رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
لقد خلقَنا اللهُ تعالى لغاية سامية ومهمة محددة وهيَّأ لنا مقومات الحياة على أرضه وتحت سمائه لتحقيق هذه المهمة، وهي العبوديَّة الخالصة له سبحانه والالتزام بما أمر واجتناب ما نهى.
وهذا هو طريق الاستقامة الذي يسلكه المخلصون الموفَّقون الفائزون بمرضاة الله، وهم صفوة الخلق عند ربهم.
وعلى الجانب الآخر، هناك فريق من المقصرين على تفاوت في درجة التقصير والمخالفة لأوامر الله تعالى.. وهذا التقصير له أسباب كثيرة، منها: فطرة الإنسان التي تحمل الخير والشر وتسلُّط الشيطان على الإنسان واستغلال نقاط ضعفه، وكذلك افتتان الإنسان بالدنيا وزخرفها، فتزل قدمه في المعاصي والشهوات.
وفي الحقيقة، إنَّ تعرُّض الإنسان للوقوع في الخطأ والزلل أمر طبيعي؛ ففطرته البشريَّة غُرس فيها حب الدنيا والشهوات وحب الممنوع ومخالفة المألوف، فالنفس لها نزعات تخرج فيها عن النص أحيانًا؛ لذلك جعل الله باب التوبة إليه مفتوحًا ليلًا ونهارًا ليعود المقصرون إلى ربهم في أي وقت؛ فهو التواب الرحيم.
وقد أوضح لنا رسولنا الكريم – صلى الله عليه وسلم - هذا الصنف من البشر في الحديث الشريف، فعن أَنَسٍ – رضي الله عنه – أنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ: «كُلُّ بَنِي آدَمَ خَطَّاءٌ، وخَيْرُ الْخَطَّائِينَ التَّوَّابُونَ» (أَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيُّ وابْنُ مَاجَهْ).
ومن الأحاديث التي تدل على عظيم فضل الله على كل مقصر أو مسرف على نفسه، ما رواه أبو مُوسى عبدُ اللهِ بن قَيْسٍ الأَشْعَرِيِّ - رضِي الله عنه - عن النَّبِي ﷺ أنه قَالَ: «إِن اللهَ تَعَالَى يبْسُطُ يَدَهُ بِاللَّيْلِ ليتُوبَ مُسيءُ النَّهَارِ، وَيبْسُطُ يَدَهُ بالنَّهَارِ ليَتُوبَ مُسِيءُ اللَّيْلِ، حتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ مِن مَغْرِبِهَا» (رواه مسلم).
إذًا، فالوقوع في الخطأ وارد لكل إنسان؛ لأنه بشر عادي ليس بمعصوم، خلقه الله ليمتحن عمله ومدى التزامه بأوامره واجتناب نواهيه، فلا عيب أن تخطئ، ولكن عليك أن تندم وتعود إلى ربك وتصحح أخطاءك وتجاهد نفسك للأفضل وسلوك سبيل المتقين، فأنت خير الخطائين وسلكت طريق التائبين.
لكن الأمر الخطير في الوقوع في المعاصي هو الاستهانة بها واعتيادها، بل والمجاهرة بفعلها، نعوذ بالله من ذلك.
فقد حذَّر النبي - صلى الله عليه وسلم - من المجاهرة بفعل المعاصي كأن يرتكب أي شخص معصية أو مخالفة ثم ينشرها ويتحدث عنها ويُخبِر رفقته أو غيرهم بما صنع من مخالفات ومعاصٍ دون أدنى حياء من الله أو ذرة ندم على ما فعل، بل يتباهى ويتفاخر بالمعصية، فهذا إلى جانب أنه مسرف على نفسه ويسلك طريق الضلال والهلاك، يحرِّض غيره على سلوك هذا الطريق، وهؤلاء هم شياطين الإنس الذين اختارهم شياطين الجن ليكونوا أعوانهم في إفساد الخلق، هؤلاء هتكوا ستر الله عليهم، فلا يعفيهم الله ولا يحفظهم من افتضاح أمرهم بين الناس.
وقد رُوي عن سالم بن عبد الله – رضي الله عنه - أنه قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: «كلُّ أُمَّتي معافًى إلا المجاهرين، وإنَّ من المجاهرة أن يعمل الرجل بالليل عملًا، ثم يصبح وقد ستره الله عليه، فيقول: يا فلان، عملتُ البارحةَ كذا وكذا، وقد بات يستره ربُّه، ويُصبِح يكشف سترَ الله عنه» (رواه البخاري ومسلم).
قال ابن حجر: «والمجاهِر هو الذي أظهر معصيتَه، وكشف ما ستَر الله عليه، فيحدِّث بها».
ومن صور المجاهرة بالمعاصي في هذه الأيام التي نراها منتشرة في «السوشيال ميديا» في بعض التطبيقات والمواقع الخبيثة التي تبث سمومها على المجتمعات المسلمة لتفسد شبابنا وبناتنا: أن نرى شبابًا يخرج في مقاطع فيديو أو بث مباشر يشاهده الملايين من الناس وهو يسمع أغاني ويصيح ويرقص بثيابٍ وقصَّاتِ شعرٍ غربية مخالفة تمامًا لديننا وعاداتنا وتقاليدنا.
وكذلك هناك مَن يتفاخر بالتدخين والصحبة الفاسدة وسهراتهم ومقالبهم، وغير ذلك من المساوئ التي ابتُلينا بها في عصر الإنترنت و«الميديا».
وكذلك نرى تساهُل شباب وبنات في الاختلاط والصداقة بين الجنسين ويتفاخرون بخروجاتهم ولقاءاتهم، وغير ذلك من المجاهرة بالمعصية ونشر الفساد في المجتمعات.
وهناك كثيرٌ من صور المجاهرة التي لا يقبلها المسلم، بل ويتأفف وينزعج عندما يراها؛ لأنها بالفعل تدل على تدني أخلاق أصحابها وافتقارهم إلى الحياء والفطرة السويَّة.
فنصيحتي لنفسي أولًا ثم لإخواني وأخواتي وأبنائي وبناتي: يجب أن نحذر جميعًا من هؤلاء الذين يدسُّون السم في العسل؛ فهؤلاء للأسف محسوبون على الإسلام ويتكلمون بلسان عربي ولكن بثقافة تخالف ديننا وعقيدتنا؛ لذا يجب علينا نبذ كل محتوى يجاهر بالمعصية أو يقلِّل من خطورتها أو يتساهل فيها، وكذلك المحافظة على متابعة المحتوى الهادف الذي يبني العقيدة ويعزِّز الحياء ويحث على الاستقامة.
فلا بُدَّ من إنكار هذه المخالفات والقضاء على هذا النوع من المحتوى الفاسد وعدم السماح بانتشاره بين الشباب والبنات؛ لأن انتشاره في المجتمع يقلل من الحياء ويحرِّض على المعاصي، إلى جانب الاستهانة بما أمر الله تعالى به.. كل ذلك لأجل المشاهدات و«التريند» و«الميديا» ولا حول ولا قوة إلا بالله، فالحذر كل الحذر من ذلك؛ لأنه لا مجال للعبث ولا اللهو بكل ما يتعلق بأوامر الله تعالى ونواهيه.
قال تعالى: «وَلَئِن سَأَلْتَهُمْ لَيَقُولُنَّ إِنَّمَا كُنَّا نَخُوضُ وَنَلْعَبُ قُلْ أَبِاللَّهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ» (التوبة: ٦٥).
نسألك اللهم العافية والستر والنجاة في الدنيا والآخرة، ووفِّقنا اللهم إلى مرضاتك في كل وقت وحين.. اللهم آمين.
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية




مساحة إعلانية
في منتصف العام الدراسي، تأتي الإجازات القصيرة كاستراحة ضرورية للطلبة والأسر، لكنها في الوقت ذاته تُعد محطة حساسة تتطلب قدراً عالياً من الوعي في كيفية التعامل معها. فهذه الإجازات، على قِصر مدتها، قد تكون عاملاً مساعداً على تجديد النشاط الذهني والنفسي، وقد تتحول إن أُسيء استغلالها إلى سبب مباشر في تراجع التحصيل الدراسي وصعوبة العودة إلى النسق التعليمي المعتاد. من الطبيعي أن يشعر الأبناء برغبة في كسر الروتين المدرسي، وأن يطالبوا بالسفر والتغيير، غير أن الانصياع التام لهذه الرغبات دون النظر إلى طبيعة المرحلة الدراسية وتوقيتها يحمل في طياته مخاطر تربوية لا يمكن تجاهلها. فالسفر إلى دول تختلف بيئتها ومناخها وثقافتها عن بيئتنا، وفي وقت قصير ومزدحم دراسياً، يؤدي غالباً إلى انفصال ذهني كامل عن أجواء الدراسة، ويضع الطالب في حالة من التشتت يصعب تجاوزها سريعاً عند العودة. توقيت الإجازة وأثره المباشر على المسار الدراسي التجربة التربوية تؤكد أن الطالب بعد الإجازات القصيرة التي تتخلل العام الدراسي يحتاج إلى قدر من الاستقرار والروتين، لا إلى مزيد من التنقل والإرهاق الجسدي والذهني. فالسفر، مهما بدا ممتعاً، يفرض تغييرات في مواعيد النوم والاستيقاظ، ويُربك النظام الغذائي، ويُضعف الالتزام بالواجبات والمتابعة الدراسية، وهو ما ينعكس لاحقاً على مستوى التركيز داخل الصف، ويجعل العودة إلى الإيقاع المدرسي عملية بطيئة ومجهدة. وتكمن الخطورة الحقيقية في أن هذه الإجازات لا تمنح الطالب الوقت الكافي للتكيّف مرتين: مرة مع السفر، ومرة أخرى مع العودة إلى المدرسة. فيضيع جزء غير يسير من زمن الفصل الدراسي في محاولة استعادة النشاط الذهني والانخراط مجدداً في الدروس، وهو زمن ثمين كان الأولى الحفاظ عليه، خصوصاً في المراحل التي تكثر فيها الاختبارات والتقييمات. قطر وجهة سياحية غنية تناسب الإجازات القصيرة في المقابل، تمتلك دولة قطر بيئة مثالية لاستثمار هذه الإجازات القصيرة بشكل متوازن وذكي، فالأجواء الجميلة خلال معظم فترات العام، وتنوع الوجهات السياحية والترفيهية، من حدائق ومتنزهات وشواطئ ومراكز ثقافية وتراثية، تمنح الأسر خيارات واسعة لقضاء أوقات ممتعة دون الحاجة إلى مغادرة البلاد. وهي خيارات تحقق الترفيه المطلوب، وتُشعر الأبناء بالتجديد، دون أن تخلّ باستقرارهم النفسي والتعليمي. كما أن قضاء الإجازة داخل الوطن يتيح للأسرة المحافظة على جزء من الروتين اليومي، ويمنح الأبناء فرصة للعودة السلسة إلى مدارسهم دون صدمة التغيير المفاجئ. ويمكن للأسر أن توظف هذه الفترة في أنشطة خفيفة تعزز مهارات الأبناء، مثل القراءة، والرياضة، والأنشطة الثقافية، وزيارات الأماكن التعليمية والتراثية، بما يحقق فائدة مزدوجة: متعة الإجازة واستمرارية التحصيل. ترشيد الإنفاق خلال العام الدراسي ومن زاوية أخرى، فإن ترشيد الإنفاق خلال هذه الإجازات القصيرة يمثل بُعداً مهماً لا يقل أهمية عن البعد التربوي. فالسفر المتكرر خلال العام الدراسي يستهلك جزءاً كبيراً من ميزانية الأسرة، بينما يمكن ادخار هذه المبالغ وتوجيهها إلى إجازة صيفية طويلة، حيث يكون الطالب قد أنهى عامه الدراسي، وتصبح متطلبات الاسترخاء والسفر مبررة ومفيدة نفسياً وتعليمياً. الإجازة الصيفية، بطولها واتساع وقتها، هي الفرصة الأنسب للسفر البعيد، والتعرف على ثقافات جديدة، وخوض تجارب مختلفة دون ضغط دراسي أو التزامات تعليمية. حينها يستطيع الأبناء الاستمتاع بالسفر بكامل طاقتهم، وتعود الأسرة بذكريات جميلة دون القلق من تأثير ذلك على الأداء المدرسي. دور الأسرة في تحقيق التوازن بين الراحة والانضباط في المحصلة، ليست المشكلة في الإجازة ذاتها، بل في كيفية إدارتها، فالإجازات التي تقع في منتصف العام الدراسي ينبغي أن تُفهم على أنها استراحة قصيرة لإعادة الشحن، لا قطيعة مع المسار التعليمي. ودور الأسرة هنا محوري في تحقيق هذا التوازن، من خلال توجيه الأبناء، وضبط رغباتهم، واتخاذ قرارات واعية تضع مصلحة الطالب التعليمية في المقام الأول، دون حرمانه من حقه في الترفيه والاستمتاع. كسرة أخيرة إن حسن استثمار هذه الإجازات يعكس نضجاً تربوياً، ووعياً بأن النجاح الدراسي لا يُبنى فقط داخل الصفوف، بل يبدأ من البيت، ومن قرارات تبدو بسيطة، لكنها تصنع فارقاً كبيراً في مستقبل الأبناء.
2004
| 24 ديسمبر 2025
حين تُذكر قمم الكرة القطرية، يتقدّم اسم العربي والريان دون استئذان. هذا اللقاء يحمل في طيّاته أكثر من مجرد ثلاث نقاط؛ إنها مواجهة تاريخية، يرافقها جدل جماهيري ممتد لسنوات، وسؤال لم يُحسم حتى اليوم: من يملك القاعدة الجماهيرية الأكبر؟ في هذا المقال، سنبتعد عن التكتيك والخطط الفنية، لنركز على الحضور الجماهيري وتأثيره القوي على اللاعبين. هذا التأثير يتجسد في ردود الأفعال نفسها: حيث يشدد الرياني على أن "الرهيب" هو صاحب الحضور الأوسع، بينما يرد العرباوي بثقة: "جمهورنا الرقم الأصعب، وهو ما يصنع الفارق". مع كل موسم، يتجدد النقاش، ويشتعل أكثر مع كل مواجهة مباشرة، مؤكدًا أن المعركة في المدرجات لا تقل أهمية عن المعركة على أرضية الملعب. لكن هذه المرة، الحكم سيكون واضحًا: في مدرجات استاد الثمامة. هنا فقط سيظهر الوزن الحقيقي لكل قاعدة جماهيرية، من سيملأ المقاعد؟ من سيخلق الأجواء، ويحوّل الهتافات إلى دعم معنوي يحافظ على اندفاع الفريق ويزيده قوة؟ هل سيتمكن الريان من إثبات أن جماهيريته لا تُنافس؟ أم سيؤكد العربي مجددًا أن الحضور الكبير لا يُقاس بالكلام بل بالفعل؟ بين الهتافات والدعم المعنوي، يتجدد النقاش حول من يحضر أكثر في المباريات المهمة، الريان أم العربي؟ ومن يمتلك القدرة على تحويل المدرج إلى قوة إضافية تدفع فريقه للأمام؟ هذه المباراة تتجاوز التسعين دقيقة، وتتخطى حدود النتيجة. إنها مواجهة انتماء وحضور، واختبار حقيقي لقوة التأثير الجماهيري. كلمة أخيرة: يا جماهير العربي والريان، من المدرجات يبدأ النصر الحقيقي، أنتم الحكاية والصوت الذي يهز الملاعب، احضروا واملأوا المقاعد ودعوا هتافكم يصنع المستحيل، هذه المباراة تُخاض بالشغف وتُحسم بالعزيمة وتكتمل بكم.
1605
| 28 ديسمبر 2025
أرست محكمة الاستثمار والتجارة مبدأ جديدا بشأن العدالة التعاقدية في مواجهة « تغول» الشروط الجاهزة وذلك برفض دعوى مطالبة احتساب الفوائد المتراكمة على البطاقة الائتمانية. فقد شهدت أروقة محكمة الاستثمار والتجارة مؤخراً صدور حكم قضائي لا يمكن وصفة إلا بأنه «انتصار للعدالة الموضوعة « على حساب « الشكليات العقدية» الجامدة، هذا الحكم الذي فصل في نزاع بين إحدى شركات التأمين وأحد عملائها حول فوائد متراكمة لبطاقة ائتمانية، يعيد فتح الملف الشائك حول ما يعرف قانوناً بـ «عقود الإذعان» ويسلط الضوء على الدور الرقابي للقضاء في ضبط العلاقة بين المؤسسات المالية الكبرى والأفراد. رفض المحكمة لاحتساب الفوائد المتراكمة ليس مجرد قرار مالي، بل هو تقويم مسار»، فالفائدة في جوهرها القانوني يجب أن تكون تعويضا عن ضرر او مقابلا منطقيا للائتمان، أما تحولها إلى إدارة لمضاعفة الديون بشكل يعجز معه المدين عن السداد، فهو خروج عن وظيفة الائتمان الاجتماعية والاقتصادية. إن استقرار التعاملات التجارية لا يتحقق بإطلاق يد الدائنين في صياغة الشروط كما يشاءون، بل يتحقق بـ « الثقة» في أن القضاء يقظ لكل انحراف في استعمال الحق، حكم محكمة الاستثمار والتجارة يمثل نقلة نوعية في تكريس «الأمن العقدي»، ويؤكد أن العدالة في قطر لا تقف عند حدود الأوراق الموقعة، بل تغوص في جوهر التوازن بين الحقوق والالتزامات. لقد نجح مكتب «الوجبة» في تقديم نموذج للمحاماة التي لا تكتفي بالدفاع، بل تشارك في «صناعة القضاء» عبر تقديم دفوع تلامس روح القانون وتحرك نصوصه الراكدة. وتعزز التقاضي وفقا لأرقى المعايير.
1128
| 24 ديسمبر 2025