رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
انتابتني بهجة مماثلة لفوز قطر باستضافة كأس العالم في 2022 قبل سنوات عندما تم الإعلان مساء الأربعاء الماضي عن فوز دولة الإمارات العربية المتحدة باستضافة "معرض إكسبو الدولي 2020" في مدينة دبي مطلع العقد القادم، متفوقة بعرضها على العروض المقدمة من مدن: ساوباولو البرازيلية، وإيكاترنبُرغ الروسية، وإزمير التركية.
فالدولتان قطر والإمارات حققتا بذلك سبقا للأمة العربية في مضمار عالمي ليس مسموحا للدخول فيه إلا لمن يمتلك الإمكانات والمقومات والقدرة على تقديم منتج ينطوي على أفكار خلاقة ومبدعة وجديرة بالاحترام وليس نتيجة التدخل بدفع الرشاوى والأموال مثلما يحاول الحاقدون أن يبرروا هذا الفوز سواء في الحالة القطرية أو الإماراتية.
وما لفت انتباهي هو أن مطلب الإمارات باستضافة هذا الحدث حظي باهتمام عربي واسع وشكل دعمه محورا من محاور اتصالات وتفاعل الجامعة العربية خلال العامين الأخيرين مع العديد من المحافل الدولية وهو ما جعل الدكتور نبيل العربي الأمين العام للجامعة العربية يصف في بيان رسم نجاح دبي في الحصول على أغلبية المصوتين لصالح استضافة إكسبو 2020 بأنه تاريخي ويعتبره اعترافا دوليا بأهمية الدور الحيوي والفعال الذي تلعبه دولة الإمارات على المستوى الإقليمي والدولي.
وقد سعيت لمعرفة المزيد من التفاصيل عن رؤية الجامعة العربية لهذا الحدث وحسبما يقول السفير أحمد بن حلي نائب أمينها العام فإن هذا الفوز هو بالضرورة تكريم لدولة الإمارات وإمارة دبي – درة الخليج العربي - وفي الوقت نفسه تكريم للعرب معتبرا أن هذا الحدث الاقتصادي والعلمي والثقافي والاجتماعي شرف للعرب وللمنطقة فضلا عن ذلك فهو يعد إنجازا واضحا لنشاط وديناميكية الدبلوماسية الإماراتية التي قادها باقتدار الشيخ عبد الله بن زايد وزير الخارجية والتي عملت بكل جهد وسخرت الاتصالات مع مختلف الأطراف والدوائر المؤثرة وعلى مختلف المستويات وكافة المحافل.
ويضيف بن حلي: شخصيا حضرت كثيرا من الاجتماعات واللقاءات سواء على هامش اجتماعات الدورة الأخيرة للجمعية العامة للأمم المتحدة في شهر سبتمبر الماضي أو في مؤتمرات أخرى ففي الجمعية العامة مارست الجمعية العامة دورا بالغ الأهمية لحشد التأييد لدعم ترشيح الإمارات لاستضافة هذا الحدث العالمي وأظن أنها نجحت في تحقيق نتائج إيجابية على هذا الصعيد.
ويلفت إلى العوامل التي اتكأت عليها دولة الإمارات للفوز بهذا الحدث العالمي الاستثنائي فهي أضحت خلال السنوات الأخيرة حلقة الوصل بين الشرق والغرب كما حققت سلسلة من الإنجازات ليس على الصعد الاقتصادية والاستثمارية فحسب وإنما على الصعد الحضارية والثقافية ومن ثم حظيت بمكانة إقليمية ودولية رفيعة المستوى كما أنها تعمل في إطار مواكبة العصر والمستجدات الحديثة التي طرأت فيه خاصة على المستوى التقني والتكنولوجي موضحا أن الإمارات أصبحت كذلك ملتقى لرجال الأعمال والشركات الكبرى والمنتديات العالمية سواء الاقتصادية أو الفكرية أو العلمية وهو ما يجعلني أقول أنه من حقها أن تحظى بهذه الاستضافة التي ستشكل نقلة نوعية لهذا البلد العربي الذي بات من رموز المنطقة بحكم ما حققه من تحولات وإنجازات جعلته في مصاف الدول الناهضة والبازغة في العالم اليوم
ووفقا لما شرحه لي الدكتور ثامر محمود زيدان العاني مدير إدارة الدراسات والعلاقات الاقتصادية الإستراتيجية بالجامعة العربية فإن فوز الإمارات بهذا الحدث يأتي تجسيدا عمليا للسمعة والمكانة التي حققتها كدولة جاذبة للاستثمارات العالمية بالذات في ضوء ما أتاحته من قوانين ومناخات وبيئة مواتية ومتسقة مع المحددات الدولية في هذا الشأن تدفع إلى الشعور بالاطمئنان وهو ما انعكس بدون شك في اختيار العالم- عبر منافسة مفتوحة – لاستضافة هذه التظاهرة لأول مرة في المنطقة العربية.
وينبه الدكتور العاني إلى أن ما تتمتع به الإمارات من استقرار سياسي وأمني إلى جانب طبيعة اقتصادها القائم على التعدد والتنوع والحرية والبنيان الهيكلي للدولة فضلا عن التنوع السكاني الذي يضم عناصر من كافة الشعوب والقارات يعيشون جنبا إلى جنب في تعايش نموذجي في ضوء انفتاح واسع على العالم بكل ثقافاته وضمن سياق من التوازن الدقيق لعب بلا شك دورا محوريا في أن تحقق هذا الفوز المدهش بتنظيم إكسبو 2020 مشيرا إلى أن ثمة انعكاسات إيجابية سوف تترتب على هذا الفوز في ظل طبيعة هذا المعرض الذي يحتوي على أحدث الصناعات وأحدث التقنيات في العالم والأهم من كل ذلك – كما يقول الدكتور العاني – هو أن هذا الحدث سيجعل الإمارات تستقبل الآلاف من سكان العالم الذين سيفدون إليها لمشاهدته مما سيكرس بحق سياحة المعارض التي تحقق فيها دولة الإمارات خاصة دبي نجاحات هائلة وهو ما سيكون له بدون شك مردود شديد الإيجابية على الدولة ككل وعلى المنطقة عموما.
ولاشك أن الفوز بهذا الحدث – كما يضيف الدكتور العاني - حلم تتمنى أن تحققه دول عديدة ولكنه يتطلب العديد من المقومات والإمكانات التي لا تتوافر إلا في عدد محدود من الدول من بينها الإمارات التي نجحت في التفوق على منافسيها.
وعندما سألته عن دور الجامعة العربية في فوز الإمارات بهذه الاستضافة لإكسبو 2020 علق بقوله: لقد سعت الجامعة عبر الكثير من المحافل والقمم إلى الحشد لهذا الحدث ففي خلال انعقاد المنتدى العربي الصيني على مستوى وزراء الخارجية خلال العام الماضي طالبت الجامعة بتأييد ترشيح الإمارات لاستضافة هذا الحدث والأمر نفسه حدث في القمة العربية الأمريكية الجنوبية التي عقدت في العام 2012 ببيرو والتي كان من بين قراراتها دعم ترشيح الإمارات وهو نفس ما حدث في القمة العربية الإفريقية الثالثة التي عقد بالكويت يومي 19 و20 نوفمبر الماضي.
إن دولة الإمارات وبالذات دبي تقدم باستضافتها هذا الحدث العالمي الاستثنائي أنموذج- كما قدمت قطر من قبل – على قدرة العقل العربي على الخيال الواسع وترجمته إلى الواقع عبر قراءة صحيحة ووفق المنهج العلمي والتخطيط للوصول إلى الهدف وهو ما يمكن أن يساهم في تغيير الصورة النمطية عن العرب بوقوفهم عند الأطلال وعجزهم عن اللحاق بمتغيرات ومستجدات الزمن والذي لديه شك فعليه أن يبادر بزيارة كل من الدوحة ودبي حتى يرصد بنفسه ملامح المشهد الحضاري القادم بقوة والذي يشكل بدون شك قيمة مضافة لمشروع الأمة الحضاري الذي نتطلع إلى أن يحقق قفزات نوعية في السنوات القادمة.
السطر الأخير:
أخرجيني من دوائر الصمت
تابعي مسيرة عشقي
فأنت لدي عنوان القصيدة
فاكهة حديقتي
قدس أسراري
ديمومة الصحو
بهجة الكتابة
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية




مساحة إعلانية
هناك لحظات في تاريخ الدول لا تمرّ مرور الكرام… لحظات تُعلن فيها مؤسسات الدولة أنها انتقلت من مرحلة “تسيير الأمور” إلى مرحلة صناعة التغيير ونقل الجيل من مرحلة كان إلى مرحلة يكون. وهذا بالضبط ما فعلته وزارة التربية والتعليم والتعليم العالي في السنوات الأخيرة. الأسرة أولاً… بُعدٌ لا يفهمه إلا من يعي أهمية المجتمع ومكوناته، مجتمعٌ يدرس فيه أكثر من 300 ألف طالب وطالبة ويسند هذه المنظومة أكثر من 28 ألف معلم ومعلمة في المدارس الحكومية والخاصة، إلى جانب آلاف الإداريين والمتخصصين العاملين في الوزارة ومؤسساتها المختلفة. لذلك حين قررت الوزارة أن تضع الأسرة في قلب العملية التعليمية هي فعلاً وضعت قلب الوطن ونبضه بين يديها ونصب عينيها. فقد كان إعلانًا واضحًا أن المدرسة ليست مبنى، بل هي امتداد للبيت وبيت المستقبل القريب، وهذا ليس فقط في المدارس الحكومية، فالمدارس الخاصة أيضًا تسجل قفزات واضحة وتنافس وتقدم يداً بيد مع المدارس الحكومية. فمثلاً دور الحضانة داخل رياض الأطفال للمعلمات، خطوة جريئة وقفزة للأمام لم تقدّمها كثير من الأنظمة التعليمية في العالم والمنطقة. خطوة تقول للأم المعلمة: طفلك في حضن مدرستك… ومدرستك أمانة لديك فأنتِ المدرسة الحقيقية. إنها سياسة تُعيد تعريف “بيئة العمل” بمعناها الإنساني والحقيقي. المعلم… لم يعد جنديًا مُرهقًا بل عقلاً مُنطلقًا وفكرًا وقادًا وهكذا يجب أن يكون. لأول مرة منذ سنوات يشعر المُعلم أن هناك من يرفع عنه الحِمل بدل أن يضيف عليه. فالوزارة لم تُخفف الأعباء لمجرد التخفيف… بل لأنها تريد للمعلم أن يقوم بأهم وظيفة. المدرس المُرهق لا يصنع جيلاً، والوزارة أدركت ذلك، وأعادت تنظيم يومه المدرسي وساعاته ومهامه ليعود لجوهر رسالته. هو لا يُعلّم (أمة اقرأ) كيف تقرأ فقط، بل يعلمها كيف تحترم الكبير وتقدر المعلم وتعطي المكانة للمربي لأن التربية قبل العلم، فما حاجتنا لمتعلم بلا أدب؟ ومثقف بلا اخلاق؟ فنحن نحتاج القدوة ونحتاج الضمير ونحتاج الإخلاص، وكل هذه تأتي من القيم والتربية الدينية والأخلاق الحميدة. فحين يصدر في الدولة مرسوم أميري يؤكد على تعزيز حضور اللغة العربية، فهذا ليس قرارًا تعليميًا فحسب ولا قرارًا إلزاميًا وانتهى، وليس قانونًا تشريعيًا وكفى. لا، هذا قرار هوية. قرار دولة تعرف من أين وكيف تبدأ وإلى أين تتجه. فالبوصلة لديها واضحة معروفة لا غبار عليها ولا غشاوة. وبينما كانت المدارس تتهيأ للتنفيذ وترتب الصفوف لأننا في معركة فعلية مع الهوية والحفاظ عليها حتى لا تُسلب من لصوص الهوية والمستعمرين الجدد، ظهرت لنا ثمار هذا التوجه الوطني في مشاهد عظيمة مثل مسابقة “فصاحة” في نسختها الأولى التي تكشف لنا حرص إدارة المدارس الخاصة على التميز خمس وثلاثون مدرسة… جيش من المعلمين والمربين… أطفال في المرحلة المتوسطة يتحدثون بالعربية الفصحى أفضل منّا نحن الكبار. ومني أنا شخصيًا والله. وهذا نتيجة عمل بعد العمل لأن من يحمل هذا المشعل له غاية وعنده هدف، وهذا هو أصل التربية والتعليم، حين لا يعُدّ المربي والمعلم الدقيقة متى تبدأ ومتى ينصرف، هنا يُصنع الفرق. ولم تكتفِ المدارس الخاصة بهذا، فهي منذ سنوات تنظم مسابقة اقرأ وارتقِ ورتّل، ولحقت بها المدارس الحكومية مؤخراً وهذا دليل التسابق على الخير. من الروضات إلى المدارس الخاصة إلى التعليم الحكومي، كل خطوة تُدار من مختصين يعرفون ماذا يريدون، وإلى أين الوجهة وما هو الهدف. في النهاية… شكرًا لأنكم رأيتم المعلم إنسانًا، والطفل أمانة، والأسرة شريكًا، واللغة والقرآن هوية. وشكرًا لأنكم جعلتمونا: نفخر بكم… ونثق بكم… ونمضي معكم نحو تعليم يبني المستقبل.
12435
| 20 نوفمبر 2025
وفقًا للمؤشرات التقليدية، شهدت أسهم التكنولوجيا هذا العام ارتفاعًا في تقييماتها دفعها إلى منطقة الفقاعة. فقد وصلت مضاعفات الأرباح المتوقعة إلى مستويات نادرًا ما شوهدت من قبل، لذلك، لم يكن التراجع في التقييمات منذ منتصف أكتوبر مفاجئًا. وقد يعكس هذا الانخفاض حالة من الحذر وجني الأرباح. وقد يكون مؤشرًا على تراجع أكبر قادم، أو مجرد استراحة في سوق صاعدة طويلة الأمد تصاحب ثورة الذكاء الاصطناعي. وحتى الآن، لا يُعدّ الهبوط الأخير في سوق الأسهم أكثر من مجرد "تصحيح" محدود. فقد تراجعت الأسواق في الأسبوع الأول من نوفمبر، لكنها سجلت ارتفاعًا طفيفًا خلال الأسبوع الذي بدأ يوم الاثنين 10 من الشهر نفسه، لكنها عادت وانخفضت في نهاية الأسبوع. وما تزال السوق إجمالاً عند مستويات مرتفعة مقارنة بشهر أبريل، حين شهدت انخفاضًا مرتبطًا بإعلان الرئيس دونالد ترامب بشأن الرسوم الجمركية. فعلى سبيل المثال: تراجعت أسهم شركة إنفيديا بنحو 10% في الأسبوع الأول من نوفمبر، لكنها بقيت أعلى بنحو 60% مقارنة بما كانت عليه قبل ستة أشهر فقط. مؤشر S&P 500 انخفض إلى 6700 في الرابع عشر من نوفمبر، مقارنة بذروة بلغت 6920، وما زال أعلى بنحو سبعين بالمئة مقارنة بنوفمبر 2022. هيمنة شركات التكنولوجيا الكبرى على القيمة السوقية الإجمالية أصبحت واضحة. فمع نهاية أكتوبر، ورغم ارتفاع المؤشر طوال العام، باستثناء التراجع في أبريل، شهدت نحو 397 شركة من شركات المؤشر انخفاضًا في قيمتها خلال تلك الفترة. ثماني من أكبر عشر شركات في المؤشر هي شركات تكنولوجية. وتمثل هذه الشركات 36% من إجمالي القيمة السوقية في الولايات المتحدة، و60% من المكاسب المحققة منذ أبريل. وعلى عكس ما حدث لشركات الدوت كوم الناشئة قبل 25 عامًا، تتمتع شركات التكنولوجيا اليوم بإيرادات قوية ونماذج أعمال متينة، حيث تتجاوز خدماتها نطاق الذكاء الاصطناعي لتشمل برمجيات تطبيقات الأعمال والحوسبة السحابية. وهناك حجّة قوية مفادها أن جزءًا كبيرًا من الاستثمارات في الذكاء الاصطناعي يأتي من شركات كبرى مربحة تتمتع بمراكز نقدية قوية، ما يجعل هذه الاستثمارات أقل عرضة للمخاطر مقارنة بموجات الحماس السابقة في قطاع التكنولوجيا. غير أن حجم الاستثمارات المخطط لها في مراكز البيانات أثار مخاوف لدى بعض المستثمرين. كما أن هناك 10 شركات ناشئة خاسرة متخصصة في الذكاء الاصطناعي تقدر قيمتها مجتمعة بنحو تريليون دولار. وهناك ايضاً تراجع صدور البيانات الاقتصادية الأمريكية بسبب الإغلاق الحكومي الذي دخل شهره الثاني، فلم تُنشر أي بيانات وظائف رسمية منذ 5 سبتمبر، ما دفع المحللين للاعتماد على بيانات خاصة. هذه البيانات أظهرت أعلى مستوى لتسريح الموظفين منذ 2003 في أكتوبر. كما جاءت نتائج أرباح بعض الشركات التقليدية مخيبة، حيث هبط سهم مطاعم تشيبوتلي بنحو 13% في نهاية أكتوبر بعد إعلان نتائج دون توقعات السوق.
2460
| 16 نوفمبر 2025
في قلب الإيمان، ينشأ صبر عميق يواجه به المؤمن أذى الناس، ليس كضعفٍ أو استسلام، بل كقوة روحية ولحمة أخلاقية. من منظور قرآني، الصبر على أذى الخلق هو تجلٍّ من مفهوم الصبر الأوسع (الصبر على الابتلاءات والطاعة)، لكنه هنا يختصّ بالصبر في مواجهة الناس — سواء بالكلام المؤذي أو المعاملة الجارحة. يحثّنا القرآن على هذا النوع من الصبر في آيات سامية؛ يقول الله تعالى: ﴿وَاصْبِرْ عَلَى مَا يَقُولُونَ وَاهْجُرْهُمْ هَجْرًا جَمِيلًا﴾ (المزمل: 10). هذا الهجر «الجميل» يعني الانسحاب بكرامة، دون جدال أو صراع، بل بهدوء وثقة. كما يذكر القرآن صفات من هم من أهل التقوى: ﴿… وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ … وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ﴾ (آل عمران: 134). إن كظم الغيظ والعفو عن الناس ليس تهاونًا، بل خلق كريم يدل على الاتزان النفسي ومستوى رفيع من الإيمان. وقد أبرز العلماء أن هذا الصبر يُعدُّ من أرقى الفضائل. يقول البعض إن كظم الغيظ يعكس عظمة النفس، فالشخص الذي يمسك غضبه رغم القدرة على الردّ، يظهر عزمًا راسخًا وإخلاصًا في عبادته لله. كما أن العفو والكظم معًا يؤدّيان إلى بناء السلم الاجتماعي، ويطفئان نيران الخصام، ويمنحان ساحة العلاقات الإنسانية سلامًا. من السنة النبوية، ورد عن النبي ﷺ أن من كظم غيظه وهو قادر على الانتقام، دعاه الله على رؤوس الخلائق يوم القيامة، فكم هو عظيم جزاء من يضبط نفسه لصالح رضا الله. كما تبيّن المروءة الحقيقية في قوله ﷺ: ليس الشديد في الإسلام من يملك يده، بل من يملك نفسه وقت الغضب. أهمية هذا الصبر لم تذهب سدى في حياة المسلم. في مواجهة الأذى، يكون الصبر وسيلة للارتقاء الروحي، مظهراً لثقته بتقدير الله وعدله، ومعبّراً عن تطلع حقيقي للأجر العظيم عنده. ولكي ينمّي الإنسان هذا الخلق، يُنصح بأن يربّي نفسه على ضبط الغضب، أن يعرف الثواب العظيم للكاظمين الغيظ، وأن يدعو الله ليساعده على ذلك. خلاصة القول، الصبر على أذى الخلق ليس مجرد تحمل، بل هو خلق كرامة: كظم الغيظ، والعفو، والهجر الجميل حين لا فائدة من الجدال. ومن خلال ذلك، يرتقي المؤمن في نظر ربه، ويَحرز لذاته راحة وسموًا، ويحقّق ما وصفه الله من مكارم الأخلاق.
1770
| 21 نوفمبر 2025