رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
في زمن تتسارع فيه الخطوات وتتزاحم فيه الانشغالات، يغدو ضياع الوقت واحداً من أخطر ما يواجه الإنسان في حياته اليومية. ومن منظورٍ قرآني، لا يُنظر إلى الساعات والأيام باعتبارها وحدات زمنية عابرة، بل بوصفها رأس مال الإنسان ومحلّ ابتلائه وأساس مسؤوليته. يضع القرآن الكريم هذا المعنى في إطار شديد الوضوح من خلال سورة العصر، التي تصف الإنسان بالخُسران ما لم يملأ عمره بما يحقق قيمته ووجوده. ثم يلفت الوحي النظر إلى حقيقة أعظم: أن الوقت ليس ممتداً بلا حدود، ولا ممهلاً بلا نهاية، بل إن لكل أجلٍ موعداً لا يتجاوز ولا يُقدَّم، وذلك في قوله تعالى في سورة النحل: ﴿فَإِذَا جَاءَ أَجَلُهُمْ لَا يَسْتَأْخِرُونَ سَاعَةً وَلَا يَسْتَقْدِمُونَ﴾ آيةٌ تختصر المعنى كله: أن الفرص ليست مفتوحة بلا نهاية، وأن تأجيل اليوم إلى غدٍ قد يكون سبب الندم الأكبر. وفي سياقٍ آخر، يذكّر القرآن بأن العمر فرصةٌ أُعطيت للإنسان لينتفع بها: ﴿أَوَلَمْ نُعَمِّرْكُم مَا يَتَذَكَّرُ فِيهِ مَن تَذَكَّرَ﴾ فالعمر ليس مجرد زمن، بل مساحة للتأمل والعمل والإصلاح. وكلما طال تضييع اللحظات، ضاقت مساحة الإدراك. ويأتي الإمام ابن القيم في مدارج السالكين ليعطي بعداً سلوكياً دقيقاً لمعنى الوقت، فيقول: "من علامة الحكمة أن تُعطِي كلَّ شيءٍ حقَّه، ولا تُعجِّله عن وقته، ولا تؤخّره عنه". كلماتٌ تختصر منهجاً في الحياة: أن الوقت إذا خرج عن موضعه ضاع، وإذا تأخر أثره فسد، وإن غفل الإنسان عن تنظيم ساعاته فوّت أثمن ما يملك. إن ضياع الوقت في الحقيقة ضياع للفرصة، وضياع للمعنى، وضياع للعمر نفسه. فالإنسان حين يترك أيامه تتسرب من بين أصابعه دون هدف أو عمل، إنما يضيّع ما لن يعود أبداً. ولهذا كان القرآن يوقظ في القلب حسًّا يقظاً يجعل المرء يستشعر قيمة كل لحظة، ويملأ عمره بما يبقى. ولعلّ أعظم ما يقوله الوحي للإنسان اليوم هو: إن الوقت ليس ظرفاً محايداً، بل شهادة تُكتب عليك أو لك. ومن وعى هذه الحقيقة لم يسمح لشيء أن يسرق منه حياته، ولم يدع العمر يمضي بلا أثر.
132
| 05 ديسمبر 2025
في زمنٍ تتزاحم فيه الأصوات، وتُلقى فيه الكلمات عبر المجالس والمنصّات دون تروٍّ أو ميزان، يعود الحديث النبوي ليوقظ الضمير الإنساني تحذيرًا وتنبيهًا: «إنّ العبد ليتكلّم بالكلمة، ما يتبيّن فيها، يهوِي بها في النار أبعدَ ما بين المشرق والمغرب». إنه ليس توصيفًا مبالغًا فيه، بل حقيقة تهزّ القلب؛ فالكلمة التي لا تستغرق ثانية قد تحدّد مصيرًا، وترسم طريقًا لا يلتفت إليه المتحدث إلا بعد فوات الأوان. وفي القرآن الكريم تتجاوز الكلمة كونها صوتًا عابرًا؛ فهي عمل محسوب، يُسجَّل في سجلّ العدل الإلهي بلا زيادة ولا نسيان: ﴿مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ﴾ [ق: 18]. هذه النظرة القرآنية العميقة تجعل مسؤولية اللسان مسؤولية أخروية في المقام الأول. فالكلمة تكشف القلب قبل أن تُسمع الأذن. ويُصوّر القرآن حال المنافقين بوضوح حين قال: ﴿يَقُولُونَ بِأَفوَاهِهِم مَّا لَيسَ فِي قُلُوبِهِم﴾ [آل عمران: 167]. إنها إشارة إلى أن معيار الصلاح ليس كثرة الكلام، بل صدقه، ونقاؤه، وانسجامه مع ما في الصدر من تقوى. وإذا كان للكلمة هذا الثقل، فإنّ القرآن يدعو إلى تحويلها من مصدر أذى إلى منبع صلاح، فيأمر بقولٍ رفيق يهذّب العلاقات ويرفع الخلاف: ﴿وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسنًا﴾ [البقرة: 83]، ويجعل الكلمة الطيبة شجرة وارفة الجذور والثمار: ﴿كَلِمَة طَيِّبَة كَشَجَرَة طَيِّبَةٍ أَصلُهَا ثَابِت وَفَرعُهَا فِي ٱلسَّمَآءِ﴾ [إبراهيم: 24]. فهي ليست مجرد تعبير، بل أثر باقٍ، وبركة ممتدّة، وصدقة جارية قد ترفع قائلها في الدنيا والآخرة. ويظلّ أخطر ما في الكلمة أنها تُقال أحيانًا بلا انتباه، فيقع صاحبها في الظلم أو السخرية أو الغيبة دون أن يشعر بثقل ما قال. ولعلّ هذا ما عناه الحديث الشريف: إنّ الهلاك لم يأتِ من خطاب طويل، ولا من نية متعمّدة، بل من «كلمة» لم يتوقف صاحبها لحظة ليتفكّر فيها. وهنا يظهر جوهر التربية القرآنية: أن يسبق التفكير النطق، وأن تُوزن الكلمات بميزان التقوى قبل أن تُرسل للناس. وفي عالم تتكاثر فيه المنابر وتتسع فيه دوائر البوح، يبقى درس القرآن ثابتًا: للكلمة طريقان؛ طريق يرفع إلى السماء، وطريق يورد موارد الهلاك. والمكلّف هو الإنسان وحده… بين لسانه وربّه.
654
| 28 نوفمبر 2025
في قلب الإيمان، ينشأ صبر عميق يواجه به المؤمن أذى الناس، ليس كضعفٍ أو استسلام، بل كقوة روحية ولحمة أخلاقية. من منظور قرآني، الصبر على أذى الخلق هو تجلٍّ من مفهوم الصبر الأوسع (الصبر على الابتلاءات والطاعة)، لكنه هنا يختصّ بالصبر في مواجهة الناس — سواء بالكلام المؤذي أو المعاملة الجارحة. يحثّنا القرآن على هذا النوع من الصبر في آيات سامية؛ يقول الله تعالى: ﴿وَاصْبِرْ عَلَى مَا يَقُولُونَ وَاهْجُرْهُمْ هَجْرًا جَمِيلًا﴾ (المزمل: 10). هذا الهجر «الجميل» يعني الانسحاب بكرامة، دون جدال أو صراع، بل بهدوء وثقة. كما يذكر القرآن صفات من هم من أهل التقوى: ﴿… وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ … وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ﴾ (آل عمران: 134). إن كظم الغيظ والعفو عن الناس ليس تهاونًا، بل خلق كريم يدل على الاتزان النفسي ومستوى رفيع من الإيمان. وقد أبرز العلماء أن هذا الصبر يُعدُّ من أرقى الفضائل. يقول البعض إن كظم الغيظ يعكس عظمة النفس، فالشخص الذي يمسك غضبه رغم القدرة على الردّ، يظهر عزمًا راسخًا وإخلاصًا في عبادته لله. كما أن العفو والكظم معًا يؤدّيان إلى بناء السلم الاجتماعي، ويطفئان نيران الخصام، ويمنحان ساحة العلاقات الإنسانية سلامًا. من السنة النبوية، ورد عن النبي ﷺ أن من كظم غيظه وهو قادر على الانتقام، دعاه الله على رؤوس الخلائق يوم القيامة، فكم هو عظيم جزاء من يضبط نفسه لصالح رضا الله. كما تبيّن المروءة الحقيقية في قوله ﷺ: ليس الشديد في الإسلام من يملك يده، بل من يملك نفسه وقت الغضب. أهمية هذا الصبر لم تذهب سدى في حياة المسلم. في مواجهة الأذى، يكون الصبر وسيلة للارتقاء الروحي، مظهراً لثقته بتقدير الله وعدله، ومعبّراً عن تطلع حقيقي للأجر العظيم عنده. ولكي ينمّي الإنسان هذا الخلق، يُنصح بأن يربّي نفسه على ضبط الغضب، أن يعرف الثواب العظيم للكاظمين الغيظ، وأن يدعو الله ليساعده على ذلك. خلاصة القول، الصبر على أذى الخلق ليس مجرد تحمل، بل هو خلق كرامة: كظم الغيظ، والعفو، والهجر الجميل حين لا فائدة من الجدال. ومن خلال ذلك، يرتقي المؤمن في نظر ربه، ويَحرز لذاته راحة وسموًا، ويحقّق ما وصفه الله من مكارم الأخلاق.
1830
| 21 نوفمبر 2025
يحتلّ برّ الوالدين مكانة سامقة في منظومة القيم القرآنية، حتى جعله الله مقرونًا بعبادته في قوله تعالى: ﴿وَقَضَىٰ رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا﴾ [الإسراء: 23]، فجمع بين التوحيد والإحسان إليهما في آية واحدة، ليؤكد أن البرّ بهما ليس مجرّد خُلقٍ اجتماعي، بل عبادة روحية عظيمة لا تقلّ شأنًا عن أركان الإيمان. القرآن الكريم يقدّم برّ الوالدين باعتباره جهادًا لا شوكة فيه، لأن مجاهد النفس في الصبر عليهما، ورعاية شيخوختهما، واحتمال تقلب مزاجهما في الكبر، هو صورة من صور الجهاد الحقيقي الذي يتطلّب ثباتًا ومجاهدة للنفس. قال تعالى: ﴿وَإِن جَاهَدَاكَ عَلَىٰ أَنْ تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا﴾ [لقمان: 15]، فحتى في حال اختلاف العقيدة، يبقى البرّ حقًا لا يسقط. وفي الآية الأخرى ﴿وَقُل رَّبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا﴾ [الإسراء: 24]، يربط القرآن مشاعر الإنسان بذاكرته العاطفية، ليعيده إلى لحظات الضعف الأولى حين كان هو المحتاج، وهما السند. فالبرّ ليس ردّ جميلٍ فحسب، بل هو اعتراف دائم بفضلٍ لا يُقاس، ورحمة متجددة تستلهم روحها من الرحمة الإلهية نفسها. ومن المنظور القرآني، لا يتوقف البرّ عند الحياة، بل يمتدّ بعد الموت في الدعاء والعمل الصالح، كما قال النبي ﷺ: «إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث... « وذكر منها «ولد صالح يدعو له» (رواه مسلم). فالبرّ استمرارية للقيم التي غرساها، وجسر يصل الدنيا بالآخرة. في زمن تتسارع فيه الإيقاعات وتبهت فيه العواطف، يعيدنا القرآن إلى الأصل: أن الوالدين بابان من أبواب الجنة، لا يُفتحان مرتين. فبرّهما ليس ترفًا عاطفيًا ولا مجاملة اجتماعية، بل هو امتحان للإيمان وميزان للوفاء، به تُقاس إنسانية الإنسان وصدق علاقته بربه. البرّ بالوالدين هو الجهاد الهادئ الذي يُزهر رضا، ويورث نورًا لا يخبو.
1419
| 14 نوفمبر 2025
الناس في كل زمان ومكان يتطلعون إلى عزة تحفظ كرامتهم، وغِنى يُغنيهم عن سؤال غيرهم. غير أن التجربة البشرية أثبتت أن كثيراً ممن ملكوا المال والجاه ظلت نفوسهم في قلق واضطراب، وأن آخرين لم يملكوا سوى القليل عاشوا في سكينة واطمئنان. السر في ذلك أن القرآن الكريم يوجه الإنسان إلى منابع العزة الحقيقية، ويكشف له عن معنى الغِنى الأصيل. يقول تعالى: ﴿مَن كَانَ يُرِيدُ ٱلْعِزَّةَ فَلِلَّهِ ٱلْعِزَّةُ جَمِيعًا﴾ [فاطر: 10]. هذه الآية تختصر الطريق أمام الباحثين عن الكرامة، فالعزة لا تُشترى بالمال، ولا تُنتزع بالقوة، بل تُمنح لمن أطاع الله وتمسّك بشرعه. إن الطاعة ترفع الإنسان فوق أهوائه، وتحرره من ذل الشهوة والهوى، وتجعله واقفاً شامخاً لا يطأطئ رأسه إلا لخالقه. وحينها يكون عزيزاً في عيون الناس، ولو كان قليل المال والمكانة. أما الغِنى، فقد أوضحه النبي ﷺ بقوله: “ليس الغنى عن كثرة العرض، ولكن الغنى غنى النفس” (متفق عليه). فالإنسان قد يملك القناطير المقنطرة من الذهب والفضة ولا يشبع قلبه أبداً، بينما آخر يملك القليل ومع ذلك يعيش قانعاً سعيداً. القناعة تجعل القلب ممتلئاً شكراً ورضا، وتخفف عن الإنسان مشقة الركض وراء الدنيا. وفي هذا المعنى يقول تعالى: ﴿وَلَا تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ إِلَىٰ مَا مَتَّعْنَا بِهِ أَزْوَٰجًا مِّنْهُمْ﴾ [طه: 131]، كأنه ينهاك أن تجعل عينك أسيرة ما في يد غيرك، فتفقد لذة ما بين يديك. وفي زمننا المعاصر، حيث يُقاس النجاح بعدد الأرصدة البنكية، وتُقاس القيمة الاجتماعية بالمناصب والمظاهر، تأتي رسالة القرآن لتعيد الميزان إلى نصابه: الطاعة هي سبيل العزة، والقناعة هي سر الغِنى. إنهما جناحا الحياة الطيبة التي وعد الله بها عباده المؤمنين، حيث قال: ﴿مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَىٰ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَوٰةً طَيِّبَةً﴾ [النحل: 97]. هذه المعادلة البسيطة العميقة، لو وعيناها، لوفرت على الناس عناء اللهاث خلف سراب الدنيا، ولأعادت الطمأنينة إلى قلوب أرهقها التنافس المحموم. فالعزة لا تُنال إلا في رحاب الطاعة، والغِنى لا يُدرك إلا في ظل القناعة.
888
| 07 نوفمبر 2025
في زمنٍ تاهت فيه الحدود بين ما يُقال وما يُكتم، وبين ما يُروى وما يُستر، يبرز خُلُق كريمٍ عزيزٍ على النفوس، لا يحمله إلا من صفا قلبه وتهذّب لسانه، ذاك هو كتمان السرّ. الكرم الحقيقي ليس في بذل المال ولا في طلاقة الوجه فحسب، بل في أن يملك الإنسان نفسه عند الكلام، فيُميت السر حتى كأنه لا يعرفه، فإذا استبحثوه عن حديثك جهلَه، لا توريةً ولا نفاقًا، ولكن مروءةً وحياءً وحفظًا للأمانة. لقد علّمنا القرآن أن الأمانة ليست محصورةً في الأموال، بل تمتد إلى الأقوال والأسرار، قال تعالى: ﴿إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَىٰ أَهْلِهَا﴾ [النساء: 58]. ومن الأمانة أن تحفظ ما استُؤمنت عليه من قولٍ أو سرّ، فلا تُفشيه ولو على سبيل المزاح أو الفضفضة، فإنما القلوب مطايا الكلام، وما خرج من الفم لا يعود. ولذلك قرن الله بين ضبط اللسان وتقوى القلب، فقال سبحانه: ﴿مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ﴾ [ق: 18]، إشارة إلى أن الكلمة مسؤولية، وأن كتمان السر عبادة خفية لا يراها الناس، ولكن يراها الله، فيجزي عليها صدقًا وأجرًا عظيمًا. القرآن يوجّهنا إلى أن الكرامة ليست في كثرة الكلام، بل في الصمت الحكيم، كما قال تعالى في وصف عباده المؤمنين: ﴿وَالَّذِينَ هُمْ عَنِ اللَّغْوِ مُعْرِضُونَ﴾ [المؤمنون: 3]، فاللغو يشمل كل ما لا فائدة فيه، وأي لغوٍ أعظم من بثّ سرٍّ أُؤتمنت عليه؟! إن الكريم لا يقتل السر خوفًا، بل حياءً من الله ووفاءً لصاحبه، يرى أن الستر جزء من شخصيته، وأن الصمت عن الأسرار أدبٌ إيماني قبل أن يكون خُلقًا اجتماعيًا. ومن فهم القرآن حق الفهم، علم أن الستر على الناس من دلائل الإيمان، قال النبي ﷺ: "من ستر مسلمًا ستره الله في الدنيا والآخرة" (رواه مسلم). فما أجمل أن يكون الإنسان "كريمًا يُميت السر حتى كأنه لا يعلمُه"، يعيش القرآن خلقًا في قلبه ولسانه، فيجعل من كتمان الأسرار بابًا من أبواب الطاعة، ومن الصمت جسرًا نحو رضا الله وحسن المروءة بين الناس.
1065
| 24 أكتوبر 2025
توارثنا في تراثنا العربي والإسلامي قولًا حكيمًا يحمل معنى عميقًا: «وأنفعُ من شاورتَ من كان ناصحًا شفيقًا، فأبصر بعدها من تشاور». هذا القول يلخص فلسفة متكاملة في التعامل مع الرأي والمشورة؛ فلسفة تجد جذورها في القرآن الكريم، الذي جعل الشورى مبدأً أساسياً في الحياة الفردية والجماعية. فالقرآن يصف المؤمنين بأنهم: ﴿وَالَّذِينَ اسْتَجَابُوا لِرَبِّهِمْ وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَأَمْرُهُمْ شُورَى بَيْنَهُمْ﴾ [الشورى: 38]. ووضع الشورى قرينةً لإقامة الصلاة، مما يكشف عن أهميتها في بناء مجتمع متماسك يقوم على المشاركة لا الانفراد، وعلى الحكمة لا الاستبداد. حتى النبي ﷺ، وهو المؤيد بالوحي، أُمر بمشاورة أصحابه: ﴿وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ﴾ [آل عمران: 159]. ولم يكن الأمر شكليًا، بل كان أسلوب قيادة يرسّخ الثقة ويجمع الطاقات، ويمنح الأمة شعورًا بالشراكة في القرار. غير أن القول البليغ يلفت نظرنا إلى نقطة جوهرية: ليست كل مشورة نافعة. فالشورى تحتاج إلى شرط أساس: أن يكون المستشار ناصحًا شفيقًا. فالنصيحة الصادقة هي التي تخلو من الغش والمصلحة الضيقة، كما جاء على لسان الأنبياء: ﴿وَأَنَا لَكُمْ نَاصِحٌ أَمِينٌ﴾ [الأعراف: 68]. أما الشفقة فهي الرحمة والحرص على الخير، وقد وصف الله نبيه ﷺ بقوله: ﴿بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَّحِيمٌ﴾ [التوبة: 128]. إن المستشار الذي يجمع بين النصيحة والأمانة والرحمة، هو وحده من يجعل الشورى بصيرة، ويمنح القرار بعدًا إنسانيًا وأخلاقيًا. أما إذا غاب الصدق أو غابت الشفقة، تحولت الشورى إلى مجرد كلمات تُضل أكثر مما تهدي. واليوم، نحن أحوج ما نكون إلى إحياء هذا المبدأ القرآني في بيوتنا، ومؤسساتنا، ومجتمعنا. فليكن لكلٍّ منا “ناصح شفيق” يثق برأيه، يستشيره في الملمات قبل اتخاذ القرار. فمن استشار من يريد الخير له، أبصر، ومن أعرض عن النصيحة الصادقة، تعثر.
246
| 10 أكتوبر 2025
في عالم يموج بالتحديات والمخاطر، يظل الإنسان بحاجة دائمة إلى ما يربط قلبه بالسكينة والطمأنينة، وليس هناك سبيل أصدق ولا أعمق من التضرع إلى الله. فهو عبادة قلبية ولسانية تجمع بين الخضوع والرجاء، وتفتح للإنسان باب الأمل مهما اشتدت الخطوب. التضرع ليس مجرد دعاء يُرفع في أوقات الكرب فقط، بل هو منهج حياة يُظهر افتقار العبد إلى ربه في السراء والضراء. يقول الله تعالى: ﴿فَلَوْلَا إِذْ جَاءَهُم بَأْسُنَا تَضَرَّعُوا وَلَٰكِن قَسَتْ قُلُوبُهُمْ﴾ [الأنعام: 43]. إنه نداء إلهي للبشرية جمعاء، يدعوهم إلى الانكسار بين يدي الخالق، والاعتراف بضعفهم وحاجتهم إليه. فالتضرع يجمع بين التوبة من الذنوب، والاستعانة بالله على قضاء الحوائج، والاستغاثة به في الملمات. وقد علّمنا النبي ﷺ أن الدعاء هو «مخّ العبادة»، إذ يحمل روح العبودية والخضوع لله. ولا يكون التضرع باللسان فقط، بل بالقلب الذي يمتلئ خشوعًا، وبالجوارح التي تترجم صدق الالتجاء إلى الله عبر الطاعة والعمل الصالح. واليوم، ونحن نعيش أزمات عالمية وصراعات متلاحقة، يصبح التضرع إلى الله ضرورة روحية تعيد للإنسان توازنه، وتحرره من القلق والخوف. فهو يعمّق الصلة بالله، ويمنح النفس سكينة تعجز عنها كل أسباب الدنيا. إن التضرع ليس ضعفًا، بل هو قوة المؤمن وسلاحه الذي لا يُهزم، إذ يعلم أن وراء تدابيره وتخطيطه ربًّا رحيمًا بعباده، قريبًا من دعائهم. قال تعالى: ﴿وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ﴾ [البقرة: 186]. فليكن التضرع إلى الله ديدننا في الرخاء قبل الشدة، وفي الفرح قبل الحزن، فهو سبيل الفوز والنجاة، وهو سر الطمأنينة في زمن مضطرب.
219
| 19 سبتمبر 2025
حين يرفع المؤمن يديه إلى السماء، ويؤدي صلاته بخشوع، فإنه لا يضع حجرًا في بناء يومه فحسب، بل يخطّ سطرًا في صحيفةٍ تُعرض على الله يوم القيامة. الصلاة ليست مجرد أداء لحركات وأذكار محفوظة، بل هي كتاب يُكتب في عليّين، تشرق صفحاته بالنور كلما ازداد العبد قربًا من ربه. لقد وصف النبي ﷺ الصلاة بأنها «عمود الدين»، فهي التي تظلّ تربط العبد بربه في كل حال. وما أجمل أن تكون حياة المسلم سلسلة من الصلوات، «صلاة في إثر صلاة»، لا يقطعها غفلة ولا يطفئها انشغال بالدنيا، بل تظل مثل اللؤلؤ المنتظم في عقدٍ واحد، يزيد العبد زينةً ونورًا. إن في كل صلاة فرصة لمحو ذنب، وغرس عمل صالح جديد. وقد شبَّه رسول الله ﷺ الصلوات الخمس بالنهر الجاري على باب أحدنا، يغتسل فيه خمس مرات في اليوم، فلا يبقى من درنه شيء. فما بالنا إذا أضفنا إلى ذلك النوافل والقيام والوتر؟ إنها ليست مجرد عبادات إضافية، بل هي تزيين للكتاب الذي يُكتب في عليّين. وفي زمنٍ تتكاثر فيه المشاغل، وتزداد ضوضاء الحياة، تظل الصلاة هي المرفأ الآمن، واللحظة التي ينفصل فيها القلب عن صخب الدنيا ليتصل بالملكوت الأعلى. كل سجدةٍ هي سطر نور، وكل ركعةٍ هي صفحة بيضاء، وكل دمعة خشوع هي حرف من ذهب في كتاب العبد. فلنحرص أن تكون صلاتنا أكثر من عادة، بل عبادة تُخطّ في سجلّ الخالدين. ولنستضيء في حياتنا بقول رسول الله ﷺ: «صلاة في إثر صلاة، لا لغو بينهما، كتاب في عليين»، لعلنا نُبعث يوم القيامة وكتبنا مشرقة، وصحائفنا عامرة، ووجوهنا ناضرة.
264
| 12 سبتمبر 2025
في عالمٍ تتسارع فيه الأحداث وتزداد فيه الفتن والابتلاءات، يبقى الملجأ الآمن للمؤمن هو الالتجاء إلى الله تعالى بالدعاء والاستعاذة من سخطه وعقوبته. فالاستعاذة ليست مجرد كلمات تُقال، بل هي عبادة عظيمة تعبّر عن شعور العبد بضعفه، وافتقاره إلى رحمة ربه، وخوفه من عدله إذا أخطأ. لقد حذَّر القرآن الكريم من عاقبة الإعراض عن طاعة الله، فقال سبحانه: ﴿وَمَن يُعْرِضْ عَن ذِكْرِ رَبِّهِ يَسْلُكْهُ عَذَابًا صَعَدًا﴾ [الجن: 17]. فالعقوبة الإلهية قد تكون في الدنيا بما نراه من ضيق وكرب وفساد في المجتمعات، وقد تكون في الآخرة وهي أعظم وأشد. النبي ﷺ علّم أمته أن تستعيذ من سخط الله وعذابه، فكان يقول في دعائه: «اللهم إني أعوذ برضاك من سخطك، وبمعافاتك من عقوبتك، وأعوذ بك منك، لا أحصي ثناءً عليك، أنت كما أثنيت على نفسك» [رواه مسلم]. وهذا الدعاء يضع المؤمن أمام حقيقة كبرى: أنه لا نجاة من الله إلا إليه، ولا حماية من قضائه إلا برحمته. إن سخط الله – والعياذ بالله – يحل حين يجاهر الناس بالمعاصي، ويتركون المعروف، ويظلم بعضهم بعضاً، ويشيع الفساد في الأرض. وقد دلّت السنن الإلهية على أن المجتمعات إذا لم تراجع نفسها وتتب إلى الله، فإن العقوبة تحل بها عاجلاً أو آجلاً. من هنا، فإن الاستعاذة من سخط الله وعقوبته ليست مجرد ترديد دعاء، وإنما هي منهج حياة: • تبدأ بالتوبة الصادقة. • وتستمر بالطاعة والحرص على رضا الله. • وتُترجم في السلوك اليومي بالعدل، والإحسان، وترك الظلم والمعاصي. وفي زمن تتكاثر فيه أسباب الغفلة والانشغال بالدنيا، تبقى هذه الاستعاذة صرخة إيمان توقظ القلب: أن النجاة الحقيقية ليست في المال ولا المنصب، بل في رضا الله وعفوه. إنها دعوة لكل مؤمن أن يجعل هذا الدعاء على لسانه وقلبه: «اللهم إني أعوذ برضاك من سخطك، وبمعافاتك من عقوبتك»، فهي كلمات جامعة تجمع بين الخوف والرجاء، بين رهبة العقوبة ورغبة الرحمة.
207
| 29 أغسطس 2025
في زحمة الحياة وتسارع الأيام، قد تنشغل الجوارح وتغفل القلوب، وتبهت البصائر وسط ضجيج الدنيا. ومن أخطر ما يصيب القلب في هذا الزمن، داءٌ خفيّ لا يُرى، ولكنه يُميت الروح ويُعطل البصيرة، ألا وهو الغفلة. الغفلة ليست مجرد نسيان مؤقت، بل هي إعراض دائم عن ذكر الله، وانشغال بالدنيا عن الآخرة. قال الله تعالى: ﴿وَاذْكُرْ رَبَّكَ فِي نَفْسِكَ تَضَرُّعًا وَخِيفَةً وَدُونَ الْجَهْرِ مِنَ الْقَوْلِ بِالْغُدُوِّ وَالْآصَالِ وَلَا تَكُنْ مِنَ الْغَافِلِينَ﴾ [الأعراف: 205]. وفي هذه الآية توجيهٌ إلهيّ صريح لليقظة، وتنبيهٌ من الغفلة التي تجرّ إلى المهالك. إن القلب الغافل كالأرض القاحلة، لا تُثمر ولا تُزهر، بل قد تموت وهي في ظاهرها حيّة. والغفلة تبدأ من صغيرة، كتأخير الصلاة، أو تجاهل القرآن، أو الركض خلف الدنيا، حتى تصبح حالة دائمة تُظلم معها النفس وتضعف الصلة بالخالق. وقد حذّر النبي صلى الله عليه وسلم من هذا الداء، فقال: «تُعرض الفتن على القلوب كالحصير عودًا عودًا، فأيُّ قلبٍ أُشربها نُكِتَ فيه نكتةٌ سوداء…» [رواه مسلم]. وفي الحديث إشارة إلى أن القلب الغافل يصبح معرّضًا للفتن، وتُطمس فطرته شيئًا فشيئًا حتى يصبح منكوسًا لا يعرف معروفًا ولا يُنكر منكرًا. ولكن رغم خطر هذا الداء، فإن الدواء متاح، والشفاء قريب. فاليقظة تبدأ من لحظة صدق مع النفس، ومن عودة خاشعة إلى الله، ومن إحياء القلب بذكر الله وتلاوة القرآن، ومجالسة الصالحين، والتفكّر في الموت والآخرة. فلنُراجع أنفسنا، ولنُطهر قلوبنا من الغفلة قبل أن يُقال: ﴿لَقَدْ كُنْتَ فِي غَفْلَةٍ مِنْ هَذَا فَكَشَفْنَا عَنْكَ غِطَاءَكَ فَبَصَرُكَ الْيَوْمَ حَدِيدٌ﴾ [ق: 22]. إنها دعوة صادقة لاستيقاظ القلب، قبل أن يُطبع عليه، وقبل أن يأتي يومٌ لا ينفع فيه مالٌ ولا بنون، إلا من أتى الله بقلبٍ سليم.
285
| 08 مايو 2025
في هذا العصر المتسارع، حيث تختلط المفاهيم وتتداخل الشعارات، نعيش أزمة أخلاقية وفكرية حقيقية، تتجلى في محاولات ممنهجة لتزييف الحقائق وقلب الموازين. ومن أبرز مظاهر هذا التزييف أن تُقدَّم الرذيلة في ثوب الحرية، ويُروَّج للفواحش والانحرافات باعتبارها «حقوقًا شخصية» و«تعبيرًا عن الذات». لقد كرّم الله الإنسان ووهبه الإرادة والحرية، لكنه وضع لها ضوابط تحفظ كرامته وتصون فطرته. قال تعالى: ﴿وَقُلِ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكُمْ فَمَنْ شَاءَ فَلْيُؤْمِنْ وَمَنْ شَاءَ فَلْيَكْفُرْ﴾ [الكهف: 29]. وهذه الحرية التي منحها الله تعالى للإنسان ليست مطلقة دون قيد، بل هي حرية مسؤولة، تُضبط بالشرع والعقل، وتُوجَّه نحو الخير والحق. لكن المؤسف أن بعض الأصوات اليوم تدعو إلى هدم القيم الدينية والاجتماعية باسم الحرية، حتى بات المجاهرون بالمعصية يُحتفى بهم، وتُفتح لهم المنابر والمنصات، في الوقت الذي يُتهم فيه المتمسكون بالقيم بالتشدد والانغلاق. وقد قال الله تعالى في التحذير من هذا المسلك: ﴿إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَن تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ﴾ [النور: 19]. إن الحرية الحقيقية لا تعني المجاهرة بالفاحشة، ولا انتهاك ثوابت الأمة، ولا الطعن في المقدسات، بل هي ممارسة للحق دون ظلم، وبناء للإنسان لا تدمير له. وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: «كل أمتي معافى إلا المجاهرين…» [رواه البخاري]. فكيف يُعذر من لا يكتفي بالمعصية، بل ينشرها ويدعو إليها ويزخرفها بألفاظ خادعة؟ وإن المتأمل في خطاب بعض وسائل الإعلام ومواقع التواصل يدرك مدى التأثير الخطير لهذا الخطاب المسموم، حيث تُروَّج أنماط منحرفة من السلوك، ويُقدَّم الانفلات الأخلاقي على أنه «تحضُّر» و«تمدُّن»، حتى باتت القيم تُصور وكأنها عائق في وجه التقدم، والحياء عيبًا يُنتقد. وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إذا لم تستحِ فاصنع ما شئت» [رواه البخاري]. من هنا، فإن مسؤولية الكلمة تتعاظم في هذا الزمان، ويجب على الكتّاب والمثقفين والدعاة أن يتصدّوا لهذا التزييف، وأن يوضحوا الفرق بين حرية مسؤولة تبني، وحرية مزعومة تهدم وتُفسد. إن إعادة الاعتبار للقيم، والتمسك بالأخلاق، ليس رجعية كما يُروَّج، بل هو حماية للإنسان، وصون لكرامته، وامتثال لأمر الله الذي قال: ﴿وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ﴾ [الإسراء: 70]. فلنكن صرحاء: الرذيلة لا تتحول إلى فضيلة لمجرد أن تُزين بألفاظ براقة، ولا يصح أن نقبل التعدي على قيمنا وهويتنا تحت أي مسمى. فالحرية التي تُفصل عن الدين، لا تلد إلا فوضى، والرأي الذي يتجاوز حدود الأخلاق، لا يُعد رأيًا ناضجًا، بل سقوطًا حضاريًا ينبغي التنبه لخطورته قبل فوات الأوان.
561
| 12 أبريل 2025
مساحة إعلانية
في الساعات المبكرة من صباح السبت، ومع أول...
3291
| 05 ديسمبر 2025
بات الذكاء الاصطناعي اليوم واقعاً لا يمكن تجاهله...
2634
| 30 نوفمبر 2025
فجعت محافل العلم والتعليم في بلاد الحرمين الشريفين...
1647
| 04 ديسمبر 2025
في كل يوم، ينظر الإنسان إلى ما ينقصه...
1554
| 02 ديسمبر 2025
لم يدخل المنتخب الفلسطيني الميدان كفريق عابر، بل...
1332
| 06 ديسمبر 2025
ساعات قليلة تفصلنا عن لحظة الانطلاق المنتظرة لبطولة...
1185
| 01 ديسمبر 2025
تتجه أنظار الجماهير القطرية والعربية إلى استاد خليفة...
1155
| 04 ديسمبر 2025
مواجهات مثيرة تنطلق اليوم ضمن منافسات كأس العرب،...
1143
| 03 ديسمبر 2025
لم تعد الدوحة مجرد مدينة عربية عادية، بل...
837
| 03 ديسمبر 2025
أحياناً نمر بأسابيع تبدو عادية جداً، نكرر فيها...
639
| 05 ديسمبر 2025
يحكي العالم الموسوعي عبد الوهاب المسيري في أحد...
624
| 30 نوفمبر 2025
تشهد الساحة الدولية اليوم تصاعدًا لافتًا في الخطابات...
588
| 04 ديسمبر 2025
مساحة إعلانية