رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
غالباً ما يكون توجيه الكاتب الناشئ نحو طريق الكتابة مقتصرًا على الأدوات والمقومات المادية من رافد ثقافي وتدريب عملي على قوة الصياغة ونحوه، ومع أهمية ذلك وكونه أساسا في تكوين شخصية الكاتب وصقل موهبته وتحقيق طموحاته، إلا أن هناك صفات معنوية لا ينبغي تجاهلها، بل ينبغي توعية الكاتب المبتدئ بأهميتها ولزومها لمسيرته بشكل دائم، أدوّن ثلاثا منها في هذه السطور.
فلابد للكاتب ابتداءً من أن يكون صاحب رسالة، لا صاحب قلم جلّ طموحاته أن يقرأ لنفسه مقالا في الصحف والمواقع أو يطبع له كتاب يتنقل بين معارض الكتاب فحسب، فالكلمة أمانة ومسؤولية، لابد لها من رسالة تضبط مسارها وتدعم استمرارها وتوجه صاحبها إلى غايات كبرى سامية.
وليس هناك للكاتب من رسالة أسمى من انتشال الناس من ظلمات الجهل إلى المعرفة، والإسهام في تنشئة الوعي والنهوض به في الأمة، وبناء إنسان يرتبط بالسماء وفي الوقت ذاته يقطع السبل في الأرض نحو البناء الفعال الذي ينسجم مع مهمة الاستخلاف في الأرض والقيام بحق العبودية لله تعالى.
إن اتصال الكلمة المكتوبة بالحق الذي أراده الله، يصنع منها أداة بناء خالدة، ونحن بلا شك نعيش في عصرنا هذا على مبادئ وقواعد وأنماط وأفكار خلدتها كلمات اتصلت بالسماء، وها هنا يطالعنا الأديب عبد الوهاب عزام رحمه الله بقوله: «ولن تخلد الكلمة على الأجيال إلا إن اتصلت بالحق والخير، وكان لها من قوانين الله في خلقه سند، ومن إلهامه لعباده مدد».
الصفة الثانية التي لابد وأن تتوافر في السائر على درب الكتابة، هي العاطفة الحية، فكما يقال: ليست النائحة الثكلى مثل النائحة المُستأجرة، وكلما سيطرت على الكاتب عاطفة حية متقدة وتفاعل قوي مع أزمات الأمة وأحداثها الجسام، وكلما احترق قلبه على أحوال الإنسانية بشكل عام، وتملكته رغبة صادقة في الإسهام بتغيير الواقع السيئ، كلما أحدثت كلمته التأثير في الجماهير، لذلك قال يحيى بن معاذ رحمه الله: «أحسن شيء: كلام رقيق، يستخرج من بحر عميق، على لسان رجل رفيق».
ثالث هذه الصفات، هي الصبر والمثابرة، فالكاتب يحتاج إلى ذلك طيلة مسيرته في الكتابة، يحتاجها في إلزام النفس بواجب علمي وعملي في القراءة والمطالعة والتدريب، ويحتاجها في التخلص من الحال التي يصاب بها المبتدئ غالبا وهي انتظار الإلهام حتى يحرك القلم، فبالصبر والمثابرة يخرج الكاتب من سجن هذه الفكرة، وتصير لديه القدرة على أن يكتب ويبدع حتى وإن كانت نفسه تأبى.
ومن المعلوم أن الصبر كغيره من الصفات أمر جبلي مركوز في تكوين الإنسان كل بحسب درجته، لكن من المقطوع به أيضا أن هذه الصفة يتم اكتسابها، وكما جاء في الحديث النبوي الشريف: (ومن يتصبر يصبره الله)، وفي حديث آخر (إنما العلم بالتعلم والحلم بالتحلم ومن يتحر الخير يعطه ومن يتوق الشر يوقه)، فدل على أن الصفات قابلة للاكتساب والتغيير، وإلا لما جاءت الوصايا النبوية بتحسين الأخلاق.
فطريق الكتابة شاق وطويل، يحتاج إلى نفس طويل، ولذا ينبغي على من يتأهل للكتابة أن يوطن نفسه على طول أمد التدريب، وعدم التصدّر قبل التحضّر، فذلك أدعى لعدم السقوط.
كما يحتاج إلى الصبر والمثابرة لتحمل الأذى الذي يأتيه ممن يخالفه الرأي والمنحى، فكما قال الإمام سفيان الثوري وغيره: «رضا الناس غاية لا تُدرك»، فما من أحد قد اجتمع عليه الناس، الله جل جل جلاله لم يجتمع كل البشر على الإيمان به، وكذلك الرسل والأنبياء، وكذلك كل العلماء والأدباء والمفكرين، فمن ثم يتعرض الكاتب للنقد والتجريح والتشويه والنيل من عرضه من قبل بعض المخالفين، فلا ينجيه من ذلك إلا الصبر.
فهي ثلاث نصائح لكل من هَمّ بسلّ قلمه مرتادًا طريق الكتابة، عسى الله أن يجعل فيها الفائدة، والله غالب على أمره ولكن أكثر الناس لا يعلمون.
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
إحسان الفقيه
مساحة إعلانية




مساحة إعلانية
في منتصف العام الدراسي، تأتي الإجازات القصيرة كاستراحة ضرورية للطلبة والأسر، لكنها في الوقت ذاته تُعد محطة حساسة تتطلب قدراً عالياً من الوعي في كيفية التعامل معها. فهذه الإجازات، على قِصر مدتها، قد تكون عاملاً مساعداً على تجديد النشاط الذهني والنفسي، وقد تتحول إن أُسيء استغلالها إلى سبب مباشر في تراجع التحصيل الدراسي وصعوبة العودة إلى النسق التعليمي المعتاد. من الطبيعي أن يشعر الأبناء برغبة في كسر الروتين المدرسي، وأن يطالبوا بالسفر والتغيير، غير أن الانصياع التام لهذه الرغبات دون النظر إلى طبيعة المرحلة الدراسية وتوقيتها يحمل في طياته مخاطر تربوية لا يمكن تجاهلها. فالسفر إلى دول تختلف بيئتها ومناخها وثقافتها عن بيئتنا، وفي وقت قصير ومزدحم دراسياً، يؤدي غالباً إلى انفصال ذهني كامل عن أجواء الدراسة، ويضع الطالب في حالة من التشتت يصعب تجاوزها سريعاً عند العودة. توقيت الإجازة وأثره المباشر على المسار الدراسي التجربة التربوية تؤكد أن الطالب بعد الإجازات القصيرة التي تتخلل العام الدراسي يحتاج إلى قدر من الاستقرار والروتين، لا إلى مزيد من التنقل والإرهاق الجسدي والذهني. فالسفر، مهما بدا ممتعاً، يفرض تغييرات في مواعيد النوم والاستيقاظ، ويُربك النظام الغذائي، ويُضعف الالتزام بالواجبات والمتابعة الدراسية، وهو ما ينعكس لاحقاً على مستوى التركيز داخل الصف، ويجعل العودة إلى الإيقاع المدرسي عملية بطيئة ومجهدة. وتكمن الخطورة الحقيقية في أن هذه الإجازات لا تمنح الطالب الوقت الكافي للتكيّف مرتين: مرة مع السفر، ومرة أخرى مع العودة إلى المدرسة. فيضيع جزء غير يسير من زمن الفصل الدراسي في محاولة استعادة النشاط الذهني والانخراط مجدداً في الدروس، وهو زمن ثمين كان الأولى الحفاظ عليه، خصوصاً في المراحل التي تكثر فيها الاختبارات والتقييمات. قطر وجهة سياحية غنية تناسب الإجازات القصيرة في المقابل، تمتلك دولة قطر بيئة مثالية لاستثمار هذه الإجازات القصيرة بشكل متوازن وذكي، فالأجواء الجميلة خلال معظم فترات العام، وتنوع الوجهات السياحية والترفيهية، من حدائق ومتنزهات وشواطئ ومراكز ثقافية وتراثية، تمنح الأسر خيارات واسعة لقضاء أوقات ممتعة دون الحاجة إلى مغادرة البلاد. وهي خيارات تحقق الترفيه المطلوب، وتُشعر الأبناء بالتجديد، دون أن تخلّ باستقرارهم النفسي والتعليمي. كما أن قضاء الإجازة داخل الوطن يتيح للأسرة المحافظة على جزء من الروتين اليومي، ويمنح الأبناء فرصة للعودة السلسة إلى مدارسهم دون صدمة التغيير المفاجئ. ويمكن للأسر أن توظف هذه الفترة في أنشطة خفيفة تعزز مهارات الأبناء، مثل القراءة، والرياضة، والأنشطة الثقافية، وزيارات الأماكن التعليمية والتراثية، بما يحقق فائدة مزدوجة: متعة الإجازة واستمرارية التحصيل. ترشيد الإنفاق خلال العام الدراسي ومن زاوية أخرى، فإن ترشيد الإنفاق خلال هذه الإجازات القصيرة يمثل بُعداً مهماً لا يقل أهمية عن البعد التربوي. فالسفر المتكرر خلال العام الدراسي يستهلك جزءاً كبيراً من ميزانية الأسرة، بينما يمكن ادخار هذه المبالغ وتوجيهها إلى إجازة صيفية طويلة، حيث يكون الطالب قد أنهى عامه الدراسي، وتصبح متطلبات الاسترخاء والسفر مبررة ومفيدة نفسياً وتعليمياً. الإجازة الصيفية، بطولها واتساع وقتها، هي الفرصة الأنسب للسفر البعيد، والتعرف على ثقافات جديدة، وخوض تجارب مختلفة دون ضغط دراسي أو التزامات تعليمية. حينها يستطيع الأبناء الاستمتاع بالسفر بكامل طاقتهم، وتعود الأسرة بذكريات جميلة دون القلق من تأثير ذلك على الأداء المدرسي. دور الأسرة في تحقيق التوازن بين الراحة والانضباط في المحصلة، ليست المشكلة في الإجازة ذاتها، بل في كيفية إدارتها، فالإجازات التي تقع في منتصف العام الدراسي ينبغي أن تُفهم على أنها استراحة قصيرة لإعادة الشحن، لا قطيعة مع المسار التعليمي. ودور الأسرة هنا محوري في تحقيق هذا التوازن، من خلال توجيه الأبناء، وضبط رغباتهم، واتخاذ قرارات واعية تضع مصلحة الطالب التعليمية في المقام الأول، دون حرمانه من حقه في الترفيه والاستمتاع. كسرة أخيرة إن حسن استثمار هذه الإجازات يعكس نضجاً تربوياً، ووعياً بأن النجاح الدراسي لا يُبنى فقط داخل الصفوف، بل يبدأ من البيت، ومن قرارات تبدو بسيطة، لكنها تصنع فارقاً كبيراً في مستقبل الأبناء.
1992
| 24 ديسمبر 2025
حين تُذكر قمم الكرة القطرية، يتقدّم اسم العربي والريان دون استئذان. هذا اللقاء يحمل في طيّاته أكثر من مجرد ثلاث نقاط؛ إنها مواجهة تاريخية، يرافقها جدل جماهيري ممتد لسنوات، وسؤال لم يُحسم حتى اليوم: من يملك القاعدة الجماهيرية الأكبر؟ في هذا المقال، سنبتعد عن التكتيك والخطط الفنية، لنركز على الحضور الجماهيري وتأثيره القوي على اللاعبين. هذا التأثير يتجسد في ردود الأفعال نفسها: حيث يشدد الرياني على أن "الرهيب" هو صاحب الحضور الأوسع، بينما يرد العرباوي بثقة: "جمهورنا الرقم الأصعب، وهو ما يصنع الفارق". مع كل موسم، يتجدد النقاش، ويشتعل أكثر مع كل مواجهة مباشرة، مؤكدًا أن المعركة في المدرجات لا تقل أهمية عن المعركة على أرضية الملعب. لكن هذه المرة، الحكم سيكون واضحًا: في مدرجات استاد الثمامة. هنا فقط سيظهر الوزن الحقيقي لكل قاعدة جماهيرية، من سيملأ المقاعد؟ من سيخلق الأجواء، ويحوّل الهتافات إلى دعم معنوي يحافظ على اندفاع الفريق ويزيده قوة؟ هل سيتمكن الريان من إثبات أن جماهيريته لا تُنافس؟ أم سيؤكد العربي مجددًا أن الحضور الكبير لا يُقاس بالكلام بل بالفعل؟ بين الهتافات والدعم المعنوي، يتجدد النقاش حول من يحضر أكثر في المباريات المهمة، الريان أم العربي؟ ومن يمتلك القدرة على تحويل المدرج إلى قوة إضافية تدفع فريقه للأمام؟ هذه المباراة تتجاوز التسعين دقيقة، وتتخطى حدود النتيجة. إنها مواجهة انتماء وحضور، واختبار حقيقي لقوة التأثير الجماهيري. كلمة أخيرة: يا جماهير العربي والريان، من المدرجات يبدأ النصر الحقيقي، أنتم الحكاية والصوت الذي يهز الملاعب، احضروا واملأوا المقاعد ودعوا هتافكم يصنع المستحيل، هذه المباراة تُخاض بالشغف وتُحسم بالعزيمة وتكتمل بكم.
1599
| 28 ديسمبر 2025
أرست محكمة الاستثمار والتجارة مبدأ جديدا بشأن العدالة التعاقدية في مواجهة « تغول» الشروط الجاهزة وذلك برفض دعوى مطالبة احتساب الفوائد المتراكمة على البطاقة الائتمانية. فقد شهدت أروقة محكمة الاستثمار والتجارة مؤخراً صدور حكم قضائي لا يمكن وصفة إلا بأنه «انتصار للعدالة الموضوعة « على حساب « الشكليات العقدية» الجامدة، هذا الحكم الذي فصل في نزاع بين إحدى شركات التأمين وأحد عملائها حول فوائد متراكمة لبطاقة ائتمانية، يعيد فتح الملف الشائك حول ما يعرف قانوناً بـ «عقود الإذعان» ويسلط الضوء على الدور الرقابي للقضاء في ضبط العلاقة بين المؤسسات المالية الكبرى والأفراد. رفض المحكمة لاحتساب الفوائد المتراكمة ليس مجرد قرار مالي، بل هو تقويم مسار»، فالفائدة في جوهرها القانوني يجب أن تكون تعويضا عن ضرر او مقابلا منطقيا للائتمان، أما تحولها إلى إدارة لمضاعفة الديون بشكل يعجز معه المدين عن السداد، فهو خروج عن وظيفة الائتمان الاجتماعية والاقتصادية. إن استقرار التعاملات التجارية لا يتحقق بإطلاق يد الدائنين في صياغة الشروط كما يشاءون، بل يتحقق بـ « الثقة» في أن القضاء يقظ لكل انحراف في استعمال الحق، حكم محكمة الاستثمار والتجارة يمثل نقلة نوعية في تكريس «الأمن العقدي»، ويؤكد أن العدالة في قطر لا تقف عند حدود الأوراق الموقعة، بل تغوص في جوهر التوازن بين الحقوق والالتزامات. لقد نجح مكتب «الوجبة» في تقديم نموذج للمحاماة التي لا تكتفي بالدفاع، بل تشارك في «صناعة القضاء» عبر تقديم دفوع تلامس روح القانون وتحرك نصوصه الراكدة. وتعزز التقاضي وفقا لأرقى المعايير.
1125
| 24 ديسمبر 2025