رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
شكلت عملية اغتيال المعارض اليساري الشهيد شكري بلعيد الذي تحيي تونس ذكراه الأولى الخميس 6 فبراير الجاري، اغتيالاً للثورة التونسية، ولطموحات وآمال الشعب التونسي في تحقيق أهداف ثورته الديمقراطية، وجريمة دولة بامتياز، وهي سابقة خطيرة في تونس، إذ لأول مرة تشهد البلاد التونسية حالة من هذا الاغتيال السياسي لشخصية وطنية معارضة تنتمي إلى اليسار التونسي الراديكالي.. كما شكلت عملية الاغتيال تلك، بداية سنة من الاضطرابات السياسية والأمنية في هذا البلد الخارج للتو من أزمة سياسية حادة مع إقرار دستوره الجديد في 26 يناير 2014.
وبعد سنة تقريباً من هذه الجريمة السياسية النكراء، عادت تونس لتشهد مواجهات دامية بين قوات الحرس الوطني، وفرقة مكافحة، ومن جهة وعناصر إرهابية مسلحة متخندقة في منطقة رواد في محافظة أريانة شمالي تونس العاصمة، من جهة أخرى، قبل يومين كذلك من الذكرى السنوية الأولى لاغتيال السياسي المعارض البارز شكري بلعيد، وأسفرت هذه المواجهات التي دامت 20 ساعة عن مقتل سبعة "عناصر إرهابية"، من بينهم كمال القضقاضي، وهو المتهم الأول في اغتيال بلعيد ومن بعده النائب المعارض محمد البراهمي في 25 يوليو2013، ومقتل العريف عاطف الجبري (29 عاماً)، وهو من عناصر الوحدة المختصّة في مواجهة الإرهاب التابعة للحرس الوطني التونسي.
وفي مؤتمر صحفي عقده وزير الداخلية التونسية السيد لطفي بن جدو- مساء الثلاثاء 5 فبراير الجاري، أعلن هذا الأخير، أن المتهم بقتل المعارض التونسي شكري بلعيد قتل خلال عملية لمكافحة الإرهاب، وذلك بعد نحو عام على جريمة الاغتيال.. وأكد وزير الداخلية أن "القضقاضي هو من اغتال الشهيد شكري بلعيد"، موضحا أنه تم التأكد من هويته "في شكل علمي" علما أنه تم التعرف إلى هوية خمسة من سبعة مشتبه بهم قتلوا..
وقال السيد لطفي بن جدو، خلال كلمته، إنّ "محاربة الإرهاب خيار وطني يجب على جميع التونسيين الانخراط فيه"، معتبراً أنّ "خبر مقتل كمال القضقاضي هو بمثابة أفضل ما يمكن تقديمه إلى التونسيين لمناسبة مرور عام على اغتيال الشهيد شكري بلعيد.. وقال أيضا "أردنا أن نتجنب مقتل (المسلحين) وطلبنا منهم الاستسلام، لكن كلا منهم كان يحمل أسلحة رشاشة وقنابل يدوية وأحزمة ناسفة".
في حصيلة سنوية، أدّت العمليات لإرهابية المختلفة التي نفذتها العناصر المرتبطة بتنظيم «أنصار الشريعة» خلال عام 2013 بحسب الأرقام الرسمية التونسية إلى اغتيال الشهيدين المعارضين شكري بلعيد ومحمد البراهمي، إضافة إلى استشهاد 24 عنصراً أمنياً وعسكرياً، وكذلك إصابة عدد آخر هام من أعوان الأمن والعسكريين بسبب انفجارات الألغام وهي إصابات طالت أرجل الأمنيين وطالت المدرعات العسكرية..
في المقابل، تم إلقاء القبض بحسب المصادر عينها- على حوالي 885 إرهابيّا وتصفية 20 عنصراً منهم.. وفي سياق منفصل، تطرق الوزير التونسي إلى الحصيلة الأمنية لوزارة الداخلية خلال العام الماضي، موضحا أنه تم إحباط محاولة سفر أكثر من ثمانية آلاف شخص نحو سوريا، كما تم القبض على 190 شخصا من قبل وحدات الأمن الداخلي و293 من قبل الحرس الوطني من الضالعين في شبكات الإرسال إلى سوريا.
وفي دراسة بعنوان: "المقاتلون الأجانب في سوريا وجنسياتهم"، أوردت الدراسة أن تونس احتلت المرتبة السادسة، بـ4 آلاف مقاتل تمت تصفية 2645 منهم وسجل 1315 كمفقودين. والملاحظ في هذه الإحصائية أن تونس تصدرت أعداد القتلى النساء 18 امرأة تونسية لقيت مصرعها في سوريا.. والحال هذه، تتفوق تونس في هذا الترتيب على دول عديدة معروفة بتصديرها للإرهاب وللإرهابيين مثل اليمن وباكستان وأفغانستان والصومال.
وجاءت الثورة التونسية ذات الطابع السلمي التي أسقطت نظاماً أمنياً ديكتاتورياً لتؤكد هذه المقولة، وهي رفض المجتمع التونسي للعنف بكل أشكاله وصوره، غير أنه منذ أن استلمت حركة النهضة الإسلامية السلطة في تونس عقب الانتخابات التي جرت في 23 أكتوبر 2011، بدأت مظاهر العنف السياسي تنتشر في تونس، لاسيَّما من جانب السلفيين الجهاديين، إضافة إلى العنف الذي تمارسه الجماعات السلفية الجهادية المرتبطة بتنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي.. هناك العنف السياسي الذي تمارسه ميليشيات حركة النهضة الإسلامية، الملقبة بـــ «رابطات حماية الثورة»، والتي تدعي أنها تدافع عن أهداف الثورة، لكن ممارساتها القائمة على محاولات الاستفزاز المتكررة، والتحريض على الكراهية، واللجوء إلى استخدام العنف السياسي المُمَنْهَج والمُنَّظَم وفق مخطط سياسي مدعوم من حركة النهضة، تستهدف إرهاب وتخويف أحزاب المعارضة الليبرالية واليسارية، والنقابات التونسية الوازنة في البلاد، وقوى المجتمع المدني الحية، والدفع بالمسار الانتقالي إلى مربع العنف السياسي، في ظل الحصانة من المحاسبة والمساءلة القانونية.
من وجهة نظر المعارضة اليسارية والقومية والليبرالية، شكل اغتيال بلعيد منعطفا في تونس، لأن هذه الجريمة هي أيضاً بالنسبة للمعارضة دليل على تحالف حركة النهضة مع التيارات الجهادية التكفيرية، التي صعدت تحركاتها منذ ثورة 2011..
ورغم محاولة رئيس الوزراء في حينها، الإسلامي حمادي الجبالي، تشكيل حكومة تكنوقراط قبل أن يستقيل أمام معارضة حزبه، وتولى وزير الداخلية علي العريض منصب رئيس الوزراء، ما أثار استياء الشعب والمعارضة، فإن تغول الإرهاب في تونس، كشف للتونسيين أن الثورة التونسية التي فجرت ربيع الثورات العربية، تم إجهاضها من قبل حركة "النهضة"، التي ظهرت على حقيقتها، من أنها لا تمتلك لا مشروعا سياسيا أو اقتصاديا أو اجتماعيا أو حضاريا لديها باستثناء الاستحواذ على السلطة، بل إنها استغلت وجودها في السلطة منذ أكثر من سنتين لزرع التابعين لها في أجهزة الدولة، ولاسيَّما في وزارة الداخلية، واستخدام تنظيم "أنصار الشريعة" من أجل تصفية رموز المعارضة اليسارية والقومية والليبرالية.
لم تنتهج حركة النهضة الإسلامية السياسة الحكيمة التي كان يتوجب أن تنتهجها في الداخل التونسي، ألا وهي العمل على بناء الدولة الديمقراطية التعددية، وإقرار دستور ديمقراطي توافقي للجمهورية الثانية في تونس يؤكد على مدنية الدولة، والعمل على الانخراط في إستراتيجية وطنية وإقليمية لمحاربة الإرهاب، باعتباره المخرج الوطني والديمقراطي للأزمة السياسية والاجتماعية التي تعاني منها البلاد، بل وظفت وصولها للحكم من أجل السيطرة على مفاصل الدولة، وكسب الشرعية الدولية من خلال التودد للولايات المتحدة الأمريكية (زيارة الشيخ راشد الغنوشي لواشنطن في ديسمبر 2011، والتقائه مع زعماء صهاينة من منظمة الإيباك)، حتى أن النهضة تحولت إلى أداة للأمريكان سواء بإدراك منها أم لا، لهذا الدور الذي تقوم به حتى لو كلفها ذلك تقديم تنازلات تنال من أمن تونس التي يحكمونها.
لكن بعد سنة، تنحى العريض لصالح حكومة غير سياسية يقودها وزير الصناعة السابق مهدي جمعة نتيجة لاغتيال النائب في المعارضة محمد براهمي في 25 يوليو2013.
وبين يوليو 2013، ويناير 2014، دخلت تونس في أزمة سياسية كبيرة وحادة، شلت الحياة السياسية والدستورية في البلاد جراء اختبار القوة بين النهضة ومعارضيها ما دفع الجهات المانحة الدولية إلى تجميد منح قروض لتونس، وأثار استياء اجتماعيا متناميا في حين تواصلت أعمال الإرهابيين.
وكان لصمود المجتمع المدني التونسي المدافع بقوة عن إنجازات الدولة المدنية التي أرساها الزعيم الراحل الحبيب بورقيبة، والمقاوم لسياسة الاغتيالات والظلم والجهل والظلام والظلامية، وتوحد أحزاب المعارضة اليسارية والقومية والليبرالية على التصدي لمشروع الهيمنة والاستئثار بالسلطة من جانب الإسلاميين، والضغوطات الأمريكية التي مارستها الإدارة الأمريكية ضد النهضة بسبب الهجوم على سفارتها في تونس، ومقتل السفير الأمريكي في بنغازي، وارتدادات الزلزال المصري على الحدث التونسي، كل هذه العوامل مجتمعة هي التي دفعت حركة النهضة الإسلامية إلى القبول بالتسوية السياسية مع المعارضة، لجهة تشكيل حكومة تكنوقراط غير متحزبة بزعامة السيد مهدي جمعة، وإقرار دستور ديمقراطي توافقي يقر بمدنية الدولة، والمساواة بين المواطنين جميعا، ويكرّس المكاسب الكبيرة التي حققتها المرأة على كلّ صعيد ودورها الطليعي في المجتمع، فاستخلصت النهضة الدروس من هذه الأحداث وتخلت عن ميولها للهيمنة لتنجح في النهاية في الخروج من الأزمة.
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية




مساحة إعلانية
هناك لحظات في تاريخ الدول لا تمرّ مرور الكرام… لحظات تُعلن فيها مؤسسات الدولة أنها انتقلت من مرحلة “تسيير الأمور” إلى مرحلة صناعة التغيير ونقل الجيل من مرحلة كان إلى مرحلة يكون. وهذا بالضبط ما فعلته وزارة التربية والتعليم والتعليم العالي في السنوات الأخيرة. الأسرة أولاً… بُعدٌ لا يفهمه إلا من يعي أهمية المجتمع ومكوناته، مجتمعٌ يدرس فيه أكثر من 300 ألف طالب وطالبة ويسند هذه المنظومة أكثر من 28 ألف معلم ومعلمة في المدارس الحكومية والخاصة، إلى جانب آلاف الإداريين والمتخصصين العاملين في الوزارة ومؤسساتها المختلفة. لذلك حين قررت الوزارة أن تضع الأسرة في قلب العملية التعليمية هي فعلاً وضعت قلب الوطن ونبضه بين يديها ونصب عينيها. فقد كان إعلانًا واضحًا أن المدرسة ليست مبنى، بل هي امتداد للبيت وبيت المستقبل القريب، وهذا ليس فقط في المدارس الحكومية، فالمدارس الخاصة أيضًا تسجل قفزات واضحة وتنافس وتقدم يداً بيد مع المدارس الحكومية. فمثلاً دور الحضانة داخل رياض الأطفال للمعلمات، خطوة جريئة وقفزة للأمام لم تقدّمها كثير من الأنظمة التعليمية في العالم والمنطقة. خطوة تقول للأم المعلمة: طفلك في حضن مدرستك… ومدرستك أمانة لديك فأنتِ المدرسة الحقيقية. إنها سياسة تُعيد تعريف “بيئة العمل” بمعناها الإنساني والحقيقي. المعلم… لم يعد جنديًا مُرهقًا بل عقلاً مُنطلقًا وفكرًا وقادًا وهكذا يجب أن يكون. لأول مرة منذ سنوات يشعر المُعلم أن هناك من يرفع عنه الحِمل بدل أن يضيف عليه. فالوزارة لم تُخفف الأعباء لمجرد التخفيف… بل لأنها تريد للمعلم أن يقوم بأهم وظيفة. المدرس المُرهق لا يصنع جيلاً، والوزارة أدركت ذلك، وأعادت تنظيم يومه المدرسي وساعاته ومهامه ليعود لجوهر رسالته. هو لا يُعلّم (أمة اقرأ) كيف تقرأ فقط، بل يعلمها كيف تحترم الكبير وتقدر المعلم وتعطي المكانة للمربي لأن التربية قبل العلم، فما حاجتنا لمتعلم بلا أدب؟ ومثقف بلا اخلاق؟ فنحن نحتاج القدوة ونحتاج الضمير ونحتاج الإخلاص، وكل هذه تأتي من القيم والتربية الدينية والأخلاق الحميدة. فحين يصدر في الدولة مرسوم أميري يؤكد على تعزيز حضور اللغة العربية، فهذا ليس قرارًا تعليميًا فحسب ولا قرارًا إلزاميًا وانتهى، وليس قانونًا تشريعيًا وكفى. لا، هذا قرار هوية. قرار دولة تعرف من أين وكيف تبدأ وإلى أين تتجه. فالبوصلة لديها واضحة معروفة لا غبار عليها ولا غشاوة. وبينما كانت المدارس تتهيأ للتنفيذ وترتب الصفوف لأننا في معركة فعلية مع الهوية والحفاظ عليها حتى لا تُسلب من لصوص الهوية والمستعمرين الجدد، ظهرت لنا ثمار هذا التوجه الوطني في مشاهد عظيمة مثل مسابقة “فصاحة” في نسختها الأولى التي تكشف لنا حرص إدارة المدارس الخاصة على التميز خمس وثلاثون مدرسة… جيش من المعلمين والمربين… أطفال في المرحلة المتوسطة يتحدثون بالعربية الفصحى أفضل منّا نحن الكبار. ومني أنا شخصيًا والله. وهذا نتيجة عمل بعد العمل لأن من يحمل هذا المشعل له غاية وعنده هدف، وهذا هو أصل التربية والتعليم، حين لا يعُدّ المربي والمعلم الدقيقة متى تبدأ ومتى ينصرف، هنا يُصنع الفرق. ولم تكتفِ المدارس الخاصة بهذا، فهي منذ سنوات تنظم مسابقة اقرأ وارتقِ ورتّل، ولحقت بها المدارس الحكومية مؤخراً وهذا دليل التسابق على الخير. من الروضات إلى المدارس الخاصة إلى التعليم الحكومي، كل خطوة تُدار من مختصين يعرفون ماذا يريدون، وإلى أين الوجهة وما هو الهدف. في النهاية… شكرًا لأنكم رأيتم المعلم إنسانًا، والطفل أمانة، والأسرة شريكًا، واللغة والقرآن هوية. وشكرًا لأنكم جعلتمونا: نفخر بكم… ونثق بكم… ونمضي معكم نحو تعليم يبني المستقبل.
11817
| 20 نوفمبر 2025
وفقًا للمؤشرات التقليدية، شهدت أسهم التكنولوجيا هذا العام ارتفاعًا في تقييماتها دفعها إلى منطقة الفقاعة. فقد وصلت مضاعفات الأرباح المتوقعة إلى مستويات نادرًا ما شوهدت من قبل، لذلك، لم يكن التراجع في التقييمات منذ منتصف أكتوبر مفاجئًا. وقد يعكس هذا الانخفاض حالة من الحذر وجني الأرباح. وقد يكون مؤشرًا على تراجع أكبر قادم، أو مجرد استراحة في سوق صاعدة طويلة الأمد تصاحب ثورة الذكاء الاصطناعي. وحتى الآن، لا يُعدّ الهبوط الأخير في سوق الأسهم أكثر من مجرد "تصحيح" محدود. فقد تراجعت الأسواق في الأسبوع الأول من نوفمبر، لكنها سجلت ارتفاعًا طفيفًا خلال الأسبوع الذي بدأ يوم الاثنين 10 من الشهر نفسه، لكنها عادت وانخفضت في نهاية الأسبوع. وما تزال السوق إجمالاً عند مستويات مرتفعة مقارنة بشهر أبريل، حين شهدت انخفاضًا مرتبطًا بإعلان الرئيس دونالد ترامب بشأن الرسوم الجمركية. فعلى سبيل المثال: تراجعت أسهم شركة إنفيديا بنحو 10% في الأسبوع الأول من نوفمبر، لكنها بقيت أعلى بنحو 60% مقارنة بما كانت عليه قبل ستة أشهر فقط. مؤشر S&P 500 انخفض إلى 6700 في الرابع عشر من نوفمبر، مقارنة بذروة بلغت 6920، وما زال أعلى بنحو سبعين بالمئة مقارنة بنوفمبر 2022. هيمنة شركات التكنولوجيا الكبرى على القيمة السوقية الإجمالية أصبحت واضحة. فمع نهاية أكتوبر، ورغم ارتفاع المؤشر طوال العام، باستثناء التراجع في أبريل، شهدت نحو 397 شركة من شركات المؤشر انخفاضًا في قيمتها خلال تلك الفترة. ثماني من أكبر عشر شركات في المؤشر هي شركات تكنولوجية. وتمثل هذه الشركات 36% من إجمالي القيمة السوقية في الولايات المتحدة، و60% من المكاسب المحققة منذ أبريل. وعلى عكس ما حدث لشركات الدوت كوم الناشئة قبل 25 عامًا، تتمتع شركات التكنولوجيا اليوم بإيرادات قوية ونماذج أعمال متينة، حيث تتجاوز خدماتها نطاق الذكاء الاصطناعي لتشمل برمجيات تطبيقات الأعمال والحوسبة السحابية. وهناك حجّة قوية مفادها أن جزءًا كبيرًا من الاستثمارات في الذكاء الاصطناعي يأتي من شركات كبرى مربحة تتمتع بمراكز نقدية قوية، ما يجعل هذه الاستثمارات أقل عرضة للمخاطر مقارنة بموجات الحماس السابقة في قطاع التكنولوجيا. غير أن حجم الاستثمارات المخطط لها في مراكز البيانات أثار مخاوف لدى بعض المستثمرين. كما أن هناك 10 شركات ناشئة خاسرة متخصصة في الذكاء الاصطناعي تقدر قيمتها مجتمعة بنحو تريليون دولار. وهناك ايضاً تراجع صدور البيانات الاقتصادية الأمريكية بسبب الإغلاق الحكومي الذي دخل شهره الثاني، فلم تُنشر أي بيانات وظائف رسمية منذ 5 سبتمبر، ما دفع المحللين للاعتماد على بيانات خاصة. هذه البيانات أظهرت أعلى مستوى لتسريح الموظفين منذ 2003 في أكتوبر. كما جاءت نتائج أرباح بعض الشركات التقليدية مخيبة، حيث هبط سهم مطاعم تشيبوتلي بنحو 13% في نهاية أكتوبر بعد إعلان نتائج دون توقعات السوق.
2454
| 16 نوفمبر 2025
في قلب الإيمان، ينشأ صبر عميق يواجه به المؤمن أذى الناس، ليس كضعفٍ أو استسلام، بل كقوة روحية ولحمة أخلاقية. من منظور قرآني، الصبر على أذى الخلق هو تجلٍّ من مفهوم الصبر الأوسع (الصبر على الابتلاءات والطاعة)، لكنه هنا يختصّ بالصبر في مواجهة الناس — سواء بالكلام المؤذي أو المعاملة الجارحة. يحثّنا القرآن على هذا النوع من الصبر في آيات سامية؛ يقول الله تعالى: ﴿وَاصْبِرْ عَلَى مَا يَقُولُونَ وَاهْجُرْهُمْ هَجْرًا جَمِيلًا﴾ (المزمل: 10). هذا الهجر «الجميل» يعني الانسحاب بكرامة، دون جدال أو صراع، بل بهدوء وثقة. كما يذكر القرآن صفات من هم من أهل التقوى: ﴿… وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ … وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ﴾ (آل عمران: 134). إن كظم الغيظ والعفو عن الناس ليس تهاونًا، بل خلق كريم يدل على الاتزان النفسي ومستوى رفيع من الإيمان. وقد أبرز العلماء أن هذا الصبر يُعدُّ من أرقى الفضائل. يقول البعض إن كظم الغيظ يعكس عظمة النفس، فالشخص الذي يمسك غضبه رغم القدرة على الردّ، يظهر عزمًا راسخًا وإخلاصًا في عبادته لله. كما أن العفو والكظم معًا يؤدّيان إلى بناء السلم الاجتماعي، ويطفئان نيران الخصام، ويمنحان ساحة العلاقات الإنسانية سلامًا. من السنة النبوية، ورد عن النبي ﷺ أن من كظم غيظه وهو قادر على الانتقام، دعاه الله على رؤوس الخلائق يوم القيامة، فكم هو عظيم جزاء من يضبط نفسه لصالح رضا الله. كما تبيّن المروءة الحقيقية في قوله ﷺ: ليس الشديد في الإسلام من يملك يده، بل من يملك نفسه وقت الغضب. أهمية هذا الصبر لم تذهب سدى في حياة المسلم. في مواجهة الأذى، يكون الصبر وسيلة للارتقاء الروحي، مظهراً لثقته بتقدير الله وعدله، ومعبّراً عن تطلع حقيقي للأجر العظيم عنده. ولكي ينمّي الإنسان هذا الخلق، يُنصح بأن يربّي نفسه على ضبط الغضب، أن يعرف الثواب العظيم للكاظمين الغيظ، وأن يدعو الله ليساعده على ذلك. خلاصة القول، الصبر على أذى الخلق ليس مجرد تحمل، بل هو خلق كرامة: كظم الغيظ، والعفو، والهجر الجميل حين لا فائدة من الجدال. ومن خلال ذلك، يرتقي المؤمن في نظر ربه، ويَحرز لذاته راحة وسموًا، ويحقّق ما وصفه الله من مكارم الأخلاق.
1761
| 21 نوفمبر 2025