رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
تم تقسيم الإمبراطورية الرومانية العظمى إلى شرق وغرب في عام 395م. تبنت الإمبراطورية الشرقية التي سميت بالدولة البيزنطية المسيحية الأرثوذكسية بينما التزم الغرب بالكاثوليكية الرومانية. نمت خلافاتهم وتراكمت مع مرور الوقت، انهارت روما الغربية عام 476م، لكن الدولة البيزنطية استمرت حتى عام 1453م لتنتهي بالفتح العثماني لإسطنبول.
كان التاريخ الروماني مستوحى من الجانبين، حيث تبنى القيصر الروسي هذا اللقب (القيصر) في إشارة إلى القيصر الروماني. في غضون ذلك، شهد العالم الغربي ظهور البروتستانتية وصراعًا شرسًا بين الكاثوليكية والبروتستانتية، ولاحقًا بمستوى مماثل بين الكنيسة الكاثوليكية والحركات العلمانية.
مثل القيصر الروسي، أشار الملوك الاسبان والفرنسيون والبريطانيون إلى عظمة الإمبراطورية الرومانية، وتعاملوا مع روسيا القيصرية على أنها منافس رئيس لهم. لهذا السبب حاول نابليون الفرنسي وأدولف هتلر غزو روسيا لكنهم فشلوا فشلا ذريعا. وفي السياق نفسه، تنافست الإمبراطورية البريطانية والإمبراطورية القيصرية على الانتشار في آسيا، في بحر البلطيق، وفي الشرق الأوسط، حتى الحرب العالمية الأولى. استمرت هذه المنافسة في جميع القارات تقريبًا حتى بعد تأسيس الاتحاد السوفييتي، وبعد استبدال بريطانيا العظمى بالولايات المتحدة كقوة عظمى، بعد الحرب العالمية الثانية. عندما بدأ الاتحاد السوفييتي بالانهيار، عقدت النخب الروسية صفقة مع الغرب للحفاظ على هيبتها وأسلحتها النووية والصواريخ الباليستية.
بعد أن أدركت روسيا أنه لن يتم قبولها في النادي الغربي، بدأت تصبح أكثر جرأة ضد الغرب. في غضون ذلك، كان الغرب يوسع مناطق نفوذه إلى مناطق النفوذ السوفييتية / الروسية تحت مظلة الناتو. عندما بدأت روسيا بوتين في التشكيك في وضعها كدولة غير ساحلية، بدأت في توسيع حدود الصفقة الأولية مع الغرب وبدأت في ضم أراض من جورجيا وأوكرانيا (أي أبخازيا في عام 2008 وشبه جزيرة القرم في عام 2014). ثم تدخلت روسيا في سوريا لكنها لم تتلق إدانة جدية من الغرب. حتى إنهم أغفلوا استخدام نظام الأسد للأسلحة الكيماوية.
أثار التوسع التدريجي لحلف شمال الأطلسي في أوروبا الشرقية قلق روسيا وبدأت تهديداتها لكل من أوكرانيا والغرب، التي قادت إلى الغزو الروسي المباشر لأوكرانيا في فبراير 2022، التي وصفتها روسيا بأنها عملية خاصة بدلاً من حرب شاملة. ولكن هذا الغزو الروسي تطور إلى ما يشبه الحرب العالمية، كون أن ثلاثًا من أربع قوى عظمى في العالم انخرطت في هذه الحرب (روسيا، الولايات المتحدة، أوروبا). وبالطبع استخدم طرفا هذا الصراع أسلحة عالية التقنية وأسلحة ذكية لإلحاق أضرار جسيمة بالبنية التحتية وخسائر بشرية بلغت حوالي 15 ألف قتيل و62 ألف جريح من الجانبين.
جاءت حرب أوكرانيا مع العديد من المفاجآت. أولاً، فوجئ العالم بعدم استعداد روسيا لما بعد التوغل الأول لغزو العاصمة كييف.
ثانيًا، فوجئت روسيا بصمود أوكرانيا ومقاومتها. كان ذلك لأن الغرب أعد الجيش والشعب الأوكراني لها، وقدم أيضًا دعمًا عسكريًا واقتصاديًا ودبلوماسيًا غير محدود لأوكرانيا.
ثالثًا، فوجئ الغرب بالمرونة الاقتصادية لروسيا حيث لم يتمكنوا من منع روسيا من بيع نفطها وغازها. ذلك لأن أوروبا كانت بحاجة إلى الغاز الروسي والبدائل ليست متاحة بسهولة. العديد من حلفاء الغرب مثل العرب وتركيا والهند لم يدعموا الجانب الغربي في هذه الحرب. الدول العربية، وخاصة السعودية، دعمت روسيا بشكل غير مباشر من خلال رفع أسعار النفط.
وصلت حرب أوكرانيا اليوم إلى طريق مسدود بين الغرب وروسيا. فشل الهجوم المضاد الأوكراني، الذي كان متوقعا له إخراج روسيا من الأراضي التي تم غزوها في شرق أوكرانيا. انسحبت روسيا من صفقة الحبوب للضغط على الاقتصاد العالمي، ولتصدير حبوبها في موسم الحصاد الجديد وفقاً لسياساتها.
لا أحد يعرف ما إذا كانت الحرب ستشمل استخدام الأسلحة النووية، أو إلى متى ستستمر. كما نعلم أن المنافسة بين الولايات المتحدة والصين تتسارع. يُظهر الانسحاب الأمريكي المفاجئ من أفغانستان وعدم قدرتها على وقف هجمات الحوثيين على أرامكو السعودية أن القوى العظمى لها أولوياتها الخاصة على مخاوفنا الأمنية. لذلك، فإن اشتباك القوى العظمى مع بعضها البعض، يعطي فرصة للدول الإسلامية للتعاون بشكل أوثق، وخاصة لمعالجة مخاوفنا الأمنية والاقتصادية المشتركة.
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
أستاذ العلاقات الدولية بجامعة إسطنبول
مساحة إعلانية




مساحة إعلانية
كان المدرج في زمنٍ مضى يشبه قلبًا يخفق بالحياة، تملؤه الأصوات وتشتعل فيه الأرواح حماسةً وانتماء. اليوم، صار صامتًا كمدينةٍ هجرتها أحلامها، لا صدى لهتاف، ولا ظلّ لفرح. المقاعد الباردة تروي بصمتها حكاية شغفٍ انطفأ، والهواء يحمل سؤالًا موجعًا: كيف يُمكن لمكانٍ كان يفيض بالحب أن يتحول إلى ذاكرةٍ تنتظر من يوقظها من سباتها؟ صحيح أن تراجع المستوى الفني لفرق الأندية الجماهيرية، هو السبب الرئيسي في تلك الظاهرة، إلا أن المسؤول الأول هو السياسات القاصرة للأندية في تحفيز الجماهير واستقطاب الناشئة والشباب وإحياء الملاعب بحضورهم. ولنتحدث بوضوح عن روابط المشجعين في أنديتنا، فهي تقوم على أساس تجاري بدائي يعتمد مبدأ المُقايضة، حين يتم دفع مبلغ من المال لشخص أو مجموعة أشخاص يقومون بجمع أفراد من هنا وهناك، ويأتون بهم إلى الملعب ليصفقوا ويُغنّوا بلا روح ولا حماسة، انتظاراً لانتهاء المباراة والحصول على الأجرة التي حُدّدت لهم. على الأندية تحديث رؤاها الخاصة بروابط المشجعين، فلا يجوز أن يكون المسؤولون عنها أفراداً بلا ثقافة ولا قدرة على التعامل مع وسائل الإعلام، ولا كفاءة في إقناع الناشئة والشباب بهم. بل يجب أن يتم اختيارهم بعيداً عن التوفير المالي الذي تحرص عليه إدارات الأندية، والذي يدل على قصور في فهم الدور العظيم لتلك الروابط. إن اختيار أشخاص ذوي ثقافة وطلاقة في الحديث، تُناط بهم مسؤولية الروابط، سيكون المُقدمة للانطلاق إلى البيئة المحلية التي تتواجد فيها الأندية، ليتم التواصل مع المدارس والتنسيق مع إداراتها لعقد لقاءات مع الطلاب ومحاولة اجتذابهم إلى الملاعب من خلال أنشطة يتم خلالها تواجد اللاعبين المعروفين في النادي، وتقديم حوافز عينية. إننا نتحدث عن تكوين جيل من المشجعين يرتبط نفسياً بالأندية، هو جيل الناشئة والشباب الذي لم يزل غضاً، ويمتلك بحكم السن الحماسة والاندفاع اللازمين لعودة الروح إلى ملاعبنا. وأيضاً نلوم إعلامنا الرياضي، وهو إعلام متميز بإمكاناته البشرية والمادية، وبمستواه الاحترافي والمهني الرفيع. فقد لعب دوراً سلبياً في وجود الظاهرة، من خلال تركيزه على التحليل الفني المُجرّد، ومخاطبة المختصين أو الأجيال التي تخطت سن الشباب ولم يعد ممكناً جذبها إلى الملاعب بسهولة، وتناسى إعلامنا جيل الناشئة والشباب ولم يستطع، حتى يومنا، بلورة خطاب إعلامي يلفت انتباههم ويُرسّخ في عقولهم ونفوسهم مفاهيم حضارية تتعلق بالرياضة كروح جماهيرية تدفع بهم إلى ملاعبنا. كلمة أخيرة: نطالب بمبادرة رياضية تعيد الجماهير للمدرجات، تشعل شغف المنافسة، وتحوّل كل مباراة إلى تجربة مليئة بالحماس والانتماء الحقيقي.
2514
| 30 أكتوبر 2025
حينَ شقَّ الاستعمار جسدَ الأمة بخطوطٍ من حديد وحدودٍ من نار، انقطعت شرايين الأخوة التي كانت تسقي القلوب قبل أن تربط الأوطان. تمزّقت الخريطة، وتبعثرت القلوب، حتى غدا المسلم يسأل ببرودٍ مريب: ما شأني بفلسطين؟! أو بالسودان ؟! أو بالصين ؟! ونَسِيَ أنَّ تعاطُفَه عبادةٌ لا عادة، وإيمانٌ لا انفعال، وأنّ مَن لم يهتمّ بأمر المسلمين فليس منهم. لقد رسم الاستعمار حدودهُ لا على الورق فحسب، بل في العقول والضمائر، فزرعَ بين الإخوة أسوارا من وهم، وأوقد في الصدورِ نارَ الأحقادِ والأطماع. قسّم الأرضَ فأضعفَ الروح، وأحيا العصبيةَ فقتلَ الإنسانية. باتَ المسلمُ غريبًا في أرضه، باردًا أمام جراح أمّته، يشاهدُ المجازرَ في الفاشر وغزّة وفي الإيغور وكأنها لقطات من كوكب زحل. ألا يعلم أنَّ فقدَ الأرضِ يسهلُ تعويضُه، أمّا فقد الأخِ فهلاكٌ للأمّة؟! لقد أصبح الدينُ عند كثيرين بطاقة تعريفٍ ثانوية بعدَ المذهبِ والقبيلةِ والوطن، إنّ العلاجَ يبدأُ من إعادةِ بناءِ الوعي، من تعليمِ الجيلِ أنّ الإسلام لا يعرف حدودًا ولا يسكنُ خرائطَ صمّاء، وأنّ نُصرةَ المظلومِ واجبٌ شرعيٌّ، لا خِيارٌا مزاجيّا. قال النبي صلى الله عليه وسلم (مثلُ المؤمنين في توادِّهم وتراحمِهم «وتعاطُفِهم» كمثلِ الجسدِ الواحد، إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائرُ الجسدِ بالسهرِ والحمّى). التعاطف عبادة، التعاطف مطلب، التعاطف غاية، التعاطف هدف، التعاطف إنسانية وفطرة طبيعية، لذلك فلننهضْ بإعلامٍ صادقٍ يذكّرُ الأمةَ أنّها جسدٌ واحدٌ لا أطرافا متناحرة، وبعمل جماعي يترجمُ الأخوّةَ إلى عطاءٍ، والتكافلَ إلى فعلٍ لا شعار. حين يعودُ قلبُ المسلم يخفقُ في المغربِ فيسقي عروقَه في المشرق، وتنبضُ روحهُ في الشمالِ فتلهم الجنوبَ، حينئذٍ تُهدَمُ حدودُ الوهم، وتُبعثُ روحُ الأمةِ من رمادِ الغفلة، وتستعيدُ مجدَها الذي هو خير لها وللناس جميعاً قال تعالى (كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ). عندها لن تبقى للأمّة خرائط تُفرّقها،. وتغدو حدود وخطوط أعدائنا التي علينا سرابًا تذروه الرياح، وتتقطع خيوطُ العنكبوتِ التي سحروا أعيننا بوهم قيودها التي لا تنفك. فإذا استيقظَ الوجدان تعانقَ المشرقُ والمغربُ في جسدٍ واحد يهتفُ بصوتٍ واحد فداك أخي.
2193
| 04 نوفمبر 2025
اطلعت على الكثير من التعليقات حول موضوع المقال الذي نشرته الأسبوع الماضي بجريدة الشرق بذات العنوان وهو «انخفاض معدلات المواليد في قطر»، وقد جاء الكثير من هذه التعليقات أو الملاحظات حول أن هذه مشكلة تكاد تكون في مختلف دول العالم وتتشابه الى حد كبير، والبعض أرجعها الى غلاء المعيشة بشكل عام في العالم، وهذه المشكلة حسبما أعتقد يجب ألا يكون تأثيرها بذات القدر في دول أخرى؛ لأن الوضع عندنا يختلف تماما، فالدولة قد يسرت على المواطنين الكثير من المعوقات الحياتية وتوفر المساكن والوظائف والرواتب المجزية التي يجب ألا يكون غلاء المعيشة وغيرها من المتطلبات الأخرى سببا في عدم الاقبال على الزواج وتكوين أسرة أو الحد من عدد المواليد الجدد، وهو ما يجب معه أن يتم البحث عن حلول جديدة يمكن أن تسهم في حل مثل هذه المشكلة التي بدأت في التزايد. وفي هذا المجال فقد أبرز معهد الدوحة الدولي للأسرة توصيات لرفع معدل الخصوبة والتي تساهم بدورها في زيادة المواليد ومن هذه التوصيات منح الموظفة الحامل إجازة مدفوعة الاجر لـ 6 اشهر مع اشتراط ان تعود الموظفة الى موقعها الوظيفي دون أي انتقاص من حقوقها الوظيفية، وكذلك الزام أصحاب العمل الذين لديهم 20 موظفة بإنشاء دار للحضانة مع منح الأب إجازة مدفوعة الأجر لا تقل عن أسبوعين، وإنشاء صندوق لتنمية الطفل يقدم إعانات شهرية وتسهيل الإجراءات الخاصة بتأمين مساكن للمتزوجين الجدد، وكذلك إنشاء صندوق للزواج يقدم دعما ماليا للمتزوجين الجدد ولمن ينوي الزواج مع التوسع في قاعات الافراح المختلفة، وهذه الاقتراحات هي في المجمل تسهل بشكل كبير العقبات والصعاب التي يواجهها الكثير من المقبلين على الزواج، وبتوفيرها لا شك ان الوضع سيختلف وستسهم في تحقيق ما نطمح اليه جميعا بتسهيل أمور الزواج. لكن على ما يبدو ومن خلال الواقع الذي نعيشه فإن الجيل الحالي يحتاج الى تغيير نظرته الى الزواج، فالكثير اصبح لا ينظر الى الزواج بالاهمية التي كانت في السابق، ولذلك لابد ان يكون من ضمن الحلول التي يجب العمل عليها، إيجاد أو إقرار مواد تدرس للطلاب خاصة بالمرحلة الثانوية وتتمحور حول أهمية تكوين وبناء الاسرة وأهمية ذلك للشباب من الجنسين، والعمل على تغيير بعض القناعات والاولويات لدى الشباب من الجنسين، حيث أصبحت هذه القناعات غير منضبطة أو غير مرتبة بالشكل الصحيح، والعمل على تقديم الزواج على الكثير من الأولويات الثانوية، وغرس هذه القيمة لتكون ضمن الأولويات القصوى للشباب على أن يتم مساعدتهم في ذلك من خلال ما تم ذكره من أسباب التيسير ومن خلال أمور أخرى يمكن النظر فيها بشكل مستمر للوصول الى الهدف المنشود. وفي ظل هذا النقاش والبحث عن الحلول، يرى بعض المهتمين بالتركيبة السكانية ان هناك من الحلول الاخرى التي يمكن أن تكون مؤثرة، مثل التشجيع على التعدد ومنح الموظفة التي تكون الزوجة الثانية أو الثالثة أو حتى الرابعة، علاوة مستحدثة على أن تكون مجزية، الى جانب حوافز أخرى تشجع على ذلك وتحث عليه في أوساط المجتمع، حيث يرى هؤلاء أن فتح باب النقاش حول تعدد الزوجات قد يكون إحدى الأدوات للمساهمة في رفع معدلات الإنجاب، خصوصًا إذا ما اقترن بدعم اجتماعي ومؤسسي يضمن كرامة الأسرة ويحقق التوازن المطلوب.
2046
| 03 نوفمبر 2025