رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

Al-sharq

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

الشرق

مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

د. فاتن الدوسري

مساحة إعلانية

مقالات

825

د. فاتن الدوسري

إيران وولاية ترامب الثانية

02 يناير 2025 , 02:00ص

إيران قطعاً ستكون إحدى أولويات التركيز القليلة لترامب في المنطقة خلال الأشهر الأولى من ولايته الجديدة. التفاعلات الأمريكية الإيرانية في ولاية ترامب الثانية تدور في سياق مختلف تماما عن ولاية ترامب الأولى، إذ يواجه ترامب إيران أضعف كثيراً عن السابق، فاقدة لمعظم أذرعها القوية في المنطقة. وعلى الجانب الموازي، يتفاعل ترامب مع إيران في ظل هياج إسرائيلي غير مسبوق بعد كارثة طوفان الأقصى، يبلغ طموحه الأقصى في تدمير البرنامج النووي الإيراني وإسقاط النظام الإيراني.

وعلى إثر ذلك، يمكن القول إن جميع الاحتمالات واردة بشأن سياسة ترامب تجاه إيران، بدءًا من الاستمرار في سياسة الضغط القصوى-كما صرح أعضاء من إدارته- مروراً بإمكانية التفاوض-كما صرح ترامب شخصيا- وصولاً بتوجيه ضربة عسكرية للمفاعلات النووية.

عندما يفكر ترامب في سياسة محددة في موضوع غاية في التعقيد كإيران، على الفور أول ما سيتبادر إلى ذهنه هو كيف يمكن تحقيق أقصى مكاسبنا بأقل خسائر ممكنة، وكيف يمكن تحقيق مكاسب اقتصادية كبيرة-لو أمكن- وذلك من منطلق مبدأ التعاملات التجارية الحاكم لنهج ترامب. وعلى ذلك، فمسألة الانخراط في حرب مع إيران من الخيارات غير المفضلة إطلاقا لترامب وهو ما يتماهى مع سياسته العامة «إنهاء الحروب الأبدية» خاصة في المنطقة.

والحقيقة أن تصريحات ترامب وبعض من أعضاء إدارته المفاجئة صراحة بشأن إمكانية التفاوض مع إيران، تعكس جلياً ما سبق. ففيما يبدو أن ترامب يرى أن وضع إيران الضعيف والمهزوز حاليا في المنطقة خاصة بعد فقدانها سوريا؛ قد يجبرها على إبرام صفقة تتخلى فيها عن كل شيء بما في ذلك برنامجها النووي، مقابل فقط بقاء النظام الحاكم. وبالتالي، حقق ترامب أقصى ما يمكن من مكاسب مقابل لا شيء. بل حافظ أيضا على حصة المكاسب الاقتصادية التي تجنيها الولايات المتحدة من دول المنطقة عبر صفقات بيع السلاح المليارية بذريعة «البعبع الإيراني».

يتبع ترامب نهج سياسة الضغط الأقصى المتدرجة كنهج معتاد عليه ويعتقد بفعاليته. وبالتالي، فمن المتوقع أن ترامب سيدعو إيران في الأسابيع من ولايته الجديدة للتفاوض المباشر على صفقة لإنهاء البرنامج النووي، ووسط هذه الدعوة تهديدات مباشرة وغير مباشرة من إدارته بعودة سياسة الضغط الأقصى، واحتمالية ضرب البرنامج النووي.

ستواجه إيران بلا أدنى شك خلال ولاية ترامب الثانية وضعا شديد الصعوبة ربما لم تمر به من قبل. فإجبار إيران على التخلي عن برنامجها النووي هو بمثابة انتحار لها. فامتلاك السلاح النووي هو حلم إيران الأبدي الذى دفعت فيه أثماناً باهظة على مدار ثلاثة عقود من أموال وعقوبات ووكلاء واغتيالات. ناهيك عن ذلك، تقارير تؤكد أن إيران على أعتاب إنتاج قنبلة نووية خلال شهر إذا أرادت وفقا للتقارير الدولية التي أكدت قدرتها على تخصيب اليورانيوم بنسبة تتجاوز 70%.

وربما يكمن التحدي الرئيسي لإيران في أن صفقة مع ترامب حول البرنامج النووي ستخلو من أية نافذة ممكنة للمناورة، حيث سيتعين عليها تسليم أو تدمير ما لديها من يورانيوم وبلوتونيوم وأجهزة الطرد المركزية، ووضع جميع منشآتها النووية تحت أعين الرقابة الدولية الدائمة.

في ظننا أن إيران لن تقبل بصفقة التخلي النهائي عن البرنامج النووي، وترامب في المقابل لن يتحمل الانتظار طويلا السياسة الإيرانية التي تتبدل كل ساعة. وعليه، سيمضى فورا في مواصلة سياسة الضغط الأقصى أملا في إجبارها على صفقة التنازل. والواقع أن سياسة الضغط الأقصى المرتقبة ستكون أكثر عنفاً عن سابقتها، إذ من المتوقع أن يقطع ترامب جميع منافذ تصدير النفط لإيران لاسيما الدول المتحدية كالصين وروسيا، التي ربما ستستجيب إثر ضغوط أخرى ستمارس عليها كالحرب التجارية وإنهاء الحرب الأوكرانية. فضلا عن ذلك، أغلقت الكثير من المنافذ الإيرانية التي كانت تلتف منها على العقوبات كلبنان وسوريا وربما العراق.

خلاصة القول، من الجلي في ظل وضع إيران، والضغوط الإسرائيلية، أن ترامب لن يقبل إلا بصفقة باتة تتخلى فيها إيران عن برنامجها النووي، ووكلائها، وجميع طموحاتها في المنطقة. ومع عدم استبعاد خيار استخدام الحل العسكري بسبب ضغوط إسرائيل الملحة، أو مواصلة إيران بشكل سريع إنتاج القنبلة النووية؛ إلا أن ترامب لا يحبذه مطلقا وهو ما يتماشى مع التوجه العام للولايات المتحدة بعدم الانخراط في أية حرب في المنطقة. إذ يراهن على مواصلة سياسة الضغط الأقصى لإضعاف إيران إلى أقصى مدى ممكن مما سيجبرها على صفقة في نهاية المطاف.

اقرأ المزيد

alsharq ثقة دولية في أدوار الوساطة القطرية

تحظى جهود الوساطة التي تقودها الدبلوماسية القطرية بتقدير دولي كبير، حيث عززت دولة قطر مكانتها كأبرز وسيط في... اقرأ المزيد

90

| 22 ديسمبر 2025

alsharq حين يركض النص أسرع من صاحبه: تأملات في مصير الحقوق الفكرية

لا يشبه النص، حين يُولد، أيَّ كائنٍ آخر؛ إنّه هشّ في بدايته، شديد الثقة في آن، يخرج إلى... اقرأ المزيد

117

| 22 ديسمبر 2025

alsharq الإعلام غير الاجتماعي وخطاب الكراهية

فيما يرى ابن خلدون أنّ الإنسان كائن اجتماعي بطبيعته، وأنّ الاجتماعية تقوم على التواصل والنظام والاستقرار والتضامن والعدالة،... اقرأ المزيد

69

| 22 ديسمبر 2025

مساحة إعلانية