رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
في منتصف القرن الماضي تجاوزت الصحافة الأمريكية حدودها مما أدى بالساهرين على تطبيق التعديل الأول الأمريكي لإنشاء لجنة "هوتشينس" التي نظرت في التجاوزات والممارسات التي خرجت عن العرف والتقاليد العامة لأخلاقيات الصحافة، وكنتيجة لتقريرها ودراستها جاءت بمفهوم جديد وهو المسؤولية الاجتماعية للصحافة وكان هذا سنة 1947، وبعد خمسين سنة بالضبط وجدت الصحافة البريطانية نفسها أمام أزمة أخلاقية حادة أدت إلى نقاش جاد وصريح بين محترفي المهنة وبين النقاد والمشرفين على الصحف والمجلات وكذلك المختصين في شؤون قانون الصحافة وأخلاقياتها. والأمر هذه المرة كان خطيرا حيث إنه مسّ الأميرة ديانا والعائلة المالكة. وآخر ضجة عرفها المجتمع البريطاني هو ظهور كتاب "الملكيون" للكاتبة كيتي كيلي حيث جاء ليكمل ما تركته صحافة الإثارة وليكشف للعام والخاص عورة العائلة المالكة بكاملها والأميرة ديانا على وجه الخصوص.
تتميز الصحافة الغربية خاصة الصحافة الجادة بالتنقيب والاستقصاء والتحري وهذا ما يسمى في الغرب بصحافة التحريات أو صحافة الاستقصاء investigative journalism بهدف تلبية حاجات المجتمع المعرفية وكذلك لمراقبة رجال السياسة وأصحاب السلطة والنفوذ والجاه والمال من التجاوزات واستغلال مناصبهم ونفوذهم لتحقيق أهدافهم الخاصة. من حيث المبدأ تظهر الأهداف نبيلة وشريفة، حيث استطاعت الصحافة الغربية أن توظف هذه الأهداف النبيلة في أرض الواقع. والأمثلة كثيرة على ذلك مثل استقالة الرئيس الأمريكي ريتشارد نيكسون وانسحاب "غاري هارت" من الانتخابات الأمريكية وهذا بعد ما فضحته وسائل الإعلام أمام الرأي العام الأمريكي بعدما قضى عطلة نهاية الأسبوع مع عشيقته "دونا رايس"، والأمثلة كثيرة ومتشعبة. السؤال الذي يطرح نفسه هنا هو ماذا يحدث إذا تلاعبنا بهذه المبادئ وهذه الحرية لتحقيق أهداف ليست هي بالضرورة أهداف الغالبية العظمى من المجتمع وليست هي الأهداف النبيلة للصحافة والإعلام. فالإشكال المطروح هنا هو أن الصحافة الصفراء وصحافة الإثارة استغلت مركزها في المجتمع ونفوذها لتحقيق أهدافها بالدرجة الأولى وهذه الأهداف تتمثل في المبيعات وبذلك الإعلانات وبذلك الربح. فتدخل صحافة الإثارة والتابلويد في خصوصية المشاهير ورجال السياسة والأعمال أثار ضجة كبيرة في الأوساط الإعلامية والسياسية البريطانية بصفة خاصة، والغربية بصفة عامة. وجاء رد الفعل عنيفا حيث إن الجهات المختصة في المملكة المتحدة اتخذت إجراءات صارمة لتنظيم وتقنين العملية الإعلامية من دون المساس بطبيعة الحال بحرية الصحافة وبحرية الرأي والنقد. ففي مؤتمر صحفي أعلن اللورد "جون وايكهام" رئيس اللجنة الصحفية البريطانية للشكاوي ورئيس لجنة مراقبة الصحافة عن الإجراءات الجديدة التي أخذتها اللجنة لتضع حدا لتجاوزات الصحافة وتكرار مأساة ديانا. وشملت هذه الإجراءات حماية الحياة الخاصة للعائلة المالكة وللمشاهير ورجال الأعمال والسياسة،والأطفال وضرورة القضاء على سوق صور البابراتزي التي تلتقط بطرق لا تمت بأية صلة لأخلاقيات الصحافة والممارسة الإعلامية الشريفة والنزيهة والملتزمة. وهكذا جاءت مأساة ديانا وبعد فوات الأوان بنتائج تحمي أولادها وتحمي غيرها من الاستغلال البشع لصور تباع بمئات الآلاف من الدولارات، بل في بعض الأحيان بالملايين. وهكذا جاءت لجنة مراقبة الصحافة مثلها مثل لجنة "الهوشتينس" في الولايات المتحدة سنة 1947 بقانون جديد للممارسة والسلوك الإعلامي.
وكان رد فعل الناشرين وأصحاب الجرائد وكبار المحررين البريطانيين جد إيجابي حيث رحب الجميع باقتراح اللورد "وايكهام". لكن كيف سيكون التطبيق في أرض الواقع خاصة أن الصحافة الصفراء تقوم أساسا على أخبار المشاهير وخصوصيتهم وأخبار الإثارة والجريمة والعنف والجنس.
يرى الخبراء والمختصون في شؤون قانون الإعلام وحرية الصحافة، أنه ليس بالأمر السهل تحديد أين ينتهي حق الفرد في الخصوصية وأين تبدأ حرية الصحافة.ففي بعض الأحيان يأخذ الأمر وقتا طويلا ودراسة ومناقشة مستفيضتين لتحديد هل يجب علينا كصحفيين أن نكتب خبرا حول أمر معين أم لا؟ وفي هذه الحالة قد يضّيع الصحفي فرصة تغطية خبر يكون ذا أهمية للمجتمع ولحق الفرد في المعرفة. والإشكال الرئيسي الذي يواجه المهنة هو أن هذا القانون الذي وضعه المسؤولون في بريطانيا تقل أهميته ووزنه إذا لم تعمل به دول أخرى عبر العالم. فصور البابراتزي لها سوق عالمي وتباع في أهم عواصم العالم فإذا منعت في لندن وبيعت في روما فأين هي الجدوى منه، وأين هي الفائدة كذلك إذا لم يشمل هذا القانون الإنترنت والإعلام الإلكتروني بجوانبه المتعددة والمتشعبة - البث الفضائي-التلفزيون الكابلي والمشفر...الخ. فبين حق الجمهور في المعرفة وحق الفرد كذلك في خصوصيته يوجد تناقض كبير من الناحية العملية. ومنهم من يرى أن أية قوانين أو إجراءات تنظيمية لممارسة المهنة الصحفية ستحد من حرية الصحافة وسيستغل أصحاب النفوذ والجاه والمال مثل هذه الإجراءات للتهرب من التحقيقات والاستقصاءات حتى لا تكشف الصحافة عن أعمالهم التي قد تناقض القانون والأخلاق والصالح العام.
السؤال الذي يطرح نفسه في هذه الإشكالية: إشكالية الالتزام والإثارة هو ما هي الخدمة التي تقدمها الصحافة عندما تغطي خصوصية الآخرين، وخاصة إذا كانت الأمور تتعلق بالروتين والحياة العادية للنجم السينمائي أو للسياسي أو لرجل الأعمال. فإذا كانت التغطية لا تكشف عن عملية رشوة أو تجسس أو استغلال نفوذ، أي بمعنى آخر التصرفات التي تضر بالصالح العام، وإنما هي تغطية تافهة تستغل من قبل صحافة الإثارة لزيادة المبيعات وزيادة القراء والمشتركين وبذلك زيادة حجم وسعر الإعلانات، ففي هذه الحالة نلاحظ أن الصحافة ابتعدت -بمختلف المقاييس- عن مهمتها النبيلة في المجتمع. ومن هذا المنطلق يجب على مواثيق الأخلاق ولجان الصحافة عبر العالم أن تقنن وتنظم تعامل الصحافة مع الحياة الخصوصية للناس وهذا من دون المساس بحرية الصحافة في الكشف عن الحقيقة والدفاع من خلال عملها على الصالح العام. فقياس الغرض وتحديده في هذه الحالة يحدد الغائية والهدف والقصد والنية من وراء تغطية خصوصية الناس، هل الأمر يتعلق بخدمة الصالح العام وخدمة الجمهور أم البحث عن الإثارة لزيادة المبيعات والأرباح.
والسؤال الذي يطرح نفسه حول إشكالية أخلاقيات الصحافة الغربية هو إلى أي مدى ستتخلص صحافة الإثارة من ممارساتها وتصرفاتها غير الأخلاقية وتنضم إلى صفوف الصحافة الجادة والصحافة المسؤولة والملتزمة بالبحث عن الحقيقة لخدمة الرأي العام والجمهور. الأمر ليس بالسهل خاصة أنه يتعلق بتغيير نمط وشكل ونوع المادة الخبرية التي تقدم إلى مستهلك عوّدته نفس هذه الصحافة على أنماط وعادات استهلاكية إعلامية تمجد الإثارة والجنس والفضائح والتشهير. هل ستتغلب الأخلاق والقيم على المادة وعلى الربح؟ سؤال يرجح الجانب المادي من دون شك رغم إيجاد قوانين ومواثيق لأخلاقيات الممارسة الصحفية.والأهم في كل ما تقدم أن الصحافة الغربية مثل كل أنواع الممارسات الإعلامية في العالم تعكس المجتمع الذي تعيش فيه بمختلف أبعاده القيمية والأخلاقية والاقتصادية والسياسية والاجتماعية والثقافية والدينية. مجتمع في آخر المطاف يتميز بالمادية والسلوك الاستهلاكي بامتياز ويمثل المجال الحيوي الذي تعيش وتتنفس من خلاله هذه الصحافة. فالأزمة إذن هي أزمة مجتمع بكامله يصارع ليل نهار للحفاظ على قيمه ومثله التي تتدهور يوما بعد يوم.و هنا يجب الرجوع إلى الجذور وإلى أصل الأزمة وتشخيص الداء لتوصيف الدواء. وما تحتاجه الصحافة الغربية من مواثيق أخلاقية وقوانين ممارسة قد تحتاجه معظم القطاعات المختلفة والعاملة في المجتمع الغربي.
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية



مساحة إعلانية
نعم، أصبحنا نعيش زمنًا يُتاجر فيه بالفكر كما يُتاجر بالبضائع، تُباع فيه الشهادات كما تُباع السلع، وتُؤجّر فيه المنصات التدريبية كما تُؤجّر القاعات لحفلات المناسبات. هو زمنٌ تحوّلت فيه «المعرفة إلى سلعة» تُسعَّر، لا رسالة تُؤدَّى. تتجلّى مظاهر «الاتّجار المعرفي» اليوم في صور عديدة، لعلّ أبرزها «المؤتمرات والملتقيات التدريبية والأكاديمية» التي تُقام بأسماء لامعة وشعارات براقة، يدفع فيها الحضور مبالغ طائلة تحت وعودٍ بالمحتوى النوعي والتبادل العلمي، ثم لا يخرج منها المشاركون إلا بأوراق تذكارية وصورٍ للمنصات! وهنا «العجيب من ذلك، والأغرب من ذلك»، أنك حين تتأمل هذه الملتقيات، تجدها تحمل أربعة أو خمسة شعارات لمؤسساتٍ وجهاتٍ مختلفة، لكنها في الحقيقة «تعود إلى نفس المالك أو الجهة التجارية ذاتها»، تُدار بأسماء متعدّدة لتُعطي انطباعًا بالتنوّع والمصداقية، بينما الهدف الحقيقي هو «تكرار الاستفادة المادية من الجمهور نفسه». هذه الفعاليات كثير منها أصبح سوقًا مفتوحًا للربح السريع، لا للعلم الراسخ؛ تُوزَّع فيها الجوائز بلا معايير، وتُمنح فيها الألقاب بلا استحقاق، وتُقدَّم فيها أوراق بحثية أو عروض تدريبية «مكرّرة، منسوخة، أو بلا أثرٍ معرفي حقيقي». وهذا الشكل من الاتّجار لا يقل خطورة عن سرقة البيانات أو بيع الحقائب التدريبية، لأنه يُفرغ الفضاء الأكاديمي من جوهره، ويُحوّل «الجهد العلمي إلى طقسٍ استعراضي» لا يصنع معرفة ولا يضيف قيمة. فالمعرفة الحقيقية لا تُشترى بتذكرة حضور، ولا تُختزل في شعار مؤتمر، ولا تُقاس بعدد الصور المنشورة في مواقع التواصل. من جهةٍ أخرى، يتخذ الاتّجار بالمعرفة اليوم وجهًا «رقميًا سيبرانيًا أكثر تعقيدًا»؛ إذ تُباع البيانات البحثية والمقررات الإلكترونية في «الأسواق السوداء للمعلومات»، وتُسرق الأفكار عبر المنصات المفتوحة، ويُعاد تسويقها تحت أسماء جديدة دون وعيٍ أو مساءلة. لقد دخلنا مرحلة جديدة من الاتّجار لا تقوم على الجسد، بل على «استغلال العقول»، حيث يُسرق الفكر ويُباع الإبداع تحت غطاء “التعاون الأكاديمي” أو “الفرص البحثية”. ولذلك، فإن الحديث عن «أمن المعرفة» و»السلامة السيبرانية في التعليم والتدريب» لم يعد ترفًا، بل ضرورة وجودية لحماية رأس المال الفكري للأمم. على الجامعات ومراكز التدريب أن تنتقل من مرحلة التباهي بعدد المؤتمرات إلى مرحلة «قياس الأثر المعرفي الحقيقي»، وأن تُحاكم جودة المحتوى لا عدد المشاركين. الاتّجار بالمعرفة جريمة صامتة، لكنها أخطر من كل أشكال الاتّجار الأخرى، لأنها «تسرق الإنسان من داخله»، وتقتل ضميره المهني قبل أن تمس جيبه. وحين تتحوّل الفكرة إلى تجارة، والمعرفة إلى وسيلة للشهرة، يفقد العلم قدسيته، ويصبح المتعلم مستهلكًا للوهم لا حاملًا للنور.
6600
| 27 أكتوبر 2025
في زمنٍ تتسارع فيه التكنولوجيا وتتصارع فيه المفاهيم، باتت القيم المجتمعية في كثيرٍ من المجتمعات العربية أقرب إلى «غرفة الإنعاش» منها إلى الحياة الطبيعية. القيم التي كانت نبض الأسرة، وعماد التعليم، وسقف الخطاب الإعلامي، أصبحت اليوم غائبة أو في أحسن الأحوال موجودة بلا ممارسة. والسؤال الذي يفرض نفسه: من يُعلن حالة الطوارئ لإنقاذ القيم قبل أن تستفحل الأزمات؟ أولاً: التشخيص: القيم تختنق بين ضجيج المظاهر وسرعة التحول: لم يعد ضعف القيم مجرد ظاهرة تربوية؛ بل أزمة مجتمعية شاملة فنحن أمام جيلٍ محاط بالإعلانات والمحتوى السريع، لكنه يفتقد النماذج التي تجسّد القيم في السلوك الواقعي. ثانياً: الأدوار المتداخلة: من المسؤول؟ إنها مسؤولية تكاملية: - وزارة التربية والتعليم: إعادة بناء المناهج والأنشطة اللاصفية على قيم العمل والانتماء والمسؤولية، وربط المعرفة بالسلوك. - وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية: تجديد الخطاب الديني بلغة العصر وتحويل المساجد إلى منصات توعية مجتمعية. - وزارة الثقافة: تحويل الفنون والمهرجانات إلى رسائل تُنعش الوعي وتُعيد تعريف الجمال بالقيمة لا بالمظهر. - وزارة الإعلام: ضبط المحتوى المرئي والرقمي بما يرسّخ الوعي الجمعي ويقدّم نماذج حقيقية. - وزارة التنمية الاجتماعية: تمكين المجتمع المدني، ودعم المبادرات التطوعية، وترسيخ احترام التنوع الثقافي باعتباره قيمة لا تهديدًا. ثالثاً: الحلول: نحو حاضنات وطنية للقيم: إن مواجهة التراجع القيمي لا تكون بالشعارات، بل بإنشاء حاضنات للقيم الوطنية تعمل مثل حاضنات الأعمال، لكنها تستثمر في الإنسان لا في المال. هذه الحاضنات تجمع التربويين والإعلاميين والمثقفين وخبراء التنمية لتصميم برامج عملية في المدارس والجامعات ومراكز الشباب تُترجم القيم إلى ممارسات يومية، وتنتج مواد تعليمية وإعلامية قابلة للتكرار والقياس. كما يمكن إطلاق مؤشر وطني للقيم يُقاس عبر استطلاعات وسلوكيات مجتمعية، لتصبح القيم جزءًا من تقييم الأداء الوطني مثل الاقتصاد والتعليم. رابعا: تكامل الوزارات:غرفة عمليات مشتركة للقيم: لا بد من إطار حوكمة ؛ • إنشاء مجلس وطني للقيم يُمثّل الوزارات والجهات الأهلية، يضع سياسة موحّدة وخطة سنوية ملزِمة. مؤشرات أداء مشتركة • تُدرج في اتفاقيات الأداء لكل وزارة • منصة بيانات موحّدة لتبادل المحتوى والنتائج تُعلن للناس لتعزيز الشفافية. • حملات وطنية متزامنة تُبث في المدارس والمساجد والمنصات الرقمية والفنون، بشعار واحد ورسائل متناسقة. • عقود شراكة مع القطاع الخاص لرعاية حاضنات القيم وبرامج القدوة، وربط الحوافز الضريبية أو التفضيلية بحجم الإسهام القيمي. الختام..... من يُعلن حالة الطوارئ؟ إنقاذ القيم لا يحتاج خطابًا جديدًا بقدر ما يحتاج إرادة جماعية وإدارة محترفة. المطلوب اليوم حاضنات قيم، ومجلس تنسيقي، ومؤشرات قياس، وتمويل مستدام. عندها فقط سننقل القيم من شعارات تُرفع إلى سلوك يُمارس، ومن دروس تُتلى إلى واقع يُعاش؛ فيحيا المجتمع، وتموت الأزمات قبل أن تولد.
6480
| 24 أكتوبر 2025
تُخلّف بعض اللحظات أثرًا لا يُمحى، لأنها تزرع في القلب وجعًا عميقًا يصعب نسيانه.. في الجولة الثالثة من دوري أبطال آسيا للنخبة، كانت الصفعة مدوية! الغرافة تلقى هزيمة ثقيلة برباعية أمام الأهلي السعودي، دون أي رد فعل يُذكر. ثم جاء الدور على الدحيل، الذي سقط أمام الوحدة الإماراتي بنتيجة ٣-١، ليظهر الفريق وكأنه تائه، بلا هوية. وأخيرًا، السد ينهار أمام الهلال السعودي بنفس النتيجة، في مشهد يوجع القلب قبل العين. الأداء كان مخيبًا بكل ما تحمله الكلمة من وجع. لا روح، لا قتال، لا التزام داخل المستطيل الأخضر. اللاعبون المحترفون الذين تُصرف عليهم الملايين كانوا مجرد ظلال تتحرك بلا هدف و لا حس، ولا بصمة، ولا وعي! أما الأجهزة الفنية، فبدت عاجزة عن قراءة مجريات المباريات أو توظيف اللاعبين بما يناسب قدراتهم. لاعبون يملكون قدرات هائلة ولكن يُزج بهم في أدوار تُطفئ طاقتهم وتشل حركتهم داخل المستطيل الأخضر، وكأنهم لا يُعرفون إلا بالاسم فقط، أما الموهبة فمدفونة تحت قرارات فنية عقيمة. ما جرى لا يُحتمل. نحن لا نتحدث عن مباراة أو جولة، بل عن انهيار في الروح، وتلاشي في الغيرة، وكأن القميص لم يعد له وزن ولا معنى. كم كنا ننتظر من لاعبينا أن يقاتلوا، أن يردّوا الاعتبار، أن يُسكتوا كل من شكك فيهم، لكنهم خذلونا، بصمت قاسٍ وأداء بارد لا يشبه ألوان الوطن. نملك أدوات النجاح: المواهب موجودة، البنية التحتية متقدمة، والدعم لا حدود له. ما ينقصنا هو استحضار الوعي بالمسؤولية، الالتزام الكامل، والقدرة على التكيّف الذهني والبدني مع حجم التحديات. نحن لا نفقد الأمل، بل نطالب بأن نرى بشكل مختلف، أن يعود اللاعبون إلى جوهرهم الحقيقي، ويستشعروا معنى التمثيل القاري بما يحمله من شرف وواجب. لا نحتاج استعراضًا، بل احترافًا ناضجًا يليق باسم قطر، وبثقافة رياضية تعرف كيف تنهض من العثرات لتعود أقوى. آخر الكلام: هذه الجولة ليست سوى بداية لإشراقة جديدة، وحان الوقت لنصنع مجدًا يستحقه وطننا، ويظل محفورًا في ذاكرته للأجيال القادمة.
3198
| 23 أكتوبر 2025