رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

Al-sharq

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

الشرق

مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

أ. د. حسن عبدالرحيم البوهاشم السيد

- أستاذ القانون العام بجامعة قطر
halsayed@qu.edu.qa

مساحة إعلانية

مقالات

894

أ. د. حسن عبدالرحيم البوهاشم السيد

إخطار الموظف بالقرار الإداري عبر رسالة نصية بالجوال

05 ديسمبر 2024 , 02:00ص

من الدعاوى التي عرضت على المحاكم القطرية في السنوات الماضية، دعوى تمثلت وقائعها في أن أحد الموظفين العاملين في مؤسسة عامة صدر في شأنه قرار إداري بإنهاء خدمته، لانقطاعه عن العمل مدة تزيد على ثلاثين يومًا متقطعة بدون إذن مسبق، أو عذر مقبول. فتظلم الموظف إلى جهة عمله من هذا القرار واصفًا إياه بالتعسفي، ومبينًا أنه كان في إجازة مرضية لمدة عشرة أيام خلال تلك المدة. وهو ما يعني أن شرط المدة التي تزيد عن 30 يومًا، الذي اشترطه القانون لاعتبار خدمة الموظف منتهية لم يتحقق، فالقانون ينص على أن تعتبر خدمة الموظف منتهية «إذا انقطع عن العمل بغير إذن تقبله جهة عمله أكثر من ثلاثين يومًا غير متصلة في السنة» بينما مدة غيابه هنا تقل عن ذلك. فردت جهة العمل على هذا التظلم بالرفض من خلال رسالة نصية أُرسلت للموظف على هاتفه الجوال. غير أن الموظف - كما يزعم - لم يتلق هذه الرسالة، فانتظر حتى فوات مدة ستين يومًا التي حددها المشرع لجهة العمل حتى ترد على التظلم، والذي يعد فواتها قرارًا ضمنيًا برفض التظلم، ليبدأ حينها ميعاد الطعن على القرار أمام الدائرة الإدارية بالمحكمة الابتدائية، والمحدد بستين يومًا من تاريخ الرفض الضمني.

فرفع الموظف دعواه، إلا أن المحكمة الابتدائية قضت بعدم قبول الدعوى شكلًا لرفعها بعد الميعاد، على اعتبار أن ميعاد الطعن بدأ سريان مدته من تاريخ إرسال الرسالة النصية برفض التظلم على جوال الموظف، ولما كانت الدعوى قد رفعت بعد فوات هذا الميعاد، فلن تقبل. لم يرتض الموظف بحكم المحكمة الابتدائية نافيًا علمه بهذه الرسالة، فطعن على الحكم الابتدائي أمام محكمة الاستئناف، فقضت هذه الأخيرة، خلافًا لما حكمت به المحكمة الابتدائية، بقبول الدعوى شكلًا، وإلغاء قرار الفصل من الخدمة. لم تقبل جهة الإدارة بحكم محكمة الاستئناف فطعنت عليه بالتمييز ناعيةً على هذا الحكم الخطأ في تطبيق القانون، قائلة إن القانون «لم يحدد شكلًا معينًا لإخطار الموظف بالقرار الصادر في تظلمه، ومن ثم فإن أي وسيلة ولو كانت من وسائل الاتصال الحديثة يتحقق بها العلم بقرار البت في التظلم». وأنها تمسكت أمام محكمة الاستئناف بعدم قبول الدعوى لرفعها بعد الميعاد، إلا أن المحكمة لم تعوّل على الرسالة النصية المتضمنة إخطار الموظف بنتيجة تظلمه، بحجة خلو الأوراق مما يفيد علمه اليقيني بالقرار الصادر في التظلم.

نظرت محكمة التمييز القطرية في نعي جهة العمل على حكم محكمة الاستئناف فرأت أنه غير سديد، وقالت في ذلك: إن القرارات الإدارية والتي من شأنها المساس بالمراكز القانونية للأشخاص لا تنفذ في حقهم إلا إذا علموا بها علمًا حكميًا أو علمًا يقينيًا، ومن تاريخ هذا العلم بالقرار الإداري تبدأ آثاره بالنسبة للمعنيين به. ويشترط للعلم اليقيني حتى يقوم مقام النشر أو الإعلان، أن لا يكون ظنيًا أو افتراضيًا، وأن يكون شاملًا لجميع عناصر القرار. فلا يكفي لبدء ميعاد رفع دعوى الإلغاء الأخذ بالظن أو الافتراض بعلم صاحب الشأن بالقرار، بل يجب في العلم الذي يقوم مقام النشر أو الإعلان أن يكون مؤكدًا لا مستنتجًا من قرائن تقبل العكس. وبينت محكمة التمييز أن «عبء إثبات هذا العلم اليقيني يقع على عاتق جهة الإدارة، بحيث إذا لم تفلح في إثباته لا يعتبر العلم متوافرًا..».

في هذه الدعوى لم تفلح جهة الإدارة في إثبات علم الموظف اليقيني بقرارها الرافض للتظلم، المرسل إليه عبر الرسالة النصية، ولا سيما وقد جحدها الموظف. وعليه لم يعتد بتاريخ إرسالها كميعاد للطعن على القرار، وتم الاعتداد بتاريخ الرفض الضمني المستنتج من فوات الميعاد المقرر قانونًا لجهة الإدارة للرد على التظلم دون رد. وخلصت محكمة التمييز إلى أنه لما كان حكم محكمة الاستئناف قضى بقبول الدعوى شكلًا لرفعها في هذا الميعاد فعلًا، فإنه يكون قد صادف صحيح القانون. هذا والله من وراء القصد.

مساحة إعلانية