رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

Al-sharq

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

الشرق

مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

جاسم محمد المحمود

مساحة إعلانية

مقالات

177

جاسم محمد المحمود

أبي الذي عرفت

16 ديسمبر 2025 , 04:00ص

عندما وعيت على الدنيا وفهمت من هو أبي رأيت في وجهه القوة والهيبة ووجدت فيه العطف والرحمة ورأيت العنف والصلابة ورأيت الدين والسماحة ورأيت الشدة والقسوة ورأيت اللين والرقة 

رأيت فيه كل الحالات النفسية التي تصيب الإنسان، ربما أكون في سنواتي الأولى من الطفولة مشاغباً وحركياً كحال أغلب الأطفال وهذه الحركة صادفها عنف وقسوة من الوالد ( رحمه الله ) وبالأخص أن حركة المشاغبة كانت وقت قيلولة أو وقتًا يفترض أن أكون جالساً للدراسة ولكن لم أفعل، لم يكن والدي من كبراء القوم ومن أصحاب النفوذ والسلطة، كان إنساناً بسيطاً جداً ووظيفته عادية جداً يسعى من خلالها لكسب قوت يومه وسد حاجيات أسرته، ربما أكون قد غضبت منه في فترات معينة لأنه لم يوفر لي بعض ما أريد ( ليس بخلاً ولكن لضيق ذات اليد ) ولكنني لم أكن أفهم ذلك لأن في نظري أن الأب يجب أن يوفر كل ما يحتاجه أبناؤه !!، لا أذكر أنني رأيت شخصاً يقف عند باب البيت ويطلب من أبي تسديد دينه ولم أسمع أن أحداً اشتكى عليه لأنه احتال عليه، كان والدي إنساناً بسيطاً جداً عادياً جداً كان أمياً لم يحصل على فرصةٍ للتعليم لقسوة الحياة في ذلك الوقت ولأنه عاش يتيماً منذ صغره فلم يجد من يعتني به واضطر إلى العمل لكسب قوته، كان رحمه الله شديد التعلق بالمسجد ولم يكن ليُفَوِّت على نفسه فرضاً واحداً، كان يحضنا على التعليم وعلى حفظ كتاب الله والحفاظ على الصلاة في المسجد، كان يتفقدنا بعد كل صلاة وإذا لم يرنا كنا نأخذ نصيبنا من الضرب بسبب هذا التقصير والإهمال في تأدية هذه الفريضة، ربما يكون قد حرمني من بعض الأمور والتي كنت أرى بأن رفضه لها بدون سبب مقنع ولكن بعدما كبرت عرفت أنه كان يستشف المستقبل ورأى بأنها ضارة بي وستؤثر بطريقة ما. 

أبي الذي عرفت كان قاسياً وقت القسوة 

شديداً وقت الشدة رحيماً عطوفاً محباً في أوقات كثيرة، أبي الذي عرفت كان محبوباً لدى الجيران وكل من عرفه، فلا أذكر أن حصلت خلافات كبيرة بينه وبين أحد، أبي الذي عرفت كان نجماً لامعاً وبدراً منيراً بالنسبة لي، أبي الذي عرفت عندما أجلس لوحدي وأفكر فيه وأتذكر المواقف التي مرت بيننا أجد أن أبي كان أيقونة وقدوة يحتذى بها، 

أبي الذي عرفت عندما أقارنه مع غيره من الآباء مع فرق الثقافة والعلم والحالة الاجتماعية والمكانة الرسمية والجاه والنفوذ أرى أن أبي كان يتعدى الكثير منهم وأراه دائماً في الطليعة، أبي الذي عرفت لا أعتقد أنني سأوفيه حقه ببعض الكلمات والسطور.

أبي الذي عرفت يعجز لساني عن وصفه وتضيع مني الكلمات والمصطلحات المناسبة في حقه.

ختاماً: رحمك الله يا أبي رحمة واسعة وجعل الجنة دارك ومقامك.

مساحة إعلانية