رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
يخطئ بخطورة من يحصرُ الرسائل المتعلقة بـ (إفشال) روسيا والنظام السوري وآخرين، لمحادثات جنيف 3 على أنها تتعلق بالمعارضة السورية أو السوريين عموما ربما كان الشعب السوري، ومعارضته، في واجهة الأحداث، إعلامياً على الأقل، خلال الأسبوع الماضي. لكن الدلالات الحقيقية للحدث تتجاوز هؤلاء بكثير. وهي تندرج حتماً في إطارٍ إستراتيجي يتعلق بتفاهمات أمريكية روسية تتعلق بالإقليم بأسره.
ليس خفياً أن المخطط التنفيذي لهذه التفاهمات بدأ، عملياً، منذ لقاءات فيينا التي أنتجت قراراً أممياً يتميز في أغلب فقراته بأنه غامضٌ وحمَّالُ أوجُه.. غير أن هذا القرار حوى أيضاً بضع عناصر، مثل البنود 12 و13 و14، لم يكن ثمة بدٌ من إيرادها لتمريره تحت ضغط الدول العربية المؤيدة للشعب السوري بقيادة السعودية.. ومع حسابات تتعلق بالتوازنات الدولية والإقليمية الراهنة والمستقبلية، اندرج العرب، ومعهم الأتراك، في مسار فيينا الذي أفضى إلى بدء محادثات جنيف أخيراً.
ثمة واقعيةٌ سياسية لابد من العمل وفق مقتضياتها في ذلك القرار. لكن العملية بمجملها كانت أيضاً فرصةً لـ (اختبار) حقيقة التفاهمات المذكورة أعلاه. ومن أوراق السياسة أن يحسبكَ الطرف الآخر غافلاً عن نواياه، فتتضخمَ ثقتهُ بقوته وذكائه من ناحية، وبضعفك وقلة حيلتك في فهم الظواهر من ناحية أخرى..
في هذا السياق نفسه، جاءت مشاركة المعارضة السورية في محادثات جنيف، بغض النظر عن أي حديث يتعلق بـ (ضمانات) من السيد ديمستورا يعرف الجميع أنها لا تساوي الحبر الذي كُتبت به، أو من السيد كيري، بكل السجل التاريخي الذي يعرفه السوريون عنها. والأرجح أن هذا كان وراء التصريح الدقيق، الذي لم ينتبه إليه كثيرون، لوزير الخارجية السعودي عادل الجبير.. فحين خلطَ البعض الأمور وتحدث عن ضمانات سعودية، قال موضحاً: "نحن لا نعطي ضمانات للمعارضة السورية، نحن معهم في نفس الفريق"..
وكما توقع المراقبون، لم يستغرق الأمر أكثر من بضعة أيام لتنكشف حقيقة (الضمانات) المزعومة، ومعها فحوى التفاهمات المتعلقة بالمنطقة وأهلها، شعوباً وحكومات وخرائط، وهذا يشمل تحديداً العرب وتركيا.
ثمة تفاصيل كثيرة لايتسع لها المقام، ونأمل أن هناك مَن يرصدها بشمولٍ ودقة وربطٍ مُحكم للوقائع والأحداث.. لكن تلخيص النتيجة بأنها تتمثل في إشاعة (الفوضى) في المنطقة ليس مُبالغاً فيه على الإطلاق. خاصةً حين تتوزع الأدوار بين من تمﱠ إقناعهُ بأنه قيصرٌ جديد.. وبين غربٍ لا يمانع تاريخياً أن يلعب بالنار، مادام اشتعالُها سيكون بعيداً عنه. غربٍ مقامرٍ بطبعه، ليس غريباً أن تقود مقامراته إلى واقعٍ يأخذ فيه نفسَهُ والعالم إلى الهاوية.
باختصارٍ ووضوح.. تُظهر رسائل جنيف3 أن ثمة تفويضاً لروسيا، ومن ورائها إيران، لإعادة ترتيب الأمور في المنطقة، وبتوزيعٍ للأدوار بات مكشوفاً لدرجة أنه قد يكون وقاحةً مقصودة تشبه وضع الإصبع في العين..
فَعلَ السوريون ما يمكن لهم أن يفعلوه سياسياً، فكشفوا أمام العالم بأسره حقيقة الروس والنظام، وأمام العرب والأتراك حقيقة التفاهمات الدولية. ورغم الضغط العسكري غير المسبوق للروس والنظام وميليشياته، واحتمالات محاصرة حلب، وقطع طريق الإمداد للثوار، تتوارد الأخبار عن مقاومةٍ منهم غير مسبوقة بدورها.
وتلك مقاومةٌ يجب التعامل بجديةٍ بالغة مع موضوع دعمها بكل الوسائل والأساليب.. ففي نهاية المطاف لن تنحصر آثار ما سيجري في حدود سوريا، والمؤكد أن الوضع العربي والتركي لايحتمل استسلام السوريين، لأنه يعني قدوم الطوفان الكبير. هذه فكرةٌ يجب أن تبقى هاجساً يؤرقُ العرب، لأن النومَ عنها قد لا يكون بعدهُ استيقاظ.
ماذا يمكن للعرب والأتراك أن يفعلوا؟ نكرر مرةً أخرى ما قالهُ يوماً ماوتسي تونغ: "القوة السياسية تأتي من فوهة البندقية".. وبعدهُ قال جورج أورويل: "ينامُ الناس بسلامٍ في أسِرﱠتهم ليلاً لأن هناك رجالاً أشداء يسهرون مستعدين للعنف من أجلهم".
هذا لا يعني سذاجةً سياسية بطبيعة الحال. فليس المقصود هنا الخروج على (النظام الدولي) بعصبيةٍ وتشنج.. بل الأمر على العكس تماماً. لأن واقع ما بعد جنيف 3 يوفر للعرب والأتراك أوراقاً تجمع، بمهارةٍ وذكاء، بين القوتين اللتين تحدث عنهما الزعيم الصيني. علماً أن التخطيط لذلك، والعمل وفق مقتضياته، ينبع من ضرورةٍ قاهرة، وليس نوعاً من (الترف) الذي يمكن معه للطرفين أخذُ الوقت للتفكير. فالتهديد الذي يواجههما (وجوديٌ) كامل، وليس لديهما بعد الآن (رفاهية) التعامل معه بالتكتيك والمناورات الخفيفة والرؤية القصيرة النظر.
صحيحٌ أن إيران تركز، في هذه المرحلة، على أن تقبض ثمن بضاعتها في سوريا تحديداً، لكن رهانها الكبير معروف، وطموحها الإستراتيجي لا يخفى على أحد، والفوز بسوريا أخطرُ خطوةٍ لتحقيق ذلك الطموح.. وقد يكون من سوء حظها، وحُسن حظ العرب والأتراك، كشفُ ما يُحاك للطرفين من خلال العمليات الإرهابية الأخيرة في السعودية وتركيا.
هل تحسم هذه الوقائع الحيرة فيما يتعلق بإيران وروسيا، وما يمكن أن يفعلهُ البَلدان إذا سقط السد السوري في وجه جحافلهما؟ أسئلةٌ خطيرة تحتاج إلى جديةٍ في التفكير وحسمٍ في القرار، وبالتأكيد قبل تاريخ 25 فبراير الحالي.
اتفاق تبادل الأسرى والمحتجزين في اليمن
انطلاقاً من دعمها المستمر للشعب اليمني الشقيق، جاء ترحيب دولة قطر باتفاق تبادل الأسرى والمحتجزين في اليمن، الذي... اقرأ المزيد
72
| 25 ديسمبر 2025
لغة خير أمة لغة الحياة
لغتنا تحدثنا وتقول لنا: أنا لغة خير أمة.. أنا لغة القرآن الكريم.. أنا لغة الإسلام لا دين غيره..... اقرأ المزيد
51
| 25 ديسمبر 2025
تكررت آيات شبيهة المعنى بالآية أعلاه التي اتخذناها عنواناً لحديث اليوم، وكل الآيات الشبيهة تستنكر التصاق الأبناء بإرث... اقرأ المزيد
54
| 25 ديسمبر 2025
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية




مساحة إعلانية
يترقّب الشارع الرياضي العربي نهائي كأس العرب، الذي يجمع المنتخبين الأردني والمغربي على استاد لوسيل، في مواجهة تحمل كل مقومات المباراة الكبيرة، فنيًا وبدنيًا وذهنيًا. المنتخب الأردني تأهل إلى النهائي بعد مشوار اتسم بالانضباط والروح الجماعية العالية. كما بدا تأثره بفكر مدربه جمال السلامي، الذي نجح في بناء منظومة متماسكة تعرف متى تضغط ومتى تُغلق المساحات. الأردن لم يعتمد على الحلول الفردية بقدر ما راهن على الالتزام، واللعب كوحدة واحدة، إلى جانب الشراسة في الالتحامات والقتالية في كل كرة. في المقابل، يدخل المنتخب المغربي النهائي بثقة كبيرة، بعد أداء تصاعدي خلال البطولة. المغرب يمتلك تنوعًا في الخيارات الهجومية، وسرعة في التحولات، وقدرة واضحة على فرض الإيقاع المناسب للمباراة. الفريق يجمع بين الانضباط التكتيكي والقوة البدنية، مع حضور هجومي فعّال يجعله من أخطر منتخبات البطولة أمام المرمى. النهائي يُنتظر أن يكون مواجهة توازنات دقيقة. الأردن سيحاول كسر الإيقاع العام للمباراة والاعتماد على التنظيم والضغط المدروس، بينما يسعى المغرب إلى فرض أسلوبه والاستفادة من الاستحواذ والسرعة في الأطراف. الصراع في وسط الملعب سيكون مفتاح المباراة، حيث تُحسم السيطرة وتُصنع الفوارق. بعيدًا عن الأسماء، ما يجمع الفريقين هو الروح القتالية والرغبة الواضحة في التتويج. المباراة لن تكون سهلة على الطرفين، والأخطاء ستكون مكلفة في لقاء لا يقبل التعويض. كلمة أخيرة: على استاد لوسيل، وفي أجواء جماهيرية منتظرة، يقف الأردن والمغرب أمام فرصة تاريخية لرفع كأس العرب. نهائي لا يُحسم بالتوقعات، بل بالتفاصيل، والتركيز، والقدرة على الصمود حتى اللحظة الأخيرة.
1137
| 18 ديسمبر 2025
في هذا اليوم المجيد من أيام الوطن، الثامن عشر من ديسمبر، تتجدد في القلوب مشاعر الفخر والولاء والانتماء لدولة قطر، ونستحضر مسيرة وطنٍ بُني على القيم، والعدل، والإنسان، وكان ولا يزال نموذجًا في احتضان أبنائه جميعًا دون استثناء. فالولاء للوطن ليس شعارًا يُرفع، بل ممارسة يومية ومسؤولية نغرسها في نفوس أبنائنا منذ الصغر، ليكبروا وهم يشعرون بأن هذا الوطن لهم، وهم له. ويأتي الحديث عن أبنائنا من ذوي الإعاقة تأكيدًا على أنهم جزء أصيل من نسيج المجتمع القطري، لهم الحق الكامل في أن يعيشوا الهوية الوطنية ويفتخروا بانتمائهم، ويشاركوا في بناء وطنهم، كلٌ حسب قدراته وإمكاناته. فالوطن القوي هو الذي يؤمن بأن الاختلاف قوة، وأن التنوع ثراء، وأن الكرامة الإنسانية حق للجميع. إن تنمية الهوية الوطنية لدى الأبناء من ذوي الإعاقة تبدأ من الأسرة، حين نحدثهم عن الوطن بلغة بسيطة قريبة من قلوبهم، نعرّفهم بتاريخ قطر، برموزها، بقيمها، بعَلَمها، وبإنجازاتها، ونُشعرهم بأنهم شركاء في هذا المجد، لا متلقّين للرعاية فقط. فالكلمة الصادقة، والقدوة الحسنة، والاحتفال معهم بالمناسبات الوطنية، كلها أدوات تصنع الانتماء. كما تلعب المؤسسات التعليمية والمراكز المتخصصة دورًا محوريًا في تعزيز هذا الانتماء، من خلال أنشطة وطنية دامجة، ومناهج تراعي الفروق الفردية، وبرامج تُشعر الطفل من ذوي الإعاقة أنه حاضر، ومسموع، ومقدَّر. فالدمج الحقيقي لا يقتصر على الصفوف الدراسية، بل يمتد ليشمل الهوية، والمشاركة، والاحتفال بالوطن. ونحن في مركز الدوحة العالمي لذوي الإعاقة نحرص على تعزيز الهوية الوطنية لدى أبنائنا من ذوي الإعاقة من خلال احتفال وطني كبير نجسّد فيه معاني الانتماء والولاء بصورة عملية وقريبة من قلوبهم. حيث نُشرك أبناءنا في أجواء اليوم الوطني عبر ارتداء الزي القطري التقليدي، وتزيين المكان بأعلام دولة قطر، وتوزيع الأعلام والهدايا التذكارية، بما يعزز شعور الفخر والاعتزاز بالوطن. كما نُحيي رقصة العرضة القطرية (الرزيف) بطريقة تتناسب مع قدرات الأطفال، ونُعرّفهم بالموروث الشعبي من خلال تقديم المأكولات الشعبية القطرية، إلى جانب تنظيم مسابقات وأنشطة وطنية تفاعلية تشجّع المشاركة، وتنمّي روح الانتماء بأسلوب مرح وبسيط. ومن خلال هذه الفعاليات، نؤكد لأبنائنا أن الوطن يعيش في تفاصيلهم اليومية، وأن الاحتفال به ليس مجرد مناسبة، بل شعور يُزرع في القلب ويترجم إلى سلوك وهوية راسخة. ولا يمكن إغفال دور المجتمع والإعلام في تقديم صورة إيجابية عن الأشخاص ذوي الإعاقة، وإبراز نماذج ناجحة ومُلهمة منهم، مما يعزز شعورهم بالفخر بذواتهم وبوطنهم، ويكسر الصور النمطية، ويؤكد أن كل مواطن قادر على العطاء حين تتوفر له الفرصة. وفي اليوم الوطني المجيد، نؤكد أن الولاء للوطن مسؤولية مشتركة، وأن غرس الهوية الوطنية في نفوس أبنائنا من ذوي الإعاقة هو استثمار في مستقبل أكثر شمولًا وإنسانية. فهؤلاء الأبناء ليسوا على هامش الوطن، بل في قلبه، يحملون الحب ذاته، ويستحقون الفرص ذاتها، ويشاركون في مسيرته كلٌ بطريقته. حفظ الله قطر، قيادةً وشعبًا، وجعلها دائمًا وطنًا يحتضن جميع أبنائه… لكل القدرات، ولكل القلوب التي تنبض بحب الوطن كل عام وقطر بخير دام عزّها، ودام مجدها، ودام قائدها وشعبها فخرًا للأمة.
1104
| 22 ديسمبر 2025
في منتصف العام الدراسي، تأتي الإجازات القصيرة كاستراحة ضرورية للطلبة والأسر، لكنها في الوقت ذاته تُعد محطة حساسة تتطلب قدراً عالياً من الوعي في كيفية التعامل معها. فهذه الإجازات، على قِصر مدتها، قد تكون عاملاً مساعداً على تجديد النشاط الذهني والنفسي، وقد تتحول إن أُسيء استغلالها إلى سبب مباشر في تراجع التحصيل الدراسي وصعوبة العودة إلى النسق التعليمي المعتاد. من الطبيعي أن يشعر الأبناء برغبة في كسر الروتين المدرسي، وأن يطالبوا بالسفر والتغيير، غير أن الانصياع التام لهذه الرغبات دون النظر إلى طبيعة المرحلة الدراسية وتوقيتها يحمل في طياته مخاطر تربوية لا يمكن تجاهلها. فالسفر إلى دول تختلف بيئتها ومناخها وثقافتها عن بيئتنا، وفي وقت قصير ومزدحم دراسياً، يؤدي غالباً إلى انفصال ذهني كامل عن أجواء الدراسة، ويضع الطالب في حالة من التشتت يصعب تجاوزها سريعاً عند العودة. توقيت الإجازة وأثره المباشر على المسار الدراسي التجربة التربوية تؤكد أن الطالب بعد الإجازات القصيرة التي تتخلل العام الدراسي يحتاج إلى قدر من الاستقرار والروتين، لا إلى مزيد من التنقل والإرهاق الجسدي والذهني. فالسفر، مهما بدا ممتعاً، يفرض تغييرات في مواعيد النوم والاستيقاظ، ويُربك النظام الغذائي، ويُضعف الالتزام بالواجبات والمتابعة الدراسية، وهو ما ينعكس لاحقاً على مستوى التركيز داخل الصف، ويجعل العودة إلى الإيقاع المدرسي عملية بطيئة ومجهدة. وتكمن الخطورة الحقيقية في أن هذه الإجازات لا تمنح الطالب الوقت الكافي للتكيّف مرتين: مرة مع السفر، ومرة أخرى مع العودة إلى المدرسة. فيضيع جزء غير يسير من زمن الفصل الدراسي في محاولة استعادة النشاط الذهني والانخراط مجدداً في الدروس، وهو زمن ثمين كان الأولى الحفاظ عليه، خصوصاً في المراحل التي تكثر فيها الاختبارات والتقييمات. قطر وجهة سياحية غنية تناسب الإجازات القصيرة في المقابل، تمتلك دولة قطر بيئة مثالية لاستثمار هذه الإجازات القصيرة بشكل متوازن وذكي، فالأجواء الجميلة خلال معظم فترات العام، وتنوع الوجهات السياحية والترفيهية، من حدائق ومتنزهات وشواطئ ومراكز ثقافية وتراثية، تمنح الأسر خيارات واسعة لقضاء أوقات ممتعة دون الحاجة إلى مغادرة البلاد. وهي خيارات تحقق الترفيه المطلوب، وتُشعر الأبناء بالتجديد، دون أن تخلّ باستقرارهم النفسي والتعليمي. كما أن قضاء الإجازة داخل الوطن يتيح للأسرة المحافظة على جزء من الروتين اليومي، ويمنح الأبناء فرصة للعودة السلسة إلى مدارسهم دون صدمة التغيير المفاجئ. ويمكن للأسر أن توظف هذه الفترة في أنشطة خفيفة تعزز مهارات الأبناء، مثل القراءة، والرياضة، والأنشطة الثقافية، وزيارات الأماكن التعليمية والتراثية، بما يحقق فائدة مزدوجة: متعة الإجازة واستمرارية التحصيل. ترشيد الإنفاق خلال العام الدراسي ومن زاوية أخرى، فإن ترشيد الإنفاق خلال هذه الإجازات القصيرة يمثل بُعداً مهماً لا يقل أهمية عن البعد التربوي. فالسفر المتكرر خلال العام الدراسي يستهلك جزءاً كبيراً من ميزانية الأسرة، بينما يمكن ادخار هذه المبالغ وتوجيهها إلى إجازة صيفية طويلة، حيث يكون الطالب قد أنهى عامه الدراسي، وتصبح متطلبات الاسترخاء والسفر مبررة ومفيدة نفسياً وتعليمياً. الإجازة الصيفية، بطولها واتساع وقتها، هي الفرصة الأنسب للسفر البعيد، والتعرف على ثقافات جديدة، وخوض تجارب مختلفة دون ضغط دراسي أو التزامات تعليمية. حينها يستطيع الأبناء الاستمتاع بالسفر بكامل طاقتهم، وتعود الأسرة بذكريات جميلة دون القلق من تأثير ذلك على الأداء المدرسي. دور الأسرة في تحقيق التوازن بين الراحة والانضباط في المحصلة، ليست المشكلة في الإجازة ذاتها، بل في كيفية إدارتها، فالإجازات التي تقع في منتصف العام الدراسي ينبغي أن تُفهم على أنها استراحة قصيرة لإعادة الشحن، لا قطيعة مع المسار التعليمي. ودور الأسرة هنا محوري في تحقيق هذا التوازن، من خلال توجيه الأبناء، وضبط رغباتهم، واتخاذ قرارات واعية تضع مصلحة الطالب التعليمية في المقام الأول، دون حرمانه من حقه في الترفيه والاستمتاع. كسرة أخيرة إن حسن استثمار هذه الإجازات يعكس نضجاً تربوياً، ووعياً بأن النجاح الدراسي لا يُبنى فقط داخل الصفوف، بل يبدأ من البيت، ومن قرارات تبدو بسيطة، لكنها تصنع فارقاً كبيراً في مستقبل الأبناء.
951
| 24 ديسمبر 2025