رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
أكد وكرَّس الانتقام والانتقام المضاد بين ما يسمى “الدولة الإسلامية” والحكومة الأردنية حقيقة الافتراض الذي أومأنا إليه مراراً وتكراراً، (و هو افتراض لا يخلو من أرضية واضحة تدعمه في الواقع) المخطط اليهودي الصهيوني بامتياز لتحويل العداء من عربي-إسلامي ضد “إسرائيل” إلى عداء عربي-عربي-إسلامي، ليس فحسب لِيطغى على أن “إسرائيل” هي العدو الأول والأوحد والتاريخي للعالمين العربي والإسلامي، بل لِيمسح العداء “لإسرائيل” عن بكرة أبيه. اليوم، في الأردن مثلاً لا تعتبر “إسرائيل” هي العدو لا الأول ولا الآخر ولا الظاهر ولا الأوحد ولا التاريخي ولا الباطن رسمياًّ خاصةً (و هو منذ عهد قديم) وشعبياًّ إلى حد كبير، بعد مشهد الفيديو الذي يرجح أنه لحرق طيارهم (معاذ الكساسبة) حياًّ في داخل قفص.
الكلُّ مشغول ومنشغل ومهموم لاستشهاد الطيار وهذا من حقهم وهو حزن نحترمه ونتفهمه ونحن حزانى من أجل حزنهم كذلك. بصرف النظر عن تبرير (الدولة الإسلامية) أن حرق الطيار حياًّ هو رد على حرق صواريخ طائرات ما يسمى “التحالف الأربعيني” بقيادة أمريكا ومشاركة طيارين (للأسف) عرب (بغض النظر عن الأسباب والمسببات) مئات الأبرياء في بيوتهم وتدميرها فوق رؤوسهم في المناطق الخاضعة “للدولة الإسلامية” وإن شئنا التوسع في حيثيات التبرير بإغارة طائرات من غير طيار الأمريكية على الآمنين في بيوتهم من الأبرياء (الذين يؤخذون بجريرة القاعدة) في باكستان واليمن، بصرف النظر عن ذلك كله رغم أنه صحيح، بّيْدَ أن مشهد الحرق كان فظيعاً ولا يمت للإسلام ولا للقصاص في الشريعة الإسلامية بأي صلة.
كما فعل اليهود (وفقاً للعقيدة أو الأيدبولوجية الصهيونية للهيمنة على العالم) في أمريكا وأوروبا والاتحاد السوفييتي السابق (جزءٌ منه الآن روسيا) وبقية ما كان يُعرف بأوروبا الشرقية وأجزاء كثيرة من العالم بما فيها العالمين العربي والإسلامي (ربما إلى حد ما الصين سلمت من أذاهم)، في أعقاب نهاية الحرب الكونية الثانية مستغلين (الهولوكوست) وهي المحارق التي نصبتها (أوروبا النازية) بدءاً من 1933 (مجيء أدولف هتلر) مستشاراً لألمانيا وهي محارق نستنكرها والتي يندى لها الجبين الإنساني حياءً - أجل كما فعلو في تلك البلاد من الهيمنة السياسية والاقتصادية والإعلامية (يفسر ظهور حركات معاداة السامية في أوروبا وأمريكا لاسيَّما “ميليشيا البيض”) رغم أنهم مثلاً لا يشكلون الآن سوى نسبة 2.9 % تقريباً من مجمل السكان في الولايات المتحدة الأمريكية، غير أن سيكلوجية الأقلية مدعومة بالمال والمكر والخداع وخلق الردهات (اللوبيات. أنظر مثلاً مسرحية تاجر البندقية لوليام شكسبير) نهاية القرن السادس عشر (1556-1959م) التي أشارت إلى تبرم الأوروبيين من الوجود اليهودي وسيطرته على البنوك وأهم مفاصل الاقتصاد والمال الأخرى.. يفعلون الآن في العالم العربي خدمة لأمن وديمومة الوجود الصهيوني اليهودي متمثلاً في دولة “إسرائيل”.
نجح اليهود من خلال ردهاتهم (لوبياتهم) ونفوذهم المالي والاقتصادي في أوروبا وأمريكا في إقناع العالم المنتصر في الحرب الكونية الثانية بعطائهم الوطن الموعود توراتيا (من منظورهم) وسياسيا (من منظور وعد بلفور، نوفمبر 1917) من الحصول على فلسطين العربية الإسلامية وإقامة دولتهم 1948و إعادة إنتاج المحارق النازية في فلسطين والبلاد العربية المجاورة لها وهي محارق يُجمع مؤرخون ومفكرون في أميركا والغرب وحتى يهود معادون للصهيونية (مثل نعومي تشومسكي؛ وديفيد أتنبره؛ وجون ميرشيمار وستيفن وُلت وديفيد ديوك وجيمي كارتر، الرئيس الأميركي الأسبق) على وقوعها على مدى سبعين عاماً وإحدى آخِر الشهادات صدرت عن حركة “بلتسيم” اليهودىة التي قبل أسبوع تقريباً نشرت تقريراً عن أن “إسرائيل” في حربها الأخيرة على غزة قتلت أكثر من ستمائة فلسطيني بدم بارد، رغم أن الحركة اليهودية لم تنقل الواقع كله لأسباب تتعلق بضغوطات نتيجة عملها في الداخل “الإسرائيلي”.
بدءاً (على الأقل من غير الإيغال في التاريخ كثيراً) من 20 (سبتمبر) 1980 خطط اليهود الصهاينة (ربما تكون الإيباك أو أي جهة أخرى) لاشتعال الحرب العراقية – الإيرانية مستغلين مجيء حكم ديني في إيران (بعد قرون من الحكم العلماني الليبرالي) والذي كان يقود حقبته الأخيرة (الشاه) حتى سقوطه (16-سبتمبر1941-11-فبراير1979) وتعارضه مع نظام (صدام حسين) العراقي الأسبق. كثير من المحللين أشاروا إلى وجود أصابع يهودية شبيهة بتلك التي عبثت في أوروبا وأمريكا وبقية العالم تقريباً لدق إسفين بين المسلمين.
الآن كل ما جرى وما يجري في العالم العربي بالتحديد من عداء عربي-عربي-إسلامي هو لمصلحة “إسرائيل” أولاً ووسطاً وأخيراً ومن إجهاض للثورات الشعبية الحقيقية بثورات مضادة و “إسرائيل” هذه تتفرج على غباء العرب والمسلمين المتناحرين في كل مكان من العالم العربي والإسلامي (باكستان كمثال) وتحت شعارات مختلفة طائفية ومعتدلة ومتطرفة ودينية وتفرح لانتصاراتها لأنها لم تعد العدو بل المسلمون والعرب هم أعداء بعضهم البعض.
“إسرائيل” معروفة عبر تاريخها بالقتل والحرق بدم بارد ومذابحها في فلسطين بدءاً من (دير ياسين) http://en.wikipedia.org/wiki/Killings_and_massacres_during_the_1948_Palestine_war#Massacres والمذابح التي أعقبتها، مروراً بمدارس أطفال (بحر البقر) ومصانع (أبو زعبل في مصر) وصبرا وشاتيلا وقانا الأولى وقانا الثانية (لبنان) وأخيراً (و ليس آخراً كما يظهر) الحروب الثلاثة الأخيرة على غزة وما تخللتها من محارق موثقة دولياًّ. حسب توثيقات غربية شهدت سنة 1948 وحدها ما بين 10- 70 محرقة ارتكبتها “إسرائيل” ضد الفلسطينيين وفقاً لتعريف مفهوم المحرقة من منظور مؤرخين كما في الرابط أعلاه.
إذن، مشهد الحرق للطيار الأردني لا يمكن أن يكون إسلاميا ولم يحدث قطُّ أنْ دعت الشريعة الإسلامية للقصاص حرقاً لأسير الحرب بصرف النظر عن المبررات معقولة أو غير معقولة. والله إني لَأشم رائحة يهودية صهيونية في كل هذا الذي يجري وجرى في العالم العربي والإسلامي.
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية




مساحة إعلانية
نعم، أصبحنا نعيش زمنًا يُتاجر فيه بالفكر كما يُتاجر بالبضائع، تُباع فيه الشهادات كما تُباع السلع، وتُؤجّر فيه المنصات التدريبية كما تُؤجّر القاعات لحفلات المناسبات. هو زمنٌ تحوّلت فيه «المعرفة إلى سلعة» تُسعَّر، لا رسالة تُؤدَّى. تتجلّى مظاهر «الاتّجار المعرفي» اليوم في صور عديدة، لعلّ أبرزها «المؤتمرات والملتقيات التدريبية والأكاديمية» التي تُقام بأسماء لامعة وشعارات براقة، يدفع فيها الحضور مبالغ طائلة تحت وعودٍ بالمحتوى النوعي والتبادل العلمي، ثم لا يخرج منها المشاركون إلا بأوراق تذكارية وصورٍ للمنصات! وهنا «العجيب من ذلك، والأغرب من ذلك»، أنك حين تتأمل هذه الملتقيات، تجدها تحمل أربعة أو خمسة شعارات لمؤسساتٍ وجهاتٍ مختلفة، لكنها في الحقيقة «تعود إلى نفس المالك أو الجهة التجارية ذاتها»، تُدار بأسماء متعدّدة لتُعطي انطباعًا بالتنوّع والمصداقية، بينما الهدف الحقيقي هو «تكرار الاستفادة المادية من الجمهور نفسه». هذه الفعاليات كثير منها أصبح سوقًا مفتوحًا للربح السريع، لا للعلم الراسخ؛ تُوزَّع فيها الجوائز بلا معايير، وتُمنح فيها الألقاب بلا استحقاق، وتُقدَّم فيها أوراق بحثية أو عروض تدريبية «مكرّرة، منسوخة، أو بلا أثرٍ معرفي حقيقي». وهذا الشكل من الاتّجار لا يقل خطورة عن سرقة البيانات أو بيع الحقائب التدريبية، لأنه يُفرغ الفضاء الأكاديمي من جوهره، ويُحوّل «الجهد العلمي إلى طقسٍ استعراضي» لا يصنع معرفة ولا يضيف قيمة. فالمعرفة الحقيقية لا تُشترى بتذكرة حضور، ولا تُختزل في شعار مؤتمر، ولا تُقاس بعدد الصور المنشورة في مواقع التواصل. من جهةٍ أخرى، يتخذ الاتّجار بالمعرفة اليوم وجهًا «رقميًا سيبرانيًا أكثر تعقيدًا»؛ إذ تُباع البيانات البحثية والمقررات الإلكترونية في «الأسواق السوداء للمعلومات»، وتُسرق الأفكار عبر المنصات المفتوحة، ويُعاد تسويقها تحت أسماء جديدة دون وعيٍ أو مساءلة. لقد دخلنا مرحلة جديدة من الاتّجار لا تقوم على الجسد، بل على «استغلال العقول»، حيث يُسرق الفكر ويُباع الإبداع تحت غطاء “التعاون الأكاديمي” أو “الفرص البحثية”. ولذلك، فإن الحديث عن «أمن المعرفة» و»السلامة السيبرانية في التعليم والتدريب» لم يعد ترفًا، بل ضرورة وجودية لحماية رأس المال الفكري للأمم. على الجامعات ومراكز التدريب أن تنتقل من مرحلة التباهي بعدد المؤتمرات إلى مرحلة «قياس الأثر المعرفي الحقيقي»، وأن تُحاكم جودة المحتوى لا عدد المشاركين. الاتّجار بالمعرفة جريمة صامتة، لكنها أخطر من كل أشكال الاتّجار الأخرى، لأنها «تسرق الإنسان من داخله»، وتقتل ضميره المهني قبل أن تمس جيبه. وحين تتحوّل الفكرة إلى تجارة، والمعرفة إلى وسيلة للشهرة، يفقد العلم قدسيته، ويصبح المتعلم مستهلكًا للوهم لا حاملًا للنور.
6696
| 27 أكتوبر 2025
المسيرات اليوم تملأ السماء، تحلّق بأجنحةٍ معدنيةٍ تلمع تحت وهج الشمس، تُقاد من بعيدٍ بإشاراتٍ باردةٍ لا تعرف الرحمة. تطير ولا تفكر، تضرب ولا تتردد، تعود أحيانًا أو ربما تنتحر. لا فرحَ بالنصر، ولا ندمَ على الدم. طائراتٌ بلا طيارٍ، ولكنها تذكّرنا بالبشر الذين يسيرون على الأرض بلا وعيٍ ولا بوصلة. لقد صار في الأرض مسيَّراتٌ أخرى، لكنها من لحمٍ ودم، تُدار من وراء الشاشات، وعبر المنصات، حيث تُضغط أزرار العقول وتُعاد برمجتها بصمتٍ وخُبث. كلاهما – الآلة والإنسان – مُسيَّر، غير أن الثانية أخطر، لأنها تغتال العقل قبل الجسد، وتُطفئ الوعي قبل الحياة، وتستهدف الصغير قبل الكبير، لأنه الهدف الأغلى عندها. تحوّل الإنسان المعاصر شيئًا فشيئًا إلى طائرةٍ بشريةٍ بلا طيار، يُقاد من برجٍ افتراضي لا يُرى، اسمه “الخوارزميات”، تُرسل إليه الأوامر في هيئة إشعاراتٍ على هاتفه أو جهازه الذي يعمل عليه، فيغيّر مساره كما تُغيّر الطائرة اتجاهها عند تلقّي الإشارة. يغضب حين يُؤمر، ويُصفّق حين يُطلب منه التصفيق، ويتحدث بلسان غيره وهو يظن أنه صوته. صار نصفه آليًّا ونصفه الآخر بشريًّا، مزيجًا من لحمٍ وإشارة، من شعورٍ مُبرمجٍ وسلوكٍ مُوجَّه. المسيرة حين تُطلِق قذيفتها أو تصطدم تُحدث دمارًا يُرى بالعين، أمّا المسيرة البشرية فحين تُطلِق كلمتها تُحدث دمارًا لا يُرى، ينفجر في القيم والمبادئ، ويترك رمادًا في النفوس، وشظايا في العقول، وركامًا من الفوضى الأخلاقية. إنها تخترق جدران البيوت وتهدم أنفاق الخصوصية، وتصنع من النشء جنودًا افتراضيين بلا أجر، يحملون رايات التدمير وهم يظنون أنهم يصنعون المجد. المسيرة المعدنية تحتاج إلى طاقةٍ لتطير، أمّا المسيرة البشرية فتحتاج فقط إلى “جهلٍ ناعمٍ” يجعل أفئدتها هواءً. ويُخيَّل للمرء أن العالم بأسره قد صار غرفةَ تحكّمٍ واحدة، تُدار بمنهجٍ وفكرٍ وخطة، وأننا جميعًا طائراتٌ صغيرة تدور في مساراتٍ مرسومة، لا تملك حرية رفرفة جناحٍ واحدةٍ خارج هذه الحدود. من يملك الإعلام يملك السماء، ومن يملك البيانات يملك العقول، ومن يملك كليهما، هنا يكمن الخطرُ كلُّه. لكن السؤال الذي يفرض نفسه: كيف نحمي أبناءنا ومجتمعاتنا من أن يصبحوا مسيَّراتٍ بشريةً أخرى؟ كيف نُعيد إليهم جهاز الملاحة الداخلي الذي خُطِف من أيديهم؟ الجواب يبدأ من التربية الواعية التي تُعلّم الطفل أن يسأل قبل أن يُصدّق، وأن يتحقّق قبل أن ينقل، وأن يفكّر قبل أن يحكم. نحتاج إلى مؤسساتٍ وهيئاتٍ تُنمّي مهارة التفكير النقدي، وإعلامٍ يُحرّر لا يُبرمج، وأُسَرٍ تُعلّم أبناءها التمييز بين الصوت الحقيقي وضجيج التقليد، وبين المنابر الحرة والخُطب المصنوعة. فالوعي لا يُوهَب، بل يُصنَع بالتجربة والتأمل والسؤال. ثم تأتي القدوة الحيّة، فالمجتمع لا يتغيّر بالمواعظ فقط، بل بالنماذج. حين يرى الجيل من يفكّر بحرية، ويتحدث بمسؤولية، ويرفض الانقياد الأعمى، سيتعلم أن الحرية ليست في كسر القيود، بل في معرفة من صنعها ولماذا. وأخيرًا، علينا أن نُعلّم أبناءنا أن التحكم في النفس أعظم من التحكم في آلة. فشخصٌ واحد قد يصنع مئات الآلات، ولكن آلاف الآلات لا تصنع إنسانًا واحدًا. ليست كل حربٍ تُخاض بالسلاح، فبعضها تُخاض بالعقول. والمنتصر الحقيقي هو من يبقى ممسكًا بجهاز تحكمه الداخلي، مستقلًّا لا يتأثر بالموجِّهات والمُشوِّشات. إن إنقاذ الجيل لا يكون بإغلاق السماء، بل بتنوير العقول. فحين يتعلم الإنسان كيف يطير بوعيه، لن يستطيع أحد أن يُسيّره بعد اليوم أو يُسقطه.
2763
| 28 أكتوبر 2025
كان المدرج في زمنٍ مضى يشبه قلبًا يخفق بالحياة، تملؤه الأصوات وتشتعل فيه الأرواح حماسةً وانتماء. اليوم، صار صامتًا كمدينةٍ هجرتها أحلامها، لا صدى لهتاف، ولا ظلّ لفرح. المقاعد الباردة تروي بصمتها حكاية شغفٍ انطفأ، والهواء يحمل سؤالًا موجعًا: كيف يُمكن لمكانٍ كان يفيض بالحب أن يتحول إلى ذاكرةٍ تنتظر من يوقظها من سباتها؟ صحيح أن تراجع المستوى الفني لفرق الأندية الجماهيرية، هو السبب الرئيسي في تلك الظاهرة، إلا أن المسؤول الأول هو السياسات القاصرة للأندية في تحفيز الجماهير واستقطاب الناشئة والشباب وإحياء الملاعب بحضورهم. ولنتحدث بوضوح عن روابط المشجعين في أنديتنا، فهي تقوم على أساس تجاري بدائي يعتمد مبدأ المُقايضة، حين يتم دفع مبلغ من المال لشخص أو مجموعة أشخاص يقومون بجمع أفراد من هنا وهناك، ويأتون بهم إلى الملعب ليصفقوا ويُغنّوا بلا روح ولا حماسة، انتظاراً لانتهاء المباراة والحصول على الأجرة التي حُدّدت لهم. على الأندية تحديث رؤاها الخاصة بروابط المشجعين، فلا يجوز أن يكون المسؤولون عنها أفراداً بلا ثقافة ولا قدرة على التعامل مع وسائل الإعلام، ولا كفاءة في إقناع الناشئة والشباب بهم. بل يجب أن يتم اختيارهم بعيداً عن التوفير المالي الذي تحرص عليه إدارات الأندية، والذي يدل على قصور في فهم الدور العظيم لتلك الروابط. إن اختيار أشخاص ذوي ثقافة وطلاقة في الحديث، تُناط بهم مسؤولية الروابط، سيكون المُقدمة للانطلاق إلى البيئة المحلية التي تتواجد فيها الأندية، ليتم التواصل مع المدارس والتنسيق مع إداراتها لعقد لقاءات مع الطلاب ومحاولة اجتذابهم إلى الملاعب من خلال أنشطة يتم خلالها تواجد اللاعبين المعروفين في النادي، وتقديم حوافز عينية. إننا نتحدث عن تكوين جيل من المشجعين يرتبط نفسياً بالأندية، هو جيل الناشئة والشباب الذي لم يزل غضاً، ويمتلك بحكم السن الحماسة والاندفاع اللازمين لعودة الروح إلى ملاعبنا. وأيضاً نلوم إعلامنا الرياضي، وهو إعلام متميز بإمكاناته البشرية والمادية، وبمستواه الاحترافي والمهني الرفيع. فقد لعب دوراً سلبياً في وجود الظاهرة، من خلال تركيزه على التحليل الفني المُجرّد، ومخاطبة المختصين أو الأجيال التي تخطت سن الشباب ولم يعد ممكناً جذبها إلى الملاعب بسهولة، وتناسى إعلامنا جيل الناشئة والشباب ولم يستطع، حتى يومنا، بلورة خطاب إعلامي يلفت انتباههم ويُرسّخ في عقولهم ونفوسهم مفاهيم حضارية تتعلق بالرياضة كروح جماهيرية تدفع بهم إلى ملاعبنا. كلمة أخيرة: نطالب بمبادرة رياضية تعيد الجماهير للمدرجات، تشعل شغف المنافسة، وتحوّل كل مباراة إلى تجربة مليئة بالحماس والانتماء الحقيقي.
2442
| 30 أكتوبر 2025