رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

Al-sharq

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

الشرق

مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

إبراهيم عبدالرزاق آل إبراهيم

مساحة إعلانية

مقالات

384

إبراهيم عبدالرزاق آل إبراهيم

الاستكبار صنم

03 يوليو 2025 , 01:00ص

في أي قرن نعيش؟ وفي أي غابة نسكن؟ غابة كلها وحوش ضارية لا ترحم؟ القوي يهاجم ويتطاول على من يريد، ومن يمتلك أسلحة يبيد شعباً بأكمله، ومن يمتلك القوة في العتاد يهجّر ويحاصر ويجوّع شعباً دون رادع من أي دولة ولا منظمة ولا هيئة. ويدعون إنهم يدافعون عن حقوق الإنسان. ولكن أي إنسان! ومن هذا الإنسان الذي يحمونه! وبأي منطق يتعاملون مع غيرهم. عجيب أمر أدعياء التحضر والتكنولوجيا والذكاء الاصطناعي! أي استكبار وعلو وتجبر وتكبر وعتو وبغي نشاهده ويشاهد العالم صوره الوحشية.

وهنا نتذكر الأقوام المستكبرة في الأرض من قرون ماضية هالكة قال الله تعالى ((فَأَمَّا عَادٌ فَاسْتَكْبَرُوا فِي الأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَقَالُوا مَنْ أَشَدُّ مِنَّا قُوَّةً))، وآخر قال الظالم مستعلياً مستكبراً ((وَقَالَ فِرْعَوْنُ يَا أَيُّهَا الْمَلَأُ مَا عَلِمْتُ لَكُم مِّنْ إِلَهٍ غَيْرِي))، وقال المتكبر المستبد ((أَلَيْسَ لِي مُلْكُ مِصْرَ وَهَذِهِ الأَنْهَارُ تَجْرِي))،كل هؤلاء أهلكهم الله الجبار ((فَكُلا أَخَذْنَا بِذَنبِهِ فَمِنْهُم مَّنْ أَرْسَلْنَا عَلَيْهِ حَاصِبًا وَمِنْهُم مَّنْ أَخَذَتْهُ الصَّيْحَةُ وَمِنْهُم مَّنْ خَسَفْنَا بِهِ الأَرْضَ وَمِنْهُم مَّنْ أَغْرَقْنَا وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيَظْلِمَهُمْ وَلَكِن كَانُوا أَنفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ)).

فالاستكبار من أسباب هلاك كل فرعون مستبد في الأمم السابقة ((إِنَّ فِرْعَوْنَ عَلا فِي الأَرْضِ)) أو من سيأتي بعدهم من الأمم أو الدول اللاحقة، والتي تقول من أكثرنا سلاحنا وقوة في العلم والمال والتقنية، وفي العتاد والعدة، ومن أكثرنا وأشدنا نفوذاً جواً وبحراً وبراً، بل وفضاءً. ((لاَ يَغُرَّنَّكَ تَقَلُّبُ الَّذِينَ كَفَرُواْ فِي الْبِلادِ)).

هذا الاستكبار النكد الذي يجيز لنفسه دون غيره، ويعطي من التبريرات والأعذار ما يعطي له في أن يجوّع ويحاصر ويهلك الحرث والنسل لشعب أعزل دون أدنى مبرر لهذا العمل الوحشي المتعالي على كل قانون وميثاق دولي، ودون الرجوع إلى المنظمات التي أقرتها ووافقت عليها، أو يشن هجوماً بأسلحته الإجرامية على دولة أخرى، ضارباً كل القوانين الدولية عرض الحائط، ويتخطى كل شيء ولا يهمه أحد، ويرتكب جرائمه على مسمع ومرأى من العالم.

يالله ما أعظمك! فكم من قوي ادعى القوة، فبغى واستكبر وتجبر وظلم الناس، وطغى وانتفش وأهلك الحرث وأزهق الأرواح، فإذا هو في أسفل سافلين! "إنَّ اللَّهَ عزَّ وجلَّ يُمْلِي لِلظّالِمِ، فإذا أخَذَهُ لَمْ يُفْلِتْهُ، ثُمَّ قَرَأَ "وكَذلكَ أخْذُ رَبِّكَ، إذا أخَذَ القُرَى وهي ظالِمَةٌ إنَّ أخْذَهُ ألِيمٌ شَدِيدٌ". سيزول صنم الاستكبار وستذروه الرياح!.

"ومضة"

ورحم الله مالك بن نبي حين قال "من سنن الله في خلقه أنه عندما تغرب الفكرة، يبزغ الصنم".

مساحة إعلانية