رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
دخل معلم اللغة العربية الأستاذ جميل الصف العاشر وبعد أن ألقى التحية سأل الطلاب: يا أبنائي الأعزاء هل كتبتم الواجب؟
قال الطلاب: نعم يا أستاذ.
المعلم: هيا يا حمد قف، واقرأ على زملائك بالفصل السؤال والإجابة التي سطرتها.
حمد: نعم، كان السؤال عرف معنى كلمة إنسان؟
الجواب: هناك نوعان من البشر نوع قادر على أخذ حقوقه ونوع مغلوب على أمره، والإنسان كائن يتنفس باتجاه مصالحه الخاصة حتى لو حطم المنافسين، أو من يظنهم منافسين.
قال المعلم: ما هذه الفلسفة يا حمد، الإنسان كائن يتنفس باتجاه مصالحه، أي نوع من التعريفات هذا؟!
حمد: هذا التعريف هو من بنات أفكاري، أنت تعلم يا أستاذي أنني غارق في تتبع أحوال العرب وأقرأ كثيرا عن أخبارهم وقد تعلمت منهم أن الإنسان كائن عدائي جدا.
المعلم: يا لك من طالب جريء، هل من إجابة أخرى.
بادر الطلاب برفع الأيدي فقال المعلم: قم يا قاسم هيا ما معنى كلمة إنسان؟
قاسم: الإنسان إما عربي أو غير عربي، وهو إما من عرب هذا الزمن أو من الأزمنة السابقة ولكل واحد منهم تعريف خاص.
المعلم: هات يا سقراط!!
قاسم: الإنسان العربي اليوم إما محارب بكسر الراء، أو محارب بفتحها، وإما ظالم أو مظلوم، أما الإنسان الغربي فحقوقه يكفلها القانون.
المعلم: وماذا عنا أليس لدينا قانون يا سقراط؟!
قاسم: قوانيننا تحكمها مصلحة الساسة مما يجعلها قوانين فضفاضة وبالتالي أعود لتعريفي الأول الإنسان العربي إما ظالم أو مظلوم.
المعلم: لكن يا سقراط أقصد يا قاسم ما هو تعريفك للعربي قبل هذا الزمن؟
نظر قاسم إلى كراسته وأجاب فارس نبيل، وشهم كريم أصيل، يخشى الله ويرجو رضاه، يحب إخوته في الدين ويغار على عرضه وشرفه.
قال المعلم: يكفي يا سقراط يكفي.هيا يا غانم، قم واقرأ لنا إجابتك ما تعريفك للإنسان؟
قام غانم وبدأ يقرأ: الإنسان كائن محب للمال لا يشبع من المال ولا من ذكره وهو إما يهرول سعيا للمال أو يراجع رصيده البنكي أو يتابع مشاريعه، هو شخص نهم لا يشبع ولا يقنع.
المعلم: ما هذا التعريف التجاري يا غانم، هيا وسع في التعريف ويكفيك هذا الاختزال لمعنى إنسان.
غانم: صدقني يا أستاذ أنا أنقل لك مشاهداتي اليومية سواء في بيتنا أو بيت العائلة الكبير.
قال المعلم: ماذا عنك يا أسامة ما معنى كلمة إنسان في قاموسك الشخصي، وفهمك للحياة؟
أسامة ينظر إلى كراسته ثم يقف ويقرأ: الإنسان كائن من لحم ودم، خلق لعمارة الأرض وعبادة الله وحده لكن نفسه الأمارة بالسوء ما زالت تنازعه حتى بلغ به الغرور أن بدأ يريد أن يسحب الدين من الحياة وصار التغريب اختيارا وأمرا قائما.
المعلم: ما كل هذه التجليات والإشراقات يا أبا حامد الغزالي أقصد يا أسامة، متى نزل عليك كل هذا الإلهام يا بني؟!
أسامة: من كنت أنت معلمه تنزلت عليه الحكمة ورب الكعبة، إنك لتسقينا المعرفة كأسا كأسا، لقد صرنا معك يا أستاذي كتلاميذ أبي يوسف أو الإمام مالك، نحن جميعا متأثرون بك حتى لو جهلنا كيف نعبر لك عن امتنانا وحبنا الكبير.
المعلم: وماذا عنك يا سلمان، ما تعريفك للإنسان؟
وقف سلمان وفتح كراسته وأخذ يقرأ: الإنسان كائن يتنفس الهواء النقي إن كان غربيا، وإن كان عربيا فهو كائن يتنفس الهواء الملوث.
المعلم: أو هذه فلسفة جديدة يا سلمان؟!
سلمان: بل أقول ما يجب أن يقال يا أستاذي العزيز، إن وضع الاهتمام بالبيئة في أوطاننا العربية مقارنة بغيرنا من الدول المتقدمة هو هزيل وضعيف ما نتج عنه الكثير من الأمراض والمشاكل الصحية وغيرها.
المعلم: أو ترى أن ذلك أثر سلبا على إنسانية الإنسان؟
سلمان: نعم، فالتوزان البيئي والحفاظ على الموارد البيئية يجعل الإنسان متوازنا ومنسجما مع نفسه ومع الطبيعة من حوله، أما الاعتداء على البيئة وإهمالها فهو يدل على التخلف والجهل ما ينتج عنه أنواع متعددة من الأمراض.
المعلم: شكرا لهذا التنوع في الإجابات أيها الطلاب، لنا وقفة أخرى إن شاء الله مع كلمة أخرى نفتش في معانيها ونستحضر وجودها وتأثيرها في حياتنا.
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية




مساحة إعلانية
نعم، أصبحنا نعيش زمنًا يُتاجر فيه بالفكر كما يُتاجر بالبضائع، تُباع فيه الشهادات كما تُباع السلع، وتُؤجّر فيه المنصات التدريبية كما تُؤجّر القاعات لحفلات المناسبات. هو زمنٌ تحوّلت فيه «المعرفة إلى سلعة» تُسعَّر، لا رسالة تُؤدَّى. تتجلّى مظاهر «الاتّجار المعرفي» اليوم في صور عديدة، لعلّ أبرزها «المؤتمرات والملتقيات التدريبية والأكاديمية» التي تُقام بأسماء لامعة وشعارات براقة، يدفع فيها الحضور مبالغ طائلة تحت وعودٍ بالمحتوى النوعي والتبادل العلمي، ثم لا يخرج منها المشاركون إلا بأوراق تذكارية وصورٍ للمنصات! وهنا «العجيب من ذلك، والأغرب من ذلك»، أنك حين تتأمل هذه الملتقيات، تجدها تحمل أربعة أو خمسة شعارات لمؤسساتٍ وجهاتٍ مختلفة، لكنها في الحقيقة «تعود إلى نفس المالك أو الجهة التجارية ذاتها»، تُدار بأسماء متعدّدة لتُعطي انطباعًا بالتنوّع والمصداقية، بينما الهدف الحقيقي هو «تكرار الاستفادة المادية من الجمهور نفسه». هذه الفعاليات كثير منها أصبح سوقًا مفتوحًا للربح السريع، لا للعلم الراسخ؛ تُوزَّع فيها الجوائز بلا معايير، وتُمنح فيها الألقاب بلا استحقاق، وتُقدَّم فيها أوراق بحثية أو عروض تدريبية «مكرّرة، منسوخة، أو بلا أثرٍ معرفي حقيقي». وهذا الشكل من الاتّجار لا يقل خطورة عن سرقة البيانات أو بيع الحقائب التدريبية، لأنه يُفرغ الفضاء الأكاديمي من جوهره، ويُحوّل «الجهد العلمي إلى طقسٍ استعراضي» لا يصنع معرفة ولا يضيف قيمة. فالمعرفة الحقيقية لا تُشترى بتذكرة حضور، ولا تُختزل في شعار مؤتمر، ولا تُقاس بعدد الصور المنشورة في مواقع التواصل. من جهةٍ أخرى، يتخذ الاتّجار بالمعرفة اليوم وجهًا «رقميًا سيبرانيًا أكثر تعقيدًا»؛ إذ تُباع البيانات البحثية والمقررات الإلكترونية في «الأسواق السوداء للمعلومات»، وتُسرق الأفكار عبر المنصات المفتوحة، ويُعاد تسويقها تحت أسماء جديدة دون وعيٍ أو مساءلة. لقد دخلنا مرحلة جديدة من الاتّجار لا تقوم على الجسد، بل على «استغلال العقول»، حيث يُسرق الفكر ويُباع الإبداع تحت غطاء “التعاون الأكاديمي” أو “الفرص البحثية”. ولذلك، فإن الحديث عن «أمن المعرفة» و»السلامة السيبرانية في التعليم والتدريب» لم يعد ترفًا، بل ضرورة وجودية لحماية رأس المال الفكري للأمم. على الجامعات ومراكز التدريب أن تنتقل من مرحلة التباهي بعدد المؤتمرات إلى مرحلة «قياس الأثر المعرفي الحقيقي»، وأن تُحاكم جودة المحتوى لا عدد المشاركين. الاتّجار بالمعرفة جريمة صامتة، لكنها أخطر من كل أشكال الاتّجار الأخرى، لأنها «تسرق الإنسان من داخله»، وتقتل ضميره المهني قبل أن تمس جيبه. وحين تتحوّل الفكرة إلى تجارة، والمعرفة إلى وسيلة للشهرة، يفقد العلم قدسيته، ويصبح المتعلم مستهلكًا للوهم لا حاملًا للنور.
6540
| 27 أكتوبر 2025
في زمنٍ تتسارع فيه التكنولوجيا وتتصارع فيه المفاهيم، باتت القيم المجتمعية في كثيرٍ من المجتمعات العربية أقرب إلى «غرفة الإنعاش» منها إلى الحياة الطبيعية. القيم التي كانت نبض الأسرة، وعماد التعليم، وسقف الخطاب الإعلامي، أصبحت اليوم غائبة أو في أحسن الأحوال موجودة بلا ممارسة. والسؤال الذي يفرض نفسه: من يُعلن حالة الطوارئ لإنقاذ القيم قبل أن تستفحل الأزمات؟ أولاً: التشخيص: القيم تختنق بين ضجيج المظاهر وسرعة التحول: لم يعد ضعف القيم مجرد ظاهرة تربوية؛ بل أزمة مجتمعية شاملة فنحن أمام جيلٍ محاط بالإعلانات والمحتوى السريع، لكنه يفتقد النماذج التي تجسّد القيم في السلوك الواقعي. ثانياً: الأدوار المتداخلة: من المسؤول؟ إنها مسؤولية تكاملية: - وزارة التربية والتعليم: إعادة بناء المناهج والأنشطة اللاصفية على قيم العمل والانتماء والمسؤولية، وربط المعرفة بالسلوك. - وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية: تجديد الخطاب الديني بلغة العصر وتحويل المساجد إلى منصات توعية مجتمعية. - وزارة الثقافة: تحويل الفنون والمهرجانات إلى رسائل تُنعش الوعي وتُعيد تعريف الجمال بالقيمة لا بالمظهر. - وزارة الإعلام: ضبط المحتوى المرئي والرقمي بما يرسّخ الوعي الجمعي ويقدّم نماذج حقيقية. - وزارة التنمية الاجتماعية: تمكين المجتمع المدني، ودعم المبادرات التطوعية، وترسيخ احترام التنوع الثقافي باعتباره قيمة لا تهديدًا. ثالثاً: الحلول: نحو حاضنات وطنية للقيم: إن مواجهة التراجع القيمي لا تكون بالشعارات، بل بإنشاء حاضنات للقيم الوطنية تعمل مثل حاضنات الأعمال، لكنها تستثمر في الإنسان لا في المال. هذه الحاضنات تجمع التربويين والإعلاميين والمثقفين وخبراء التنمية لتصميم برامج عملية في المدارس والجامعات ومراكز الشباب تُترجم القيم إلى ممارسات يومية، وتنتج مواد تعليمية وإعلامية قابلة للتكرار والقياس. كما يمكن إطلاق مؤشر وطني للقيم يُقاس عبر استطلاعات وسلوكيات مجتمعية، لتصبح القيم جزءًا من تقييم الأداء الوطني مثل الاقتصاد والتعليم. رابعا: تكامل الوزارات:غرفة عمليات مشتركة للقيم: لا بد من إطار حوكمة ؛ • إنشاء مجلس وطني للقيم يُمثّل الوزارات والجهات الأهلية، يضع سياسة موحّدة وخطة سنوية ملزِمة. مؤشرات أداء مشتركة • تُدرج في اتفاقيات الأداء لكل وزارة • منصة بيانات موحّدة لتبادل المحتوى والنتائج تُعلن للناس لتعزيز الشفافية. • حملات وطنية متزامنة تُبث في المدارس والمساجد والمنصات الرقمية والفنون، بشعار واحد ورسائل متناسقة. • عقود شراكة مع القطاع الخاص لرعاية حاضنات القيم وبرامج القدوة، وربط الحوافز الضريبية أو التفضيلية بحجم الإسهام القيمي. الختام..... من يُعلن حالة الطوارئ؟ إنقاذ القيم لا يحتاج خطابًا جديدًا بقدر ما يحتاج إرادة جماعية وإدارة محترفة. المطلوب اليوم حاضنات قيم، ومجلس تنسيقي، ومؤشرات قياس، وتمويل مستدام. عندها فقط سننقل القيم من شعارات تُرفع إلى سلوك يُمارس، ومن دروس تُتلى إلى واقع يُعاش؛ فيحيا المجتمع، وتموت الأزمات قبل أن تولد.
6423
| 24 أكتوبر 2025
تُخلّف بعض اللحظات أثرًا لا يُمحى، لأنها تزرع في القلب وجعًا عميقًا يصعب نسيانه.. في الجولة الثالثة من دوري أبطال آسيا للنخبة، كانت الصفعة مدوية! الغرافة تلقى هزيمة ثقيلة برباعية أمام الأهلي السعودي، دون أي رد فعل يُذكر. ثم جاء الدور على الدحيل، الذي سقط أمام الوحدة الإماراتي بنتيجة ٣-١، ليظهر الفريق وكأنه تائه، بلا هوية. وأخيرًا، السد ينهار أمام الهلال السعودي بنفس النتيجة، في مشهد يوجع القلب قبل العين. الأداء كان مخيبًا بكل ما تحمله الكلمة من وجع. لا روح، لا قتال، لا التزام داخل المستطيل الأخضر. اللاعبون المحترفون الذين تُصرف عليهم الملايين كانوا مجرد ظلال تتحرك بلا هدف و لا حس، ولا بصمة، ولا وعي! أما الأجهزة الفنية، فبدت عاجزة عن قراءة مجريات المباريات أو توظيف اللاعبين بما يناسب قدراتهم. لاعبون يملكون قدرات هائلة ولكن يُزج بهم في أدوار تُطفئ طاقتهم وتشل حركتهم داخل المستطيل الأخضر، وكأنهم لا يُعرفون إلا بالاسم فقط، أما الموهبة فمدفونة تحت قرارات فنية عقيمة. ما جرى لا يُحتمل. نحن لا نتحدث عن مباراة أو جولة، بل عن انهيار في الروح، وتلاشي في الغيرة، وكأن القميص لم يعد له وزن ولا معنى. كم كنا ننتظر من لاعبينا أن يقاتلوا، أن يردّوا الاعتبار، أن يُسكتوا كل من شكك فيهم، لكنهم خذلونا، بصمت قاسٍ وأداء بارد لا يشبه ألوان الوطن. نملك أدوات النجاح: المواهب موجودة، البنية التحتية متقدمة، والدعم لا حدود له. ما ينقصنا هو استحضار الوعي بالمسؤولية، الالتزام الكامل، والقدرة على التكيّف الذهني والبدني مع حجم التحديات. نحن لا نفقد الأمل، بل نطالب بأن نرى بشكل مختلف، أن يعود اللاعبون إلى جوهرهم الحقيقي، ويستشعروا معنى التمثيل القاري بما يحمله من شرف وواجب. لا نحتاج استعراضًا، بل احترافًا ناضجًا يليق باسم قطر، وبثقافة رياضية تعرف كيف تنهض من العثرات لتعود أقوى. آخر الكلام: هذه الجولة ليست سوى بداية لإشراقة جديدة، وحان الوقت لنصنع مجدًا يستحقه وطننا، ويظل محفورًا في ذاكرته للأجيال القادمة.
3126
| 23 أكتوبر 2025