رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
تحدثنا في هذه السلسلة من المقالات عن أسباب طرح الموضوع علنياً وبصراحة، وعالجنا بعض الشبهات الرئيسة التي تُقدم لعدم تفعيل ثورة في فهم الإسلام في سوريا، وفي مقدمتها الخوف على الإسلام نفسه. ثم عَرَضنا واقع الإسلام في البلد قبل الثورة، وكيف كانت طُرقُ فهمه وتنزيله على الواقع مقدمةً طبيعية لتغييب كثيرٍ من معانيه الكبرى، وضربنا مثالاً مُعبراً على تلك القضية يتمثل في الموقف التقليدي السائد من (الدنيا) في التراث وفي المدونة الفقهية التقليدية.
أما اليوم، فسنبدأ بتبيان أثر ذلك التأويل التقليدي التاريخي في صناعة الواقع السوري خلال السنوات الثلاثة الماضية، وكيف ساهم هذا التأويل، تحديداً، في فشل من تصدروا للحديث باسم الإسلام، في المجالات السياسية والعسكرية والشرعية. فَشَلهم، ليس فقط بإظهار أي نموذجٍ حضاري لقيادة الثورة ينبثق من الفهم الإسلامي، بل ووقوعهم في أخطاء كبرى يمكن إضافتها لأسباب وضرورات ظهور الثورة التي نتحدث عنها في الإسلام في سوريا.
ففي المجال السياسي، من المعروف أن الإسلاميين، على اختلاف تسمياتهم التنظيمية، كان لهم تأثيرٍ كبير، وأحياناً طاغٍ، في تشكيل وتسيير الهياكل العاملة في ذلك المجال، وتحديداً في المجلس الوطني ثم الائتلاف، بل يمكن التأكيد أن اليد الطولى كانت لهم على الأقل منذ تاريخ تأسيس المجلس الوطني نهاية 2011م إلى منتصف 2013م.
لم يكن من هموم السياسيين الإسلاميين السوريين البحثُ، في سياق المسار الثوري، وفي تلك الفترة (الذهبية) نسبياً، عن منظومةٍ سياسية بالمعنى المنهجي للكلمة، تكون منسجمةً مع منطلقات الإسلام الكبرى، وصالحةً، في نفس الوقت، لتنظيم الحياة السياسية في بلدٍ مثل سوريا. فالمنظومةُ تلك كانت جاهزةً في القرآن، أو في الأذهان، لدى البعض. أما لدى (الإخوان المسلمين) فقد كانت موجودةً على شكل وثيقةٍ أصبحت في غاية التشويش من كثرة (القص) و(اللصق)، وبأمثلة تستعصي على الحصر، نضرب منها مثالاً واحداً تقول فيه الوثيقة: "الدولة الإسلامية هي ما نُطلق عليه الدولة (الحديثة) بالصيغة التي نقدمها في مشروعنا هذا، وليست بالدولة (الثيوقراطية) ولا هي بالدولة (العلمانية)".
وبشكلٍ عام، نعرضُ تفاصيله في مقامٍ آخر، تعامل الإسلاميون مع السياسة أساساً على أنها ساحة مناورات داخلية بين العاملين في الحقل السياسي المُعارض، وأنها فضاءٌ لإقامة التحالفات وتغييرها وصولاً إلى تحقيق هدف أساسي هو السيطرة على الهياكل السياسية، بحيث أصبح هذا الهدف هو الهاجس الأكبر. وبمعزلٍ عن امتلاك القدرة على توظيف هذه الهياكل لتحقيق الأدوار الحقيقية المطلوبة منها.
وحتى فيما يتعلق بالثورة ذاتها، لم يكن وضع المخططات المنهجية، التي تُمكِّن الهياكل المذكورة من خدمتها وتحقيق أهدافها، أمراً ذو أولوية، هذا فضلاً عن افتقاد القدرة على صياغة مثل تلك المخططات ابتداءً. وبهذا الفهم وتلك الأولويات، صار عادياً أن تَظهر (البراجماتية) في أكثر تجلياتها بُعداً عن القيم الإسلامية، وباتَ طبيعياً أن تُبررَ الغايةُ الوسيلةَ أياً كانت. وأن يسير العمل بنوايا يتم إقناعُ النفس، والقواعد، بها، تؤكدُ على ضرورة استمرار السيطرة والتحكم بالهياكل السياسية الحالية بأي طريقة في هذه المرحلة وإلى أن يتم إسقاط النظام، ثم يُمكن، في نظر القيادات، (استعادة) القيم الإسلامية بعد استخدام السيطرة الحالية لتأمين سيطرةٍ مستقبلية، ويمكن (استدعاؤها) آنذاك لتأكيد الصفة الإسلامية للعاملين.
لا يُظهر هذا التحليل الوجه الأخلاقي السلبي لأزمة الجسم السياسي الإسلامي فقط، بل يُظهر أزمةً أخرى على مستوى الفكر السياسي الذي يختزل مفهوم السياسة وممارساتها في مثل الدوائر المذكورة أعلاه من النشاطات (مناورات داخلية – تحالفات متقلبة من النقيض إلى النقيض – شراء ولاءات). فهنا يغيب مفهوم تفكير رجال الدولة الذين يمتد اهتمامهم، عادةً، إلى إدراك المجالات الواسعة في مهمة قيادة الأمم والشعوب، ويُستفرغ جهدهم في فهم التعقيد البالغ للوضع السوري، وفي إيجاد الرؤية الإستراتيجية للتعامل معه، وبالتالي، إيجاد الآليات المطلوبة لتحقيق ذلك الهدف. وإن صحﱠ هذا في وقت السلم فإنه أولى بالاعتبار في ظرف الثورة الاستثنائي، فحجم المهمات والوظائف السياسية التي يُطلب تغطيتها يُصبح أوسع وأكثر تعقيداً، ودرجة الجهد والتخطيط والإحاطة لإيجاد الرؤى ورسم السياسات ووضع الهياكل المطلوبة تكون أكثر إلحاحاً.
كيف نربط هذه الظاهرة بالتأويل التقليدي للإسلام الذي كان سائداً قبل الثورة؟ سنجد جذورها فيما تحدثنا عنه سابقاً حين ذكرنا أنه "كان نادراً جداً أن يكون الدينُ عِلماً وتخطيطاً وتنميةً وإدارةً وتنظيماً وفهماً للعالم واهتماماً بالشأن العام وتركيزاً على قراءة سنن إعمار الأرض، بينما كان شائعاً جداً أن يكون الدينُ كماً هائلاً من فتاوى ودروس ومواعظ تُركز على كل ما هو شخصي ورمزي وشعائري، بمعنى أن الجهد كان قليلاً لربط الشخصي بالعام ولربط الرمزي والشعائري بالمقصد والمناط على مستوى وجود جماعة بشرية في إطار (دولة). بل إن تلك الفتاوى والدروس والمواعظ رسَّخت في المجتمع السوري، على درجات متفاوتة، قيماً لا تمت بصلة إلى أصالة الإسلام وتعاليم القرآن، حصل هذا في مواضيع أساسية كثيرة، منها على سبيل المثال فقط: قضايا المرأة، العلاقة مع الآخر، الموقف من العقل، الموقف من العلم، حرية المعتقد، الابائية والتقليد، تحويل الإسلام إلى شريعة اصر وأغلال، تفسيرات الولاء والبراء، تقديس اجتهادات البشر، الإيحاء بأن تعظيم الخالق يزداد بتحقير الإنسان.. وجرى أثناء ذلك الخلطُ بين الكُليات والجزئيات، والأصول والفروع، والثوابت والمتغيرات".
كان هذا هو (الإسلام) الذي نَزَّل الإسلاميون السوريون معانيه ومقتضياته على المسار السياسي، وكان بعضهم، على الأقل، مُخلصاً جداً، ليس فقط في إيمانه بهذا الإسلام، بل وفي قناعته بأن صالح سوريا وثورتها يكمنان فيه.
ليست المسألة إذاً، عند الغالبية العظمى من الإسلاميين السوريين، مسألة نيات (خبيثة) و(أجندات) مستترة، وفي اعتقادي أنه لو كان الأمر كذلك لربما كانت المعضلة أهون، لأن المشكلة كانت ستبدو أوضحَ للكثيرين، وهذا لا يتناقض مع حديثنا عما أسميناه أعلاه "الوجه الأخلاقي السلبي لأزمة الجسم السياسي الإسلامي"، وربطه بالممارسات البراجماتية التي غلبت عليه، كما قد يلوح للوهلة الأولى.
ففي ظل طغيان ذلك التأويل المشوه للإسلام وتعاليمه، ومع وجود قناعةٍ عقلية راسخةٍ بأنه يحقق مصلحة البلد والثورة، وحماسٍ نفسيٍ جارف يُصاحبُ تلك القناعة، وفي غياب أدواتٍ فكرية وثقافية تسمح بالمراجعة والنقد الذاتي والانتباه لحقيقة ما يجري، تشكل المعادلة المثالية لظهور (البراجماتية) سبيلاً رئيسياً للعمل السياسي وللوصول إلى الهدف، بكل ما يترتب عليها من مشكلات، وهذا ما حصل إلى درجة كبيرة في نهاية المطاف.
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية




مساحة إعلانية
في عالم تتسابق فيه الدول لجذب رؤوس الأموال وتحفيز الاستثمار تبنّت دولة قطر نموذجًا قانونيًا لمنح فرص الإقامة للأجانب بضوابط قانونية محددة، أبرزها ما ورد في المادة (7) من قرار مجلس الوزراء رقم (28) لسنة 2020 والذي ينظم منح الإقامة للأجانب من خلال التملك العقاري في قطر، فقد فتحت الباب أمام غير القطريين للحصول على الإقامة عبر تملك العقارات أو الانتفاع بها، وفق شروط دقيقة. ويأتي هذا التوجه ضمن سياسة الدولة في تشجيع الاستثمار العقاري، وضخ المزيد من الاستثمارات في السوق العقارية المحلية، ويساهم في تحقيق رؤية قطر التنموية التي تسعى لجعل البلاد وجهة إقليمية رائدة للاستثمار والعيش الكريم. من شروط الحصول على الإقامة العقارية في دولة قطر لملاك العقارات غير القطريين، وأن يكون مؤهلاً للحصول على إقامة دائمة، كما وضع القانون شروطا واضحة ولابد من توافرها، بأن يشترط أن يقيم المستثمر داخل دولة قطر مدة لا تقل عن 90 يومًا في السنة، سواء كانت إقامة متصلة أو متقطعة حتى تستمر الإقامة في سريانها، ولاسيما أن تكون قيمة العقار لا تقل 730 ألف ريال قطري ويتم تقييم العقار وفقًا للقيمة السوقية المعتمدة من إدارة التسجيل العقاري بوزارة العدل ولا يقتصر ذلك فقط على قيمة الشراء المتفق عليه بين الطرفين، وإضافة على ذلك إذا بلغت قيمة العقار 3 ملايين و650 ألف ريال قطري أو أكثر فإن المالك المنتفع به يُمنح امتيازات إضافية لحاملي الإقامة الدائمة وتشمل التعليم الحكومي والرعاية الصحية وبعض التسهيلات الاستثمارية، وتظهر هذه الشروط ضمان جدية المستثمر. ويشدد القانون على أهمية إقامة مالك العقار في الدولة لمدة لا تقل عن ثلاثة أشهر من كل عام متصلة أو متواصلة، ويُقصد من هذا الشرط ضمان ارتباط حامل الإقامة العقارية فعليًا بدولة قطر، وعدم الاقتصار على التملك من الخارج دون تواجد فعلي، وفي الحالات الاستثنائية التي يتعذر فيها على المالك تحقيق شرط الـ90 يومًا بسبب ظروف قاهرة أو ضرورات خاصة تتيح اللوائح إمكانية تقديم طلب استثناء أو عذر رسمي للجهات المعنية، على سبيل المثال يمكن للمالك التقدم بطلب “تصريح عودة مقيم” لدى وزارة الداخلية إذا اضطر للبقاء خارج قطر مدة طويلة تتجاوز المسموح به، وذلك حفاظًا على صلاحية إقامته، يمنح تصريح العودة للمقيم فرصة عدم إسقاط إقامته عند تجاوز المدة المحددة للبقاء خارج البلاد والتي تكون عادة 6 أشهر كحد أقصى للإقامة العادية، حيث يتم توضيح أسباب الغياب وتقديم المستندات الداعمة للحصول على موافقة استثنائية، وبهذا الإجراء القانوني يمكن للمالك الحفاظ على إقامة العقار الخاصة به رغم عدم استيفائه شرط 90 يومًا في السنة في بعض الحالات الاستثنائية، شريطة موافقة الجهات الرسمية المختصة على العذر المقدم وفق الأصول القانونية. وفي سياق تحديد قيمة العقار المعتمد لهذا الغرض، أوضح القانون أن المرجعية تكون للقيمة السوقية التي تعتمدها إدارة التسجيل العقاري بوزارة العدل، وليس فقط سعر الشراء المُعلن، بمعنى آخر تحتسب أهلية العقار لمنح الإقامة بناءً على تقييم رسمي يعكس القيمة السوقية الحقيقية للعقار، هذا الإجراء يهدف إلى ضمان النزاهة وعدم التحايل في تقدير قيمة العقارات المطلوبة للحصول على الإقامة، وفي حال اختلف التقييم الرسمي عن سعر الشراء بشكل يؤثر على استيفاء شرط الحد الأدنى للقيمة، يمكن للمستثمر العقاري التقدم بطلب اعتراض أو إعادة تقييم لدى الجهات المختصة، لتصحيح أي تفاوت محتمل في تقدير قيمة العقار، وتتم عملية الاعتراض عبر تقديم المستندات والبيانات اللازمة لإعادة تقييم العقار من قبل إدارة التسجيل العقاري، حرصًا على أن يحصل المالك على حقه في التقييم العادل الذي يؤهله للإقامة العقارية إذا انطبقت الشروط. أما في حال قيام المالك ببيع العقار الذي منح بموجبه الإقامة، فإن رخصة الإقامة العقارية المرتبطة بهذا العقار تصبح مهددة بالإلغاء تلقائيًا لزوال سبب منحها، ولتفادي فقدان الإقامة فورًا حددت السلطات مهلة زمنية تمنح للمالك السابق من تاريخ بيع العقار، وذلك ليقوم خلالها إما بشراء عقار بديل يستوفي الشروط أو بتغيير وضع إقامته إلى كفالة أخرى مشروعة، وتبلغ مدة المهلة الممنوحة 3 أشهر من تاريخ بيع العقار، فإذا تمكن خلالها من شراء عقار بديل للقيمة المحددة 730 ألف ريال قطري على الأقل ونقل ملكيته باسمه، يستطيع حينها نقل الإقامة العقارية إلى العقار الجديد والاستمرار بالتمتع بها دون انقطاع، أما إذا انقضت المهلة دون شراء عقار جديد للشروط أو ترتيب كفالة إقامة بديلة مثل الانتقال لكفالة عمل، فإن الإقامة العقارية تُلغى بانتهاء تلك المهلة لانتهاء سبب استحقاقها، هذا التنظيم يمنح المستثمر الجاد فرصة لإعادة ترتيب أوضاعه دون إخلال فوري باستقراره في البلاد، وفي الوقت ذاته يضمن عدم بقاء الإقامة بدون أساس قانوني مستمر. الجدير بالذكر أن القانون نفسه ميّز امتيازات إضافية للمستثمرين العقاريين الذين تبلغ قيمة ممتلكاتهم العقارية حدًا أعلى، فبحسب المادة (7) سالفة الذكر، إذا وصلت القيمة السوقية للعقار الذي يمتلكه الأجنبي إلى 3,650,000 ريال قطري أو أكثر ما يعادل مليون دولار أمريكي تقريبًا، فإن مالك العقار يحظى بامتيازات إقامة دائمة مماثلة لتلك التي يتمتع بها حامل بطاقة الإقامة الدائمة، وتشمل هذه الامتيازات التعليم والصحة المجانية في المؤسسات الحكومية لأفراد أسرته، إضافة إلى تسهيلات في مجال الاستثمار والمعاملات التجارية، وبذلك يعد حافزًا كبيرًا للمستثمرين الراغبين في مزايا طويلة الأمد.
10008
| 13 نوفمبر 2025
وفقًا للمؤشرات التقليدية، شهدت أسهم التكنولوجيا هذا العام ارتفاعًا في تقييماتها دفعها إلى منطقة الفقاعة. فقد وصلت مضاعفات الأرباح المتوقعة إلى مستويات نادرًا ما شوهدت من قبل، لذلك، لم يكن التراجع في التقييمات منذ منتصف أكتوبر مفاجئًا. وقد يعكس هذا الانخفاض حالة من الحذر وجني الأرباح. وقد يكون مؤشرًا على تراجع أكبر قادم، أو مجرد استراحة في سوق صاعدة طويلة الأمد تصاحب ثورة الذكاء الاصطناعي. وحتى الآن، لا يُعدّ الهبوط الأخير في سوق الأسهم أكثر من مجرد "تصحيح" محدود. فقد تراجعت الأسواق في الأسبوع الأول من نوفمبر، لكنها سجلت ارتفاعًا طفيفًا خلال الأسبوع الذي بدأ يوم الاثنين 10 من الشهر نفسه، لكنها عادت وانخفضت في نهاية الأسبوع. وما تزال السوق إجمالاً عند مستويات مرتفعة مقارنة بشهر أبريل، حين شهدت انخفاضًا مرتبطًا بإعلان الرئيس دونالد ترامب بشأن الرسوم الجمركية. فعلى سبيل المثال: تراجعت أسهم شركة إنفيديا بنحو 10% في الأسبوع الأول من نوفمبر، لكنها بقيت أعلى بنحو 60% مقارنة بما كانت عليه قبل ستة أشهر فقط. مؤشر S&P 500 انخفض إلى 6700 في الرابع عشر من نوفمبر، مقارنة بذروة بلغت 6920، وما زال أعلى بنحو سبعين بالمئة مقارنة بنوفمبر 2022. هيمنة شركات التكنولوجيا الكبرى على القيمة السوقية الإجمالية أصبحت واضحة. فمع نهاية أكتوبر، ورغم ارتفاع المؤشر طوال العام، باستثناء التراجع في أبريل، شهدت نحو 397 شركة من شركات المؤشر انخفاضًا في قيمتها خلال تلك الفترة. ثماني من أكبر عشر شركات في المؤشر هي شركات تكنولوجية. وتمثل هذه الشركات 36% من إجمالي القيمة السوقية في الولايات المتحدة، و60% من المكاسب المحققة منذ أبريل. وعلى عكس ما حدث لشركات الدوت كوم الناشئة قبل 25 عامًا، تتمتع شركات التكنولوجيا اليوم بإيرادات قوية ونماذج أعمال متينة، حيث تتجاوز خدماتها نطاق الذكاء الاصطناعي لتشمل برمجيات تطبيقات الأعمال والحوسبة السحابية. وهناك حجّة قوية مفادها أن جزءًا كبيرًا من الاستثمارات في الذكاء الاصطناعي يأتي من شركات كبرى مربحة تتمتع بمراكز نقدية قوية، ما يجعل هذه الاستثمارات أقل عرضة للمخاطر مقارنة بموجات الحماس السابقة في قطاع التكنولوجيا. غير أن حجم الاستثمارات المخطط لها في مراكز البيانات أثار مخاوف لدى بعض المستثمرين. كما أن هناك 10 شركات ناشئة خاسرة متخصصة في الذكاء الاصطناعي تقدر قيمتها مجتمعة بنحو تريليون دولار. وهناك ايضاً تراجع صدور البيانات الاقتصادية الأمريكية بسبب الإغلاق الحكومي الذي دخل شهره الثاني، فلم تُنشر أي بيانات وظائف رسمية منذ 5 سبتمبر، ما دفع المحللين للاعتماد على بيانات خاصة. هذه البيانات أظهرت أعلى مستوى لتسريح الموظفين منذ 2003 في أكتوبر. كما جاءت نتائج أرباح بعض الشركات التقليدية مخيبة، حيث هبط سهم مطاعم تشيبوتلي بنحو 13% في نهاية أكتوبر بعد إعلان نتائج دون توقعات السوق.
2454
| 16 نوفمبر 2025
يحتلّ برّ الوالدين مكانة سامقة في منظومة القيم القرآنية، حتى جعله الله مقرونًا بعبادته في قوله تعالى: ﴿وَقَضَىٰ رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا﴾ [الإسراء: 23]، فجمع بين التوحيد والإحسان إليهما في آية واحدة، ليؤكد أن البرّ بهما ليس مجرّد خُلقٍ اجتماعي، بل عبادة روحية عظيمة لا تقلّ شأنًا عن أركان الإيمان. القرآن الكريم يقدّم برّ الوالدين باعتباره جهادًا لا شوكة فيه، لأن مجاهد النفس في الصبر عليهما، ورعاية شيخوختهما، واحتمال تقلب مزاجهما في الكبر، هو صورة من صور الجهاد الحقيقي الذي يتطلّب ثباتًا ومجاهدة للنفس. قال تعالى: ﴿وَإِن جَاهَدَاكَ عَلَىٰ أَنْ تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا﴾ [لقمان: 15]، فحتى في حال اختلاف العقيدة، يبقى البرّ حقًا لا يسقط. وفي الآية الأخرى ﴿وَقُل رَّبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا﴾ [الإسراء: 24]، يربط القرآن مشاعر الإنسان بذاكرته العاطفية، ليعيده إلى لحظات الضعف الأولى حين كان هو المحتاج، وهما السند. فالبرّ ليس ردّ جميلٍ فحسب، بل هو اعتراف دائم بفضلٍ لا يُقاس، ورحمة متجددة تستلهم روحها من الرحمة الإلهية نفسها. ومن المنظور القرآني، لا يتوقف البرّ عند الحياة، بل يمتدّ بعد الموت في الدعاء والعمل الصالح، كما قال النبي ﷺ: «إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث... « وذكر منها «ولد صالح يدعو له» (رواه مسلم). فالبرّ استمرارية للقيم التي غرساها، وجسر يصل الدنيا بالآخرة. في زمن تتسارع فيه الإيقاعات وتبهت فيه العواطف، يعيدنا القرآن إلى الأصل: أن الوالدين بابان من أبواب الجنة، لا يُفتحان مرتين. فبرّهما ليس ترفًا عاطفيًا ولا مجاملة اجتماعية، بل هو امتحان للإيمان وميزان للوفاء، به تُقاس إنسانية الإنسان وصدق علاقته بربه. البرّ بالوالدين هو الجهاد الهادئ الذي يُزهر رضا، ويورث نورًا لا يخبو.
1383
| 14 نوفمبر 2025