رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

Al-sharq

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

الشرق

مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

فتحي أبو الورد

فتحي أبو الورد

مساحة إعلانية

مقالات

525

فتحي أبو الورد

التطبيع والحرث في البحر

02 ديسمبر 2016 , 12:53ص

التطبيع يعني الدعوة إلى جعل العلاقات مع العدو طبيعية وعادية، وقد مضى أكثر من ربع قرن على محاولات تطبيع الأنظمة العربية علنا مع دولة الكيان المحتل، ظنت معها إسرائيل أن العرب والمسلمين ماتت عداوتهم للمحتلين الغاصبين، وقبلوا بإسرائيل صديقة وجارة، ونسوا حقهم في فلسطين، ورضوا بالأمر الواقع، ورضخوا للإرادة الدولية التي تريد أن يصبح ذلك واقعا، ثم كانت الحرائق التي اجتاحت الأراضي المحتلة التي تحكمها إسرائيل دليلا دامغا على خسارة كل التوقعات والاستنتاجات والتحليلات والتصورات التي ذهبت يوما إلى أن الأمر قد انتهى، وأن التطبيع قد آتى أكله، وأن إسرائيل تحولت من جرثومة في قلب العالمين العربي والإسلامي إلى نبتة مقبولة حتى وإن كانت مرة المذاق، كريهة المنظر، إلا أن البستاني أقر بوجودها، وتعامل معها كما لو كانت إحدى الزهور الأساسية في الحديقة.

جاءت ردود فعل الشعوب لتعري وتفضح مواقف الأنظمة الرسمية، ولتقول في صراحة: إن الأنظمة شيء والشعوب شيء آخر، وإن الأنظمة تعبر عن نفسها، والشعوب لا علاقة لها بذلك، وإن الشعوب هي من تتحدث باسم نفسها، ولما تفوض - حتى الآن - من يتحدث باسمها إلا نفرا يسيرا ممن يعبرون عن نبضها، ويحملون همها، وينتمون إلى نفس فصيلة دمها.

مظاهر الاحتفاء والفرحة العربية والإسلامية بوقوع الحرائق بدولة الكيان المحتل كانت رسالة واضحة بأن العداوة ما زالت مستمرة، حتى تعود الأرض حرة، وقد شملت الفرحة مؤيدي الاتجاهات الإسلامية والعلمانيين على حد سواء كما قال مقدم البرامج الحوارية في قناة "20" الإسرائيلية.

جاءت الحرائق لتقول: إن أعواما من التطبيع لن تمحو اسم فلسطين من الخارطة، ولن تزيل عن إسرائيل صفة الكيان المحتل، والعدو الغاصب، وإن الشعوب حية، وإن الضمائر متيقظة، وإن الأرواح والنفوس مستعدة لإطفاء هذه الحرائق بدمها قبل المياه التي بأيديها عندما تكون الأرض بيد أصحابها، والدولة بيد أهلها.

جاءت الحرائق لتكذب كل الادعاءات التي ذهبت إلى أن هناك تحولات إيجابية على توجهات الرأي العام العربي تجاه إسرائيل كما زعم نتنياهو، فخيبت الحرائق آماله، وبددت ظنونه.

جاءت الحرائق لتفضح الوجه القبيح للعدو إلى الحد الذي هاجم فيه "جاي بيلغ" معلق الشؤون القضائية والجنائية في قناة التلفزة الثانية ازدواجية المعايير لدى صناع القرار في تل أبيب، حيث إنهم يطالبون بإلغاء حقوق "المواطنة" عن كل شخص تثبت علاقته بالحرائق، متسائلا: "هل ستقومون بسحب المواطنة من الإرهابيين اليهود الذين أحرقوا الفتى الفلسطيني محمد أبوخضير، ومنفذي عملية إحراق عائلة دوابشة؟ وماذا بشأن الإرهابيين اليهود الذين أدينوا بإحراق عدد كبير من المساجد والكنائس؟

جاءت الحرائق لتقول: إن التطبيع قضية خاسرة في صراع النفوس والقلوب والضمائر.

جاءت الحرائق لتفصح عن حقيقة سيفكر فيها ساسة إسرائيل طويلا، وهي أنهم كانوا يحرثون في الماء أو البحر كما يقال، أو ينحتون في الصخر.

ستظل المنابر في المؤتمرات وخطب الجمعة ودروس التوعية وحديث الآباء لأبنائهم، حواجز دون التطبيع.

ستظل دماء شهدائنا في الأراضي المحتلة حاجزا دون التطبيع.

ستظل انتصارات المقاومة حاجزا دون التطبيع.

سيظل وجود أسرى في جعبة المقاومة الفلسطينية حاجزا دون التطبيع.

سيظل الإعداد وحديث النفس لتحرير الأقصى حاجزا دون التطبيع.

وستظل الحريات التي تحاول الشعوب انتزاعها طريقا نحو إنهاء التطبيع والمطبعين.

اقرأ المزيد

alsharq قضايانا المتسارعة تباعاً

السودان يستغيث وسوريا تستغيث وفلسطين تستغيث واليمن يستغيث وليبيا تستغيث وماذا بعد؟! وأنا جادة في السؤال لأنني بتُّ... اقرأ المزيد

168

| 29 أكتوبر 2025

alsharq قطر.. حين تتحدث الحكمة في زمن الحرب

في زمنٍ ارتفعت فيه أصوات الصواريخ، اختارت قطر أن يكون صوتها سلاماً يعلو على الضجيج، ليُثبت للعالم أن... اقرأ المزيد

216

| 29 أكتوبر 2025

alsharq المثقف في محكمة التاريخ.. الحقيقة أم الولاء؟

منذ أقدم الأزمنة، كان المثقف يقف على خط النار بين السلطة والجماهير، بين إغراء الولاء وضغط الضمير. وفي... اقرأ المزيد

90

| 29 أكتوبر 2025

مساحة إعلانية