رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
في الأسبوع الماضي كتبت في هذه الصفحة مقالا بعنوان زلازل سياسية أمريكية تهز العالم، قيل لي في حينه في (خميسية ناصر الجيدة) إن الرئيس ترامب سوف يكون عقلانيا أكثر مما كان في رئاسته الأولى، وانشغل رواد المجلس بالحديث عن ترامب بين متفائل ومتشائم والبعض متشائل كان رأيه أن ترامب أحمق، أرعن، مشحون بقوة أمريكا المادية والعسكرية وأنه سيربك العالم وقد يجره إلى أزمات أمنية وسياسية واقتصادية كارثية..
(2 )
اليوم وبعد كل ما حدث من تصريحات وأوامر تنفيذية أصدرها ترامب بشأن حزمة من القضايا الدولية (كندا والمكسيك وبنما والدنمارك والصين وجنوب أفريقيا وتهجير الفلسطينيين من وطنهم الأصلي وروسيا ومنظمة أوبك وأوروبا العجوز، ومجموعة البريكس، ومجموعة شانغهاي... إلخ) أهمها عندي تصريحاته عن التهجير وأن غزة العزة لم تعد صالحة لحياة الإنسان!! "إنها نظرية الدخان والمرايا".
الرأي عندي أن الرئيس دونالد ترامب يريد إرباك السياسيين عامة والإعلاميين عبر العالم وإشغالهم في مناقشات خططه وتصريحاته لكي يصرف أنظارهم عن مخططاته في الضفة الغربية وسوريا ولبنان وعن الصراع الداخلي بين الصهاينة وعن صمود الشعب الفلسطيني ومعاناته رغم حرب الإبادة الجماعية إلى جانب أمور أخرى.
ترامب عند وعده بتوسيع المجال الحيوي لإسرائيل على حساب الجوار العربي (سوريا ولبنان والأردن ومصر وأخيرا السعودية).
كل البيانات العربية الرسمية التي صدرت حتى الآن ليست بيانات رادعة لجموح ترامب وإدارته المتوحشة كما فعل الكنديون والمكسيكيون والصينيون لم يدع بشكل فوري لقمة عربية عاجلة لتدارس ما يخطط لأمتنا العربية، كما فعل قادة الاتحاد الأوروبي الذين عقدوا مؤخرا وبصفة عاجلة اجتماعا لصياغة رد موحد ورادع على مواقف الإدارة الأمريكية الجديدة تجاه عدد من القضايا. الزعماء العرب على وجه التحديد انجروا وغيرهم يرددون مصطلح "لا يجوز تهجير سكان غزة بالقوة" ولكنهم لم يحددوا موقفهم من تسهيل التهجير الاختياري، والتهجير الاختياري سيتم بتضييق سبل الحياه على سكان غزة بمنع الإمداد والتموين الإنساني.
إن عدم توفير مساكن مجهزة ومياه صالحة للشرب وطبابة لمرضاهم بعد أن دمرت إسرائيل مستشفياتهم وكل ممتلكاتهم من شمال غزة إلى جنوبها إجبار على التهجير. وتنفيذا لهذا المشروع "التهجير الاختياري" أقدمت إسرائيل مؤخرا للإخلال باتفاق وقف إطلاق النار وتبادل الأسرى الذي تم في الدوحة في 15 يناير الماضي والذي من بين بنوده فتح المعابر وإدخال المساعدات الإنسانية والحياتية إلى غزة عامة إلا أن إسرائيل عملت مؤخرا على الحد من دخول الشاحنات الحاملة للمساعدات الإنسانية المتفق عليها بشكل يومي (600 شاحنة) مساعدات إنسانية و50 شاحنة محملة بالوقود. إسرائيل لم تسمح في اليومين الأخيرين إلا بدخول أقل من 200 شاحنة يوميا وهذا لا يغطي 2 % من احتياجات سكان غزة. المفروض وصول "كبائن" سكنية وخيام عددها 200 ألف خيمة لكل قطاع غزة والمتوفر منها 5000 خيمة للسكان الذين دمرت منازلهم ولم يتم ذلك، منع الطواقم الطبية والأجهزة الطبية والأدوية ومولدات الكهرباء من دخول شمال غزة وشاحنات الغاز. كذلك ينص اتفاق الدوحة بين حماس وإسرائيل المشار إليه أعلاه على السماح لخروج 300 جريح لتلقي العلاج في خارج غزة ولم تسمح إلا لـ 38 جريحا غالبيتهم أطفال.
(3)
الرئيس ترامب يريد تهجير السكان الفلسطينيين من أرضهم إلى أراضي الغير بهدف إحلال الأمن والسلام في منطقة الشرق الأوسط كما يدعي، ولتحقيق ذلك الهدف (السلم والأمن) كان حريا به ورحمة باليهود الصهاينة أن يرد ستة ملايين يهودي الذين هاجر آباؤهم إلى فلسطين بعد نهاية الحرب العالمية (الأوروبية) الثانية عام 1945 إلى أوطانهم الأصلية في أوروبا ومنهم على سبيل المثال الوزير بتسلئيل سموتريتش الإرهابي الذي هاجرت أسرته من أوكرانيا والذي اسمه مشتق من نهر يسمى "سموتريتش" يقع بين روسيا ورومانيا. وكذلك هرتسي هاليفي قائد أركان الجيش الإسرائيلي والمهاجرة أسرته من روسيا إلى فلسطين، ونتنياهو رئيس الحكومة الإسرائيلية الحالية هاجرت أسرته إلى فلسطين من بولندا، وكذلك رئيس وزراء إسرائيل الأسبق إسحاق شامير مهاجر من بولندا إلى فلسطين ووزير الدفاع الإسرائيلي الحالي إسرائيل كاتس من أسرة مهاجرة إلى فلسطين من رومانيا وغيرهم ملايين.
الرئيس ترامب أصدر أمرا تنفيذيا برد المهاجرين إلى بلاده أمريكا إلى أوطانهم الأصلية ومن بينهم 13224 مهاجرا عربيا حرصا على سعادة وأمن الشعب الأمريكي وعليه أن يصدر ذات الأمر بالنسبة للمهاجرين اليهود إلى فلسطين، لكي يحل السلام والأمن في الشرق الأوسط عامة والعالم فلا بد من حل مشكلة اليهود في فلسطين بعودتهم إلى أوطانهم الأصلية لا بتهجير الفلسطينيين أصحاب الأرض وخاصة ما يعرف بيهود الاشكناز وغيرهم من يهود أوروبا الشرقية..
(4)
مطلوب موقف عربي صادق بلا خوف ولا تردد يضع نهاية للصلف الأمريكي المتوحش ويضع نهاية للمطامع الصهيونية الإسرائيلية في الأراضي العربية. أمريكا وإسرائيل لن تستطيعا المس بحقوق العرب لو كانوا كتلة واحدة. إن أمنكم وسلامة أنظمتكم حكامنا الميامين تستمد من داخل أوطانكم من وحدة جبهاتكم الداخلية التي تبنى على مواقفكم الباسلة والعادلة في مواجهة من يريد بأمتنا وأوطاننا سوءا.
آخر القول: سيصل إليكم وزير خارجية أمريكا الجديد ماركو روبيرو في الأسبوع القادم بمشاريعه الغير عادلة، كونوا على قلب رجل واحد ضد مشاريعه التوسعية العدوانية من أجل أوطانكم وأمتكم رغم اختلافاتكم فالخطر الأمريكي الصهيوني محيط بكم وبأوطانكم وأمتكم. والله معكم.
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية




مساحة إعلانية
هناك ظاهرة متنامية في بعض بيئات العمل تجعل التطوير مجرد عنوان جميل يتكرر على الورق، لكنه لا يعيش على الأرض (غياب النضج المهني) لدى القيادات. وهذا الغياب لا يبقى وحيدًا؛ بل ينمو ويتحوّل تدريجيًا إلى ما يمكن وصفه بالتحوّذ المؤسسي، حالة تبتلع القرار، وتحدّ من المشاركة، وتقصي العقول التي يُفترض أن تقود التطوير. تبدأ القصة من نقطة صغيرة: مدير يطلب المقترحات، يجمع الآراء، يفتح الباب للنقاش… ثم يُغلقه فجأة. يُسلَّم له كل شيء، لكنه لا يعيد شيئًا، مقترحات لا يُرد عليها، أفكار لا تُناقش، وملاحظات تُسجَّل فقط لتكملة المشهد، لا لتطبيقها. هذا السلوك ليس مجرد إهمال، بل علامة واضحة على غياب النضج المهني في إدارة الحوار والمسؤولية. ومع الوقت، يصبح هذا النمط قاعدة: يُطلب من المختصين أن يقدموا رؤاهم، لكن دون أن يكونوا جزءًا من القرار. يُستدعون في مرحلة السماع، ويُستبعدون في مرحلة الفعل. ثم تتساءل القيادات لاحقًا: لماذا لا يتغير شيء؟ الجواب بسيط: التطوير لا يتحقق بقرارات تُصاغ في غرف مغلقة، بل بمنظومة تشاركية حقيقية. أحد أكثر المظاهر خطورة هو إصدار أنظمة تطوير بلا آلية تنفيذ، تظهر اللوائح كأحلام مشرقة، لكنها تُترك دون أدوات تطبيق، ودون تدريب، ودون خط سير واضح. تُلزم بها الجهات، لكن لا أحد يعرف “كيف”، ولا “من”، ولا “متى”. وهنا، يتحول النظام إلى حِمل إضافي بدل أن يكون حلاً تنظيميًا. في كثير من الحالات، تُنشر أنظمة جديدة، ثم يُترك فريق العمل ليخمن طريقة تطبيقها، وعندما يتعثر التطبيق، يُحمَّل المنفذون المسؤولية وتصاغ خطابات الإنذار. هذا المشهد لا يدل فقط على غياب النضج المهني، بل على عدم فهم عميق لطبيعة التطوير المؤسسي الحقيقي. ثم يأتي الوجه الأوضح للخلل: المركزية المفرطة، مركزية لا تُعلن، لكنها تُمارس بصمت. كل خطوة تحتاج موافقة عليا، كل فكرة يجب أن تُصفّى، وكل مقترح يمر عبر «فلترة» شخصية، لا منهجية. في هذا المناخ، يفقد الناس الرغبة في المبادرة، لأن المبادرة تصبح مخاطرة، لا قيمة. وهنا تتحول المركزية تدريجيًا إلى تحوّذ مؤسسي كامل. القرار محتكر. المبادرات محجوزة. المعرفة مقيّدة. والنظام الإداري يُدار بعقلية الاستحواذ، لا بعقلية التمكين. التحوّذ المؤسسي هو الفخ الذي تقع فيه الإدارات حين يغيب عنها النضج. يبدأ من عقلية مدير، ثم ينتقل إلى أسلوب إدارة، ثم يتحول إلى ثقافة صامتة في المؤسسة. والنتيجة؟ - تجميد للأفكار. - هروب للعقول. - فقدان للروح المهنية. - تطوير شكلي لا يترك أثرًا. أخطر ما في التحوّذ أنه يرتدي ثياب التنظيم والجودة واللوائح، بينما هو في جوهره خوف مؤسسي من المشاركة، ومن نجاح الآخرين، ومن توزيع الصلاحيات. القيادة غير الناضجة ترى الأفكار تهديدًا، وترى الكفاءات منافسة، وترى التغيير خطرًا، لذلك تفضّل أن تُبقي كل شيء في يدها حتى لو تعطلت المؤسسة بأكملها. القيادة الناضجة لا تعمل بهذه الطريقة. القيادة الناضجة تستنير بالعقول، لا تستبعدها. تسأل لتبني، لا لتجمّل المشهد. تُصدر القرار بعد فهم كامل لآلية تطبيقه. وتعرف أن التطوير المؤسسي الحقيقي لا يقوم على السيطرة، بل على الثقة، والتفويض، والوضوح، وبناء أنظمة تعيش بعد القائد لا معه فقط. ويبقى السؤال الذي يجب أن يُطرح بصراحة لا تخلو من الجرأة: هل ما نراه هو تطوير مؤسسي حقيقي… أم تحوّذ إداري مغطّى بشعارات التطوير؟ المؤسسات التي تريد أن ترتقي عليها أن تراجع النضج المهني لقياداتها قبل أن تراجع خططها، لأن الخطط يمكن تعديلها… لكن العقليات هي التي تُبقي المؤسسات في مكانها أو تنهض بها.
708
| 11 ديسمبر 2025
لم يكن ما فعلته منصة (إكس) مؤخرًا مجرّد تحديثٍ تقني أو خطوةٍ إدارية عابرة، بل كان دون مبالغة لحظةً كاشفة. فحين سمحت منصة (إكس) بقرارٍ مباشر من مالكها إيلون ماسك، بظهور بيانات الهوية الجغرافية للحسابات، لم تنكشف حسابات أفرادٍ فحسب، بل انكشفت منظوماتٌ كاملة، دولٌ وغرف عمليات، وشبكات منظمة وحسابات تتحدث بلسان العرب والمسلمين، بينما تُدار من خارجهم. تلك اللحظة أزاحت الستار عن مسرحٍ رقميٍّ ظلّ لسنوات يُدار في الخفاء، تُخاض فيه معارك وهمية، وتُشعل فيه نيران الفتنة بأيدٍ لا نراها، وبأصواتٍ لا تنتمي لما تدّعيه. وحين كُشفت هويات المستخدمين، وظهرت بلدان تشغيل الحسابات ومواقعها الفعلية، تبيّن بوضوحٍ لا يحتمل التأويل أن جزءًا كبيرًا من الهجوم المتبادل بين العرب والمسلمين لم يكن عفويًا ولا شعبيًا، بل كان مفتعلًا ومُدارًا ومموّلًا. حساباتٌ تتكلم بلهجة هذه الدولة، وتنتحل هوية تلك الطائفة، وتدّعي الغيرة على هذا الدين أو ذاك الوطن، بينما تُدار فعليًا من غرفٍ بعيدة، خارج الجغرافيا. والحقيقة أن المعركة لم تكن يومًا بين الشعوب، بل كانت ولا تزال حربًا على وعي الشعوب. لقد انكشفت حقيقة مؤلمة، لكنها ضرورية: أن كثيرًا مما نظنه خلافًا شعبيًا لم يكن إلا وقودًا رقميًا لسياسات خارجية، وأجندات ترى في وحدة المسلمين خطرًا، وفي تماسكهم تهديدًا، وفي اختلافهم فرصةً لا تُفوّت. فتُضخ التغريدات، وتُدار الهاشتاقات، ويُصنع الغضب، ويُعاد تدوير الكراهية، حتى تبدو وكأنها رأي عام، بينما هي في حقيقتها رأيٌ مُصنَّع. وما إن سقط القناع، حتى ظهر التناقض الصارخ بين الواقع الرقمي والواقع الإنساني الحقيقي. وهنا تتجلى حقيقة أعترف أنني لم أكن أؤمن بها من قبل، حقيقة غيّرت فكري ونظرتي للأحداث الرياضية، بعد ابتعادي عنها وعدم حماسي للمشاركة فيها، لكن ما حدث في قطر، خلال كأس العرب، غيّر رأيي كليًا. هنا رأيت الحقيقة كما هي: رأيت الشعوب العربية تتعانق لا تتصارع، وتهتف لبعضها لا ضد بعضها. رأيت الحب، والفرح، والاحترام، والاعتزاز المشترك، بلا هاشتاقات ولا رتويت، بلا حسابات وهمية، ولا جيوش إلكترونية. هناك في المدرجات، انهارت رواية الكراهية، وسقط وهم أن الشعوب تكره بعضها، وتأكد أن ما يُضخ في الفضاء الرقمي لا يمثل الشعوب، بل يمثل من يريد تفريق الأمة وتمزيق لُحمتها. فالدوحة لم تكن بطولة كرة قدم فحسب، بل كانت استفتاءً شعبيًا صامتًا، قال فيه الناس بوضوح: بلادُ العُرب أوطاني، وكلُّ العُربِ إخواني. وما حدث على منصة (إكس) لا يجب أن يمرّ مرور الكرام، لأنه يضع أمامنا سؤالًا مصيريًا: هل سنظل نُستدرج إلى معارك لا نعرف من أشعلها، ومن المستفيد منها؟ لقد ثبت أن الكلمة قد تكون سلاحًا، وأن الحساب الوهمي قد يكون أخطر من طائرةٍ مُسيّرة، وأن الفتنة حين تُدار باحتراف قد تُسقط ما لا تُسقطه الحروب. وإذا كانت بعض المنصات قد كشفت شيئًا من الحقيقة، فإن المسؤولية اليوم تقع علينا نحن، أن نُحسن الشك قبل أن نُسيء الظن، وأن نسأل: من المستفيد؟ قبل أن نكتب أو نشارك أو نرد، وأن نُدرك أن وحدة المسلمين ليست شعارًا عاطفيًا، بل مشروع حياة، يحتاج وعيًا، وحماية، ودراسة. لقد انفضحت الأدوات، وبقي الامتحان. إما أن نكون وقود الفتنة أو حُرّاس الوعي ولا خيار ثالث لمن فهم الدرس والتاريخ.. لا يرحم الغافلين
708
| 16 ديسمبر 2025
تمتاز المراحل الإنسانية الضبابية والغامضة، سواء على مستوى الدول أو الأفراد، بظهور بعض الشخصيات والحركات، المدنية والمسلحة، التي تحاول القيام بأدوار إيجابية أو سلبية، وخصوصا في مراحل بناء الدول وتأسيسها. ومنطقيا ينبغي على مَن يُصَدّر نفسه للقيام بأدوار عامة أن يمتاز ببعض الصفات الشخصية والإنسانية والعملية والعلمية الفريدة لإقناع غالبية الناس بدوره المرتقب. ومن أخطر الشخصيات والكيانات تلك التي تتعاون مع الغرباء ضد أبناء جلدتهم، وهذا ما حدث في غزة خلال «طوفان الأقصى» على يَد «ياسر أبو شباب» وأتباعه!. و»أبو شباب» فلسطيني، مواليد 1990، من مدينة رفح بغزة، وَمَسيرته، وفقا لمصادر فلسطينية، لا تُؤهّله للقيام بدور قيادي ما!. ومَن يقرأ بعض صفحات تاريخ «أبو شباب»، الذي ينتمي لعائلة «الترابية» المستقرة في النقب وسيناء وجنوبي غزة، يجد أنه اعتُقِل في عام 2015، في غزة، حينما كان بعمر 25 سنة، بتهمة الاتّجار بالمخدّرات وترويجها، وحكم عليه بالسجن 25 سنة. وخلال مواجهات «الطوفان» القاسية والهجمات الصهيونية العشوائية على غزة هَرَب «أبو شباب» من سجنه بغزة، بعدما أمضى فيه أكثر من ثماني سنوات، وشكّل، لاحقا، «القوات الشعبية» بتنسيق مع الشاباك «الإسرائيلي»، ولم يلتفت إليها أحد بشكل ملحوظ بسبب ظروف الحرب والقتل والدمار والفوضى المنتشرة بالقطاع!. وبمرور الأيام بَرَزَ الدور التخريبي لهذه الجماعة، الذي لم يتوقف عند اعترافها بالتعاون مع أجهزة الأمن «الإسرائيلية» بل بنشر التخريب الأمني، والفتن المجتمعية، وقطع الطرق واعتراض قوافل المساعدات الإنسانية ونهبها!. وأبو شباب أكد مرارًا أن جماعته تَتَلقّى الدعم «دعماً من الجيش الإسرائيلي»، وأنهم عازمون على «مواصلة قتال حماس حتى في فترات التهدئة»!. وهذا يعني أنهم مجموعة من الأدوات الصهيونية والجواسيس الذين صورتهم بعض وسائل الإعلام العبرية كأدوات بديلة لتخفيف «خسائر الجيش الإسرائيلي باستخدامهم في مهام حسّاسة بدل الاعتماد المباشر على القوات النظامية»!. ويوم 4 كانون الأول/ ديسمبر 2025 أُعلن عن مقتل «أبو شباب» على يد عائلة «أبو سنيمة»، التي أعلنت مسؤوليتها عن الحادث: وأنهم «واجهوا فئة خارجة عن قيم المجتمع الفلسطيني». وبحيادية، يمكن النظر لهذا الكيان السرطاني، الذي أسندت قيادته بعد مقتل «أبو شباب» إلى رفيقه «غسان الدهيني» من عِدّة زوايا، ومنها: - الخيانة نهايتها مأساوية لأصحابها، وماذا يَتوقّع أن تكون نهايته مَن يَتفاخر بعلاقته مع الاحتلال «الإسرائيلي»؟ - دور جماعة «أبو شباب» التخريبي على المستويين الأمني والإغاثي دفنهم وهم أحياء، مِمّا جعل مقتل «أبو شباب» مناسبة قُوْبِلت بالترحيب من أكثرية الفلسطينيين وغيرهم. - مقتل «أبو شباب» يؤكد فشل الخطة «الإسرائيلية» بجعل مجموعته المُتَحكِّم بمدينة «رفح» وجعلها منطقة «حكم ذاتي» خارج سيطرة المقاومة، وبهذا فهي ضربة أمنية كبيرة «لإسرائيل» التي كانت تُعوّل عليهم بعمليات التجسّس والتخريب. - قد تكون «إسرائيل» تَخلّصت منه، قبل إرغامها، بضغوط أمريكية، على المضي بالمرحلة الثانية من اتّفاق وقف إطلاق النار وذلك بتركه ليواجه مصيره كونه قُتِل بمنطقة سيطرة جيشها!. - الحادثة كانت مناسبة لدعم دور المقاومة على أرض غزة، ونقلت هيئة البثّ «الإسرائيلية»، الأحد الماضي، عن مصادر فلسطينية أن «مسلحين ينتمون لمليشيات عشائرية معارضة لحماس سَلّموا أنفسهم طواعية لأجهزة (حماس) الأمنية في غزة». منطقيًا، لو كانت جماعة «أبو شباب» جماعة فلسطينية خالصة ومنافسة بعملها، السياسي والعسكري، للآخرين بشفافية وصدق لأمكن قبول تشكيلها، والتعاطي معه على أنه جزء من المشاريع الهادفة لخدمة القطاع، ولكن حينما تَبرز خيوط مؤكدة، وباعترافات واضحة، بارتباط هذا الكيان وشخوصه بالاحتلال «الإسرائيلي» فهنا تكون المعضلة والقشّة التي تَقصم ظهر الكيان لأن التعاون مع المحتل جريمة لا يُمكن تبريرها بأيّ عذر من الأعذار. مقتل «أبو شباب» كان متوقعا، وهي النهاية الحتمية والسوداء للخونة والعملاء الذين لا يَجدون مَن يُرحب بهم من مواطنيهم، ولا مَن يَحْتَرِمهم من الأعداء، ولهذا هُم أموات بداية، وإن كانوا يمشون على الأرض، لأنهم فقدوا ارتباطهم بأهلهم وقضيتهم وإنسانيتهم.
639
| 12 ديسمبر 2025