رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

Al-sharq

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

الشرق

مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

أ. د. حسن عبدالرحيم البوهاشم السيد

- أستاذ القانون العام بجامعة قطر
halsayed@qu.edu.qa

مساحة إعلانية

مقالات

1233

أ. د. حسن عبدالرحيم البوهاشم السيد

مبادئ العدالة وشهادة خلو الطرف

05 سبتمبر 2024 , 02:00ص

في إحدى الدعاوى التي فصلت فيها المحاكم القطرية مؤخرًا، منازعة تمثلت وقائعها في أن موظفة كانت تعمل في إحدى الوزارات في الدولة، قد تقدمت بطلب إلى هذه الوزارة للحصول على شهادة إخلاء طرف، لتتمكن من الالتحاق بجهة عمل أخرى. إلا أن الوزارة المعنية رفضت منحها هذه الشهادة لوجود مديونية في ذمتها، لصالحها، إذ كانت الموظفة تعمل في الوزارة سابقًا، وقد تم إيفادها في بعثة لمواصلة دراستها على نفقة الوزارة، إلا أنها بعد أن تخرجت وعادت للعمل ثانيةً، تقدمت باستقالتها وانتهت صلتها بها.

وبسبب رفض الوزارة منحها هذه الشهادة طعنت الموظفة المستقيلة في قرار الرفض أمام الدائرة الإدارية بالمحكمة الابتدائية، فحكمت هذه الدائرة لصالحها، وذلك بإلغاء القرار السلبي بالامتناع عن تسليمها شهادة إخلاء الطرف من الوزارة. غير أن هذه الأخيرة استأنفت الحكم، فقضت محكمة الاستئناف بإلغاء حكم الدائرة الإدارية الابتدائية وبرفض الدعوى، وذلك على سند أحقية الوزارة في الامتناع عن منحها شهادة إخلاء طرف لوجود مديونية لصالحها، في ذمة الموظفة المستقيلة.

فطعنت الموظفة المستقيلة في حكم محكمة الاستئناف بطريق التمييز، فرأت المحكمة أحقية الموظفة في الحصول على شهادة خلو الطرف، وفي ذلك تقول محكمة التمييز: «إنه ولئن كان المشرع في قانون الموارد البشرية المدنية الصادر بالقانون رقم (15) لسنة 2016 ولائحته التنفيذية لم يلزما الجهة الإدارية بمنح الموظف شهادة بخلو طرفه عند انتهاء خدمته، إلا أن قواعد العدالة تقتضي منح الموظف عند انتهاء خدمته شهادة بخلو طرفه مبينًا فيها مدة خدمته ونوع العمل الذي كان يقوم به وغير ذلك من البيانات التي تساعده في الالتحاق بالعمل في جهة أخرى، خاصة إذا كان الموظف في بداية حياته الوظيفية كما هو شأن «الموظفة المستقيلة».

كما بينت محكمة التمييز أن امتناع الوزارة عن صرف شهادة الطرف لا يعدو أن يكون اجتهادًا من قِبلها غير معضد بنص تشريعي، ويعد تعطيلًا للموظفة بحرمانها من العمل مستقبلًا حتى تسدد ما ترصد في ذمتها من مديونية، سيما وأن منح الموظفة المنهية خدمتها تلك الشهادة لا يمنع جهة الإدارة من اللجوء إلى القضاء للمطالبة بحقها، وعليه فإن رفض أو امتناع جهة الإدارة منح هذه الشهادة يعد قرارًا معيبًا بعدم المشروعية حريًا بإلغائه.

في هذا الحكم نجد محكمة التمييز تؤكد على استنادها إلى قواعد العدالة عند عدم وجود نص تشريعي يفصل النزاع، وفي ذلك تقول «إنه ولئن كان المشرع في قانون الموارد البشرية المدنية الصادر بالقانون رقم (15) لسنة 2016 ولائحته التنفيذية لم يلزما الجهة الإدارية بمنح الموظف شهادة بخلو طرفه عند انتهاء خدمته، إلا أن قواعد العدالة تقتضي منح الموظف عند انتهاء خدمته شهادة بخلو طرفه..». وقواعد العدالة التي استندت إليها محكمة التمييز القطرية، هي من المبادئ العامة للقانون، ويقصد بالمبادئ العامة للقانون، القواعد القانونية غير المكتوبة التي يكشفها ويستنبطها القضاء من ضمير الجماعة ومن روح التشريع العامة، ويعلنها في أحكامه عندما لا يجد نصًا تشريعًا يحكم المنازعة المعروضة عليه. وتعد المبادئ العامة للقانون من مصادر المشروعية، بجوار التشريع والعرف، التي يجب أن تلتزم جهة الإدارة باحترامها حتى لا تعاب أعمالها أو قراراتها فيطعن بها بعدم المشروعية.

 هذا والله من وراء القصد

 

مساحة إعلانية