رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
كثيرة هي العلوم غير النافعة التي يجهد البعض في دراستها أو البحث فيها والتعمق في تفاصيلها، وهي بلا نفع لا على الدارس والباحث ولا على غيره. وحديث المصطفى صلى الله عليه وسلم وهو يستعيذ من أربعة أشياء، أشار إلى أحدهم بقوله (اللهم إني أعوذ بك من علم لا ينفع)، بالإضافة إلى الثلاثة الأخرى (ومن قلب لا يخشع، ومن نفس لا تشبع، ومن دعوة لا يُستجاب لها).
معنى هذا أن العلم الذي لا ينفع، هو كل ما لا يؤثر في زيادة إيمانك ورصيدك الأخروي، وإنما يقوم على النقيض ويتسبب لك في إضاعة الجهد والوقت وربما أحياناً المال أيضاً.
من بعد هذه المقدمة المقتضبة، سأورد لك مثالاً من العلم غير النافع الذي صار يستهلك أوقات وجهود كثيرين، حتى تحول ذلك العلم غير النافع إلى مادة للجدال لا يُعرف لها نهاية، ويقاتل المرء بها آخرين، فتراه يدخل ساعات طوالا في نقاشات وجدالات عقيمة على مختلف المنصات الإعلامية، لا لشيء سوى إثبات صوابية ما يرى ويعتقد. ولك أن تتابع أي منصة من منصات التواصل الاجتماعي لتدرك هذا المشهد عن قرب!.
أبرز الأمثلة التي ما زالت النقاشات مثارة حولها إلى يوم الناس هذا، هو شكل الأرض. أهي كروية بيضاوية أم مسطحة ؟! وعلى رغم أن العلم الحديث تطور ومعه تقنياته وأدواته ومنها الأقمار الصناعية، التي أثبتت بيضاوية الأرض كما تحدث القرآن عن ذلك، إلا أن المجادلين والمقتنعين بأن الأرض مسطحة، يرفضون كل علم يخالف قناعاتهم تلك.
إنّ رفضهم للأدلة الفيزيائية الفلكية بحجج مختلفة، قد نعذرهم بعض الشيء في ذلك المنحى، باعتبار النظريات العلمية هي جهود معرّضة للصواب والخطأ أيضاً. لكن ذلك الرفض أدخلهم في متاهات أخرى لتجد أحدهم على رغم أنه مسلم موحّد، لا يقتنع أو يتقبل تأويلات المفسرين للآية الكريمة (والأرض بعد ذلك دحاها)، والدحية في اللغة هي البيضة، وكلمة دحا تعني البسط مع الاتساع والارتخاء نحو الأسفل، كما نقول دحا البطن إذا استرخى وتدلى إلى الأسفل.
إن وافقنا أصحاب نظرية الأرض المسطحة، وعدم قبولهم لتفسير معنى كلمة دحاها، فكيف بهم مع آية التكوير، التي جاءت لتوضح شكل الأرض بصورة أدق، كما رصدتها الأقمار الصناعية الحديثة (يكوّر الليل على النهار ويكور النهار على الليل) أي أن الأرض لو لم تكن كروية، لكان الوضع إما ليلا دامسا دائما، أو نهارا سرمديا.
لكن رحمة الله أن جعل الأرض تدور حول نفسها أمام الشمس، فيكون ليلا في نصفها، ونهارا في نصفها الآخر. ثم تأتي آية أخرى تدعم كروية الأرض (حتى إذا أخذت الأرض زخرفها وازيّنت وظن أهلها أنهم قادرون عليها، أتاها أمرنا ليلاً أو نهارا) أي أن القيامة إذا حان وقتها، ونفخ إسرافيل في الصور، فلابد أن يكون نصف الكرة الأرضية في نهار، والنصف الآخر في الليل (أتاها أمرنا ليلاً أو نهارا)، هكذا تأويل الآية الكريمة كما في كتب التفسير.
للسلف الصالح أقوال عديدة تؤيد كروية الأرض، منها قول ابن تيمية رحمه الله: «وقد ثبت بالكتاب والسنة وإجماع علماء الأمة أن الأفلاك مستديرة، وهكذا هو في لسان العرب، الفَلَك الشيء المستدير.. قال تعالى (يكور الليل على النهار ويكور النهار على الليل ) والتكوير هو التدوير.. ومنه قيل للكرة: كرة، وهي الجسم المستدير، ولهذا يقال للأفلاك: كروية الشكل.. قال تعالى (الشمس والقمر بحسبان) أي مثل حسبان الرحى، وهذا إنما يكون فيما يستدير من أشكال الأجسام دون المضلعات من المثلث أو المربع أو غيرهما فإنه يتفاوت، لأن زواياه مخالفة لقوائمه، والجسم المستدير متشابه الجوانب والنواحي ليس بعضه مخالفاً لبعض».
نختم حديثنا هذا وحتى لا يطول، بقول للإمام ابن حزم، حيث يقول: «إنّ أحداً من أئمة المسلمين المستحقين لاسم الإمامة بالعلم، رضي الله عنهم، لم ينكروا تكوير الأرض، ولا يُحفظ لأحد منهم في دفعه كلمة، بل البراهين من القرآن والسنّة، قد جاءت بتكويرها».
الأقوال في هذا الموضوع أكثر مما يمكن حصرها فضلاً عن ذكرها في هذه المساحة.. فمن شاء أن يقتنع بكروية الأرض كان بها، ومن لم يشأ فلا يهم، بل لن يغير ذلك من واقع الحياة الدنيا شيئا. لكن الأهم من كل هذا الحديث، ما أنت وأنا وغيرنا فاعلون على هذه الأرض، سواء أكانت كروية أم مسطحة؟ الاشتغال بالإجابة على هذا السؤال أولى وأجدر من الاشتغال بشكل هذا الكوكب، الذي إن أشرقت الشمس عليه من غربه، انتهى أمر الدنيا، وأمر كل شيء حي.
فهل من مدّكر؟.
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
د. عـبــدالله العـمـادي
مساحة إعلانية




مساحة إعلانية
في منتصف العام الدراسي، تأتي الإجازات القصيرة كاستراحة ضرورية للطلبة والأسر، لكنها في الوقت ذاته تُعد محطة حساسة تتطلب قدراً عالياً من الوعي في كيفية التعامل معها. فهذه الإجازات، على قِصر مدتها، قد تكون عاملاً مساعداً على تجديد النشاط الذهني والنفسي، وقد تتحول إن أُسيء استغلالها إلى سبب مباشر في تراجع التحصيل الدراسي وصعوبة العودة إلى النسق التعليمي المعتاد. من الطبيعي أن يشعر الأبناء برغبة في كسر الروتين المدرسي، وأن يطالبوا بالسفر والتغيير، غير أن الانصياع التام لهذه الرغبات دون النظر إلى طبيعة المرحلة الدراسية وتوقيتها يحمل في طياته مخاطر تربوية لا يمكن تجاهلها. فالسفر إلى دول تختلف بيئتها ومناخها وثقافتها عن بيئتنا، وفي وقت قصير ومزدحم دراسياً، يؤدي غالباً إلى انفصال ذهني كامل عن أجواء الدراسة، ويضع الطالب في حالة من التشتت يصعب تجاوزها سريعاً عند العودة. توقيت الإجازة وأثره المباشر على المسار الدراسي التجربة التربوية تؤكد أن الطالب بعد الإجازات القصيرة التي تتخلل العام الدراسي يحتاج إلى قدر من الاستقرار والروتين، لا إلى مزيد من التنقل والإرهاق الجسدي والذهني. فالسفر، مهما بدا ممتعاً، يفرض تغييرات في مواعيد النوم والاستيقاظ، ويُربك النظام الغذائي، ويُضعف الالتزام بالواجبات والمتابعة الدراسية، وهو ما ينعكس لاحقاً على مستوى التركيز داخل الصف، ويجعل العودة إلى الإيقاع المدرسي عملية بطيئة ومجهدة. وتكمن الخطورة الحقيقية في أن هذه الإجازات لا تمنح الطالب الوقت الكافي للتكيّف مرتين: مرة مع السفر، ومرة أخرى مع العودة إلى المدرسة. فيضيع جزء غير يسير من زمن الفصل الدراسي في محاولة استعادة النشاط الذهني والانخراط مجدداً في الدروس، وهو زمن ثمين كان الأولى الحفاظ عليه، خصوصاً في المراحل التي تكثر فيها الاختبارات والتقييمات. قطر وجهة سياحية غنية تناسب الإجازات القصيرة في المقابل، تمتلك دولة قطر بيئة مثالية لاستثمار هذه الإجازات القصيرة بشكل متوازن وذكي، فالأجواء الجميلة خلال معظم فترات العام، وتنوع الوجهات السياحية والترفيهية، من حدائق ومتنزهات وشواطئ ومراكز ثقافية وتراثية، تمنح الأسر خيارات واسعة لقضاء أوقات ممتعة دون الحاجة إلى مغادرة البلاد. وهي خيارات تحقق الترفيه المطلوب، وتُشعر الأبناء بالتجديد، دون أن تخلّ باستقرارهم النفسي والتعليمي. كما أن قضاء الإجازة داخل الوطن يتيح للأسرة المحافظة على جزء من الروتين اليومي، ويمنح الأبناء فرصة للعودة السلسة إلى مدارسهم دون صدمة التغيير المفاجئ. ويمكن للأسر أن توظف هذه الفترة في أنشطة خفيفة تعزز مهارات الأبناء، مثل القراءة، والرياضة، والأنشطة الثقافية، وزيارات الأماكن التعليمية والتراثية، بما يحقق فائدة مزدوجة: متعة الإجازة واستمرارية التحصيل. ترشيد الإنفاق خلال العام الدراسي ومن زاوية أخرى، فإن ترشيد الإنفاق خلال هذه الإجازات القصيرة يمثل بُعداً مهماً لا يقل أهمية عن البعد التربوي. فالسفر المتكرر خلال العام الدراسي يستهلك جزءاً كبيراً من ميزانية الأسرة، بينما يمكن ادخار هذه المبالغ وتوجيهها إلى إجازة صيفية طويلة، حيث يكون الطالب قد أنهى عامه الدراسي، وتصبح متطلبات الاسترخاء والسفر مبررة ومفيدة نفسياً وتعليمياً. الإجازة الصيفية، بطولها واتساع وقتها، هي الفرصة الأنسب للسفر البعيد، والتعرف على ثقافات جديدة، وخوض تجارب مختلفة دون ضغط دراسي أو التزامات تعليمية. حينها يستطيع الأبناء الاستمتاع بالسفر بكامل طاقتهم، وتعود الأسرة بذكريات جميلة دون القلق من تأثير ذلك على الأداء المدرسي. دور الأسرة في تحقيق التوازن بين الراحة والانضباط في المحصلة، ليست المشكلة في الإجازة ذاتها، بل في كيفية إدارتها، فالإجازات التي تقع في منتصف العام الدراسي ينبغي أن تُفهم على أنها استراحة قصيرة لإعادة الشحن، لا قطيعة مع المسار التعليمي. ودور الأسرة هنا محوري في تحقيق هذا التوازن، من خلال توجيه الأبناء، وضبط رغباتهم، واتخاذ قرارات واعية تضع مصلحة الطالب التعليمية في المقام الأول، دون حرمانه من حقه في الترفيه والاستمتاع. كسرة أخيرة إن حسن استثمار هذه الإجازات يعكس نضجاً تربوياً، ووعياً بأن النجاح الدراسي لا يُبنى فقط داخل الصفوف، بل يبدأ من البيت، ومن قرارات تبدو بسيطة، لكنها تصنع فارقاً كبيراً في مستقبل الأبناء.
2013
| 24 ديسمبر 2025
حين تُذكر قمم الكرة القطرية، يتقدّم اسم العربي والريان دون استئذان. هذا اللقاء يحمل في طيّاته أكثر من مجرد ثلاث نقاط؛ إنها مواجهة تاريخية، يرافقها جدل جماهيري ممتد لسنوات، وسؤال لم يُحسم حتى اليوم: من يملك القاعدة الجماهيرية الأكبر؟ في هذا المقال، سنبتعد عن التكتيك والخطط الفنية، لنركز على الحضور الجماهيري وتأثيره القوي على اللاعبين. هذا التأثير يتجسد في ردود الأفعال نفسها: حيث يشدد الرياني على أن "الرهيب" هو صاحب الحضور الأوسع، بينما يرد العرباوي بثقة: "جمهورنا الرقم الأصعب، وهو ما يصنع الفارق". مع كل موسم، يتجدد النقاش، ويشتعل أكثر مع كل مواجهة مباشرة، مؤكدًا أن المعركة في المدرجات لا تقل أهمية عن المعركة على أرضية الملعب. لكن هذه المرة، الحكم سيكون واضحًا: في مدرجات استاد الثمامة. هنا فقط سيظهر الوزن الحقيقي لكل قاعدة جماهيرية، من سيملأ المقاعد؟ من سيخلق الأجواء، ويحوّل الهتافات إلى دعم معنوي يحافظ على اندفاع الفريق ويزيده قوة؟ هل سيتمكن الريان من إثبات أن جماهيريته لا تُنافس؟ أم سيؤكد العربي مجددًا أن الحضور الكبير لا يُقاس بالكلام بل بالفعل؟ بين الهتافات والدعم المعنوي، يتجدد النقاش حول من يحضر أكثر في المباريات المهمة، الريان أم العربي؟ ومن يمتلك القدرة على تحويل المدرج إلى قوة إضافية تدفع فريقه للأمام؟ هذه المباراة تتجاوز التسعين دقيقة، وتتخطى حدود النتيجة. إنها مواجهة انتماء وحضور، واختبار حقيقي لقوة التأثير الجماهيري. كلمة أخيرة: يا جماهير العربي والريان، من المدرجات يبدأ النصر الحقيقي، أنتم الحكاية والصوت الذي يهز الملاعب، احضروا واملأوا المقاعد ودعوا هتافكم يصنع المستحيل، هذه المباراة تُخاض بالشغف وتُحسم بالعزيمة وتكتمل بكم.
1623
| 28 ديسمبر 2025
أرست محكمة الاستثمار والتجارة مبدأ جديدا بشأن العدالة التعاقدية في مواجهة « تغول» الشروط الجاهزة وذلك برفض دعوى مطالبة احتساب الفوائد المتراكمة على البطاقة الائتمانية. فقد شهدت أروقة محكمة الاستثمار والتجارة مؤخراً صدور حكم قضائي لا يمكن وصفة إلا بأنه «انتصار للعدالة الموضوعة « على حساب « الشكليات العقدية» الجامدة، هذا الحكم الذي فصل في نزاع بين إحدى شركات التأمين وأحد عملائها حول فوائد متراكمة لبطاقة ائتمانية، يعيد فتح الملف الشائك حول ما يعرف قانوناً بـ «عقود الإذعان» ويسلط الضوء على الدور الرقابي للقضاء في ضبط العلاقة بين المؤسسات المالية الكبرى والأفراد. رفض المحكمة لاحتساب الفوائد المتراكمة ليس مجرد قرار مالي، بل هو تقويم مسار»، فالفائدة في جوهرها القانوني يجب أن تكون تعويضا عن ضرر او مقابلا منطقيا للائتمان، أما تحولها إلى إدارة لمضاعفة الديون بشكل يعجز معه المدين عن السداد، فهو خروج عن وظيفة الائتمان الاجتماعية والاقتصادية. إن استقرار التعاملات التجارية لا يتحقق بإطلاق يد الدائنين في صياغة الشروط كما يشاءون، بل يتحقق بـ « الثقة» في أن القضاء يقظ لكل انحراف في استعمال الحق، حكم محكمة الاستثمار والتجارة يمثل نقلة نوعية في تكريس «الأمن العقدي»، ويؤكد أن العدالة في قطر لا تقف عند حدود الأوراق الموقعة، بل تغوص في جوهر التوازن بين الحقوق والالتزامات. لقد نجح مكتب «الوجبة» في تقديم نموذج للمحاماة التي لا تكتفي بالدفاع، بل تشارك في «صناعة القضاء» عبر تقديم دفوع تلامس روح القانون وتحرك نصوصه الراكدة. وتعزز التقاضي وفقا لأرقى المعايير.
1149
| 24 ديسمبر 2025