رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

Al-sharq

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

الشرق

مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

د. علي بن عبدالله الهيل

مساحة إعلانية

مقالات

2665

د. علي بن عبدالله الهيل

ألا تشتمون مثلي رائحة أجندة لا علاقة لها بالإسلام من كل هذا الذي يجري في العالم العربي و الإسلامي و فرنسا و العالم

09 فبراير 2015 , 01:34ص

أكد وكرَّس الانتقام والانتقام المضاد بين ما يسمى “الدولة الإسلامية” والحكومة الأردنية حقيقة الافتراض الذي أومأنا إليه مراراً وتكراراً، (و هو افتراض لا يخلو من أرضية واضحة تدعمه في الواقع) المخطط اليهودي الصهيوني بامتياز لتحويل العداء من عربي-إسلامي ضد “إسرائيل” إلى عداء عربي-عربي-إسلامي، ليس فحسب لِيطغى على أن “إسرائيل” هي العدو الأول والأوحد والتاريخي للعالمين العربي والإسلامي، بل لِيمسح العداء “لإسرائيل” عن بكرة أبيه. اليوم، في الأردن مثلاً لا تعتبر “إسرائيل” هي العدو لا الأول ولا الآخر ولا الظاهر ولا الأوحد ولا التاريخي ولا الباطن رسمياًّ خاصةً (و هو منذ عهد قديم) وشعبياًّ إلى حد كبير، بعد مشهد الفيديو الذي يرجح أنه لحرق طيارهم (معاذ الكساسبة) حياًّ في داخل قفص.

الكلُّ مشغول ومنشغل ومهموم لاستشهاد الطيار وهذا من حقهم وهو حزن نحترمه ونتفهمه ونحن حزانى من أجل حزنهم كذلك. بصرف النظر عن تبرير (الدولة الإسلامية) أن حرق الطيار حياًّ هو رد على حرق صواريخ طائرات ما يسمى “التحالف الأربعيني” بقيادة أمريكا ومشاركة طيارين (للأسف) عرب (بغض النظر عن الأسباب والمسببات) مئات الأبرياء في بيوتهم وتدميرها فوق رؤوسهم في المناطق الخاضعة “للدولة الإسلامية” وإن شئنا التوسع في حيثيات التبرير بإغارة طائرات من غير طيار الأمريكية على الآمنين في بيوتهم من الأبرياء (الذين يؤخذون بجريرة القاعدة) في باكستان واليمن، بصرف النظر عن ذلك كله رغم أنه صحيح، بّيْدَ أن مشهد الحرق كان فظيعاً ولا يمت للإسلام ولا للقصاص في الشريعة الإسلامية بأي صلة.

كما فعل اليهود (وفقاً للعقيدة أو الأيدبولوجية الصهيونية للهيمنة على العالم) في أمريكا وأوروبا والاتحاد السوفييتي السابق (جزءٌ منه الآن روسيا) وبقية ما كان يُعرف بأوروبا الشرقية وأجزاء كثيرة من العالم بما فيها العالمين العربي والإسلامي (ربما إلى حد ما الصين سلمت من أذاهم)، في أعقاب نهاية الحرب الكونية الثانية مستغلين (الهولوكوست) وهي المحارق التي نصبتها (أوروبا النازية) بدءاً من 1933 (مجيء أدولف هتلر) مستشاراً لألمانيا وهي محارق نستنكرها والتي يندى لها الجبين الإنساني حياءً - أجل كما فعلو في تلك البلاد من الهيمنة السياسية والاقتصادية والإعلامية (يفسر ظهور حركات معاداة السامية في أوروبا وأمريكا لاسيَّما “ميليشيا البيض”) رغم أنهم مثلاً لا يشكلون الآن سوى نسبة 2.9 % تقريباً من مجمل السكان في الولايات المتحدة الأمريكية، غير أن سيكلوجية الأقلية مدعومة بالمال والمكر والخداع وخلق الردهات (اللوبيات. أنظر مثلاً مسرحية تاجر البندقية لوليام شكسبير) نهاية القرن السادس عشر (1556-1959م) التي أشارت إلى تبرم الأوروبيين من الوجود اليهودي وسيطرته على البنوك وأهم مفاصل الاقتصاد والمال الأخرى.. يفعلون الآن في العالم العربي خدمة لأمن وديمومة الوجود الصهيوني اليهودي متمثلاً في دولة “إسرائيل”.

نجح اليهود من خلال ردهاتهم (لوبياتهم) ونفوذهم المالي والاقتصادي في أوروبا وأمريكا في إقناع العالم المنتصر في الحرب الكونية الثانية بعطائهم الوطن الموعود توراتيا (من منظورهم) وسياسيا (من منظور وعد بلفور، نوفمبر 1917) من الحصول على فلسطين العربية الإسلامية وإقامة دولتهم 1948و إعادة إنتاج المحارق النازية في فلسطين والبلاد العربية المجاورة لها وهي محارق يُجمع مؤرخون ومفكرون في أميركا والغرب وحتى يهود معادون للصهيونية (مثل نعومي تشومسكي؛ وديفيد أتنبره؛ وجون ميرشيمار وستيفن وُلت وديفيد ديوك وجيمي كارتر، الرئيس الأميركي الأسبق) على وقوعها على مدى سبعين عاماً وإحدى آخِر الشهادات صدرت عن حركة “بلتسيم” اليهودىة التي قبل أسبوع تقريباً نشرت تقريراً عن أن “إسرائيل” في حربها الأخيرة على غزة قتلت أكثر من ستمائة فلسطيني بدم بارد، رغم أن الحركة اليهودية لم تنقل الواقع كله لأسباب تتعلق بضغوطات نتيجة عملها في الداخل “الإسرائيلي”.

بدءاً (على الأقل من غير الإيغال في التاريخ كثيراً) من 20 (سبتمبر) 1980 خطط اليهود الصهاينة (ربما تكون الإيباك أو أي جهة أخرى) لاشتعال الحرب العراقية – الإيرانية مستغلين مجيء حكم ديني في إيران (بعد قرون من الحكم العلماني الليبرالي) والذي كان يقود حقبته الأخيرة (الشاه) حتى سقوطه (16-سبتمبر1941-11-فبراير1979) وتعارضه مع نظام (صدام حسين) العراقي الأسبق. كثير من المحللين أشاروا إلى وجود أصابع يهودية شبيهة بتلك التي عبثت في أوروبا وأمريكا وبقية العالم تقريباً لدق إسفين بين المسلمين.

الآن كل ما جرى وما يجري في العالم العربي بالتحديد من عداء عربي-عربي-إسلامي هو لمصلحة “إسرائيل” أولاً ووسطاً وأخيراً ومن إجهاض للثورات الشعبية الحقيقية بثورات مضادة و “إسرائيل” هذه تتفرج على غباء العرب والمسلمين المتناحرين في كل مكان من العالم العربي والإسلامي (باكستان كمثال) وتحت شعارات مختلفة طائفية ومعتدلة ومتطرفة ودينية وتفرح لانتصاراتها لأنها لم تعد العدو بل المسلمون والعرب هم أعداء بعضهم البعض.

“إسرائيل” معروفة عبر تاريخها بالقتل والحرق بدم بارد ومذابحها في فلسطين بدءاً من (دير ياسين) http://en.wikipedia.org/wiki/Killings_and_massacres_during_the_1948_Palestine_war#Massacres والمذابح التي أعقبتها، مروراً بمدارس أطفال (بحر البقر) ومصانع (أبو زعبل في مصر) وصبرا وشاتيلا وقانا الأولى وقانا الثانية (لبنان) وأخيراً (و ليس آخراً كما يظهر) الحروب الثلاثة الأخيرة على غزة وما تخللتها من محارق موثقة دولياًّ. حسب توثيقات غربية شهدت سنة 1948 وحدها ما بين 10- 70 محرقة ارتكبتها “إسرائيل” ضد الفلسطينيين وفقاً لتعريف مفهوم المحرقة من منظور مؤرخين كما في الرابط أعلاه.

إذن، مشهد الحرق للطيار الأردني لا يمكن أن يكون إسلاميا ولم يحدث قطُّ أنْ دعت الشريعة الإسلامية للقصاص حرقاً لأسير الحرب بصرف النظر عن المبررات معقولة أو غير معقولة. والله إني لَأشم رائحة يهودية صهيونية في كل هذا الذي يجري وجرى في العالم العربي والإسلامي.

مساحة إعلانية