رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
كان عنترة بن شداد – كما يذكرُ تراثنا العربي – عبداً من عبيد بني عبس، لكن هذا العبد الذي كانت طاقاته تُستخدم في معظم الأحيان في وظائف جانبية، كان في الوقت نفسه فارساً مغواراً شديد البأس والهمة.
وفي يوم من الأيام، أغارت قبيلةٌ معاديةٌ على قبيلة أسياده بينما كان عنترة يحلب النوق، فلم يُبالِ الرجلُ كثيراً واستمرّ يقوم بمهمته ووظيفته التي دائماً ما قال الأشراف والسادة في قبيلته إنها مهمة أمثاله ووظيفتهم الوحيدة.
احتدم أوار المعركة، وبدأت رياح النصر تهبﱡ في اتجاه القبيلة المغيرة. نظر الأسياد من حولهم فأبصروا ديارهم وقد صارت نهباً للمعتدي، وأهليهم وقد صاروا أقرب ما يكون إلى القتل والسبي، ومكتسباتهم وثرواتهم وقد باتت في متناول يد الغزاة الغرباء، فبدأوا يبحثون عن أي وسيلة يمكن لهم من خلالها الدفاع عن الأرض وحماية الأهلين والمحافظة على الثروات والمكتسبات.
كان من هؤلاء السادة سيّدُ عنترة الذي نظر إليه نظرةً يختلط فيها الاستهجان بالعتاب وكأنه يقول له: أهذا هو الولاءُ لقومك يا عنترة؟ أهذا هو الإخلاص؟ أهكذا يكون موقفك السلبي في الوقت الذي يحتاج فيه قومك أشدّ ما يحتاجون إلى قوتك وشجاعتك وبأسك؟ أهذا هو جزاء الإحسان لمن آواك وأطعمك؟ وفوق هذا، ألا تخجل من أن يكون لديك هذا الرصيد من القوة ثم لا يكون لديك من موقفٍ غير هذا الموقف المتخاذل؟
أحسّ عنترة بحرارة نظرات سيده تلسعه، وشعر أن هناك معاني جديدة في تلك النظرة لم تكن موجودة من قبل، لكنه لم يملك إلا أن يردّ عليه بدوره بنظرةٍ يختلط فيها العتاب بالغضب وكأنه يقول له: أي ولاءٍ يا سيدي وأي إخلاص؟ وهل من ولاءٍ وإخلاص للعبد أكثر من أن يقوم بمهماته التي يحددها السادة والأشراف؟ وهل رأيتُ أو شعرتُ منك في يومٍ أن لقوتي ولبأسي أي وظيفة، اللهم فيما سوى الترفيه والاستعراض؟! وما الذي تغير حتى يُقالَ لي إن لقوتي ولبأسي اليوم وظيفةً أخرى لم أسمع بها ولم أعتدْ عليها في يومٍ من الأيام؟
وفوق هذا، أتعتقد يا سيدي أن توفير الطعام والمأوى في حدّ ذاته هو ما يميز الإنسان؟ أنت يا سيدي توفر الطعام والمأوى لإِبلكَ وبهائمك أيضاً، فهل يميزني هذا عنهم في شيء؟ ولو كانت إنسانيةُ الإنسان تقتصر على هذا يا سيدي لكفاني من يرزق الطيور في وكناتها، والعصافير في أعشاشها!
ولكن، لكي لا أظلمك يا سيدي، أنا أعلم – يشهد الله – أن في نظراتك بريقاً جميلاً لم أعهدهُ موجوداً فيها من قبل، أو ربما لم تسنح لي الفرصة لأن أراه من قبل.. رغم ذلك، أليس محزناً إلى درجة الفجيعة أنك لست قادراً يا سيدي، بعد كل هذا الزمان، على أن تتجاوز مرحلة بريق العيون؟ لماذا لا تحدثني يا سيدي بلسانك المبين؟ لماذا لا تُخاطبني مباشرةً وتحدثني بما وراء هذا البريق الرائع من أفكار ومشاعر؟ لماذا؟ لماذا؟
دار هذا الحوار الصامت عبر لغة العيون بين الرجلين لحظات، ثم أشاح عنترة بوجهه وعاد إلى عمله في زاويةٍ نائيةٍ من زوايا الديار، بينما كان لهيب المعركة في قلبها يزداد أُواراً، حيث بدأت ملامح هزيمة عبس وانكسارها تلوح في الأفق القريب.
ومرةً ثانية، نظر سيدُ عنترة إلى ما يجري هناك، ثم نظر إلى عنترة وهو يفكر في الرسائل التي نقلتها نظراته، فأحسّ بمشاعر متضاربة.. لكنه تحامل على نفسه وعمل جاهداً على تحريك فكّيه ولسانه حتى خرج منهما هذا السؤال بترددٍ وتأتأة: أفلا.. تَكِرُّ.. يا.. عنترة؟
سمع عنترة السؤال بأذنيه هذه المرة، وعرف أن سيده مازال يصارع بشراسة ماضياً راسخاً من التقاليد والعادات والأعراف. عرف أن سيده التقط كثيراً من الرسائل التي نقلتها نظراته الحادة قبل قليل، لكنه عرف أيضاً أن لحظة الحقيقة قد حانت، وأن هذه اللحظة باتت تتطلب حواراً فيما وراء النظرات والإيماءات المتبادلة.. فقال لسيده بصريح العبارة: العبدُ يا سيدي لا يُحسنُ الكرّ، وإنما يُحسن الحَلْبَ والصَّرّ!
انفجرت الجملة الأخيرة في وجه السيد، فلم يعد يرى شيئاً مما يجري حوله على الإطلاق. وفي خلال ثوانٍ معدودات، بدأت كلمات عنترة تتغلغل في كيان الرجل وتجتاح أعماق مكنونه النفسي والفكري، كأنها موجةٌ جبارةٌ من النور تغسل ذلك الكيان من جذوره، وتمسح عنه أدران قرونٍ من الظنون والأوهام وسوء الفهم. وشعر هذا الإنسان / السيد وكأنه يولد من جديد، وهو يبصر جملةً من الحقائق التي غابت عن بصره على مدى الأيام والسنين، تتفجر بقوةٍ في وجدانه واحدةً تلو الأخرى.. عن الأوطان والديار والثروات والمكتسبات.. وعن الأصدقاء والأعداء.. وعن مسؤوليات الكبار وطفوليات الصغار.. بل وعن السادة والأشراف والعبيد.
حدث هذا كله في لحظات، جاءت مثلما تأتي بين الحين والآخر على الأمم والشعوب لحظاتٌ نادرةٌ يجري فيها تصحيح مسار التاريخ وتعديل وجهته.. لحظاتٌ لم يكن بعدها من الرجل إلا أن أطلق صرخته المشهورة: كُرَّ يا عنترة، كُرَّ وأنت حر..
هكذا، كما هي، دون تردد، وبعيداً عن أي كلامٍ حمّالٍ للأوجه والتفسيرات، وبأشدّ ما يمكن من القوة والصراحة والوضوح.. وبشكلٍ جعلها تخترق وجدان عنترة وتقلب كيانه رأساً على عقب، وتدفعه إلى اقتحام جحيم المعركة وتغيير معادلاتها وموازينها إلى درجة كبيرة، تماماً مثلما تفعل جمرةُ الحرية عندما تلامس مكامن الكرامة الحقيقية في قلب كلﱢ إنسان.
روايةٌ مُعبرةٌ من روايات تاريخنا نسردُها، لا كما تفعل الجدﱠاتُ لينام الأطفال، بل لنستيقظ معاً على ما يقوي أوطاننا ويزيدها منَعةً وصلابةً داخلية في وجه الأعاصير التي تحيط بنا من كل مكان.
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية




مساحة إعلانية
نعم، أصبحنا نعيش زمنًا يُتاجر فيه بالفكر كما يُتاجر بالبضائع، تُباع فيه الشهادات كما تُباع السلع، وتُؤجّر فيه المنصات التدريبية كما تُؤجّر القاعات لحفلات المناسبات. هو زمنٌ تحوّلت فيه «المعرفة إلى سلعة» تُسعَّر، لا رسالة تُؤدَّى. تتجلّى مظاهر «الاتّجار المعرفي» اليوم في صور عديدة، لعلّ أبرزها «المؤتمرات والملتقيات التدريبية والأكاديمية» التي تُقام بأسماء لامعة وشعارات براقة، يدفع فيها الحضور مبالغ طائلة تحت وعودٍ بالمحتوى النوعي والتبادل العلمي، ثم لا يخرج منها المشاركون إلا بأوراق تذكارية وصورٍ للمنصات! وهنا «العجيب من ذلك، والأغرب من ذلك»، أنك حين تتأمل هذه الملتقيات، تجدها تحمل أربعة أو خمسة شعارات لمؤسساتٍ وجهاتٍ مختلفة، لكنها في الحقيقة «تعود إلى نفس المالك أو الجهة التجارية ذاتها»، تُدار بأسماء متعدّدة لتُعطي انطباعًا بالتنوّع والمصداقية، بينما الهدف الحقيقي هو «تكرار الاستفادة المادية من الجمهور نفسه». هذه الفعاليات كثير منها أصبح سوقًا مفتوحًا للربح السريع، لا للعلم الراسخ؛ تُوزَّع فيها الجوائز بلا معايير، وتُمنح فيها الألقاب بلا استحقاق، وتُقدَّم فيها أوراق بحثية أو عروض تدريبية «مكرّرة، منسوخة، أو بلا أثرٍ معرفي حقيقي». وهذا الشكل من الاتّجار لا يقل خطورة عن سرقة البيانات أو بيع الحقائب التدريبية، لأنه يُفرغ الفضاء الأكاديمي من جوهره، ويُحوّل «الجهد العلمي إلى طقسٍ استعراضي» لا يصنع معرفة ولا يضيف قيمة. فالمعرفة الحقيقية لا تُشترى بتذكرة حضور، ولا تُختزل في شعار مؤتمر، ولا تُقاس بعدد الصور المنشورة في مواقع التواصل. من جهةٍ أخرى، يتخذ الاتّجار بالمعرفة اليوم وجهًا «رقميًا سيبرانيًا أكثر تعقيدًا»؛ إذ تُباع البيانات البحثية والمقررات الإلكترونية في «الأسواق السوداء للمعلومات»، وتُسرق الأفكار عبر المنصات المفتوحة، ويُعاد تسويقها تحت أسماء جديدة دون وعيٍ أو مساءلة. لقد دخلنا مرحلة جديدة من الاتّجار لا تقوم على الجسد، بل على «استغلال العقول»، حيث يُسرق الفكر ويُباع الإبداع تحت غطاء “التعاون الأكاديمي” أو “الفرص البحثية”. ولذلك، فإن الحديث عن «أمن المعرفة» و»السلامة السيبرانية في التعليم والتدريب» لم يعد ترفًا، بل ضرورة وجودية لحماية رأس المال الفكري للأمم. على الجامعات ومراكز التدريب أن تنتقل من مرحلة التباهي بعدد المؤتمرات إلى مرحلة «قياس الأثر المعرفي الحقيقي»، وأن تُحاكم جودة المحتوى لا عدد المشاركين. الاتّجار بالمعرفة جريمة صامتة، لكنها أخطر من كل أشكال الاتّجار الأخرى، لأنها «تسرق الإنسان من داخله»، وتقتل ضميره المهني قبل أن تمس جيبه. وحين تتحوّل الفكرة إلى تجارة، والمعرفة إلى وسيلة للشهرة، يفقد العلم قدسيته، ويصبح المتعلم مستهلكًا للوهم لا حاملًا للنور.
6708
| 27 أكتوبر 2025
المسيرات اليوم تملأ السماء، تحلّق بأجنحةٍ معدنيةٍ تلمع تحت وهج الشمس، تُقاد من بعيدٍ بإشاراتٍ باردةٍ لا تعرف الرحمة. تطير ولا تفكر، تضرب ولا تتردد، تعود أحيانًا أو ربما تنتحر. لا فرحَ بالنصر، ولا ندمَ على الدم. طائراتٌ بلا طيارٍ، ولكنها تذكّرنا بالبشر الذين يسيرون على الأرض بلا وعيٍ ولا بوصلة. لقد صار في الأرض مسيَّراتٌ أخرى، لكنها من لحمٍ ودم، تُدار من وراء الشاشات، وعبر المنصات، حيث تُضغط أزرار العقول وتُعاد برمجتها بصمتٍ وخُبث. كلاهما – الآلة والإنسان – مُسيَّر، غير أن الثانية أخطر، لأنها تغتال العقل قبل الجسد، وتُطفئ الوعي قبل الحياة، وتستهدف الصغير قبل الكبير، لأنه الهدف الأغلى عندها. تحوّل الإنسان المعاصر شيئًا فشيئًا إلى طائرةٍ بشريةٍ بلا طيار، يُقاد من برجٍ افتراضي لا يُرى، اسمه “الخوارزميات”، تُرسل إليه الأوامر في هيئة إشعاراتٍ على هاتفه أو جهازه الذي يعمل عليه، فيغيّر مساره كما تُغيّر الطائرة اتجاهها عند تلقّي الإشارة. يغضب حين يُؤمر، ويُصفّق حين يُطلب منه التصفيق، ويتحدث بلسان غيره وهو يظن أنه صوته. صار نصفه آليًّا ونصفه الآخر بشريًّا، مزيجًا من لحمٍ وإشارة، من شعورٍ مُبرمجٍ وسلوكٍ مُوجَّه. المسيرة حين تُطلِق قذيفتها أو تصطدم تُحدث دمارًا يُرى بالعين، أمّا المسيرة البشرية فحين تُطلِق كلمتها تُحدث دمارًا لا يُرى، ينفجر في القيم والمبادئ، ويترك رمادًا في النفوس، وشظايا في العقول، وركامًا من الفوضى الأخلاقية. إنها تخترق جدران البيوت وتهدم أنفاق الخصوصية، وتصنع من النشء جنودًا افتراضيين بلا أجر، يحملون رايات التدمير وهم يظنون أنهم يصنعون المجد. المسيرة المعدنية تحتاج إلى طاقةٍ لتطير، أمّا المسيرة البشرية فتحتاج فقط إلى “جهلٍ ناعمٍ” يجعل أفئدتها هواءً. ويُخيَّل للمرء أن العالم بأسره قد صار غرفةَ تحكّمٍ واحدة، تُدار بمنهجٍ وفكرٍ وخطة، وأننا جميعًا طائراتٌ صغيرة تدور في مساراتٍ مرسومة، لا تملك حرية رفرفة جناحٍ واحدةٍ خارج هذه الحدود. من يملك الإعلام يملك السماء، ومن يملك البيانات يملك العقول، ومن يملك كليهما، هنا يكمن الخطرُ كلُّه. لكن السؤال الذي يفرض نفسه: كيف نحمي أبناءنا ومجتمعاتنا من أن يصبحوا مسيَّراتٍ بشريةً أخرى؟ كيف نُعيد إليهم جهاز الملاحة الداخلي الذي خُطِف من أيديهم؟ الجواب يبدأ من التربية الواعية التي تُعلّم الطفل أن يسأل قبل أن يُصدّق، وأن يتحقّق قبل أن ينقل، وأن يفكّر قبل أن يحكم. نحتاج إلى مؤسساتٍ وهيئاتٍ تُنمّي مهارة التفكير النقدي، وإعلامٍ يُحرّر لا يُبرمج، وأُسَرٍ تُعلّم أبناءها التمييز بين الصوت الحقيقي وضجيج التقليد، وبين المنابر الحرة والخُطب المصنوعة. فالوعي لا يُوهَب، بل يُصنَع بالتجربة والتأمل والسؤال. ثم تأتي القدوة الحيّة، فالمجتمع لا يتغيّر بالمواعظ فقط، بل بالنماذج. حين يرى الجيل من يفكّر بحرية، ويتحدث بمسؤولية، ويرفض الانقياد الأعمى، سيتعلم أن الحرية ليست في كسر القيود، بل في معرفة من صنعها ولماذا. وأخيرًا، علينا أن نُعلّم أبناءنا أن التحكم في النفس أعظم من التحكم في آلة. فشخصٌ واحد قد يصنع مئات الآلات، ولكن آلاف الآلات لا تصنع إنسانًا واحدًا. ليست كل حربٍ تُخاض بالسلاح، فبعضها تُخاض بالعقول. والمنتصر الحقيقي هو من يبقى ممسكًا بجهاز تحكمه الداخلي، مستقلًّا لا يتأثر بالموجِّهات والمُشوِّشات. إن إنقاذ الجيل لا يكون بإغلاق السماء، بل بتنوير العقول. فحين يتعلم الإنسان كيف يطير بوعيه، لن يستطيع أحد أن يُسيّره بعد اليوم أو يُسقطه.
2778
| 28 أكتوبر 2025
كان المدرج في زمنٍ مضى يشبه قلبًا يخفق بالحياة، تملؤه الأصوات وتشتعل فيه الأرواح حماسةً وانتماء. اليوم، صار صامتًا كمدينةٍ هجرتها أحلامها، لا صدى لهتاف، ولا ظلّ لفرح. المقاعد الباردة تروي بصمتها حكاية شغفٍ انطفأ، والهواء يحمل سؤالًا موجعًا: كيف يُمكن لمكانٍ كان يفيض بالحب أن يتحول إلى ذاكرةٍ تنتظر من يوقظها من سباتها؟ صحيح أن تراجع المستوى الفني لفرق الأندية الجماهيرية، هو السبب الرئيسي في تلك الظاهرة، إلا أن المسؤول الأول هو السياسات القاصرة للأندية في تحفيز الجماهير واستقطاب الناشئة والشباب وإحياء الملاعب بحضورهم. ولنتحدث بوضوح عن روابط المشجعين في أنديتنا، فهي تقوم على أساس تجاري بدائي يعتمد مبدأ المُقايضة، حين يتم دفع مبلغ من المال لشخص أو مجموعة أشخاص يقومون بجمع أفراد من هنا وهناك، ويأتون بهم إلى الملعب ليصفقوا ويُغنّوا بلا روح ولا حماسة، انتظاراً لانتهاء المباراة والحصول على الأجرة التي حُدّدت لهم. على الأندية تحديث رؤاها الخاصة بروابط المشجعين، فلا يجوز أن يكون المسؤولون عنها أفراداً بلا ثقافة ولا قدرة على التعامل مع وسائل الإعلام، ولا كفاءة في إقناع الناشئة والشباب بهم. بل يجب أن يتم اختيارهم بعيداً عن التوفير المالي الذي تحرص عليه إدارات الأندية، والذي يدل على قصور في فهم الدور العظيم لتلك الروابط. إن اختيار أشخاص ذوي ثقافة وطلاقة في الحديث، تُناط بهم مسؤولية الروابط، سيكون المُقدمة للانطلاق إلى البيئة المحلية التي تتواجد فيها الأندية، ليتم التواصل مع المدارس والتنسيق مع إداراتها لعقد لقاءات مع الطلاب ومحاولة اجتذابهم إلى الملاعب من خلال أنشطة يتم خلالها تواجد اللاعبين المعروفين في النادي، وتقديم حوافز عينية. إننا نتحدث عن تكوين جيل من المشجعين يرتبط نفسياً بالأندية، هو جيل الناشئة والشباب الذي لم يزل غضاً، ويمتلك بحكم السن الحماسة والاندفاع اللازمين لعودة الروح إلى ملاعبنا. وأيضاً نلوم إعلامنا الرياضي، وهو إعلام متميز بإمكاناته البشرية والمادية، وبمستواه الاحترافي والمهني الرفيع. فقد لعب دوراً سلبياً في وجود الظاهرة، من خلال تركيزه على التحليل الفني المُجرّد، ومخاطبة المختصين أو الأجيال التي تخطت سن الشباب ولم يعد ممكناً جذبها إلى الملاعب بسهولة، وتناسى إعلامنا جيل الناشئة والشباب ولم يستطع، حتى يومنا، بلورة خطاب إعلامي يلفت انتباههم ويُرسّخ في عقولهم ونفوسهم مفاهيم حضارية تتعلق بالرياضة كروح جماهيرية تدفع بهم إلى ملاعبنا. كلمة أخيرة: نطالب بمبادرة رياضية تعيد الجماهير للمدرجات، تشعل شغف المنافسة، وتحوّل كل مباراة إلى تجربة مليئة بالحماس والانتماء الحقيقي.
2451
| 30 أكتوبر 2025