رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
يعيش معظم الأكراد في تركيا، وقد اختلطوا بالأتراك منذ اعتناقهم الإسلام. وكانت هناك علاقات طيبة بينهم في التاريخ. ومؤسسو الجمهورية التركية الجديدة حاولوا خلق أمة علمانية متجانسة بفرض قيود مشددة على مختلف جوانب الحياة الاجتماعية والسياسية. ولم تقتصر هذه الإجراءات على هيكلة الدولة، بل شملت أيضًا الأكراد، إذ مُنعت لغتهم وثقافتهم، مما جعلهم يواجهون تمييزًا مزدوجًا، سواء بسبب انتمائهم العرقي أو لكون معظمهم متدينين. وأسفر هذا التوجه القومي المتشدد عن ردود فعل عكسية، تجسدت في تصاعد النزعة القومية الكردية. ومع نهاية السبعينيات، برز حزب العمال الكردستاني كرد فعل متطرف على هذه السياسات، مستغلًا المناخ السياسي القمعي الذي أعقب انقلاب 1980 لتعزيز نفوذه وتوسيع نطاق تأثيره.
* رغم وجود تيارات أكثر اعتدالًا داخل القومية الكردية، إلا أن كلًّا من الوصاية العسكرية وحزب العمال الكردستاني (PKK) عمدا إلى إقصائها، حيث جرّمت الأولى جميع المطالب الكردية، بينما رفض الأخير أي بديل للكفاح المسلح. كما استُغل تهديد الإرهاب ذريعةً لتعزيز نفوذ المؤسسة العسكرية في تركيا. وزاد المشهد تعقيدًا الدعم الخارجي الذي تلقاه حزب العمال الكردستاني من جهات عدة، مثل نظام الأسد والولايات المتحدة وبعض الدول الأوروبية وإيران، مما صعّب إيجاد حل للقضية. إلا أن وصول حزب العدالة والتنمية إلى الحكم مطلع الألفية الثالثة ساهم في معالجة العديد من المشكلات الجوهرية، عبر الاعتراف بالحقوق الثقافية، وإجراء إصلاحات ديمقراطية واقتصادية. وكان العامل الحاسم في نجاح هذه الجهود هو تمكن الرئيس أردوغان من فرض السيطرة على المؤسسة العسكرية، مما حدَّ من قدرتها على عرقلة الإصلاحات.
* خلال المحاولة السابقة للمصالحة عام 2013، كانت الوصاية العسكرية لا تزال قائمة، كما تعرضت جهود المصالحة الوطنية للتخريب من قبل إدارة أوباما، التي وعدت حزب العمال الكردستاني (PKK) بدولة مستقلة في شمال سوريا. في ذلك الوقت، كانت الأحزاب القومية والعلمانية المعارضة تعارض هذه المصالحة. أما اليوم، فقد أصبحت المعارضة تدعم مسار المصالحة، بل إن زعيم الحزب القومي، دولت بهجلي، دعا إلى استئناف هذه العملية، وقد استجاب زعيم حزب العمال الكردستاني المسجون، عبد الله أوجلان، بشكل إيجابي، داعيًا إلى التخلي عن الكفاح المسلح وحل الحزب. كما وافقت قيادة حزب العمال الكردستاني في جبال قنديل على الالتزام بهذا الطرح. والأهم من ذلك، أن هذه العملية جاءت عقب نجاح تركيا في محاربة إرهاب حزب العمال الكردستاني داخل أراضيها وخارجها، خصوصًا في سوريا والعراق.
* تُعتبر هذه المرحلة بداية فترة جديدة في تركيا حيث يتم حل مشكلة عمرها 40 عامًا، والتي أودت بحياة 40 ألف شخص من الجانبين وتسببت في خسائر مالية ضخمة. في ظل السياق العالمي المضطرب، يعد تعزيز الوحدة الوطنية مكسبًا كبيرًا لتركيا وللتحالف الحاكم بقيادة أردوغان. أما المستفيدون الآخرون فهم الأكراد الذين كانوا في موقف حرج بين الإرهاب والانتماء إلى تركيا قوية ومستقرة. أظهرت العديد من الانتخابات أن نصف الناخبين الأكراد كانوا يصوتون للأحزاب المؤيدة لحزب العمال الكردستاني، بينما صوت النصف الآخر لحزب العدالة والتنمية. واليوم نرى تصالحًا بين القوميين الأتراك والأكراد. وبالطبع، هناك بعض الأحزاب القومية التي تعارض هذه العملية، لكنها تمثل أقلية.
* ستنعكس هذه العملية على السياسة الداخلية حيث ستشكل ضربة أخرى للعلمانية التقليدية لأن المصالحة الجديدة تقوم على خلفية أكثر ديمقراطية وحضارية. وفي حال نجاحها، فإنها ستعطل تحالف المعارضة العلمانية بين حزبي الشعب الجمهوري والديمقراطي الديمقراطي. وسيتمكن أردوغان من كسب الحزب الكردي إلى ائتلافه الحاكم لكتابة دستور ديمقراطي جديد من قبل المدنيين للسماح بمشاركة سياسية شاملة، وسيقلل من الاستقطاب الأيديولوجي. كما أكد كل من بهجلي وأوجلان، فإن السياسة التركية لن تكون بعد الآن مظللة بالإرهاب ومخاوف الانقسامات.
* ستكون للمصالحة الوطنية التركية تداعيات هامة في المنطقة، لا سيما في سوريا والعراق. فقد شهدت العلاقات بين تركيا وحكومة إقليم كردستان العراق توترًا بسبب وجود حزب العمال الكردستاني في شمال العراق، خصوصًا بعد استفتاء الاستقلال الذي أجراه الإقليم. قريبًا، سيقوم حزب العمال الكردستاني في تلك المنطقة بتسليم أسلحته وسيتم دمجه في مجتمعاته. ستستفيد حكومة إقليم كردستان والعراق من هذا السلام، وستتحسن علاقاتهما مع تركيا. كما ستنعكس هذه التطورات على سوريا الجديدة، حيث تبتعد قوات سوريا الديمقراطية عن حزب العمال الكردستاني. الآن، تتاح الفرصة للمصالحة داخل سوريا لتسليم الأسلحة والاندماج في سوريا الجديدة كمواطنين متساوين. بالطبع، لن يكون هذا الأمر مقبولًا لدى إسرائيل والولايات المتحدة، اللتين تدعمان حزب العمال الكردستاني وقوات سوريا الديمقراطية. لكن التاريخ سيستمر في مساره الطبيعي، وستظل روح الأخوة هي السائدة في تركيا والمنطقة.
حدود العنكبوت
حينَ شقَّ الاستعمار جسدَ الأمة بخطوطٍ من حديد وحدودٍ من نار، انقطعت شرايين الأخوة التي كانت تسقي القلوب... اقرأ المزيد
2061
| 04 نوفمبر 2025
إذا رغبت الحياة.. فاهجر ضفافك!
ثمّة نداءات خفية خافتة عن الأسماع، ظاهرة على الأفئدة، تُستشعر حين تضيق على النفس الأرض بما رحبت، وتنقبض... اقرأ المزيد
318
| 04 نوفمبر 2025
نظم في قطر
انطلقت أمس مباريات بطولة كأس العالم للناشئين في ملاعب أسباير لتعيد إلى الأذهان ذكرى مونديال 2022 للكبار، الذي... اقرأ المزيد
321
| 04 نوفمبر 2025
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
أستاذ العلاقات الدولية بجامعة إسطنبول
مساحة إعلانية




مساحة إعلانية
المسيرات اليوم تملأ السماء، تحلّق بأجنحةٍ معدنيةٍ تلمع تحت وهج الشمس، تُقاد من بعيدٍ بإشاراتٍ باردةٍ لا تعرف الرحمة. تطير ولا تفكر، تضرب ولا تتردد، تعود أحيانًا أو ربما تنتحر. لا فرحَ بالنصر، ولا ندمَ على الدم. طائراتٌ بلا طيارٍ، ولكنها تذكّرنا بالبشر الذين يسيرون على الأرض بلا وعيٍ ولا بوصلة. لقد صار في الأرض مسيَّراتٌ أخرى، لكنها من لحمٍ ودم، تُدار من وراء الشاشات، وعبر المنصات، حيث تُضغط أزرار العقول وتُعاد برمجتها بصمتٍ وخُبث. كلاهما – الآلة والإنسان – مُسيَّر، غير أن الثانية أخطر، لأنها تغتال العقل قبل الجسد، وتُطفئ الوعي قبل الحياة، وتستهدف الصغير قبل الكبير، لأنه الهدف الأغلى عندها. تحوّل الإنسان المعاصر شيئًا فشيئًا إلى طائرةٍ بشريةٍ بلا طيار، يُقاد من برجٍ افتراضي لا يُرى، اسمه “الخوارزميات”، تُرسل إليه الأوامر في هيئة إشعاراتٍ على هاتفه أو جهازه الذي يعمل عليه، فيغيّر مساره كما تُغيّر الطائرة اتجاهها عند تلقّي الإشارة. يغضب حين يُؤمر، ويُصفّق حين يُطلب منه التصفيق، ويتحدث بلسان غيره وهو يظن أنه صوته. صار نصفه آليًّا ونصفه الآخر بشريًّا، مزيجًا من لحمٍ وإشارة، من شعورٍ مُبرمجٍ وسلوكٍ مُوجَّه. المسيرة حين تُطلِق قذيفتها أو تصطدم تُحدث دمارًا يُرى بالعين، أمّا المسيرة البشرية فحين تُطلِق كلمتها تُحدث دمارًا لا يُرى، ينفجر في القيم والمبادئ، ويترك رمادًا في النفوس، وشظايا في العقول، وركامًا من الفوضى الأخلاقية. إنها تخترق جدران البيوت وتهدم أنفاق الخصوصية، وتصنع من النشء جنودًا افتراضيين بلا أجر، يحملون رايات التدمير وهم يظنون أنهم يصنعون المجد. المسيرة المعدنية تحتاج إلى طاقةٍ لتطير، أمّا المسيرة البشرية فتحتاج فقط إلى “جهلٍ ناعمٍ” يجعل أفئدتها هواءً. ويُخيَّل للمرء أن العالم بأسره قد صار غرفةَ تحكّمٍ واحدة، تُدار بمنهجٍ وفكرٍ وخطة، وأننا جميعًا طائراتٌ صغيرة تدور في مساراتٍ مرسومة، لا تملك حرية رفرفة جناحٍ واحدةٍ خارج هذه الحدود. من يملك الإعلام يملك السماء، ومن يملك البيانات يملك العقول، ومن يملك كليهما، هنا يكمن الخطرُ كلُّه. لكن السؤال الذي يفرض نفسه: كيف نحمي أبناءنا ومجتمعاتنا من أن يصبحوا مسيَّراتٍ بشريةً أخرى؟ كيف نُعيد إليهم جهاز الملاحة الداخلي الذي خُطِف من أيديهم؟ الجواب يبدأ من التربية الواعية التي تُعلّم الطفل أن يسأل قبل أن يُصدّق، وأن يتحقّق قبل أن ينقل، وأن يفكّر قبل أن يحكم. نحتاج إلى مؤسساتٍ وهيئاتٍ تُنمّي مهارة التفكير النقدي، وإعلامٍ يُحرّر لا يُبرمج، وأُسَرٍ تُعلّم أبناءها التمييز بين الصوت الحقيقي وضجيج التقليد، وبين المنابر الحرة والخُطب المصنوعة. فالوعي لا يُوهَب، بل يُصنَع بالتجربة والتأمل والسؤال. ثم تأتي القدوة الحيّة، فالمجتمع لا يتغيّر بالمواعظ فقط، بل بالنماذج. حين يرى الجيل من يفكّر بحرية، ويتحدث بمسؤولية، ويرفض الانقياد الأعمى، سيتعلم أن الحرية ليست في كسر القيود، بل في معرفة من صنعها ولماذا. وأخيرًا، علينا أن نُعلّم أبناءنا أن التحكم في النفس أعظم من التحكم في آلة. فشخصٌ واحد قد يصنع مئات الآلات، ولكن آلاف الآلات لا تصنع إنسانًا واحدًا. ليست كل حربٍ تُخاض بالسلاح، فبعضها تُخاض بالعقول. والمنتصر الحقيقي هو من يبقى ممسكًا بجهاز تحكمه الداخلي، مستقلًّا لا يتأثر بالموجِّهات والمُشوِّشات. إن إنقاذ الجيل لا يكون بإغلاق السماء، بل بتنوير العقول. فحين يتعلم الإنسان كيف يطير بوعيه، لن يستطيع أحد أن يُسيّره بعد اليوم أو يُسقطه.
2856
| 28 أكتوبر 2025
كان المدرج في زمنٍ مضى يشبه قلبًا يخفق بالحياة، تملؤه الأصوات وتشتعل فيه الأرواح حماسةً وانتماء. اليوم، صار صامتًا كمدينةٍ هجرتها أحلامها، لا صدى لهتاف، ولا ظلّ لفرح. المقاعد الباردة تروي بصمتها حكاية شغفٍ انطفأ، والهواء يحمل سؤالًا موجعًا: كيف يُمكن لمكانٍ كان يفيض بالحب أن يتحول إلى ذاكرةٍ تنتظر من يوقظها من سباتها؟ صحيح أن تراجع المستوى الفني لفرق الأندية الجماهيرية، هو السبب الرئيسي في تلك الظاهرة، إلا أن المسؤول الأول هو السياسات القاصرة للأندية في تحفيز الجماهير واستقطاب الناشئة والشباب وإحياء الملاعب بحضورهم. ولنتحدث بوضوح عن روابط المشجعين في أنديتنا، فهي تقوم على أساس تجاري بدائي يعتمد مبدأ المُقايضة، حين يتم دفع مبلغ من المال لشخص أو مجموعة أشخاص يقومون بجمع أفراد من هنا وهناك، ويأتون بهم إلى الملعب ليصفقوا ويُغنّوا بلا روح ولا حماسة، انتظاراً لانتهاء المباراة والحصول على الأجرة التي حُدّدت لهم. على الأندية تحديث رؤاها الخاصة بروابط المشجعين، فلا يجوز أن يكون المسؤولون عنها أفراداً بلا ثقافة ولا قدرة على التعامل مع وسائل الإعلام، ولا كفاءة في إقناع الناشئة والشباب بهم. بل يجب أن يتم اختيارهم بعيداً عن التوفير المالي الذي تحرص عليه إدارات الأندية، والذي يدل على قصور في فهم الدور العظيم لتلك الروابط. إن اختيار أشخاص ذوي ثقافة وطلاقة في الحديث، تُناط بهم مسؤولية الروابط، سيكون المُقدمة للانطلاق إلى البيئة المحلية التي تتواجد فيها الأندية، ليتم التواصل مع المدارس والتنسيق مع إداراتها لعقد لقاءات مع الطلاب ومحاولة اجتذابهم إلى الملاعب من خلال أنشطة يتم خلالها تواجد اللاعبين المعروفين في النادي، وتقديم حوافز عينية. إننا نتحدث عن تكوين جيل من المشجعين يرتبط نفسياً بالأندية، هو جيل الناشئة والشباب الذي لم يزل غضاً، ويمتلك بحكم السن الحماسة والاندفاع اللازمين لعودة الروح إلى ملاعبنا. وأيضاً نلوم إعلامنا الرياضي، وهو إعلام متميز بإمكاناته البشرية والمادية، وبمستواه الاحترافي والمهني الرفيع. فقد لعب دوراً سلبياً في وجود الظاهرة، من خلال تركيزه على التحليل الفني المُجرّد، ومخاطبة المختصين أو الأجيال التي تخطت سن الشباب ولم يعد ممكناً جذبها إلى الملاعب بسهولة، وتناسى إعلامنا جيل الناشئة والشباب ولم يستطع، حتى يومنا، بلورة خطاب إعلامي يلفت انتباههم ويُرسّخ في عقولهم ونفوسهم مفاهيم حضارية تتعلق بالرياضة كروح جماهيرية تدفع بهم إلى ملاعبنا. كلمة أخيرة: نطالب بمبادرة رياضية تعيد الجماهير للمدرجات، تشعل شغف المنافسة، وتحوّل كل مباراة إلى تجربة مليئة بالحماس والانتماء الحقيقي.
2487
| 30 أكتوبر 2025
حينَ شقَّ الاستعمار جسدَ الأمة بخطوطٍ من حديد وحدودٍ من نار، انقطعت شرايين الأخوة التي كانت تسقي القلوب قبل أن تربط الأوطان. تمزّقت الخريطة، وتبعثرت القلوب، حتى غدا المسلم يسأل ببرودٍ مريب: ما شأني بفلسطين؟! أو بالسودان ؟! أو بالصين ؟! ونَسِيَ أنَّ تعاطُفَه عبادةٌ لا عادة، وإيمانٌ لا انفعال، وأنّ مَن لم يهتمّ بأمر المسلمين فليس منهم. لقد رسم الاستعمار حدودهُ لا على الورق فحسب، بل في العقول والضمائر، فزرعَ بين الإخوة أسوارا من وهم، وأوقد في الصدورِ نارَ الأحقادِ والأطماع. قسّم الأرضَ فأضعفَ الروح، وأحيا العصبيةَ فقتلَ الإنسانية. باتَ المسلمُ غريبًا في أرضه، باردًا أمام جراح أمّته، يشاهدُ المجازرَ في الفاشر وغزّة وفي الإيغور وكأنها لقطات من كوكب زحل. ألا يعلم أنَّ فقدَ الأرضِ يسهلُ تعويضُه، أمّا فقد الأخِ فهلاكٌ للأمّة؟! لقد أصبح الدينُ عند كثيرين بطاقة تعريفٍ ثانوية بعدَ المذهبِ والقبيلةِ والوطن، إنّ العلاجَ يبدأُ من إعادةِ بناءِ الوعي، من تعليمِ الجيلِ أنّ الإسلام لا يعرف حدودًا ولا يسكنُ خرائطَ صمّاء، وأنّ نُصرةَ المظلومِ واجبٌ شرعيٌّ، لا خِيارٌا مزاجيّا. قال النبي صلى الله عليه وسلم (مثلُ المؤمنين في توادِّهم وتراحمِهم «وتعاطُفِهم» كمثلِ الجسدِ الواحد، إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائرُ الجسدِ بالسهرِ والحمّى). التعاطف عبادة، التعاطف مطلب، التعاطف غاية، التعاطف هدف، التعاطف إنسانية وفطرة طبيعية، لذلك فلننهضْ بإعلامٍ صادقٍ يذكّرُ الأمةَ أنّها جسدٌ واحدٌ لا أطرافا متناحرة، وبعمل جماعي يترجمُ الأخوّةَ إلى عطاءٍ، والتكافلَ إلى فعلٍ لا شعار. حين يعودُ قلبُ المسلم يخفقُ في المغربِ فيسقي عروقَه في المشرق، وتنبضُ روحهُ في الشمالِ فتلهم الجنوبَ، حينئذٍ تُهدَمُ حدودُ الوهم، وتُبعثُ روحُ الأمةِ من رمادِ الغفلة، وتستعيدُ مجدَها الذي هو خير لها وللناس جميعاً قال تعالى (كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ). عندها لن تبقى للأمّة خرائط تُفرّقها،. وتغدو حدود وخطوط أعدائنا التي علينا سرابًا تذروه الرياح، وتتقطع خيوطُ العنكبوتِ التي سحروا أعيننا بوهم قيودها التي لا تنفك. فإذا استيقظَ الوجدان تعانقَ المشرقُ والمغربُ في جسدٍ واحد يهتفُ بصوتٍ واحد فداك أخي.
2061
| 04 نوفمبر 2025