رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
الحديث عن انتهاء هيمنة الدولار على الاقتصاد والتجارة العالمية، سواء بسبب تراجع قوة الاقتصاد الأمريكي، أو بسبب تحد متعمد من جانب القوى الدولية الكبرى وتحديدا الصين، ليس بالجديد. ومنذ اشتعال الحرب الروسية-الأوكرانية، زادت وتيرة هذا الحديث بقوة، بسبب توالي التداعيات الداعمة لذلك، كان آخرها الأخبار شبه المؤكدة عن انضمام السعودية إلى مجموعة «بريكس» بحلول الصيف المقبل. حيث إن انضمام الرياض للمجموعة من شأنه - كما يتداول الحديث عنه - تعظيم بيع النفط بسلة عملات غير الدولار. أو تحديدا انتهاء عصر «البترودولار».
مسألة انتهاء هيمنة الدولار، والتحدي المتعمد لتلك الهيمنة، مسألة شائكة وغاية في التعقيد والإجابة عنها ليست بتلك البساطة كما يتصور الكثيرون. وذلك عند تفحص مجموعة من الحقائق الرئيسية وتوخي الموضوعية والحيادية عند اختبارها وتقييمها عملياً دون تدخلات وانحيازات عاطفية وتضليلية.
ثمة حقيقة باتت راسخة لا يمكن لعاقل أن ينفيها أو يتجاهلها، وهي انحسار هيمنة الدولار «بدرجة قليلة» في التعاملات التجارية والمصرفية الدولية، نظير ازدهار عملات دولية جديدة أبرزها «اليوان الصيني».
فالدولار إذن ما زال العملة المهيمنة في النظام التجاري والمصرفي العالمي، وستستمر هذه الهيمنة لمدة طويلة ربما لعام 2050. وزد على ذلك، من الصعب جدا إيجاد بديل للدولار، أو أن تحل عملة أخرى مكانه كعملة مهيمنة. لأن ذلك سيعني إحداث تحول تام في النظام والبنية المصرفية والتجارية العالمية وأنظمة الدفع والتحول الإلكترونية، التي تأسست وترسخت على الدولار. وبالطبع هذا سيناريو من الصعب تصوره وسيحدث إرباكا شديدا في النظام الاقتصادي العالمي سيؤثر بالسلب الشديد على الجميع.
إذ لا يزال الدولار يحتل نصيب الأسد في سلة عملات احتياطيات دول العالم، وديونها أيضا بما في ذلك الدول ذات العملات الدولية الرائدة والمنافسة للدولار كاليابان ودول أوروبا والصين. فالأخيرة تعد ثاني أكبر مشتر لسندات الخزانة الأمريكية، وتستحوذ على ما يقرب من ثلاثة تريليونات دولار كاحتياطي نقد أجنبي. علاوة على ذلك، لا يزال الدولار المهيمن على نظام التحويلات والمقاصات الدولية وأنظمتها الرئيسية.
وتلك الحقائق بشأن استمرار هيمنة الدولار الحتمية تجبرنا بلا شك على إعادة النظر حول حقيقية التحدي المتعمد من جانب بعض القوى لكسر هيمنة الدولار. وحقيقة الأمر أن ما تقوم به تلك القوى، خاصة الصين، في شأن ذلك يمكن وصفه بالمساعي الحثيثة للتخفيف من وطأة هيمنة الدولار، وليس السعي مطلقاً إلى انهياره تماماً. لأن انهيار الدولار ستكون عواقبه وخيمة للغاية على اقتصادات تلك القوى بما في ذلك الصين ثاني أكبر حائز على سندات الخزانة الأمريكية.
ربما الحقيقة التي يتغافل عنها الكثيرون أن سعي تلك القوى للتخفيف من هيمنة الدولار، يتأتى بالأساس لحماية اقتصاداتهم ومصالحهم الخاصة. هذا بالإضافة إلى بروز مجموعة من المتغيرات الجيوسياسية والاقتصادية الكبرى التي دفعتهم لذلك.
تندفع تلك القوى في المقام الأول نحو ذلك إثر تفاقم فجوة الثقة في الاقتصاد الأمريكي والدولار، خاصة بعد الحرب الروسية-الأوكرانية. حيث في ظل أزمة التضخم الرهيبة التي يئن منها الاقتصاد الأمريكي، اضطر الفيدرالي الأمريكي إلى رفع معدلات الفائدة أكثر من مرة على التوالي لكبح جماح التضخم.
مما كان له تبعات خطيرة على الاقتصاد العالمي لاسيما التضخم العالمي ومديونيات دول العالم المقومة بالدولار، وربما يتجه العالم نحو ركود تضخمي عام 2024 إذا استمرار الفيدرالي في رفع معدلات الفائدة.
وبالتالي للتخفيف من وطأة هذا التضخم الذي ألحق ضرراً بالغا بتلك القوى، يجب الحد من هيمنة الدولار في التعاملات والمدفوعات الدولية عبر الدفع بسلة عملات بديلة، لا سيما اليوان حيث تعد الصين أكبر مصدر ومستثمر ودائن عالمي. ولعل ذلك ما يفسر مساعي الصين لتخفيض حيازتها من السندات الأمريكية في 2023.
فضلا عن ذلك، قد وجدت تلك القوى أن هيمنة الدولار ستشكل عائقا أمام تحديهم للعقوبات الدولية، وتحديهم لفك الهيمنة الأمريكية على دول الجنوب والعالم الثالث، كذلك هيمنة الدولار في التحكم في الأسعار العالمية للطاقة والمواد الأساسية. لذلك، نجد على سبيل المثال، أن الهند حليف واشنطن الوثيق قد وافقت على شراء النفط بالروبل الروسي. كما تعزز الصين من مكانة اليوان في تعاملات دول مبادرة الحزام والطريق، لاستكمال نجاح المبادرة.
خلاصة الأمر في تلك المسالة أن التخفيف من وطأة هيمنة الدولار لا تخلو بلا شك من أبعاد جيوسياسية، على المدى البعيد، لاسيما من جانب الصين وربما السعودية التي تعمل على زيادة استقلالية قرارها السياسي والخارجي.
لكن بأي حال من الأحوال، ان استمرار هيمنة الدولار أو بتعبير آخر استقراره يصب في مصلحة تلك القوى في المقام الأول، خاصة الصين. فانهيار الدولار سيمثل للصين كارثة اقتصادية عظمى، إذ ستنخفض قيمة السندات والديون الدولارية التي بحوزتها بشكل كارثي. كما سيصاب الاقتصاد العالمي بالشلل والارتباك الشديد تكون الصين مصنع العالم أعظم ضحاياه.
والأخطر من ذلك بالنسبة للصين، هو احتمالية تخفيض صادراتها بشكل كبير جدا على المدى الطويل نظير ارتفاع الصادرات الأمريكية المنخفضة القيمة بالدولار. ولهذا السبب تتعمد الصين دائما خفض قيمة اليوان كصمام أمان لصادرات صينية واسعة لاسيما للولايات المتحدة التي تستقبل ما يناهز 15% من حجم الصادرات الصينية. بالإضافة بالطبع إلى هروب الاستثمارات الأجنبية من الصين إلى الولايات المتحدة.
وكلمة أخيرة، ان النظام النقدي والمالي العالمي قد يتجه صوب نظام «عملات تعددي» في المستقبل البعيد. لكن رغم ذلك، فإن ذلك يشكل خطرا على الاقتصاد العالمي وليس في مصلحته مطلقا. فاستمرار هيمنة الدولار والتي قد تأتت نتاج أوضاع دولية بعد الحرب العالمية الثانية، سيمثل صمام الأمان لاستقرار النظام الاقتصادي العالمي، لأن الدولار ومن ورائه قوة الاقتصاد الأمريكي أصبحا متداخلين ومترابطين في كل مناحي النظام الاقتصادي الدولي بما في ذلك اقتصادات جميع دول العالم.
وطنٌ نفخر بالانتماء إليه
يأتي اليوم الوطني لدولة قطر في الثامن عشر من ديسمبر من كل عام، ليجدد في نفوس أبناء هذا... اقرأ المزيد
0
| 21 ديسمبر 2025
أهلا ومع السلامة
بعد أقل من 10 أيام سوف يُسدل الستار عن عام 2025 وكأنها بدأت بالأمس هكذا مرت دون أن... اقرأ المزيد
0
| 21 ديسمبر 2025
الأمة العربية تحتفل مع قطر باليوم الوطني
لم تحتفل دولة قطر، بيومها الوطني، أمس، وحدها، بل احتفل معها العالم العربي من المحيط إلى الخليج، في... اقرأ المزيد
132
| 19 ديسمبر 2025
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية




مساحة إعلانية
لم يكن ما فعلته منصة (إكس) مؤخرًا مجرّد تحديثٍ تقني أو خطوةٍ إدارية عابرة، بل كان دون مبالغة لحظةً كاشفة. فحين سمحت منصة (إكس) بقرارٍ مباشر من مالكها إيلون ماسك، بظهور بيانات الهوية الجغرافية للحسابات، لم تنكشف حسابات أفرادٍ فحسب، بل انكشفت منظوماتٌ كاملة، دولٌ وغرف عمليات، وشبكات منظمة وحسابات تتحدث بلسان العرب والمسلمين، بينما تُدار من خارجهم. تلك اللحظة أزاحت الستار عن مسرحٍ رقميٍّ ظلّ لسنوات يُدار في الخفاء، تُخاض فيه معارك وهمية، وتُشعل فيه نيران الفتنة بأيدٍ لا نراها، وبأصواتٍ لا تنتمي لما تدّعيه. وحين كُشفت هويات المستخدمين، وظهرت بلدان تشغيل الحسابات ومواقعها الفعلية، تبيّن بوضوحٍ لا يحتمل التأويل أن جزءًا كبيرًا من الهجوم المتبادل بين العرب والمسلمين لم يكن عفويًا ولا شعبيًا، بل كان مفتعلًا ومُدارًا ومموّلًا. حساباتٌ تتكلم بلهجة هذه الدولة، وتنتحل هوية تلك الطائفة، وتدّعي الغيرة على هذا الدين أو ذاك الوطن، بينما تُدار فعليًا من غرفٍ بعيدة، خارج الجغرافيا. والحقيقة أن المعركة لم تكن يومًا بين الشعوب، بل كانت ولا تزال حربًا على وعي الشعوب. لقد انكشفت حقيقة مؤلمة، لكنها ضرورية: أن كثيرًا مما نظنه خلافًا شعبيًا لم يكن إلا وقودًا رقميًا لسياسات خارجية، وأجندات ترى في وحدة المسلمين خطرًا، وفي تماسكهم تهديدًا، وفي اختلافهم فرصةً لا تُفوّت. فتُضخ التغريدات، وتُدار الهاشتاقات، ويُصنع الغضب، ويُعاد تدوير الكراهية، حتى تبدو وكأنها رأي عام، بينما هي في حقيقتها رأيٌ مُصنَّع. وما إن سقط القناع، حتى ظهر التناقض الصارخ بين الواقع الرقمي والواقع الإنساني الحقيقي. وهنا تتجلى حقيقة أعترف أنني لم أكن أؤمن بها من قبل، حقيقة غيّرت فكري ونظرتي للأحداث الرياضية، بعد ابتعادي عنها وعدم حماسي للمشاركة فيها، لكن ما حدث في قطر، خلال كأس العرب، غيّر رأيي كليًا. هنا رأيت الحقيقة كما هي: رأيت الشعوب العربية تتعانق لا تتصارع، وتهتف لبعضها لا ضد بعضها. رأيت الحب، والفرح، والاحترام، والاعتزاز المشترك، بلا هاشتاقات ولا رتويت، بلا حسابات وهمية، ولا جيوش إلكترونية. هناك في المدرجات، انهارت رواية الكراهية، وسقط وهم أن الشعوب تكره بعضها، وتأكد أن ما يُضخ في الفضاء الرقمي لا يمثل الشعوب، بل يمثل من يريد تفريق الأمة وتمزيق لُحمتها. فالدوحة لم تكن بطولة كرة قدم فحسب، بل كانت استفتاءً شعبيًا صامتًا، قال فيه الناس بوضوح: بلادُ العُرب أوطاني، وكلُّ العُربِ إخواني. وما حدث على منصة (إكس) لا يجب أن يمرّ مرور الكرام، لأنه يضع أمامنا سؤالًا مصيريًا: هل سنظل نُستدرج إلى معارك لا نعرف من أشعلها، ومن المستفيد منها؟ لقد ثبت أن الكلمة قد تكون سلاحًا، وأن الحساب الوهمي قد يكون أخطر من طائرةٍ مُسيّرة، وأن الفتنة حين تُدار باحتراف قد تُسقط ما لا تُسقطه الحروب. وإذا كانت بعض المنصات قد كشفت شيئًا من الحقيقة، فإن المسؤولية اليوم تقع علينا نحن، أن نُحسن الشك قبل أن نُسيء الظن، وأن نسأل: من المستفيد؟ قبل أن نكتب أو نشارك أو نرد، وأن نُدرك أن وحدة المسلمين ليست شعارًا عاطفيًا، بل مشروع حياة، يحتاج وعيًا، وحماية، ودراسة. لقد انفضحت الأدوات، وبقي الامتحان. إما أن نكون وقود الفتنة أو حُرّاس الوعي ولا خيار ثالث لمن فهم الدرس والتاريخ.. لا يرحم الغافلين
906
| 16 ديسمبر 2025
يترقّب الشارع الرياضي العربي نهائي كأس العرب، الذي يجمع المنتخبين الأردني والمغربي على استاد لوسيل، في مواجهة تحمل كل مقومات المباراة الكبيرة، فنيًا وبدنيًا وذهنيًا. المنتخب الأردني تأهل إلى النهائي بعد مشوار اتسم بالانضباط والروح الجماعية العالية. كما بدا تأثره بفكر مدربه جمال السلامي، الذي نجح في بناء منظومة متماسكة تعرف متى تضغط ومتى تُغلق المساحات. الأردن لم يعتمد على الحلول الفردية بقدر ما راهن على الالتزام، واللعب كوحدة واحدة، إلى جانب الشراسة في الالتحامات والقتالية في كل كرة. في المقابل، يدخل المنتخب المغربي النهائي بثقة كبيرة، بعد أداء تصاعدي خلال البطولة. المغرب يمتلك تنوعًا في الخيارات الهجومية، وسرعة في التحولات، وقدرة واضحة على فرض الإيقاع المناسب للمباراة. الفريق يجمع بين الانضباط التكتيكي والقوة البدنية، مع حضور هجومي فعّال يجعله من أخطر منتخبات البطولة أمام المرمى. النهائي يُنتظر أن يكون مواجهة توازنات دقيقة. الأردن سيحاول كسر الإيقاع العام للمباراة والاعتماد على التنظيم والضغط المدروس، بينما يسعى المغرب إلى فرض أسلوبه والاستفادة من الاستحواذ والسرعة في الأطراف. الصراع في وسط الملعب سيكون مفتاح المباراة، حيث تُحسم السيطرة وتُصنع الفوارق. بعيدًا عن الأسماء، ما يجمع الفريقين هو الروح القتالية والرغبة الواضحة في التتويج. المباراة لن تكون سهلة على الطرفين، والأخطاء ستكون مكلفة في لقاء لا يقبل التعويض. كلمة أخيرة: على استاد لوسيل، وفي أجواء جماهيرية منتظرة، يقف الأردن والمغرب أمام فرصة تاريخية لرفع كأس العرب. نهائي لا يُحسم بالتوقعات، بل بالتفاصيل، والتركيز، والقدرة على الصمود حتى اللحظة الأخيرة.
750
| 18 ديسمبر 2025
يوماً بعد يوم تكبر قطر في عيون ناظريها من كأس العالم الذي أبهر وأدهش وأتقن، الى احتضان فعاليات كأس العرب. نعم نجحت قطر في جمع العرب في ملتقى استثنائي، بدأ بافتتاح مهيب وأسطوري اجتمعت فيه حضارة العرب وعاداتهم وأحلامهم ونجحت في تقديم فلسفة الاستاد خلال الأيام الماضية على أنه البيت العربي الكبير الذي يجمع العرب متجاوزين الحدود والفوارق. لقد تبيّن لنا أن هناك الكثير مما يجمع العرب، وليس حرف الضاد وحده، فها هي كرة قدم أظهرت أنهم يقفون ويستطيعون البناء وتقديم الأفضل، وأن هناك جيلا متفائلا يؤمن بالمستقبل وبأنه قادر على أن ينهض من تحت الركام، جيل جديد يتنفس عطاءً ويضع لبنات البناء الذي يعيد المجد لهذه الأمة. أما فلسطين فكانت حاضرة في هذا المهرجان الكروي، في تضامن ليس جديدا أو غريبا على قطر وشعبها، ولعل الأوبريت المؤثر حين جمع قصص الاناشيد الوطنية للدول العربية عبّر لكل الحاضرين والمشاهدين أن تحريرها ممكن وان وحدتنا ممكنة. قطر ومن جديد تجمع العرب في كأس العرب للمرة الثانية من المحيط الى الخليج في هذه الاحتفالية الكروية التي تعد الأكبر في العالم العربي، والسؤال الذي يطرح نفسه عن سرّ نجاح قطر مرة تلو الأخرى؟ لقد وضعت قطر بصمتها على خريطة العرب والعالم فأصبح يشار إليها بالبنان لما تمتلكه من قدرات استثنائية على استضافة الأحداث الرياضية الكبرى وتمثل كأس العرب فصلاً جديداً في هذا الإرث الرياضي الغني والمتنوع. قطر وخلال أعوام مضت وضعت رؤيتها، وحددت هدفها وسخرت امكاناتها، وبذلت كل ما تستطيع لتحقيق ما رأيناه من ترتيبات لإقامة كأس العالم على أرض صغيرة حجما، كبيرة بالفعل فكان لها ما أرادت واستقر الهدف وجاءت في هذه البطولة لتبني على ما تم انجازه وتعطي أكثر وأكثر. تمتلئ ملاعب قطر بالجماهير التي تحول ملاعب المونديال الأيقونية إلى مسرح جديد للإثارة الكروية العربية يستفيد فيها المشاركون والجماهير من منظومة متكاملة، أسست على أرقى المعايير البيئية العالمية، فهي لم تعتمد بناء ملاعب يطلق عليها مصطلح الأفيال البيضاء ببناء أبنية ضخمة لا داعي لها بل شيدت على مبدأ الاستدامة واستخدام أدوات صديقة للبيئة بحيث يمكن تفكيك وإعادة استخدام الملاعب وفق خطة مدروسة بمجرد الانتهاء منها سواء بإعادة تدويرها في مشروعات داخلية أو بالتبرّع بها وإهدائها إلى دول أخرى لرفع كفاءة منشآتها الرياضية إضافة الا أنها ملاعب بلا تدخين وملاعب يصدح فيها صوت الأذان انجاز مختلف ومقدر. يضاف إلى هذه الملاعب المونديالية، أنها استفادت من البنية التحتية الرياضية الواسعة التي أولت قطر اهتماما كبيرا بها بما في ذلك مرافق التدريب الحديثة، ومناطق المشجعين التي توفر تجربة ترفيهية متكاملة وفي نقطة تحسب لهذه الجهود تتضمن الملاعب خيارات أماكن مخصصة للمشجعين من ذوي الإعاقة. وهنا لا بد من ذكر تسهيلات حركة المشجعين من خلال شبكة منظمة من المواصلات فنجاحها يعد حجر الزاوية في انجاح البطولة فهي توفر شبكة نقل حديثة ومتكاملة تتمتع بسلاستها وفعاليتها مع وجود مترو الدوحة العمود الفقري للدوحة الذي يربط غالبية الملاعب والمناطق الحيوية في قطر خلال دقائق معدودة، بجانب منظومة نقل عام فعالة سلسة الحركة خلال الفعاليات الكبرى، فضلا عن طرق حديثة تساهم بصورة كبيرة في تقليل الازدحام وتعزيز انسيابية حركة الجماهير. وإلى جانب ذلك، يتوفر أسطول حديث من الحافلات الكهربائية الصديقة للبيئة لتقليل الانبعاثات الكربونية، وكذلك خدمة نقل عام مستدامة وفعالة تشمل "مترولينك"، والتي تتمثل في شبكة حافلات فرعية مجانية تربط بين محطات المترو والأماكن المحيطة. لقد ركزت قطر على الاستدامة عبر استخدام حافلات كهربائية وتقليل الاعتماد على السيارات الخاصة، وتوفير تجربة سلسة في نقل المشجعين مع الأخذ في الاعتبار احتياجات الأشخاص ذوي الإعاقة عند تصميم وسائل النقل والمحطات، وهو الأمر الذي يساعد على ترك إرث مستدام لقطر يعزز من مكانتها كمركز للفعاليات العالمية. وبينما تدار المباريات من جهة تقام مجموعة من الفعاليات الثقافية والترفيهية لتعزيز تجربة المشجعين وخلق أجواء إيجابية وبناء جسور بينهم حيث ترحب قطر بهم بطريقتها وبحسن وكرم الاخلاق والضيافة. أي انجاز هذا، خطوة ٌتحسب وتقدر ونقطةٌ بألف هدف، فقطر تربط استثمارها بالرياضة بتحقيق نمو اقتصادي وسياحي وفي نفس الوقت وفي هذا المحفل العربي الاخوي تزيل اسباب الفرقة وتقرب المسافات في تجمع لم نكن نراه او يشهد له في من سبقها من فعاليات لكأس العرب. أي انجازٍ هذا في أكبر تجمع عربي، إذا هي الارادة الجادة والحقيقية المنتمية، تغلفها الشجاعة والاقتدار الساعية لبث الخير. قطر لا تمتلك المال فقط، إنما هي تتبع قواعد النجاح وتركز على الإنسان وفكره وتطويره، لا تترك جهدا ً في الاستفادة من خبرات الآخرين والتعلم منها والبناء عليها، وتعطي الفرص وتمنح المساحات للعطاء لمن يريد من القطريين أو غيرهم ممن يعيشون على أرضها. من استاد ملعب البيت كان الافتتاح، ولن تكون النهاية، لقد أصبحت قطر على الدوام البيت الذي يجمع ولا يفرق يلم الجراح ويبث الطمأنينة. الأمل يحدونا لأن نزيد ما تم بناؤه فكريا وروحيا ومعنويا في قطر، وفي غيرها من شقيقاتها من الدول العربية والإسلامية، حتى نغدو منارة يهتدى بنا.
690
| 15 ديسمبر 2025