رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
ضاق اليونانيون ذرعاً بالسياسات التقشفية القاسية والطويلة التي فرضها عليهم كل من الاتحاد الأوروبي وصندوق النقد الدولي، ومن ثم فقد دُفعوا لمنح ثقتهم وبأغلبية ساحقة لحزب "سيريزا" اليساري المتشدد بزعامة ألكسيس تسيبراس الذي وعدهم في البرنامج الانتخابي لحزبه بمعالجة أزمة غلاء المعيشة وإنعاش الاقتصاد وزيادة الحد الأدنى للأجور من 580 يورو إلى 751 يورو شهرياً مع خفض الضرائب والسعي لشطب الجزء الأكبر من الديون التي تبلغ نحو 175% من إجمالي الناتج المحلي للبلاد "على غرار ما حدث مع ألمانيا في عام 1953"، وعقد مؤتمر أوروبي موسع لمناقشة كيفية سداد الجزء المتبقي من المديونية على أسس ميسرة.
وإن ألمح البعض إلى صعوبة شطب الديون اليونانية في ظل تصريح رئيس المفوضية الأوروبية "جان كلود يونكر" بأن إلغاء الديون اليونانية يعد أمراً غير وارد، وفي ظل معارضة الحكومة الألمانية لهذه الخطوة مدعومة برأي عام شعبي واسع النطاق، مما أدى إلى تراجع بورصة أثينا خلال هذا الأسبوع بأكثر من 16% وما ترتب على ذلك من تراجع أسواق الأسهم الأوروبية ومؤشراتها الرئيسية ببورصات طوكيو وباريس وفرانكفورت وشنغهاي وميلانو ومدريد وغيرها.... وإن وضع البعض حلولاً وسطية قابلة للتطبيق العملي ومنها تمديد الدائنين لفترات ومدد استحقاق مدفوعات الديون وخفض أسعار الفائدة أو إيقافها لفترة مؤقتة.
ويتخوف اليونانيون من استمرار دول الاتحاد الأوروبي في تشددهم تجاه بلادهم كي يرسلوا من خلال ذلك بعض الإشارات والرسائل التحذيرية لعدد من الأحزاب اليسارية الأوروبية وبعض الدول، كإسبانيا وفرنسا وإيطاليا والبرتغال التي تعاني أزمات تقشفية بضرورة الالتزام بتطبيق هذه السياسات المفروضة من قبل الاتحاد الأوروبي، بعد أن فتحت الانتخابات اليونانية الأخيرة باب الانقسام الفكري بين أحزاب اليسار واليمين داخل البلاد وفي منطقة اليورو.
ومن الجدير بالذكر أن قروض اليونان المترتبة على عملية إعادة هيكلة ديونها بعد عام 2010 قد بلغت أكثر من 240 مليار يورو، إلا أن الجزء الأخير من حزمة الإنقاذ الأوروبية والبالغة 7.2 مليار يورو ما زالت في حاجة إلى المزيد من التفاوض، وهو الأمر الذي يعد تحدياً كبيراً أمام الحكومة اليسارية الجديدة التي يجب عليها كذلك سداد مستحقات مالية على البلاد خلال الشهر المقبل مقدارها 4.3 مليار يورو، بالإضافة إلى أكثر من ستة مليارات يورو أخرى مستحقة على البلاد في يوليو المقبل، بما سوف يدفع الحكومة الجديدة إلى إصدار سندات حكومية قصيرة الأجل لتغطية هذه المتطلبات المالية الضرورية للبلاد.
ويرى الكثير من الخبراء والمحللين أن هناك فجوة كبيرة بين رؤية الحزب اليساري اليوناني الفائز في الانتخابات "حزب سيريزا" ورؤية فريق دائني البلاد، سواء الاتحاد الأوروبي أو صندوق النقد الدولي وأنه يصعب سد هذه الفجوة، خاصة في المدى القصير، ويرى هؤلاء الخبراء أن أفضل الصيغ التوافقية التي يمكن أن ترضي الطرفين في الوقت الراهن، إنما تتمثل في مد أجل الموعد النهائي لحزمة الإنقاذ المالي إلى ما بعد 28 فبراير المقبل بما يتيح لكلا الطرفين فرصة التقاط الأنفاس والتفكير بتأنٍ في صياغة حل وسط على المدى الطويل دون التعرض لمناقشة إمكانية استمرار عضوية اليونان بالاتحاد الأوروبي من عدمه.
هذا وقد أعلنت معظم حكومات دول منطقة اليورو عن رغبتها في استمرار اليونان في عضوية الاتحاد وفي المقدمة منها المستشارة الألمانية "أنجيلا ميركل" التي صرحت بأن بلادها ودول منطقة اليورو ترغب في أن تظل اليونان جزءاً من المنظومة الأوروبية... وقد أعلن في ذات الوقت غالبية اليونانيين عن عدم رغبتهم في الانفصال عن الاتحاد الأوروبي، مما دفع "تسيبراس" رئيس الحزب اليساري "سيريزا" إلى إعلان بقاء بلاده داخل منطقة اليورو والاتحاد الأوروبي، وتعهده بالتعاون مع القادة الأوروبيين للتوصل إلى حل عادل مرضٍ لأزمة مديونية بلاده وبما يحقق مصالح كلا الطرفين.
وفي ظل الوعود البراقة للحزب اليساري "سيريزا" أثناء الحملة الانتخابية في منتصف الشهر الماضي، وخزائن البلاد الفارغة ومحاولة الحزب اكتساب مصداقية وثقة الجماهير اليونانية في تحقيق العدالة الاجتماعية فقد وضع على رأس أولوياته تقديم بعض الإعانات الفورية للمواطنين الفقراء والأكثر فقراً من خلال استعادة الخدمات الكهربائية وتقديم طوابع الغذاء للمعوزين.
ويتخوف رئيس الوزراء البريطاني "ديفيد كاميرون" من زيادة حالة عدم اليقين الاقتصادي التي يمكن أن تسود الدول الأوروبية من جراء فوز الحزب اليساري اليوناني، وكذا تداعيات تلك الخطوة على صعود نجم الأحزاب المناهضة لكتلة اليورو، وهو ما تمت ترجمته بالفعل مع حزب "بوديموس" الإسباني الذي ينادي بإنهاء حالة التقشف ببلاده والذي بدأت نتائج استطلاعات الرأي تميل بوضوح لصالحه، وهو ما يمكن أن يزيد كذلك من فرص حزب "البديل من أجل ألمانيا" وحزب الاستقلال في بريطانيا.
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية




مساحة إعلانية
في الساعات المبكرة من صباح السبت، ومع أول شعاع يلامس مياه الخليج الهادئة، من المعتاد أن أقصد شاطئ الوكرة لأجد فيه ملاذا هادئا بعد صلاة الفجر. لكن ما شهده الشاطئ اليوم لم يكن منظرا مألوفا للجمال، بل كان صدمة بصرية مؤسفة، مخلفات ممتدة على طول الرمال النظيفة، تحكي قصة إهمال وتعدٍ على البيئة والمكان العام. شعرت بالإحباط الشديد عند رؤية هذا المنظر المؤسف على شاطئ الوكرة في هذا الصباح. إنه لأمر محزن حقا أن تتحول مساحة طبيعية جميلة ومكان للسكينة إلى مشهد مليء بالمخلفات. الذي يصفه الزوار بأنه «غير لائق» بكل المقاييس، يثير موجة من التساؤلات التي تتردد على ألسنة كل من يرى المشهد. أين الرقابة؟ وأين المحاسبة؟ والأهم من ذلك كله ما ذنب عامل النظافة المسكين؟ لماذا يتحمل عناء هذا المشهد المؤسف؟ صحيح أن تنظيف الشاطئ هو من عمله الرسمي، ولكن ليس هو المسؤول. والمسؤول الحقيقي هو الزائر أولا وأخيرا، ومخالفة هؤلاء هي ما تصنع هذا الواقع المؤلم. بالعكس، فقد شاهدت بنفسي جهود الجهات المختصة في المتابعة والتنظيم، كما لمست جدية وجهد عمال النظافة دون أي تقصير منهم. ولكن للأسف، بعض رواد هذا المكان هم المقصرون، وبعضهم هو من يترك خلفه هذا الكم من الإهمال. شواطئنا هي وجهتنا وواجهتنا الحضارية. إنها المتنفس الأول للعائلات، ومساحة الاستمتاع بالبيئة البحرية التي هي جزء أصيل من هويتنا. أن نرى هذه المساحات تتحول إلى مكب للنفايات بفعل فاعل، سواء كان مستخدما غير واعٍ هو أمر غير مقبول. أين الوعي البيئي لدى بعض رواد الشاطئ الذين يتجردون من أدنى حس للمسؤولية ويتركون وراءهم مخلفاتهم؟ يجب أن يكون هناك تشديد وتطبيق صارم للغرامات والعقوبات على كل من يرمي النفايات في الأماكن غير المخصصة لها، لجعل السلوك الخاطئ مكلفا ورادعا.
4161
| 05 ديسمبر 2025
فجعت محافل العلم والتعليم في بلاد الحرمين الشريفين برحيل معالي الأستاذ الدكتور الشيخ محمد بن علي العقلا، أحد أشهر من تولى رئاسة الجامعة الإسلامية في المدينة المنورة، والحق أنني ما رأيت أحدًا أجمعت القلوب على حبه في المدينة المنورة لتواضعه ودماثة أخلاقه، كما أجمعت على حب الفقيد الراحل، تغمده الله بواسع رحماته، وأسكنه روضات جناته، اللهم آمين. ولد الشيخ العقلا عليه الرحمة في مكة المكرمة عام 1378 في أسرة تميمية النسب، قصيمية الأصل، برز فيها عدد من الأجلاء الذين تولوا المناصب الرفيعة في المملكة العربية السعودية منذ تأسيس الدولة. وقد تولى الشيخ محمد بن علي نفسه عمادة كلية الشريعة بجامعة أم القرى، ثم تولى رئاسة الجامعة الإسلامية في المدينة المنورة عام 1428، فكان مكتبه عامرا بالضيوف والمراجعين مفتوحًا للجميع وجواله بالمثل، وكان دأبه الرد على الرسائل في حال لم يتمكن من إجابة الاتصالات لأشغاله الكثيرة، ويشارك في الوقت نفسه جميع الناس في مناسباتهم أفراحهم وأتراحهم. خرجنا ونحن طلاب مع فضيلته في رحلة إلى بر المدينة مع إمام الحرم النبوي وقاضي المدينة العلامة الشيخ حسين بن عبد العزيز آل الشيخ وعميد كلية أصول الدين الشيخ عبد العزيز بن صالح الطويان ونائب رئيس الجامعة الشيخ أحمد كاتب وغيرهم، فكان رحمه الله آية في التواضع وهضم الذات وكسر البروتوكول حتى أذاب سائر الحواجز بين جميع المشاركين في تلك الرحلة. عرف رحمه الله بقضاء حوائج الناس مع ابتسامة لا تفارق محياه، وقد دخلت شخصيا مكتبه رحمه الله تعالى لحاجة ما، فاتصل مباشرة بالشخص المسؤول وطلب الإسراع في تخليص الأمر الخاص بي، فكان لذلك وقع طيب في نفسي وزملائي من حولي. ومن مآثره الحسان التي طالما تحدث بها طلاب الجامعة الإسلامية أن أحد طلاب الجامعة الإسلامية الأفارقة اتصل بالشيخ في منتصف الليل وطلب منه أن يتدخل لإدخال زوجته الحامل إلى المستشفى، وكانت في حال المخاض، فحضر الشيخ نفسه إليه ونقله وزوجته إلى المستشفى، وبذل جاهه في سبيل تيسير إدخال المرأة لتنال الرعاية اللازمة. شرفنا رحمه الله وأجزل مثوبته بالزيارة إلى قطر مع أهل بيته، وكانت زيارة كبيرة على القلب وتركت فينا أسنى الأثر، ودعونا فضيلته للمشاركة بمؤتمر دولي أقامته جامعة الزيتونة عندما كنت مبتعثًا من الدولة إليها لكتابة أطروحة الدكتوراه مع عضويتي بوحدة السنة والسيرة في الزيتونة، فكانت رسالته الصوتية وشكره أكبر داعم لنا، وشارك يومها من المملكة معالي وزير التعليم الأسبق والأمين العام لرابطة العالم الإسلامي الوالد الشيخ عبدالله بن صالح العبيد بورقة علمية بعنوان «جهود المملكة العربية السعودية في خدمة السنة النبوية» ومعالي الوالد الشيخ قيس بن محمد آل الشيخ مبارك، العضو السابق بهيئة كبار العلماء في المملكة، وقد قرأنا عليه أثناء وجوده في تونس من كتاب الوقف في مختصر الشيخ خليل، واستفدنا من عقله وعلمه وأدبه. وخلال وجودنا بالمدينة أقيمت ندوة لصاحب السمو الملكي الأمير نواف بن فيصل بن فهد آل سعود حضرها أمير المدينة يومها الأمير المحبوب عبد العزيز بن ماجد وعلماء المدينة وكبار مسؤوليها، وحينما حضرنا جعلني بعض المرافقين للشيخ العقلا بجوار المستشارين بالديوان الملكي، كما جعلوا الشيخ جاسم بن محمد الجابر بجوار أعضاء مجلس الشورى. وفي بعض الفصول الدراسية زاملنا ابنه الدكتور عقيل ابن الشيخ محمد بن علي العقلا فكان كأبيه في الأدب ودماثة الأخلاق والسعي في تلبية حاجات زملائه. ودعانا مرة معالي الشيخ العلامة سعد بن ناصر الشثري في الحرم المكي لتناول العشاء في مجلس الوجيه القطان بمكة، وتعرفنا يومها على رئيس هيئات مكة المكرمة الشيخ فراج بن علي العقلا، الأخ الأكبر للشيخ محمد، فكان سلام الناس عليه دليلا واضحا على منزلته في قلوبهم، وقد دعانا إلى زيارة مجلسه، جزاه الله خيرا. صادق العزاء وجميل السلوان نزجيها إلى أسرة الشيخ ومحبيه وطلابه وعموم أهلنا الكرام في المملكة العربية السعودية، ولا نقول إلا ما يرضي ربنا، اللهم تقبله في العلماء الأتقياء الأنقياء العاملين الصالحين من أمة نبينا محمد صلى الله عليه وسلم. «إنا لله وإنا إليه راجعون».
1746
| 04 ديسمبر 2025
في كل يوم، ينظر الإنسان إلى ما ينقصه أكثر مما ينظر إلى ما يملكه. ينشغل الإنسان بأمنياته المؤجلة، وأحلامه البعيدة ينشغل بما ليس في يده، بينما يتجاهل أعظم ما منحه الله إياه وهي موهبته الخاصة. ومثلما سأل الله موسى عليه السلام: ﴿وَمَا تِلْكَ بِيَمِينِكَ يَا مُوسَى﴾، فإن السؤال ذاته موجّه لكل إنسان اليوم ولكن بطريقة أخرى: ما هي موهبتك؟ وما عصاك التي بيدك؟ جوهر الفكرة ان لكل إنسان عصا. الفكرة الجوهرية لهذا المفهوم بسيطة وعميقة، لا يوجد شخص خُلق بلا قدرة وبلا موهبة وبلا شيء يتميز به، ولا يوجد إنسان وصل الدنيا فارغ اليدين. كل فرد يحمل (عصاه) الخاصة التي وهبه الله ليتكئ عليها، ويصنع بها أثره. المعلم يحمل معرفته. المثقف يحمل لغته. الطبيب يحمل علمه. الرياضي يحمل قوته. الفنان يحمل إبداعه. والأمثلة لا تنتهي ….. وحتى أبسط الناس يحملون حكمة، أو صبرًا، أو قدرة اجتماعية، أو مهارة عملية قد تغيّر حياة أشخاص آخرين. الموهبة ليست مجرد ميزة… إنها مسؤولية في عالم الإعلام الحديث، تُقدَّم المواهب غالبًا كوسيلة للشهرة أو الدخل المادي، لكن الحقيقة أن الموهبة قبل كل شيء أمانة ومسؤولية. الله لا يمنح إنسانًا قدرة إلا لسبب، ولا يضع في يدك عصا إلا لتفعل بها ما يليق بك وبها. والسؤال هنا: هل نستخدم مواهبنا لصناعة القيمة، وترك الأثر الجميل والمفيد أم نتركها مدفونة ؟ تشير الملاحظات المجتمعية إلى أن عددًا كبيرًا من الناس يهملون مواهبهم لعدة أسباب، وليس ذلك مجرد انطباع؛ فبحسب تقارير عالمية خلال عام 2023 فإن نحو 80% من الأشخاص لا يستخدمون مواهبهم الطبيعية في حياتهم أو أعمالهم، مما يعني أن أغلب البشر يعيشون دون أن يُفعّلوا العصا التي في أيديهم. ولعل أهم أسباب ذلك هو التقليل من قيمة الذات، ومقارنة النفس بالآخرين، والخوف من الفشل، وأحيانا عدم إدراك أن ما يملكه الشخص قد يكون مهمًا له ولغيره، بالإضافة إلى الاعتقاد الخاطئ بأن الموهبة يجب أن تكون شيئًا كبيرًا أو خارقًا. هذه الأسباب تحوّل العصا من أداة قوة… إلى مجرد منحوتة معلقة على جدار الديوان. إن الرسالة التي يقدمها هذا المقال بسيطة ومباشرة، استخدم موهبتك فيما يخدم الناس. ليس المطلوب أن تشق البحر، بل أن تشقّ طريقًا لنفسك أو لغيرك. ليس المطلوب أن تصنع معجزة، بل أن تصنع فارقًا. وما أكثر الفروق الصغيرة التي تُحدث أثرًا طويلًا، تعلُم وتعليم، أو دعم محتاج، خلق فكرة، مشاركة خبرة، حل مشكلة… كلها أعمال نبيلة تُجيب على السؤال الإلهي حين يُسأل الإنسان ماذا فعلت بما أعطيتك ومنحتك؟ عصاك لا تتركها تسقط، ولا تؤجل استخدامها. فقد تكون أنت سبب تغيير في حياة شخص لا تعرفه، وقد تكون موهبتك حلًّا لعُقدة لا يُحلّها أحد سواك. ارفع عصاك اليوم… فقد آن لموهبتك أن تعمل.
1602
| 02 ديسمبر 2025