رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

Al-sharq

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

الشرق

مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

د. فاطمة سعد النعيمي

* أستاذ التفسير وعلوم القرآن- كلية الشريعة والدراسات الإسلامية جامعة قطر

مساحة إعلانية

مقالات

252

د. فاطمة سعد النعيمي

صلاة في إثر صلاة.. كتاب في عليّين

12 سبتمبر 2025 , 12:48ص

حين يرفع المؤمن يديه إلى السماء، ويؤدي صلاته بخشوع، فإنه لا يضع حجرًا في بناء يومه فحسب، بل يخطّ سطرًا في صحيفةٍ تُعرض على الله يوم القيامة. الصلاة ليست مجرد أداء لحركات وأذكار محفوظة، بل هي كتاب يُكتب في عليّين، تشرق صفحاته بالنور كلما ازداد العبد قربًا من ربه.

لقد وصف النبي ﷺ الصلاة بأنها «عمود الدين»، فهي التي تظلّ تربط العبد بربه في كل حال. وما أجمل أن تكون حياة المسلم سلسلة من الصلوات، «صلاة في إثر صلاة»، لا يقطعها غفلة ولا يطفئها انشغال بالدنيا، بل تظل مثل اللؤلؤ المنتظم في عقدٍ واحد، يزيد العبد زينةً ونورًا.

إن في كل صلاة فرصة لمحو ذنب، وغرس عمل صالح جديد. وقد شبَّه رسول الله ﷺ الصلوات الخمس بالنهر الجاري على باب أحدنا، يغتسل فيه خمس مرات في اليوم، فلا يبقى من درنه شيء. فما بالنا إذا أضفنا إلى ذلك النوافل والقيام والوتر؟ إنها ليست مجرد عبادات إضافية، بل هي تزيين للكتاب الذي يُكتب في عليّين.

وفي زمنٍ تتكاثر فيه المشاغل، وتزداد ضوضاء الحياة، تظل الصلاة هي المرفأ الآمن، واللحظة التي ينفصل فيها القلب عن صخب الدنيا ليتصل بالملكوت الأعلى. كل سجدةٍ هي سطر نور، وكل ركعةٍ هي صفحة بيضاء، وكل دمعة خشوع هي حرف من ذهب في كتاب العبد.

فلنحرص أن تكون صلاتنا أكثر من عادة، بل عبادة تُخطّ في سجلّ الخالدين. ولنستضيء في حياتنا بقول رسول الله ﷺ: «صلاة في إثر صلاة، لا لغو بينهما، كتاب في عليين»، لعلنا نُبعث يوم القيامة وكتبنا مشرقة، وصحائفنا عامرة، ووجوهنا ناضرة.

مساحة إعلانية