رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

Al-sharq

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

الشرق

مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

د. عبدالله إبراهيم علي

د. عبدالله إبراهيم علي

مساحة إعلانية

مقالات

10135

د. عبدالله إبراهيم علي

عندما يتغير الخطاب بتغير المصالح

03 أغسطس 2016 , 12:45ص

لا يستطيع الإنسان مهما كان، الاستغناء عن الآخرين، سواء من أجل تبادل المصالح المشتركة، أم من أجل الحب المطلق في الله، ومن أسمى هذه العلاقات، هي الصداقة التي يُبنى سمو تعاملها عبر الأيام والسنوات بالاحترام والوفاء، فهناك من يستغل ارتباطه بشخص معين لمصلحة شخصية، وما أن تنتهي هذه المصلحة، ينتهي معها كل شيء، وهو ما يعكس سوء نوايا بعض الأفراد.

وللصداقة شروط، أهمها التوافق الفكري والنفسي والاحترام المتبادل، وكذلك تشابه الميول والاتجاهات، وربما الأخلاق الحسنة التي تفعل مفعول السحر في الاحترام المتبادل بين الأفراد والجماعات، كما يكون الأجمل في العلاقة، إنْ كانت بعيدة عن المصالح الشخصية، ولكن الذي نراه الآن، أنه قلَ ما توجد صداقة، بل مصالح متبادلة، وبمجرد أن تنتهي المصلحة تنتهي العلاقة، وتتغير المعاملة، إلا أن الظروف الاجتماعية والسياسية والاقتصادية فرضت علينا نوعية معينة من العلاقات لم تكن موجودة في الماضي، حتى بعض العلاقات الزوجية وقعت تحت وطأة المصالح والمنافع، فالعلاقات الحقيقية البعيدة عن المصالح الشخصية، تسمو بأهلها.

من أكثر الأساليب المستخدمة لدى البعض للوصول إلى الغاية المرجوة هذه الأيام هو التودد إلى الشخص المستهدف، وهذا الوداد قد يكون شخصياً، كبنت يحبها شخص، ويريد أن يتزوجها من أجل مالها فقط، أو لأن والدها ذو مال وأملاك، أو بأن تستهدف العلاقة شخص معين لمصلحة منه وبعدها يرفسه، ويُمسي كأنه لا يعرفه، فما هي هذه الحياة وما قيمتها من دون علاقات بين البشر؟ ولكن أليس في بعض العلاقات شوائب أو طمع؟

في الحقيقة أصبحت أغلب العلاقات البشرية والارتباطات، محكومة بالمصالح المتبادلة التي باتت هي الأساس لاستمرار العلاقة، والمؤسف أيضاً حتى الحب، بات يخضع لهذه المعضلة، بحيث أصبح الرجل يحسب ألف حساب قبل اختيار شريكة مستقبله التي يريدها من أجل مساعدته في مصاريف تكاليف المعيشة، قد يكون للظروف الحالية دور في أنها باتت تتطلب مشاركة المرأة والرجل وتعاونهما من أجل بناء عائلة ومنزل، وهنا في تقديري، المشاركة بين الزوجين ليست عيباً، وهذا ليس بالمصلحة، لاعتبارات ظروف الحياة.

إلا أن المشكلة الحقيقية تكمن في (مصلحة) الرجل المطلقة في العلاقة والحب، وهو ما يدفعه إلى استغلال الفتاة واللعب على عواطفها ومشاعرها، لأجل مالها، والمصالح كثيرة، فيكون التودد في البداية، ولكن بعد أن تتحقق المصلحة، تتغير الأساليب والألفاظ وطريقة الخطاب.

أحياناً المصلحة تغلب على الصداقة خاصةً في هذه الأيام، ولنا في إخوة يوسف عليه السلام دليل حين كانت لهم مصلحة مع أبيهم فقالوا: أخانا، (فأرسل معنا أخانا)، وعندما انتهت المصلحة قالوا: (ابنك)، (إِنَّ ابْنَكَ سَرَقَ)، فعند الكثيرين يتغير الخطاب بتغير المصالح، وحين يمرض من نحبه، نقول: (ابتلاء)، وحين يمرض من لا نحبه، نقول: (عقوبة)، وحين يصاب من نحب بمصيبة، نقول: (لأنه طيب)، وحين يُصاب بمن لا نحبه، نقول: (لأنه ظلم الناس).

لنحذر من توزيع أقدار الله على هوانا، فكلنا حاملون للعيوب، ولولا رداء من الله اسمه الستر، لانحنت أعناقنا من شدة الخجل، وهنا تحضرني عبارات للشيخ الشعرواي حين قال:

عندما تكون نقياً من الداخل يمنحك الله نوراً من حيث لا تعلم، ويحبك الناس من حيث لا تعلم، وتأتيك مطالبك من حيث لا تعلم، فصاحب النية الطيبة هو الذي يريد الخير للجميع، وسعادة الآخرين لم تأخذ من سعادتك شيئاً، وغناهم لن ينقص من رزقك شيئاً، وصحتهم لن تزيد من مرضك.

مساحة إعلانية