رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

Al-sharq

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

الشرق

مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

زهرة السيد

زهرة السيد

مساحة إعلانية

مقالات

30246

زهرة السيد

بلاغة الإمام زين العابدين

03 أغسطس 2012 , 12:00ص

ليس الغريب غريب الشام واليمن

إن الغريب غريب اللحد والكفن

إن الغريب له حق لغربته

على المقيمين في الأوطان والسكن

سفري بعيدُ وزادي لن يبلغني

وقوتي ضعفت والموت يطلبني

قصيدة لخصت مأساة الوجود الإنساني بين الحياة والموت، مأساة الإنسان وضياعه في عالم غامض وحياة خادعة غرورة، لم تستوقفني في حياتي قصيدة بقدر ما استوقفتني هذه القصيدة التي تهز كل أوتار القلب وتزلزل الكيان البشري الضعيف المعرض للانكسار في أي لحظة، هذه القصيدة للشاعر زين العابدين علي بن الحسين رحمه الله ولم أعرف من قبل شاعراً أبلغ ولا أدق منه في وصف هذه اللحظة المريرة، لحظة خروج الروح بكل عذابها وسكراتها المرعبة وغربتها حيث لا غربة أعظم من غربة الإنسان في قبره كما تحدث الشاعر في هذه القصيدة عن عظمة الذنوب مقابل عظمة عفو الخالق فقال:

تمر ساعات أيام بلا ندم

ولا بكاء ولا خوف ولا حزن

يا زلة كتبت في غفلة ذهبت

يا حسرة بقيت في القلب تحرقني

دعني أنوح على نفسي وأندبها

وأقطع الدهر بالتذكير والحزن

ثم يأتي الشاعر إلي لحظة خروج الروح، لحظة تتضمن شريطاً سريعا لما مر به في الحياة ليكتشف كم هي تافهة الحياة أمام هذه اللحظة حيث تتمزق الأوتار الدقيقة المشدودة في أعماق الإنسان والممتدة عبر الآخرين يقول الشاعر:

كأنني بين تلك الأهل منطرحاً

على الفراش أيديهم تقلبني

وقد أتوا بطبيب كي يعالجني

ولم أر الطب هذا اليوم ينفعني

 

واشتد نزعي وصار الموت يجذبها

من كل عرق بلا رفق ولا هون

واستخرج الروح مني في تغرغرها

وصار ريقي مريرا حين غرغرني

وغمضوني وراح الكل وانصرفوا

نحو المغسل يأتيني ليغسلني

هنا تتزلزل الأعماق حسرة وخوفاً، فهل كانت حياتنا تستحق ما فعلناه بها وهل الهدف من الحياة هو ممارسة الحياة وكفي؟؟

ثم إنني أتساءل من أين جاء الإمام زين العابدين بهذه الصورة الذهنية الواضحة عن حال الإنسان في لحظة ما بعد الموت؟؟

في هذه الأبيات المثقلة بإحساس غامض مشحون بالرهبة، إحساس باللا جدوى واللا معنى وبالمقابل مليئة بهذا التنوع الغريب والغني في تفسير الموت على عدة مستويات يواصل الشاعر زين العابدين علي بن الحسين وصفه الدقيق لهذا المشهد ويقول:

فجاءني رجل منهم فجردني

من الثياب وأعراني وأفردني

 وأودعوني على الألواح منطرحا

 وصار فوقي خرير الماء يغسلني

 واسكب الماء من فوقي وغسلني

 غسلا ثلاثا ونادى القوم بالكفن

 وألبسوني ثيابا لا كمام لها

 وصار زادي حنوطي حين حنطني

 وأخرجوني من الدنيا فوا أسفا

 على رحيل بلا زاد يبلغني

 صلوا عليّ صلاة لا ركوع لها

 ولا سجود لعل الله يرحمني

 هذه القصيدة تفجير لغربة الإنسان وتكريس لوحشته ووحدته وزيف علاقاته والتقاء مع الإنسانية المتعبة البائسة، والإنسان الذي يرحل عن الدنيا لا يحمل منها أكثر من قطعة قماش أبيض..

أما عن القبر وظلمة القبر فللشاعر هذا الختام في قصيدته الطويلة البليغة والتي أتمنى أن أكون قد وفقت في إيصال بعض معانيها وأبياتها إليكم.

في ظلمة القبر لا أم هناك ولا

أب شفيق ولا أخ يؤنسني

 فريد وحيد القبر يا أسفا

 على الفراق بلا عمل يزودني

 تقاسم الأهل مالي بعدما انصرفوا

وصار وزري على ظهري فأثقلني

 فلا تغرنك الدنيا وزينتها

 وانظر إلي فعلها في الأهل والوطن..

وانظر إلى من حوى الدنيا بأجمعها

هل راح منها بغير الحنط والكفن؟؟؟

اقرأ المزيد

alsharq حين يركض النص أسرع من صاحبه: تأملات في مصير الحقوق الفكرية

لا يشبه النص، حين يُولد، أيَّ كائنٍ آخر؛ إنّه هشّ في بدايته، شديد الثقة في آن، يخرج إلى... اقرأ المزيد

30

| 22 ديسمبر 2025

alsharq الإعلام غير الاجتماعي وخطاب الكراهية

فيما يرى ابن خلدون أنّ الإنسان كائن اجتماعي بطبيعته، وأنّ الاجتماعية تقوم على التواصل والنظام والاستقرار والتضامن والعدالة،... اقرأ المزيد

30

| 22 ديسمبر 2025

alsharq الإخلال يعني الانحلال

لا تعتادوا الخطيئة فتصبح عادة ولا تستهينوا بها فتغدو تقليدا لا ينكره أحد. بهذه الجمل الصغيرة عبرت عن... اقرأ المزيد

27

| 22 ديسمبر 2025

مساحة إعلانية