رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
يُقال إن الحرب دون تلفزيون ليست حربا والحرب دون تلفزيون حدث مجرد، لكن الحرب على الشاشة تعتبر تجربة حية منقولة للملايين في مجالسهم. ففي حرب أمريكا على العراق بدأت الحرب الإعلامية قبل العسكرية وشنت الولايات المتحدة الأمريكية حربا إعلامية واسعة عبر مختلف الوسائل الإعلامية، من صحف ومجلات وإذاعات وقنوات فضائية وصحافة إلكترونية وإنترنت، ضد النظام العراقي. كما نلاحظ من جهة أخرى أن غالبية الدراسات التي تطرقت إلى إشكالية تغطية النزاعات والحروب خلصت إلى أن التغطية اتسمت بالانحياز والتعتيم والتشويه والتخلي عن مبادئ العمل الإعلامي النزيه والملتزم والمتمثل في الموضوعية والحرية.
كسابقاتها من الحروب كشفت الحرب على العراق عدة أساطير وأكاذيب رددها الكثير من منظري الديمقراطية وحرية الصحافة وحقوق الإنسان. فكان من أهم وأوائل ضحايا الحرب حرية الصحافة وحياة الصحفيين أنفسهم، حيث خلفّت الحرب مقتل 13 صحفيا ومصورا دفعوا حياتهم ثمنا للكشف عن الحقيقة وتقديم وقائع الحرب كما هي للمشاهدين في جميع أنحاء العالم. الإجراءات والطرق التي استعملتها أمريكا في تعاملها مع الصحفيين والمراسلين ضربت عرض الحائط الأخلاق ومعايير المهنية والحرفية والحرية والاستقلالية الإعلامية. وبكل بساطة طبقت أمريكا مبدأ "من لا ينضم إلينا فهو ضدنا"، أي أنه من لا يلتحق بمجمع الصحفيين بالبنتاجون فهو معرض لمخاطر الحرب، أي بعبارة أخرى قد يموت برصاص الأمريكيين أنفسهم إذا كشف عن بعض الحقائق وبعض الصور التي من شأنها أن تبرز المجازر التي كانت ترتكب في حق الأطفال والمدنيين العزل.
نظرية حرية الصحافة التي تتغنى بها أمريكا في كل مناسبة سقطت خلال العدوان على العراق كما سقطت من قبل أثناء النزاعات والصراعات الدولية، وأصبحت الآلة الإعلامية الأمريكية لا تختلف في تبعيتها للسلطة وفي التضليل والتعتيم عن مثيلاتها في أعتق الديكتاتوريات في العالم. وهكذا أصبح التعديل الأول في الدستور الأمريكي والذي يقدس ويؤكد على مبدأ حماية الصحافة والصحفيين من جبروت السلطة وتعسفها واستبدادها من أجل الاستقلالية والموضوعية والحرية أصبح من مصنفات الماضي والأرشيف. فأمريكا حاولت بكل ما أوتيت من قوة أن تسكت كل الأصوات المعارضة للحرب وحاولت كذلك القضاء على كل من يقدم وجهة نظر مغايرة للحرب. هكذا إذن سقطت أسطورة الموضوعية وأسطورة استعراض مختلف وجهات النظر وسيطرت أحادية الرؤية وأن الكلمة الأخيرة عادت لمن يملك القوة والسلطة. فباسم الأمن القومي والمصالح الوطنية الأمريكية ضربت عرض الحائط حرية الصحافة ومبادئ الموضوعية والنزاهة والالتزام والحياد وانتهكت كل الأعراف والقيم والمبادئ التي من شأنها أن تصون حرية الكلمة والصورة والرأي ومبدأ السوق الحرة للأفكار.
ففي زمن الحروب والأزمات تفتح معظم المؤسسات الإعلامية أبوابها للممارسات الدعائية وآليات التضليل والتلاعب. فتاريخيا تميز الإعلام بعدم موضوعيته وحياده وكانت حجج الوطنية والمصالح القومية هي مبررات الخروج عن قواعد الممارسة الإعلامية النزيهة والأخلاقية. فمن حرب الفيتنام إلى حرب الجزائر إلى الفوكلاند أيلاند إلى حروب الخليج الثلاث إلى الانتفاضات والحروب العديدة ضد الكيان الصهيوني إلى حرب أفغانستان، تفننت وسائل الإعلام المختلفة في فبركة الواقع بدلا من تغطيته وتقديمه كما هو للرأي العام. ولم يختلف في هذه الممارسة الإعلام الغربي الديمقراطي المتطور عن إعلام الديكتاتوريات والأنظمة السلطوية واستسلم الجميع لإرادة السياسيين وتجار الحروب والأسلحة، ضاربين عرض الحائط بمبادئ الموضوعية وحرية الصحافة والنزاهة والحياد والبحث عن الحقيقة. وما حدث في ميدان الحرب وبؤر التوتر والأزمات هو تحالف صارخ بين السلطة والإعلام.
يمكن القول إن المنظرين لممارسة الإعلام في المجتمعات المختلفة وكذلك الدارسين لعلاقة الإعلام بالسلطة والمؤسسات السياسية والاقتصادية فشلوا فشلا كبيرا في وضع معايير ومقومات لشرح سلوك المؤسسات الإعلامية والصحفيين أثناء تغطية الحروب والأزمات. وما يمكن قوله في هذا الإطار هو أن الممارسة الإعلامية في زمن الحروب والأزمات لا تختلف من نظام إعلامي إلى آخر ولا من نظام سياسي إلى آخر وتصبح متشابهة، حيث يتحول الإعلام إلى مزيج من الإعلام والعلاقات العامة والحرب النفسية والدعاية والتلاعب والتضليل والتشويه، سواء تعلق الأمر بالدول الديمقراطية أو الدول الديكتاتورية أو الدول المتقدمة أو الدول النامية أو غيرها من الأنظمة السياسية المتواجدة في هذا الكون. من جهة أخرى نلاحظ أن الممارسة الإعلامية في زمن السلم والظروف العادية تختلف عن زمن الحروب والأزمات، خاصة إذا تعلق الأمر بالدول الديمقراطية والتي لها تقاليد في حرية الصحافة.
الالتزام باحترام المهنة والدفاع عنها وحمايتها من كل من يحاول المتاجرة بها أو استعمالها لأغراض غير المصلحة العامة وأغراض المجتمع هي التحديات الكبرى التي تواجه الصحفيين في جميع أنحاء العالم وعندما نقول هنا المصلحة العامة قد نقصد مصلحة الإنسانية جمعاء والبشرية في جميع أنحاء العالم. فالإعلام بإمكانه أن يكون وسيلة سلم وحوار وتقارب بين الشعوب وبإمكانه أن يكون وسيلة دمار ودعاية وتضليل وتشويه يهدّم ويخرّب أكثر مما يبني ويخدم الإنسانية والبشرية جمعاء. ومع الأسف الشديد ما زلنا في بداية القرن الحادي والعشرين نعاني من التضليل والتعتيم والتشويه ومن الصور النمطية والدعاية والحرب النفسية، وأصبح الجمهور يتعرض لرسائل إعلامية ومنتجات ثقافية تجعل من الضحية والمظلوم ظالما وإرهابيا وتجعل من الجلاد مسالما وديمقراطيا ومحبا للأمن والسلام في العالم. وهكذا تدهورت القيم والمبادئ وانحطت الأخلاق وأصبح الجمهور يشاهد صور الأطفال الأبرياء في العديد من دول العالم وهم يتعرضون للقتل والبطش والاستغلال والضمير الإنساني غائب أو مغيّب والآلات والأنظمة الإعلامية التي تحولت إلى أبواق ووسائل دعاية تبرّر التصرفات والسلوكيات الوحشية والهمجية لتجار الحروب والأسلحة.
نخلص إلى القول إنه في زمن الحروب والأزمات يحدث تحالف - قد يكون خفيا وقد يكون ظاهرا- بين وسائل الإعلام والسلطة وهذا ما من شأنه أن يجعلنا نقترح نظرية بديلة لنظريات الإعلام الكلاسيكية، تفسر سلوك وممارسات وسائل الإعلام أثناء الحروب والأزمات تحت مسمى نظرية تحالف وسائل الإعلام والحكومة Press Government Coalition Theory، فبغض النظر عن مالك الوسيلة وممولها وبغض النظر عن النظام السياسي والاقتصادي ودرجة الديمقراطية والحرية في المجتمع نجد وسائل الإعلام حسب هذه النظرية، تنحاز كليا لحكومتها في أوقات الحروب والأزمات، سواء تعلق الأمر بالدول الغربية الديمقراطية أو الدول النامية أو الدول الدكتاتورية والأنظمة السلطوية. حيث نلاحظ استسلام وسائل الإعلام استسلاما كاملا للسلطة في عملية صناعة الأخبار وتجميعها وتوزيعها من أجل فبركة وتشكيل وتكييف رأي عام محلي ودولي وفق مصالح وأهداف السلطة. وهذا ما نلاحظه هذه الأيام في تغطية ما يحدث من مجازر في حق الشعب الفلسطيني من قبل الكيان الصهيوني الغاشم، وكأن التاريخ يعيد نفسه وأن التضليل والتشويه والتلاعب أصبحت جزءا لا يتجزأ من العمل الإعلامي.
مشاهير.. وترندات
عندما سئل الشخص الذي بال في زمزم عن سبب فعله؟... فرد معللا بأنه أراد الشهرة فاشتهر، ولكن بهذا... اقرأ المزيد
72
| 26 نوفمبر 2025
«وين فلانة ؟» سؤال خرج مني هذه المرة بإصرار بعد أن اكتشفت فجأة أن سنوات طويلة مرت دون... اقرأ المزيد
99
| 26 نوفمبر 2025
الدوحة تُعيد صياغة العقد الاجتماعي العالمي
استضافت الدوحة أعمال القمة العالمية الثانية للتنمية الاجتماعية 2025 في لحظة مفصلية يمر فيها العالم بتحولات اجتماعية واقتصادية... اقرأ المزيد
45
| 26 نوفمبر 2025
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية




مساحة إعلانية
هناك لحظات في تاريخ الدول لا تمرّ مرور الكرام… لحظات تُعلن فيها مؤسسات الدولة أنها انتقلت من مرحلة “تسيير الأمور” إلى مرحلة صناعة التغيير ونقل الجيل من مرحلة كان إلى مرحلة يكون. وهذا بالضبط ما فعلته وزارة التربية والتعليم والتعليم العالي في السنوات الأخيرة. الأسرة أولاً… بُعدٌ لا يفهمه إلا من يعي أهمية المجتمع ومكوناته، مجتمعٌ يدرس فيه أكثر من 300 ألف طالب وطالبة ويسند هذه المنظومة أكثر من 28 ألف معلم ومعلمة في المدارس الحكومية والخاصة، إلى جانب آلاف الإداريين والمتخصصين العاملين في الوزارة ومؤسساتها المختلفة. لذلك حين قررت الوزارة أن تضع الأسرة في قلب العملية التعليمية هي فعلاً وضعت قلب الوطن ونبضه بين يديها ونصب عينيها. فقد كان إعلانًا واضحًا أن المدرسة ليست مبنى، بل هي امتداد للبيت وبيت المستقبل القريب، وهذا ليس فقط في المدارس الحكومية، فالمدارس الخاصة أيضًا تسجل قفزات واضحة وتنافس وتقدم يداً بيد مع المدارس الحكومية. فمثلاً دور الحضانة داخل رياض الأطفال للمعلمات، خطوة جريئة وقفزة للأمام لم تقدّمها كثير من الأنظمة التعليمية في العالم والمنطقة. خطوة تقول للأم المعلمة: طفلك في حضن مدرستك… ومدرستك أمانة لديك فأنتِ المدرسة الحقيقية. إنها سياسة تُعيد تعريف “بيئة العمل” بمعناها الإنساني والحقيقي. المعلم… لم يعد جنديًا مُرهقًا بل عقلاً مُنطلقًا وفكرًا وقادًا وهكذا يجب أن يكون. لأول مرة منذ سنوات يشعر المُعلم أن هناك من يرفع عنه الحِمل بدل أن يضيف عليه. فالوزارة لم تُخفف الأعباء لمجرد التخفيف… بل لأنها تريد للمعلم أن يقوم بأهم وظيفة. المدرس المُرهق لا يصنع جيلاً، والوزارة أدركت ذلك، وأعادت تنظيم يومه المدرسي وساعاته ومهامه ليعود لجوهر رسالته. هو لا يُعلّم (أمة اقرأ) كيف تقرأ فقط، بل يعلمها كيف تحترم الكبير وتقدر المعلم وتعطي المكانة للمربي لأن التربية قبل العلم، فما حاجتنا لمتعلم بلا أدب؟ ومثقف بلا اخلاق؟ فنحن نحتاج القدوة ونحتاج الضمير ونحتاج الإخلاص، وكل هذه تأتي من القيم والتربية الدينية والأخلاق الحميدة. فحين يصدر في الدولة مرسوم أميري يؤكد على تعزيز حضور اللغة العربية، فهذا ليس قرارًا تعليميًا فحسب ولا قرارًا إلزاميًا وانتهى، وليس قانونًا تشريعيًا وكفى. لا، هذا قرار هوية. قرار دولة تعرف من أين وكيف تبدأ وإلى أين تتجه. فالبوصلة لديها واضحة معروفة لا غبار عليها ولا غشاوة. وبينما كانت المدارس تتهيأ للتنفيذ وترتب الصفوف لأننا في معركة فعلية مع الهوية والحفاظ عليها حتى لا تُسلب من لصوص الهوية والمستعمرين الجدد، ظهرت لنا ثمار هذا التوجه الوطني في مشاهد عظيمة مثل مسابقة “فصاحة” في نسختها الأولى التي تكشف لنا حرص إدارة المدارس الخاصة على التميز خمس وثلاثون مدرسة… جيش من المعلمين والمربين… أطفال في المرحلة المتوسطة يتحدثون بالعربية الفصحى أفضل منّا نحن الكبار. ومني أنا شخصيًا والله. وهذا نتيجة عمل بعد العمل لأن من يحمل هذا المشعل له غاية وعنده هدف، وهذا هو أصل التربية والتعليم، حين لا يعُدّ المربي والمعلم الدقيقة متى تبدأ ومتى ينصرف، هنا يُصنع الفرق. ولم تكتفِ المدارس الخاصة بهذا، فهي منذ سنوات تنظم مسابقة اقرأ وارتقِ ورتّل، ولحقت بها المدارس الحكومية مؤخراً وهذا دليل التسابق على الخير. من الروضات إلى المدارس الخاصة إلى التعليم الحكومي، كل خطوة تُدار من مختصين يعرفون ماذا يريدون، وإلى أين الوجهة وما هو الهدف. في النهاية… شكرًا لأنكم رأيتم المعلم إنسانًا، والطفل أمانة، والأسرة شريكًا، واللغة والقرآن هوية. وشكرًا لأنكم جعلتمونا: نفخر بكم… ونثق بكم… ونمضي معكم نحو تعليم يبني المستقبل.
13626
| 20 نوفمبر 2025
في قلب الإيمان، ينشأ صبر عميق يواجه به المؤمن أذى الناس، ليس كضعفٍ أو استسلام، بل كقوة روحية ولحمة أخلاقية. من منظور قرآني، الصبر على أذى الخلق هو تجلٍّ من مفهوم الصبر الأوسع (الصبر على الابتلاءات والطاعة)، لكنه هنا يختصّ بالصبر في مواجهة الناس — سواء بالكلام المؤذي أو المعاملة الجارحة. يحثّنا القرآن على هذا النوع من الصبر في آيات سامية؛ يقول الله تعالى: ﴿وَاصْبِرْ عَلَى مَا يَقُولُونَ وَاهْجُرْهُمْ هَجْرًا جَمِيلًا﴾ (المزمل: 10). هذا الهجر «الجميل» يعني الانسحاب بكرامة، دون جدال أو صراع، بل بهدوء وثقة. كما يذكر القرآن صفات من هم من أهل التقوى: ﴿… وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ … وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ﴾ (آل عمران: 134). إن كظم الغيظ والعفو عن الناس ليس تهاونًا، بل خلق كريم يدل على الاتزان النفسي ومستوى رفيع من الإيمان. وقد أبرز العلماء أن هذا الصبر يُعدُّ من أرقى الفضائل. يقول البعض إن كظم الغيظ يعكس عظمة النفس، فالشخص الذي يمسك غضبه رغم القدرة على الردّ، يظهر عزمًا راسخًا وإخلاصًا في عبادته لله. كما أن العفو والكظم معًا يؤدّيان إلى بناء السلم الاجتماعي، ويطفئان نيران الخصام، ويمنحان ساحة العلاقات الإنسانية سلامًا. من السنة النبوية، ورد عن النبي ﷺ أن من كظم غيظه وهو قادر على الانتقام، دعاه الله على رؤوس الخلائق يوم القيامة، فكم هو عظيم جزاء من يضبط نفسه لصالح رضا الله. كما تبيّن المروءة الحقيقية في قوله ﷺ: ليس الشديد في الإسلام من يملك يده، بل من يملك نفسه وقت الغضب. أهمية هذا الصبر لم تذهب سدى في حياة المسلم. في مواجهة الأذى، يكون الصبر وسيلة للارتقاء الروحي، مظهراً لثقته بتقدير الله وعدله، ومعبّراً عن تطلع حقيقي للأجر العظيم عنده. ولكي ينمّي الإنسان هذا الخلق، يُنصح بأن يربّي نفسه على ضبط الغضب، أن يعرف الثواب العظيم للكاظمين الغيظ، وأن يدعو الله ليساعده على ذلك. خلاصة القول، الصبر على أذى الخلق ليس مجرد تحمل، بل هو خلق كرامة: كظم الغيظ، والعفو، والهجر الجميل حين لا فائدة من الجدال. ومن خلال ذلك، يرتقي المؤمن في نظر ربه، ويَحرز لذاته راحة وسموًا، ويحقّق ما وصفه الله من مكارم الأخلاق.
1800
| 21 نوفمبر 2025
في لحظة تاريخية، ارتقى شباب المغرب تحت 17 عاماً إلى أسمى آفاق الإنجاز، حين حجزوا مقعدهم بين عمالقة كرة القدم العالمية، متأهلين إلى ربع نهائي كأس العالم في قطر 2025. لم يكن هذا التأهل مجرد نتيجة، بل سيمفونية من الإرادة والانضباط والإبداع، أبدعها أسود الأطلس في كل حركة، وفي كل لمسة للكرة. المغرب قدم عرضاً كروياً يعكس التميز الفني الراقي والجاهزية الذهنية للاعبين الصغار، الذين جمعوا بين براعة الأداء وروح التحدي، ليحولوا الملعب إلى مسرح للإصرار والابتكار. كل هجمة كانت تحفة فنية تروي قصة عزيمتهم، وكل هدف كان شاهداً على موهبة نادرة وذكاء تكتيكي بالغ، مؤكدين أن الكرة المغربية لا تعرف حدوداً، وأن مستقبلها مزدهر بالنجوم الذين يشقون طريقهم نحو المجد بخطوات ثابتة وواثقة. هذا الإنجاز يعكس رؤية واضحة في تطوير الفئات العمرية، حيث استثمر الاتحاد المغربي لكرة القدم في صقل مهارات اللاعبين منذ الصغر، ليصبحوا اليوم قادرين على مواجهة أقوى المنتخبات العالمية ورفع اسم بلادهم عالياً في سماء البطولة. وليس الفوز وحده، بل القدرة على فرض أسلوب اللعب وإدارة اللحظات الحرجة والتحلي بالهدوء أمام الضغوط، ويجعل هذا التأهل لحظة فارقة تُخلّد في التاريخ الرياضي المغربي. أسود الأطلس الصغار اليوم ليسوا لاعبين فحسب، بل رموز لإصرار أمة وعزيمة شعب، حاملين معهم آمال ملايين المغاربة الذين تابعوا كل لحظة من مغامرتهم بفخر لا ينضب. واليوم، يبقى السؤال الأعمق: هل سيستطيع هؤلاء الأبطال أن يحولوا التحديات القادمة إلى ملحمة تاريخية تخلّد اسم الكرة المغربية؟ كل المؤشرات تقول نعم، فهم بالفعل قادرون على تحويل المستحيل إلى حقيقة، وإثبات أن كرة القدم المغربية قادرة على صناعة المعجزات. كلمة أخيرة: المغرب ليس مجرد منتخب، بل ظاهرة تتألق بالفخر والإبداع، وبرهان حي على أن الإرادة تصنع التاريخ، وأن أسود الأطلس يسيرون نحو المجد الذي يليق بعظمة إرادتهم ومهارتهم.
1176
| 20 نوفمبر 2025