمن لا يستحقها!..
• ومنهم من يعطي بكرم وسخاء من مشاعره ولكن عطاء في أرض بور لا يُرتجى منها ثمر ولا شجر ولا حتى عشب!.. ويحرم من يستحقون هذا العطاء ولو بنظرة حانية وكلمة حلوة تسعدهم وتعيد التوازن والهدوء والاستقرار لأرواحهم.
• تجد من الناس من كان للبخل حلة ورداء.. يرتديه بشكل دائمٍ.. أو أديم لون أجسادهم وسلوكهم وأخلاقهم وتعاملاتهم.. بخلٌ في عدد الكلمات الممكن أن تصل كذبذبات لأسماعنا.. شحٌ في ساعات الجلوس الممنوحة لنا.. بخل في إمعان النظر في أمورنا!.. ليكونوا بخلاء كيفما أرادوا أن يكونوا في أموالهم ومنحها.. ولكن كأعضاء في الحياة وفي الأسرة والعمل ليس من حقهم منع الحق الإنساني للإنسان الذي يتطلبه دورهم ولا حرمان من معهم من كرم عطائهم المعنوي حتى وإن لم يملكوا تلك الميزة والقدرة على العطاء المعنوي.. فكما يقال: «فاقد الشيء لا يعطيه».. فلم يعتادوا على العطاء والمنح والسخاء دون حدود.. فهم لم يحيوا ضمن بيئة وجو يوفر لهم التعامل بذلك العطاء.
• آخر جرة قلم:
يحتاج الإنسان للحب والتعامل بحب، يحتاج الاحترام والاحساس بالأمان،يحتاج الكلمات الطيبة والتشجيع المعنوي.. يحتاج الإجابة عن أسئلة ترافق سنين عمره.. يحتاج لكلمات طيبة ثرية في معناها حتى وإن كانت قليلة في عددها.. أثر التعامل بحب وصدق واحترام وانسانية.. أثره كبير جدا بالنفس.. حتى وإن وصل الإنسان لأعلى المراتب وملك الثروات.. ومن يقول غير ذلك فقد طرق الغرور والكبر والمرض باب قلبه.. الإنسان كائن اجتماعي يطلب الحب والكلمة الحلوة متى كان طفلا وفي كل مراحل أيامه وحياته واشكال ظروفه.
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية




مساحة إعلانية
نعم، أصبحنا نعيش زمنًا يُتاجر فيه بالفكر كما يُتاجر بالبضائع، تُباع فيه الشهادات كما تُباع السلع، وتُؤجّر فيه المنصات التدريبية كما تُؤجّر القاعات لحفلات المناسبات. هو زمنٌ تحوّلت فيه «المعرفة إلى سلعة» تُسعَّر، لا رسالة تُؤدَّى. تتجلّى مظاهر «الاتّجار المعرفي» اليوم في صور عديدة، لعلّ أبرزها «المؤتمرات والملتقيات التدريبية والأكاديمية» التي تُقام بأسماء لامعة وشعارات براقة، يدفع فيها الحضور مبالغ طائلة تحت وعودٍ بالمحتوى النوعي والتبادل العلمي، ثم لا يخرج منها المشاركون إلا بأوراق تذكارية وصورٍ للمنصات! وهنا «العجيب من ذلك، والأغرب من ذلك»، أنك حين تتأمل هذه الملتقيات، تجدها تحمل أربعة أو خمسة شعارات لمؤسساتٍ وجهاتٍ مختلفة، لكنها في الحقيقة «تعود إلى نفس المالك أو الجهة التجارية ذاتها»، تُدار بأسماء متعدّدة لتُعطي انطباعًا بالتنوّع والمصداقية، بينما الهدف الحقيقي هو «تكرار الاستفادة المادية من الجمهور نفسه». هذه الفعاليات كثير منها أصبح سوقًا مفتوحًا للربح السريع، لا للعلم الراسخ؛ تُوزَّع فيها الجوائز بلا معايير، وتُمنح فيها الألقاب بلا استحقاق، وتُقدَّم فيها أوراق بحثية أو عروض تدريبية «مكرّرة، منسوخة، أو بلا أثرٍ معرفي حقيقي». وهذا الشكل من الاتّجار لا يقل خطورة عن سرقة البيانات أو بيع الحقائب التدريبية، لأنه يُفرغ الفضاء الأكاديمي من جوهره، ويُحوّل «الجهد العلمي إلى طقسٍ استعراضي» لا يصنع معرفة ولا يضيف قيمة. فالمعرفة الحقيقية لا تُشترى بتذكرة حضور، ولا تُختزل في شعار مؤتمر، ولا تُقاس بعدد الصور المنشورة في مواقع التواصل. من جهةٍ أخرى، يتخذ الاتّجار بالمعرفة اليوم وجهًا «رقميًا سيبرانيًا أكثر تعقيدًا»؛ إذ تُباع البيانات البحثية والمقررات الإلكترونية في «الأسواق السوداء للمعلومات»، وتُسرق الأفكار عبر المنصات المفتوحة، ويُعاد تسويقها تحت أسماء جديدة دون وعيٍ أو مساءلة. لقد دخلنا مرحلة جديدة من الاتّجار لا تقوم على الجسد، بل على «استغلال العقول»، حيث يُسرق الفكر ويُباع الإبداع تحت غطاء “التعاون الأكاديمي” أو “الفرص البحثية”. ولذلك، فإن الحديث عن «أمن المعرفة» و»السلامة السيبرانية في التعليم والتدريب» لم يعد ترفًا، بل ضرورة وجودية لحماية رأس المال الفكري للأمم. على الجامعات ومراكز التدريب أن تنتقل من مرحلة التباهي بعدد المؤتمرات إلى مرحلة «قياس الأثر المعرفي الحقيقي»، وأن تُحاكم جودة المحتوى لا عدد المشاركين. الاتّجار بالمعرفة جريمة صامتة، لكنها أخطر من كل أشكال الاتّجار الأخرى، لأنها «تسرق الإنسان من داخله»، وتقتل ضميره المهني قبل أن تمس جيبه. وحين تتحوّل الفكرة إلى تجارة، والمعرفة إلى وسيلة للشهرة، يفقد العلم قدسيته، ويصبح المتعلم مستهلكًا للوهم لا حاملًا للنور.
6543
| 27 أكتوبر 2025
في زمنٍ تتسارع فيه التكنولوجيا وتتصارع فيه المفاهيم، باتت القيم المجتمعية في كثيرٍ من المجتمعات العربية أقرب إلى «غرفة الإنعاش» منها إلى الحياة الطبيعية. القيم التي كانت نبض الأسرة، وعماد التعليم، وسقف الخطاب الإعلامي، أصبحت اليوم غائبة أو في أحسن الأحوال موجودة بلا ممارسة. والسؤال الذي يفرض نفسه: من يُعلن حالة الطوارئ لإنقاذ القيم قبل أن تستفحل الأزمات؟ أولاً: التشخيص: القيم تختنق بين ضجيج المظاهر وسرعة التحول: لم يعد ضعف القيم مجرد ظاهرة تربوية؛ بل أزمة مجتمعية شاملة فنحن أمام جيلٍ محاط بالإعلانات والمحتوى السريع، لكنه يفتقد النماذج التي تجسّد القيم في السلوك الواقعي. ثانياً: الأدوار المتداخلة: من المسؤول؟ إنها مسؤولية تكاملية: - وزارة التربية والتعليم: إعادة بناء المناهج والأنشطة اللاصفية على قيم العمل والانتماء والمسؤولية، وربط المعرفة بالسلوك. - وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية: تجديد الخطاب الديني بلغة العصر وتحويل المساجد إلى منصات توعية مجتمعية. - وزارة الثقافة: تحويل الفنون والمهرجانات إلى رسائل تُنعش الوعي وتُعيد تعريف الجمال بالقيمة لا بالمظهر. - وزارة الإعلام: ضبط المحتوى المرئي والرقمي بما يرسّخ الوعي الجمعي ويقدّم نماذج حقيقية. - وزارة التنمية الاجتماعية: تمكين المجتمع المدني، ودعم المبادرات التطوعية، وترسيخ احترام التنوع الثقافي باعتباره قيمة لا تهديدًا. ثالثاً: الحلول: نحو حاضنات وطنية للقيم: إن مواجهة التراجع القيمي لا تكون بالشعارات، بل بإنشاء حاضنات للقيم الوطنية تعمل مثل حاضنات الأعمال، لكنها تستثمر في الإنسان لا في المال. هذه الحاضنات تجمع التربويين والإعلاميين والمثقفين وخبراء التنمية لتصميم برامج عملية في المدارس والجامعات ومراكز الشباب تُترجم القيم إلى ممارسات يومية، وتنتج مواد تعليمية وإعلامية قابلة للتكرار والقياس. كما يمكن إطلاق مؤشر وطني للقيم يُقاس عبر استطلاعات وسلوكيات مجتمعية، لتصبح القيم جزءًا من تقييم الأداء الوطني مثل الاقتصاد والتعليم. رابعا: تكامل الوزارات:غرفة عمليات مشتركة للقيم: لا بد من إطار حوكمة ؛ • إنشاء مجلس وطني للقيم يُمثّل الوزارات والجهات الأهلية، يضع سياسة موحّدة وخطة سنوية ملزِمة. مؤشرات أداء مشتركة • تُدرج في اتفاقيات الأداء لكل وزارة • منصة بيانات موحّدة لتبادل المحتوى والنتائج تُعلن للناس لتعزيز الشفافية. • حملات وطنية متزامنة تُبث في المدارس والمساجد والمنصات الرقمية والفنون، بشعار واحد ورسائل متناسقة. • عقود شراكة مع القطاع الخاص لرعاية حاضنات القيم وبرامج القدوة، وربط الحوافز الضريبية أو التفضيلية بحجم الإسهام القيمي. الختام..... من يُعلن حالة الطوارئ؟ إنقاذ القيم لا يحتاج خطابًا جديدًا بقدر ما يحتاج إرادة جماعية وإدارة محترفة. المطلوب اليوم حاضنات قيم، ومجلس تنسيقي، ومؤشرات قياس، وتمويل مستدام. عندها فقط سننقل القيم من شعارات تُرفع إلى سلوك يُمارس، ومن دروس تُتلى إلى واقع يُعاش؛ فيحيا المجتمع، وتموت الأزمات قبل أن تولد.
6429
| 24 أكتوبر 2025
تُخلّف بعض اللحظات أثرًا لا يُمحى، لأنها تزرع في القلب وجعًا عميقًا يصعب نسيانه.. في الجولة الثالثة من دوري أبطال آسيا للنخبة، كانت الصفعة مدوية! الغرافة تلقى هزيمة ثقيلة برباعية أمام الأهلي السعودي، دون أي رد فعل يُذكر. ثم جاء الدور على الدحيل، الذي سقط أمام الوحدة الإماراتي بنتيجة ٣-١، ليظهر الفريق وكأنه تائه، بلا هوية. وأخيرًا، السد ينهار أمام الهلال السعودي بنفس النتيجة، في مشهد يوجع القلب قبل العين. الأداء كان مخيبًا بكل ما تحمله الكلمة من وجع. لا روح، لا قتال، لا التزام داخل المستطيل الأخضر. اللاعبون المحترفون الذين تُصرف عليهم الملايين كانوا مجرد ظلال تتحرك بلا هدف و لا حس، ولا بصمة، ولا وعي! أما الأجهزة الفنية، فبدت عاجزة عن قراءة مجريات المباريات أو توظيف اللاعبين بما يناسب قدراتهم. لاعبون يملكون قدرات هائلة ولكن يُزج بهم في أدوار تُطفئ طاقتهم وتشل حركتهم داخل المستطيل الأخضر، وكأنهم لا يُعرفون إلا بالاسم فقط، أما الموهبة فمدفونة تحت قرارات فنية عقيمة. ما جرى لا يُحتمل. نحن لا نتحدث عن مباراة أو جولة، بل عن انهيار في الروح، وتلاشي في الغيرة، وكأن القميص لم يعد له وزن ولا معنى. كم كنا ننتظر من لاعبينا أن يقاتلوا، أن يردّوا الاعتبار، أن يُسكتوا كل من شكك فيهم، لكنهم خذلونا، بصمت قاسٍ وأداء بارد لا يشبه ألوان الوطن. نملك أدوات النجاح: المواهب موجودة، البنية التحتية متقدمة، والدعم لا حدود له. ما ينقصنا هو استحضار الوعي بالمسؤولية، الالتزام الكامل، والقدرة على التكيّف الذهني والبدني مع حجم التحديات. نحن لا نفقد الأمل، بل نطالب بأن نرى بشكل مختلف، أن يعود اللاعبون إلى جوهرهم الحقيقي، ويستشعروا معنى التمثيل القاري بما يحمله من شرف وواجب. لا نحتاج استعراضًا، بل احترافًا ناضجًا يليق باسم قطر، وبثقافة رياضية تعرف كيف تنهض من العثرات لتعود أقوى. آخر الكلام: هذه الجولة ليست سوى بداية لإشراقة جديدة، وحان الوقت لنصنع مجدًا يستحقه وطننا، ويظل محفورًا في ذاكرته للأجيال القادمة.
3144
| 23 أكتوبر 2025