رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
منذ أسبوع، أنتج البيت الأبيض تسجيلًا هزليًا يسخر فيه الرئيس الأمريكي باراك أوباما من نفسه، حيث يمثل هو شخصيًا بشكلٍ كوميدي باحثًا في مشاهد متتابعة عن إجابةٍ لسؤال يُحيرهُ، يتعلق بما سيفعله بعد انتهاء فترته الرئاسية مع نهاية هذا العام.
هذا نموذجٌ عما يشغلُ وقت الرجل الذي يملك أقوى منصبٍ سياسي في العالم في فترةٍ من تاريخ الإنسانية قد تكون الأكثر خطورةً وفوضى وحساسية، على الأقل في التاريخ المعاصر. وإضافةً إلى ما تحدثنا عنه سابقًا عن انهماكه في التحضير لمكتبته الرئاسية الخاصة، سيكون مُعبِّرًا أن نعرف بعضًا من نشاطاته خلال الأسبوعين الماضيين، من خلال موقع البيت الأبيض على الإنترنت، والذي يحتوي بابًا لنشاطات الرئيس اليومية، بمعنى أنه لا يمكن أن يُغفل ما يمكن أن يكون نشاطات مهمة.
بشيءٍ من البحث سنرى أن السيد أوباما كان على مدى الأيام الماضية يقوم بما يلي: استقبال المعلمة الفائزة بلقب أفضل معلمة وطنية للعام 2016، العشاء الرئاسي الأخير لإدارة أوباما احتفالًا بعيد الفصح، المعروف في أمريكا بأنه "يوم العبور" اليهودي، تقديم "كأس الرئيس" لفريق كرة القدم الخاص بالبحرية الأمريكية، تقديم الخطاب الرئاسي الإذاعي الأسبوعي كل يوم سبت للشعب الأمريكي بما لا يتجاوز 4 دقائق لكل خطاب، إرسال رد مكتوب على رسالة فتاة أمريكية عمرها 8 سنوات من مدينة فلينت بولاية ميتشيجان، التي تعاني مشكلة تتعلق بالمياه، تطلب فيها لقاءه، مع وعدٍ لها بأنه سيزورها قريبًا، كتابة قائمة تتضمن رأيه حول ما هي أفضل 8 اختراعات أمريكية، جمع مراسلين وصحفيين من مختلف أنحاء البلاد وإبداء الشكوى لهم من إعاقة الجمهوريين لعقد جلسة اجتماع رسمية بخصوص مرشحه للمقعد الشاغر في المحكمة الدستورية العليا، وأخيرًا، زيارة مدينة فلينت للبحث في موضوع مشكلة المياه، المذكورة أعلاه، مع المسؤولين فيها شخصيًا.
ثمة مواضيع عن نشاطات أخرى سيجدها زائر موقع البيت الأبيض في الخانة ذات العلاقة، لكن غالبيتها العظمى تتعلق بفعاليات ومناسبات داخلية يقوم بها مسؤولون وموظفون في الإدارة والبيت الأبيض. ونعرف أن أوباما عاد قبلها من زيارةٍ خارجيةٍ وداعية لأوروبا والشرق الأوسط، ومن المؤكد أنه قام بنشاطات سياسية إضافية بشكلٍ أو بآخر خلال هذه الفترة، لكن هذه اللقطة من جدول نشاطاته المُعلن تعطي صورةً معبرةً عن وضع كل رئيس أمريكي في العام الأخير من فترته الرئاسية، حيث يُصبح رئيسًا شرفيًا لا تسمح له الأعراف والتقاليد السياسية الأمريكية باتخاذ أي قرارات حاسمة، سوى حالاتٍ طارئة قصوى تتعلق بالأمن القومي الأمريكي، وبمفهومٍ ضيقٍ ومباشر.
ليس مهمًا في هذا الإطار أن تسود في عالم اليوم درجةٌ من الهيولي لم تعد تُعرفُ معها حدودٌ وأعراف سياسية، وعسكرية وأمنية، يُصبح معها الوضع الدولي حقل تجارب لكل من اقتنص المعرفة بهذه الحقيقة، فشرب شيئًا من (حليب السباع) وامتلك الجرأة على الاقتحام والاختراق هنا وهناك.
ثمة نقدٌ جاهزٌ دومًا لكل من يصف الواقع العالمي الغريب الراهن على حقيقته. فهذه الحقيقة مخيفةٌ ومُفزعة ومدعاةٌ للقلق والتوجس والشعور بعدم الاستقرار، خاصةً لمن اعتاد على ضرورة أن يكون هناك (نظامٌ دولي) ، بجزئيه المكتوب والعُرفي. وأي إيحاءٍ باختفاء هذا النظام، ولو لمدةٍ محددة، ولظروف تاريخية استثنائية، كما هو حالُ عالمنا اليوم، قد يكون مدعاةً لخروجه من (نطاق الأمان) الذي اعتاد على الدوران داخل فلكه الآسر. وكما يصف علماء النفس والاجتماع هذه الحالة على أنها من أكثر ما يمكن أن يصيب الفرد بالارتباك والعجز، فإن هذا التشخيص ينطبق على الدول، وبشكلٍ أكبر أحيانًا.
يصلحُ جدًا كمثالٍ، له علاقةٌ أيضًا بوضع أوباما، مقطعٌ من جلسة استماع في الكونجرس الأمريكي منذ عشرة أيام واجه فيه السيناتور ليندسي جراهام كلًا من وزير الدفاع آشتون كارتر والجنرال جوزيف دنفور، رئيس هيئة الأركان المشتركة الأمريكية، بخصوص سياسة أمريكا العسكرية في سوريا. في المقطع، الذي يستحق أن يسمعه كل مسؤولٍ عربي، أمطرَ الرجلُ المسؤولَين الحكوميين بأسئلةٍ صريحةٍ وواضحةٍ ومباشرة تتعلق بتخبط سياسة أوباما في سوريا والمنطقة، وما فيها من تناقضات وكذبٍ ونفاق وتهافت.
يتساءل السيناتور مثلًا موجهًا الحديث لوزير الدفاع: "لقد أعلن الوزير كيري أن لدينا خطة (ب) في حال انهيار وقف إطلاق النار، فهل لدينا خطة (ب) ؟". "سأترك الجواب لوزير الخارجية حضرة السيناتور" يجيب آشتون. فلا يكون من جراهام إلا أن يعلق قائلًا: "هل لدينا خطة (ب) أم أنها (محضُ هراء) BS؟" مُستخدمًا اختصارًا للفظٍ أمريكي لا تليق ترجمته الدقيقة.
هكذا، بإجابات مترددة، ولغة جسدٍ مرتبكة، وألوان من التهرب والتبرير، وشعورٍ واضحٍ جدًا بالتناقض بين رأيهم الحقيقي وما يجب أن يقولوه علنًا، حاول المسؤولان الإجابة على الأسئلة. ببساطة، لأنهما موظفان لدى أوباما، في حين أن السيناتور مُنتخبٌ من الشعب. فرغم شيوع المعرفة بأن موظفي الرئيس الأمريكي المسؤولين عن السياسة الخارجية، ساسةً وعسكر وأمنيين، لا يوافقونه الرأي كليًا، إلا أنهم لايستطيعون التصريح برأيهم. أما عضو الكونجرس المُنتخب، فيملك كل الحرية ليفعل ذلك.
هو عالمٌ يعيش فيه العرب، أكثرَ من غيرهم، وفي منطقتهم، من دون قواعد ولا قوانين ولا خطوط حمراء حقيقية، مهما حاول موظفو الإدارة الأمريكية الإيحاء بغير ذلك. وليس أسعدَ من الأسد، مع الإيرانيين والروس، بهذا الوضع، وباستعداد العرب لتصديقه والقبول به.
هل يكون هذا قدرًا لا يمكن الفكاك منه ومن نتائجه؟ الجواب لدى التاريخ بالتأكيد. وربما عند بعض العرب.
كيف يُساهم المجتمع في بناء نفسه؟
اهتمت الدول الغربية بنظام الوقف، وقد ساهم ذلك بفعالية في بناء المجتمع واستقلاله في إدارة شؤونه عن الدولة؛... اقرأ المزيد
87
| 08 ديسمبر 2025
اليوم الوطني.. مسيرة بناء ونهضة
أيام قليلة تفصلنا عن واحدٍ من أجمل أيام قطر، يومٌ تتزيّن فيه الدوحة وكل مدن البلاد بالأعلام والولاء... اقرأ المزيد
177
| 08 ديسمبر 2025
أنصاف مثقفين!
حسناً.. الجاهل لا يخدع، ولا يلبس أثواب الحكمة، ولا يطالبك بأن تصفق له. أما نصف المثقف فيقف بينك... اقرأ المزيد
222
| 08 ديسمبر 2025
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية




مساحة إعلانية
في الساعات المبكرة من صباح السبت، ومع أول شعاع يلامس مياه الخليج الهادئة، من المعتاد أن أقصد شاطئ الوكرة لأجد فيه ملاذا هادئا بعد صلاة الفجر. لكن ما شهده الشاطئ اليوم لم يكن منظرا مألوفا للجمال، بل كان صدمة بصرية مؤسفة، مخلفات ممتدة على طول الرمال النظيفة، تحكي قصة إهمال وتعدٍ على البيئة والمكان العام. شعرت بالإحباط الشديد عند رؤية هذا المنظر المؤسف على شاطئ الوكرة في هذا الصباح. إنه لأمر محزن حقا أن تتحول مساحة طبيعية جميلة ومكان للسكينة إلى مشهد مليء بالمخلفات. الذي يصفه الزوار بأنه «غير لائق» بكل المقاييس، يثير موجة من التساؤلات التي تتردد على ألسنة كل من يرى المشهد. أين الرقابة؟ وأين المحاسبة؟ والأهم من ذلك كله ما ذنب عامل النظافة المسكين؟ لماذا يتحمل عناء هذا المشهد المؤسف؟ صحيح أن تنظيف الشاطئ هو من عمله الرسمي، ولكن ليس هو المسؤول. والمسؤول الحقيقي هو الزائر أولا وأخيرا، ومخالفة هؤلاء هي ما تصنع هذا الواقع المؤلم. بالعكس، فقد شاهدت بنفسي جهود الجهات المختصة في المتابعة والتنظيم، كما لمست جدية وجهد عمال النظافة دون أي تقصير منهم. ولكن للأسف، بعض رواد هذا المكان هم المقصرون، وبعضهم هو من يترك خلفه هذا الكم من الإهمال. شواطئنا هي وجهتنا وواجهتنا الحضارية. إنها المتنفس الأول للعائلات، ومساحة الاستمتاع بالبيئة البحرية التي هي جزء أصيل من هويتنا. أن نرى هذه المساحات تتحول إلى مكب للنفايات بفعل فاعل، سواء كان مستخدما غير واعٍ هو أمر غير مقبول. أين الوعي البيئي لدى بعض رواد الشاطئ الذين يتجردون من أدنى حس للمسؤولية ويتركون وراءهم مخلفاتهم؟ يجب أن يكون هناك تشديد وتطبيق صارم للغرامات والعقوبات على كل من يرمي النفايات في الأماكن غير المخصصة لها، لجعل السلوك الخاطئ مكلفا ورادعا.
4131
| 05 ديسمبر 2025
فجعت محافل العلم والتعليم في بلاد الحرمين الشريفين برحيل معالي الأستاذ الدكتور الشيخ محمد بن علي العقلا، أحد أشهر من تولى رئاسة الجامعة الإسلامية في المدينة المنورة، والحق أنني ما رأيت أحدًا أجمعت القلوب على حبه في المدينة المنورة لتواضعه ودماثة أخلاقه، كما أجمعت على حب الفقيد الراحل، تغمده الله بواسع رحماته، وأسكنه روضات جناته، اللهم آمين. ولد الشيخ العقلا عليه الرحمة في مكة المكرمة عام 1378 في أسرة تميمية النسب، قصيمية الأصل، برز فيها عدد من الأجلاء الذين تولوا المناصب الرفيعة في المملكة العربية السعودية منذ تأسيس الدولة. وقد تولى الشيخ محمد بن علي نفسه عمادة كلية الشريعة بجامعة أم القرى، ثم تولى رئاسة الجامعة الإسلامية في المدينة المنورة عام 1428، فكان مكتبه عامرا بالضيوف والمراجعين مفتوحًا للجميع وجواله بالمثل، وكان دأبه الرد على الرسائل في حال لم يتمكن من إجابة الاتصالات لأشغاله الكثيرة، ويشارك في الوقت نفسه جميع الناس في مناسباتهم أفراحهم وأتراحهم. خرجنا ونحن طلاب مع فضيلته في رحلة إلى بر المدينة مع إمام الحرم النبوي وقاضي المدينة العلامة الشيخ حسين بن عبد العزيز آل الشيخ وعميد كلية أصول الدين الشيخ عبد العزيز بن صالح الطويان ونائب رئيس الجامعة الشيخ أحمد كاتب وغيرهم، فكان رحمه الله آية في التواضع وهضم الذات وكسر البروتوكول حتى أذاب سائر الحواجز بين جميع المشاركين في تلك الرحلة. عرف رحمه الله بقضاء حوائج الناس مع ابتسامة لا تفارق محياه، وقد دخلت شخصيا مكتبه رحمه الله تعالى لحاجة ما، فاتصل مباشرة بالشخص المسؤول وطلب الإسراع في تخليص الأمر الخاص بي، فكان لذلك وقع طيب في نفسي وزملائي من حولي. ومن مآثره الحسان التي طالما تحدث بها طلاب الجامعة الإسلامية أن أحد طلاب الجامعة الإسلامية الأفارقة اتصل بالشيخ في منتصف الليل وطلب منه أن يتدخل لإدخال زوجته الحامل إلى المستشفى، وكانت في حال المخاض، فحضر الشيخ نفسه إليه ونقله وزوجته إلى المستشفى، وبذل جاهه في سبيل تيسير إدخال المرأة لتنال الرعاية اللازمة. شرفنا رحمه الله وأجزل مثوبته بالزيارة إلى قطر مع أهل بيته، وكانت زيارة كبيرة على القلب وتركت فينا أسنى الأثر، ودعونا فضيلته للمشاركة بمؤتمر دولي أقامته جامعة الزيتونة عندما كنت مبتعثًا من الدولة إليها لكتابة أطروحة الدكتوراه مع عضويتي بوحدة السنة والسيرة في الزيتونة، فكانت رسالته الصوتية وشكره أكبر داعم لنا، وشارك يومها من المملكة معالي وزير التعليم الأسبق والأمين العام لرابطة العالم الإسلامي الوالد الشيخ عبدالله بن صالح العبيد بورقة علمية بعنوان «جهود المملكة العربية السعودية في خدمة السنة النبوية» ومعالي الوالد الشيخ قيس بن محمد آل الشيخ مبارك، العضو السابق بهيئة كبار العلماء في المملكة، وقد قرأنا عليه أثناء وجوده في تونس من كتاب الوقف في مختصر الشيخ خليل، واستفدنا من عقله وعلمه وأدبه. وخلال وجودنا بالمدينة أقيمت ندوة لصاحب السمو الملكي الأمير نواف بن فيصل بن فهد آل سعود حضرها أمير المدينة يومها الأمير المحبوب عبد العزيز بن ماجد وعلماء المدينة وكبار مسؤوليها، وحينما حضرنا جعلني بعض المرافقين للشيخ العقلا بجوار المستشارين بالديوان الملكي، كما جعلوا الشيخ جاسم بن محمد الجابر بجوار أعضاء مجلس الشورى. وفي بعض الفصول الدراسية زاملنا ابنه الدكتور عقيل ابن الشيخ محمد بن علي العقلا فكان كأبيه في الأدب ودماثة الأخلاق والسعي في تلبية حاجات زملائه. ودعانا مرة معالي الشيخ العلامة سعد بن ناصر الشثري في الحرم المكي لتناول العشاء في مجلس الوجيه القطان بمكة، وتعرفنا يومها على رئيس هيئات مكة المكرمة الشيخ فراج بن علي العقلا، الأخ الأكبر للشيخ محمد، فكان سلام الناس عليه دليلا واضحا على منزلته في قلوبهم، وقد دعانا إلى زيارة مجلسه، جزاه الله خيرا. صادق العزاء وجميل السلوان نزجيها إلى أسرة الشيخ ومحبيه وطلابه وعموم أهلنا الكرام في المملكة العربية السعودية، ولا نقول إلا ما يرضي ربنا، اللهم تقبله في العلماء الأتقياء الأنقياء العاملين الصالحين من أمة نبينا محمد صلى الله عليه وسلم. «إنا لله وإنا إليه راجعون».
1740
| 04 ديسمبر 2025
في كل يوم، ينظر الإنسان إلى ما ينقصه أكثر مما ينظر إلى ما يملكه. ينشغل الإنسان بأمنياته المؤجلة، وأحلامه البعيدة ينشغل بما ليس في يده، بينما يتجاهل أعظم ما منحه الله إياه وهي موهبته الخاصة. ومثلما سأل الله موسى عليه السلام: ﴿وَمَا تِلْكَ بِيَمِينِكَ يَا مُوسَى﴾، فإن السؤال ذاته موجّه لكل إنسان اليوم ولكن بطريقة أخرى: ما هي موهبتك؟ وما عصاك التي بيدك؟ جوهر الفكرة ان لكل إنسان عصا. الفكرة الجوهرية لهذا المفهوم بسيطة وعميقة، لا يوجد شخص خُلق بلا قدرة وبلا موهبة وبلا شيء يتميز به، ولا يوجد إنسان وصل الدنيا فارغ اليدين. كل فرد يحمل (عصاه) الخاصة التي وهبه الله ليتكئ عليها، ويصنع بها أثره. المعلم يحمل معرفته. المثقف يحمل لغته. الطبيب يحمل علمه. الرياضي يحمل قوته. الفنان يحمل إبداعه. والأمثلة لا تنتهي ….. وحتى أبسط الناس يحملون حكمة، أو صبرًا، أو قدرة اجتماعية، أو مهارة عملية قد تغيّر حياة أشخاص آخرين. الموهبة ليست مجرد ميزة… إنها مسؤولية في عالم الإعلام الحديث، تُقدَّم المواهب غالبًا كوسيلة للشهرة أو الدخل المادي، لكن الحقيقة أن الموهبة قبل كل شيء أمانة ومسؤولية. الله لا يمنح إنسانًا قدرة إلا لسبب، ولا يضع في يدك عصا إلا لتفعل بها ما يليق بك وبها. والسؤال هنا: هل نستخدم مواهبنا لصناعة القيمة، وترك الأثر الجميل والمفيد أم نتركها مدفونة ؟ تشير الملاحظات المجتمعية إلى أن عددًا كبيرًا من الناس يهملون مواهبهم لعدة أسباب، وليس ذلك مجرد انطباع؛ فبحسب تقارير عالمية خلال عام 2023 فإن نحو 80% من الأشخاص لا يستخدمون مواهبهم الطبيعية في حياتهم أو أعمالهم، مما يعني أن أغلب البشر يعيشون دون أن يُفعّلوا العصا التي في أيديهم. ولعل أهم أسباب ذلك هو التقليل من قيمة الذات، ومقارنة النفس بالآخرين، والخوف من الفشل، وأحيانا عدم إدراك أن ما يملكه الشخص قد يكون مهمًا له ولغيره، بالإضافة إلى الاعتقاد الخاطئ بأن الموهبة يجب أن تكون شيئًا كبيرًا أو خارقًا. هذه الأسباب تحوّل العصا من أداة قوة… إلى مجرد منحوتة معلقة على جدار الديوان. إن الرسالة التي يقدمها هذا المقال بسيطة ومباشرة، استخدم موهبتك فيما يخدم الناس. ليس المطلوب أن تشق البحر، بل أن تشقّ طريقًا لنفسك أو لغيرك. ليس المطلوب أن تصنع معجزة، بل أن تصنع فارقًا. وما أكثر الفروق الصغيرة التي تُحدث أثرًا طويلًا، تعلُم وتعليم، أو دعم محتاج، خلق فكرة، مشاركة خبرة، حل مشكلة… كلها أعمال نبيلة تُجيب على السؤال الإلهي حين يُسأل الإنسان ماذا فعلت بما أعطيتك ومنحتك؟ عصاك لا تتركها تسقط، ولا تؤجل استخدامها. فقد تكون أنت سبب تغيير في حياة شخص لا تعرفه، وقد تكون موهبتك حلًّا لعُقدة لا يُحلّها أحد سواك. ارفع عصاك اليوم… فقد آن لموهبتك أن تعمل.
1593
| 02 ديسمبر 2025