رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
في الديمقراطيات الكلاسيكية الغربية، الحالة الصحية لرئيس الدولة جزء لا يتجزأ من الحق الديمقراطي، الذي يجب على الشعب أن يعرفه بكل تفاصيله، لاسيَّما أن الدولة هناك هي دولة الكل الاجتماعي، لا دولة حزب حاكم، أو عائلة، أو شخص بمفرده، مهما عظمت قدراته. لكن في الحالة الجزائرية الوضع يختلف، إذ أن اعتادت الرئاسة الجزائرية على إحاطة الملف الصحي للرئيس بسرية تامة
ومع ذلك، فقد تعرض الرئيس عبدالعزيز بوتفليقة (76 عاماً) لجلطة دماغية "عابرة" يوم 28 أبريل 2013، وأعلن مدير المركز الجزائري للطب الرياضي رشيد بوغربال أن بوتفليقة "لم يتعرض لآثار مستعصية" إثر نوبة إقفارية (جلطة دماغية) "عابرة"، مضيفاً أن "الوظائف الحركية والحسية لم تتأثر"، وأن الجلطة "لم تدم سوى لوقت قصير"، مشيراً إلى أن "الإصابة ليست حادة وتتراجع من دون أن تخلف تأثيرات". وأضاف أن الرئيس يحتاج إلى "إجراء فحوصات إضافية وأن يخضع للراحة لتجاوز التعب الذي سببته له هذه الوعكة" التي رجح أن يكون سببها "تصلب على مستوى الشرايين".
وكان الرئيس بوتفليقة نقل على وجه السرعة إلى المشفى العسكري في باريس (فال دو غراس) لاستكمال فحوصات طبية بعد «النوبة الدماغية العابرة»، التي أصيب بها ظهرا، الأمر الذي أحدث ضجيجاً في الجزائر، وطرح العديد من التساؤلات من حيث سرعة الإعلان الرسمي عن مرضه، وقدرته على الاستمرار في مهامه قبل عام واحد فقط من الانتخابات الرئاسية، بعدما قاد البلاد 14 عاماً.
لا شك أن خبر مرض الرئيس كان له وقع الصاعقة على الرأي العام الجزائري والطبقة السياسية الحاكمة. فقد صرح الرأي العام الجزائري كعادته في خياله الاجتماعي، كمختلف الشائعات المجنونة:"طالما أذاعوا الخبر، فلابد أن يكون في الأمر خطورة". بينما نجد آخرين يستعيدون الحجة عينها، لكنهم يعكسون النتيجة: "لو كان الأمر فيه خطيرا، لما قتلوا المعلومة كما في السابق عقب مرض هواري بومدين ".
لماذا الحديث عن مرض الرئيس عبدالعزيز بونفليقة لأنه مرتبط بقدرة الرئيس على ممارسة السلطة، وبمستقبل الجزائر،لاسيَّما وأن هناك موعدا استحقاقياً انتخابياً رئاسياً في عام 2014. وفي ظل غياب صور تلفزيونية تظهر لنا الرئيس بوتفليقة وهو في حالة نقاهة في باريس، تنتشر الإشاعات الأكثر ذعرا. ويتذكر الجزائريون الأشهر الطويلة من الكتمان التي ضربت على مرض ثم رحيل الرئيس بومدين، في نهاية عام 1978. على المستوى الرسمي، كان الخبر الذي تسوقه السلطات إلى الشعب، أنه في زيارة صداقة إلى الاتحاد السوفيتي.وفي الواقع، كان يتلقى العلاج في الخارج.وفي مثل هذه الحالة يصبح الحذر والشك والريبة أمورا مقبولة.فرجل الشارع يعتقد أن السلطات الجزائرية تخفي عنه بعض الأسرار. والحكومة الفرنسية تتخفى خلف سرية التقرير الطبي لكي تتجنب أسئلة الصحفيين المحرجة.
للرئيس بوتفليقة سابقة مرضية، إذ كان يشكو من مرض كلوي مزمن، يتمثل في وجود تجويفات غير سرطانية، يمتد طولها من 1 إلى 10 سنتيمترات. وتعرقل هذه التجويفات العمل الطبيعي للكلي، ويتطلب علاجاً منتظما ًوصارماً. وخضع بوتفليقة نهاية العام 2005 إلى عملية جراحية لعلاج "قرحة أدت إلى نزيف في المعدة" في مستشفى "فال دو غراس"، ووقتها فتح النقاش حول إمكانية إكماله لثلاث سنوات رئاسية من ولايته الثانية والأخيرة، بحسب دستور العام 2006 قبل تعديله. وفي العام 2007، أكد بوتفليقة أنه كان "مريضاً فعلاً"، ولكنه تعافى، وبدأ بالتحضير لتعديل الدستور، خصوصاً المادة التي تُحَّدِدُ الولايات الرئاسية باثنتين، حتى يتمكن من الترشح لولاية ثالثة في العام 2008، وهو ما حصل فعلاً.
في خطابه الشهير الذي ألقاه في مدينة سطيف الجزائرية يوم 8 مايو 2012، قال الرئيس بوتفليقة، إن جيله، الجيل الأول الذي قاد حرب التحرير الوطنية الجزائرية ضد الاستعمار الفرنسي، وأنجز الاستقلال الوطني، والذي وُلِدَ بين العقدين الثاني والثالث من القرن العشرين، وهو يمارس السلطة منذ ما يزيد على نصف قرن،عليه أن يقوم بعملية انتقال سلس للسلطة للجيل الثاني الذي وُلِدَ في السّنوات الأخيرة من حرب التّحرير (1954-1962) وبدايات الاستقلال،الأمر الذي فهمه المراقبون بأن الرئيس بوتفليقة لن يترشح لولاية رابعة، علما ً بأن الدستور الذي تم تعديله في عام 2008، يسمح له بذلك.فالانتقال السّلس في الجزائر، يعني انتقال السُّلطة السّياسيّة من الجيل الّذي قاد ثورة التّحرير وأنجز الاستقلالَ الوطنيّ إلى الجيل الثاني، باعتباره جيلاً أحسنُ تعليمًا وأكثرُ مدنيّةً من الجيل الأوّل، على رأي مثقف جزائري.
وفي الوقت الذي كانت فيه النخب، والرأي العام، والطبقة السياسية، تتهيأ لعملية انتقال السلطة خلال الاستحقاق الرئاسي المقبل، من خلال عدم ترشح الرئيس بوتفليقة لولاية رابعة، تجددت حملة سياسية قادتها أحزاب، وشخصيات سياسية من الصف الأول، تطالب بولاية رابعة للرئيس بوتفليقة. ومن بين القيادات البارزة لهذه الحملة، عمار غول، النجم الصاعد في فضاء السياسة الجزائرية، وهو ينتمي إلى التيار الإسلامي، وهو عضو في كل الحكومات المتتالية التي ترأسها بوتفليقة منذ مجيئه إلى السلطة عام 1999.
من وجهة نظر المحللين الملمين بالشأن الجزائري، يعتبر سحب الثقة لبلخادم ضربة موجعة لمستقبله الرئاسي، إذ كان بلخادم يُعِدُّ نفسه لخلافة الرئيس عبدالعزيز بوتفليقة في الانتخابات الرئاسية العام المقبل، في حال قرّر بوتفليقة عدم الترشح لولاية رابعة.وترافقت الإطاحة بعبد العزيز بلخادم في شهر فبراير 2013،بعد التنحية "الطوعية" للسيد أحمد أويحي الأمين العام لحزب التجمع الوطني الديمقراطي، الحزب الثاني الشريك في الأغلبية البرلمانية الحاكمة، في يناير 2013، حيث كانت الأوساط السياسية الجزائرية تطرح الاسمين كمرشحين محتملين في الانتخابات الرئاسية المقبلة. فالإطاحة بعبد العزيز بلخادم، والتنحي الطوعي لأويحي، لها علاقة بالانتخابات الرئاسية المقبلة في عام 2014، حيث يتحدث المحللون الجزائريون بأن هذين الحزبين التوأمين: حزب جبهة التحرير الوطني، وحزب التجمع الوطني الديمقراطي، قد تخليا عن الرئيس بوتفليقة.
بشهادة المقربين من الرئيس بوتفليقة، فإن صحته لا تسمح له بممارسة السلطة لفترة طويلة، فحتى عندما يستقبل الرئيس بوتفليقة ضيفاً قادماً إلى الجزائر، سواء أكان رئيس دولة أو مبعوثا خاصا، كان الفريق الرئاسي الملازم دائما له، يأخذه إلى مصحة في سويسرا لكي يستعيد شيئاً من لياقته. وكالعادة، فإن الفريق المرافق لبوتفليقة يتكون من الأخوين المستشارين للرئيس: سعيد وناصر بوتفليقة، والبروفسور المشرف على رئيس الدولة مسعود زيتوني المتخصص في الأورام السرطانية. وتسمح هذه المعالجة في المصحة السويسرية للرئيس بوتفليقة بمواجهة المجهودات الفيزيائية التي يتطلبها النشاط الرئاسي.
الرئيس بوتفليقة يقيم معظم أوقاته في منتجع زرالدا السياحي التابع ملكيته للدولة الجزائرية، والواقع على مسافة 70 كيلومترا من العاصمة الجزائرية، وهو نادرا ما ينتقل إلى قصر المواردية الرئاسي، أو جنان المفتي لاستقبال الوفود الأجنبية، إلا عندما تقتضيه الروزنامة ذلك. وينص الدستور الجزائري أن رئيس الغرفة الثانية (الشيوخ)يشغل قصر المرادية في حال وفاة الرئيس أو عائق دائم لرئيس الدولة. بيد أنه في حال مرض رئيس الجمهورية لا يمكن اعتباره عائقا أو حتى أيضا شغورا عن السلطة.
ولم يكن تعديل الدستور الجزائري في عام 2008، يستهدف إزالة تحديد الولايات الرئاسية باثنتين فقط، وإنما كان يستهدف أيضاً إحكام الرئيس بوتفليقة قبضته على النظام الرئاسي السائد في الجزائر، من خلال تحجيم صلاحيات رئيس الحكومة. الأمر الذي يتناقض مع الإصلاحات الديمقراطية التي دشنتها الجزائر عقب انتفاضة أكتوبر في عام 1988.
ويعتبر بوتفليقة من الناجين من تطاحنات الحرب الباردة.ففي زمن تلك الحرب والاستقلالات الإفريقية، كان العالم الثالث على موعد مع الثورة المسلحة. وكان كينيدي متمترس في البيت الأبيض، وخروتشوف في الكرملين، والجنرال ديغول في قصر الإليزيه. وفي فرنسا بدأ الحديث عن جيسكار ديستان، أما شيراك فقد كان مجهولا.
في غضون ذلك، نالت الجزائر استقلالها، وكان الشاب بوتفليقة، بعد أن قضى وقتا قصيرا على رأس وزارة الشباب، والرياضة، والسياحة، استلم وزارة الخارجية لمدة 16 سنة متواصلة، تنقل خلالها بين القدس الشرقية قبل احتلالها، ونيويورك، مرورا ببكين وموسكو، وباريس.لقد كان في كل مكان يدافع عن الجزائر التقدمية في المحافل الدولية، والتي كانت حلم كل الذين يعتقدون حلول غد أفضل للشعوب المضطهدة.وها قد مر أكثر من نصف قرن، والرجل نفسه، الناجي من عهد ولى، يستلم رئاسة الجزائر في عام 1999، ولازال مستمرا في هذا المنصب، بينما نجد زملاءه الجزائريين الثلاثة غيبهم الموت خلال هذه السنة. ورغم أن تاريخه تخللته مرحلة من العبور لصحراء السياسة القاحلة، إلا أن مسيرته، قبل وكما هي بعد 1962، تاريخ استقلال الجزائر،تبنت مقولة الجزائر التي تعانق عصرها.ولأنه رئيس دولة فتية، ومن دون تقاليد ثقافية ديمقراطية، يتغلب السياسي أيضا على التاريخ في هذه الحياة الغنية حيث من الصعب جدا على الحقيقة أن تفرض نفسها.
الجزائر تعيش الآن حالة من القلق،والترقب، والانتظار،والخوف من المجهول –المعلوم القادم. وفي معظم الأوساط الشعبية، يقول الجزائريون إن الرئيس بوتفليقة هو الذي جلب لنا السلم بعد عشر سنوات من الحرب الأهلية الطاحنة.فالفضل في وضع حد للإرهاب، والإتيان بالهواتف الجوالة،وارتفاع أسعار النفط، وهطول الأمطار، يعود إلى بوتفليقة، حسب أقوال عامة الناس الذين يمتلكون حسا سياسيا بسيطا.
وحتى داخل السلطة الجزائرية لا يجرؤ أحد على معرفة الحقيقة.. يقول أحد من السرايا:إن رئيس الدولة أنشأ حواجز حوله. فقد ألغى كل الذين لا يمتون إليه بصلة الدم خلال السنوات الماضية. في الوقت الحاضر، هو بين أيدي أخويه:مصطفى، الطبيب، وسعيد، المستشار. والاثنان متواجدان إلى جانبه في باريس، وكذلك أخته.إنهم الوحيدون الذين يعرفون عن مرض الرئيس بوتفليقة، وقد تربوا في ثقافة السرية ولا يبيحون بالسر.
ويبدو أن البلاد تعاني الآن من الجمود.فالمؤسسات معطلة.والرئيس بوتفليقة يحتكر السلطات كلها. والنتيجة باتت معروفة: لا يمكن لأحد أن يتخذ قرارا في غيابه. وحسب قول مثقف جزائري، تعيش مؤسسة الرئاسة الجزائرية فراغا سياسيا حقيقيا. ولا يوجد الآن سوى "حارس المعبد "، الجنرال توفيق مديان، رئيس الاستخبارات العسكرية الجزائرية. وهو الشخص الوحيد الذي لم يتم إزاحته من قبل بوتفليقة، بل إنه حافظ على تأثيره عليه.
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية




مساحة إعلانية
هناك لحظات في تاريخ الدول لا تمرّ مرور الكرام… لحظات تُعلن فيها مؤسسات الدولة أنها انتقلت من مرحلة “تسيير الأمور” إلى مرحلة صناعة التغيير ونقل الجيل من مرحلة كان إلى مرحلة يكون. وهذا بالضبط ما فعلته وزارة التربية والتعليم والتعليم العالي في السنوات الأخيرة. الأسرة أولاً… بُعدٌ لا يفهمه إلا من يعي أهمية المجتمع ومكوناته، مجتمعٌ يدرس فيه أكثر من 300 ألف طالب وطالبة ويسند هذه المنظومة أكثر من 28 ألف معلم ومعلمة في المدارس الحكومية والخاصة، إلى جانب آلاف الإداريين والمتخصصين العاملين في الوزارة ومؤسساتها المختلفة. لذلك حين قررت الوزارة أن تضع الأسرة في قلب العملية التعليمية هي فعلاً وضعت قلب الوطن ونبضه بين يديها ونصب عينيها. فقد كان إعلانًا واضحًا أن المدرسة ليست مبنى، بل هي امتداد للبيت وبيت المستقبل القريب، وهذا ليس فقط في المدارس الحكومية، فالمدارس الخاصة أيضًا تسجل قفزات واضحة وتنافس وتقدم يداً بيد مع المدارس الحكومية. فمثلاً دور الحضانة داخل رياض الأطفال للمعلمات، خطوة جريئة وقفزة للأمام لم تقدّمها كثير من الأنظمة التعليمية في العالم والمنطقة. خطوة تقول للأم المعلمة: طفلك في حضن مدرستك… ومدرستك أمانة لديك فأنتِ المدرسة الحقيقية. إنها سياسة تُعيد تعريف “بيئة العمل” بمعناها الإنساني والحقيقي. المعلم… لم يعد جنديًا مُرهقًا بل عقلاً مُنطلقًا وفكرًا وقادًا وهكذا يجب أن يكون. لأول مرة منذ سنوات يشعر المُعلم أن هناك من يرفع عنه الحِمل بدل أن يضيف عليه. فالوزارة لم تُخفف الأعباء لمجرد التخفيف… بل لأنها تريد للمعلم أن يقوم بأهم وظيفة. المدرس المُرهق لا يصنع جيلاً، والوزارة أدركت ذلك، وأعادت تنظيم يومه المدرسي وساعاته ومهامه ليعود لجوهر رسالته. هو لا يُعلّم (أمة اقرأ) كيف تقرأ فقط، بل يعلمها كيف تحترم الكبير وتقدر المعلم وتعطي المكانة للمربي لأن التربية قبل العلم، فما حاجتنا لمتعلم بلا أدب؟ ومثقف بلا اخلاق؟ فنحن نحتاج القدوة ونحتاج الضمير ونحتاج الإخلاص، وكل هذه تأتي من القيم والتربية الدينية والأخلاق الحميدة. فحين يصدر في الدولة مرسوم أميري يؤكد على تعزيز حضور اللغة العربية، فهذا ليس قرارًا تعليميًا فحسب ولا قرارًا إلزاميًا وانتهى، وليس قانونًا تشريعيًا وكفى. لا، هذا قرار هوية. قرار دولة تعرف من أين وكيف تبدأ وإلى أين تتجه. فالبوصلة لديها واضحة معروفة لا غبار عليها ولا غشاوة. وبينما كانت المدارس تتهيأ للتنفيذ وترتب الصفوف لأننا في معركة فعلية مع الهوية والحفاظ عليها حتى لا تُسلب من لصوص الهوية والمستعمرين الجدد، ظهرت لنا ثمار هذا التوجه الوطني في مشاهد عظيمة مثل مسابقة “فصاحة” في نسختها الأولى التي تكشف لنا حرص إدارة المدارس الخاصة على التميز خمس وثلاثون مدرسة… جيش من المعلمين والمربين… أطفال في المرحلة المتوسطة يتحدثون بالعربية الفصحى أفضل منّا نحن الكبار. ومني أنا شخصيًا والله. وهذا نتيجة عمل بعد العمل لأن من يحمل هذا المشعل له غاية وعنده هدف، وهذا هو أصل التربية والتعليم، حين لا يعُدّ المربي والمعلم الدقيقة متى تبدأ ومتى ينصرف، هنا يُصنع الفرق. ولم تكتفِ المدارس الخاصة بهذا، فهي منذ سنوات تنظم مسابقة اقرأ وارتقِ ورتّل، ولحقت بها المدارس الحكومية مؤخراً وهذا دليل التسابق على الخير. من الروضات إلى المدارس الخاصة إلى التعليم الحكومي، كل خطوة تُدار من مختصين يعرفون ماذا يريدون، وإلى أين الوجهة وما هو الهدف. في النهاية… شكرًا لأنكم رأيتم المعلم إنسانًا، والطفل أمانة، والأسرة شريكًا، واللغة والقرآن هوية. وشكرًا لأنكم جعلتمونا: نفخر بكم… ونثق بكم… ونمضي معكم نحو تعليم يبني المستقبل.
9363
| 20 نوفمبر 2025
وفقًا للمؤشرات التقليدية، شهدت أسهم التكنولوجيا هذا العام ارتفاعًا في تقييماتها دفعها إلى منطقة الفقاعة. فقد وصلت مضاعفات الأرباح المتوقعة إلى مستويات نادرًا ما شوهدت من قبل، لذلك، لم يكن التراجع في التقييمات منذ منتصف أكتوبر مفاجئًا. وقد يعكس هذا الانخفاض حالة من الحذر وجني الأرباح. وقد يكون مؤشرًا على تراجع أكبر قادم، أو مجرد استراحة في سوق صاعدة طويلة الأمد تصاحب ثورة الذكاء الاصطناعي. وحتى الآن، لا يُعدّ الهبوط الأخير في سوق الأسهم أكثر من مجرد "تصحيح" محدود. فقد تراجعت الأسواق في الأسبوع الأول من نوفمبر، لكنها سجلت ارتفاعًا طفيفًا خلال الأسبوع الذي بدأ يوم الاثنين 10 من الشهر نفسه، لكنها عادت وانخفضت في نهاية الأسبوع. وما تزال السوق إجمالاً عند مستويات مرتفعة مقارنة بشهر أبريل، حين شهدت انخفاضًا مرتبطًا بإعلان الرئيس دونالد ترامب بشأن الرسوم الجمركية. فعلى سبيل المثال: تراجعت أسهم شركة إنفيديا بنحو 10% في الأسبوع الأول من نوفمبر، لكنها بقيت أعلى بنحو 60% مقارنة بما كانت عليه قبل ستة أشهر فقط. مؤشر S&P 500 انخفض إلى 6700 في الرابع عشر من نوفمبر، مقارنة بذروة بلغت 6920، وما زال أعلى بنحو سبعين بالمئة مقارنة بنوفمبر 2022. هيمنة شركات التكنولوجيا الكبرى على القيمة السوقية الإجمالية أصبحت واضحة. فمع نهاية أكتوبر، ورغم ارتفاع المؤشر طوال العام، باستثناء التراجع في أبريل، شهدت نحو 397 شركة من شركات المؤشر انخفاضًا في قيمتها خلال تلك الفترة. ثماني من أكبر عشر شركات في المؤشر هي شركات تكنولوجية. وتمثل هذه الشركات 36% من إجمالي القيمة السوقية في الولايات المتحدة، و60% من المكاسب المحققة منذ أبريل. وعلى عكس ما حدث لشركات الدوت كوم الناشئة قبل 25 عامًا، تتمتع شركات التكنولوجيا اليوم بإيرادات قوية ونماذج أعمال متينة، حيث تتجاوز خدماتها نطاق الذكاء الاصطناعي لتشمل برمجيات تطبيقات الأعمال والحوسبة السحابية. وهناك حجّة قوية مفادها أن جزءًا كبيرًا من الاستثمارات في الذكاء الاصطناعي يأتي من شركات كبرى مربحة تتمتع بمراكز نقدية قوية، ما يجعل هذه الاستثمارات أقل عرضة للمخاطر مقارنة بموجات الحماس السابقة في قطاع التكنولوجيا. غير أن حجم الاستثمارات المخطط لها في مراكز البيانات أثار مخاوف لدى بعض المستثمرين. كما أن هناك 10 شركات ناشئة خاسرة متخصصة في الذكاء الاصطناعي تقدر قيمتها مجتمعة بنحو تريليون دولار. وهناك ايضاً تراجع صدور البيانات الاقتصادية الأمريكية بسبب الإغلاق الحكومي الذي دخل شهره الثاني، فلم تُنشر أي بيانات وظائف رسمية منذ 5 سبتمبر، ما دفع المحللين للاعتماد على بيانات خاصة. هذه البيانات أظهرت أعلى مستوى لتسريح الموظفين منذ 2003 في أكتوبر. كما جاءت نتائج أرباح بعض الشركات التقليدية مخيبة، حيث هبط سهم مطاعم تشيبوتلي بنحو 13% في نهاية أكتوبر بعد إعلان نتائج دون توقعات السوق.
2454
| 16 نوفمبر 2025
في قلب الإيمان، ينشأ صبر عميق يواجه به المؤمن أذى الناس، ليس كضعفٍ أو استسلام، بل كقوة روحية ولحمة أخلاقية. من منظور قرآني، الصبر على أذى الخلق هو تجلٍّ من مفهوم الصبر الأوسع (الصبر على الابتلاءات والطاعة)، لكنه هنا يختصّ بالصبر في مواجهة الناس — سواء بالكلام المؤذي أو المعاملة الجارحة. يحثّنا القرآن على هذا النوع من الصبر في آيات سامية؛ يقول الله تعالى: ﴿وَاصْبِرْ عَلَى مَا يَقُولُونَ وَاهْجُرْهُمْ هَجْرًا جَمِيلًا﴾ (المزمل: 10). هذا الهجر «الجميل» يعني الانسحاب بكرامة، دون جدال أو صراع، بل بهدوء وثقة. كما يذكر القرآن صفات من هم من أهل التقوى: ﴿… وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ … وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ﴾ (آل عمران: 134). إن كظم الغيظ والعفو عن الناس ليس تهاونًا، بل خلق كريم يدل على الاتزان النفسي ومستوى رفيع من الإيمان. وقد أبرز العلماء أن هذا الصبر يُعدُّ من أرقى الفضائل. يقول البعض إن كظم الغيظ يعكس عظمة النفس، فالشخص الذي يمسك غضبه رغم القدرة على الردّ، يظهر عزمًا راسخًا وإخلاصًا في عبادته لله. كما أن العفو والكظم معًا يؤدّيان إلى بناء السلم الاجتماعي، ويطفئان نيران الخصام، ويمنحان ساحة العلاقات الإنسانية سلامًا. من السنة النبوية، ورد عن النبي ﷺ أن من كظم غيظه وهو قادر على الانتقام، دعاه الله على رؤوس الخلائق يوم القيامة، فكم هو عظيم جزاء من يضبط نفسه لصالح رضا الله. كما تبيّن المروءة الحقيقية في قوله ﷺ: ليس الشديد في الإسلام من يملك يده، بل من يملك نفسه وقت الغضب. أهمية هذا الصبر لم تذهب سدى في حياة المسلم. في مواجهة الأذى، يكون الصبر وسيلة للارتقاء الروحي، مظهراً لثقته بتقدير الله وعدله، ومعبّراً عن تطلع حقيقي للأجر العظيم عنده. ولكي ينمّي الإنسان هذا الخلق، يُنصح بأن يربّي نفسه على ضبط الغضب، أن يعرف الثواب العظيم للكاظمين الغيظ، وأن يدعو الله ليساعده على ذلك. خلاصة القول، الصبر على أذى الخلق ليس مجرد تحمل، بل هو خلق كرامة: كظم الغيظ، والعفو، والهجر الجميل حين لا فائدة من الجدال. ومن خلال ذلك، يرتقي المؤمن في نظر ربه، ويَحرز لذاته راحة وسموًا، ويحقّق ما وصفه الله من مكارم الأخلاق.
1428
| 21 نوفمبر 2025