رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
بعد أربعة أيام من مداولات أعضاء الهيئة التي يُفترض فيها تمثيل الثورة السورية سياسياً، خرج الأمين العام السابق للائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية يُبشرُ السوريين بخبرٍ واحدٍ ووحيد يتمثل في انتخاب هيئةٍ رئاسية جديدة. ولأول مرةٍ في مثل هذه الاجتماعات، لم يكن هناك أي بيانٍ رسمي عن مداولات الهيئة العامة يُشير إلى أنها خرجت بقرارٍ واحد يتعلق بأي شأنٍ من شؤون الثورة السورية.
حتى الجهدُ البسيط الذي كان الائتلاف يبذلهُ سابقاً، على خجل، ليُشعر السوريين بأن أمور ثورتهم تُناقش، بشكلٍ أو بآخر، في اجتماع هيئته العامة، صار شيئاً من الماضي.
هكذا، تتكرر التجربة التي صارت سِمةً لعمل الائتلاف، خمسةُ أشهر من الجمود يتلوها شهرٌ من المباحثات والصفقات والمناورات الكثيفة (والشرسة أحياناً) التي تهدف فقط للوصول إلى قيادة الائتلاف مع نهاية الشهر السادس. والكل يبرر لنفسه وللآخرين أنه ما إن يصل إلى مقعد القيادة، فإنه سيعمل للسوريين وثورتهم، ثم تعود الأمور إلى الجمود.
يصدق كثيراً في وصف الوضع ما قاله ياسين سويحة في مقاله منذ أسابيع: "يعيش الائتلاف، ككيان سياسوي افتراضي، في واقعٍ لا يشبه وقائع ما يجري في الداخل السوري في شيء. لا إيقاعُ تحرّكه يتناسق مع مجريات الداخل، ولا فداحة النكبات الكبرى التي وقعت على رؤوس السوريين ترتدّ في أدائه السياسي. السوريون، من يُتابع منهم أخبار الائتلاف، على موعد مع ضجيج دوري كلّما اجتمع أعضاؤه لـ«انتخاب» رئيس جديد له، ضجيج يَصدر ويُسمع في واقع سريالي، ليته كان واقعاً موازياً بأقل درجات التوازي. لا أخبار عن الائتلاف بالكاد إلا المشاحنات والخصومات والمكائد، وتغيّر اصطفافات وتحالفات أعضائه كأفراد، أو الكيانات الهُلاميّة – كي لا نسمّيها وهميّة – التي يُفترض أنها تُكوّنه. يجري كلّ هذا وسط ضبابيّة ووراء كواليس مثيرة للريبة وللغضب، على ماذا يختلفون؟ على ماذا يتفقون؟ لماذا يتحالف هذا مع ذاك اليوم؟ لماذا خاصم هذا ذاك أمس؟ وهل ستعود الخصومة غداً؟".
لا يفيد في شيء تأليفُ مُعلقةٍ هجائيةٍ أخرى للائتلاف، رغم أن غالبية أعضائه لا يفهمون من أي نقدٍ سوى أنه يهدف للتهجم والاتهام، ولهذا فالأرجح ألا يمتلكوا الصبر على قراءة أي نقدٍ موجهٍ إليه، فضلاً عن إمكانية الاستفادة منه في قليلٍ أو كثير. والنتيجةُ السريعة والمباشرة هي اتهامُ كل من يُوجهُ النقد بالخصومة الشخصية وتصفية الحسابات وغير ذلك من الاتهامات الجاهزة المُعلَّبة، والاستراحةُ من عناء التفكير، والعودة للانشغال بمسيرتهم المألوفة.
بغضَّ النظر عن معاني هذه الممارسة، هناك مسؤولية كبيرة جداً تقع على القيادة الجديدة للائتلاف لتواجه تحدياتٍ عديدة، بعضُها ينبع من تركيبة الائتلاف وثقافته، في حين ينبثق بعضها الآخر من الظروف التي لابست وصولها إلى موقعها القيادي.
ثمة أولاً المعنى الكامن في الانقلاب الجذري في التحالفات، والذي أدى إلى النتيجة الجديدة، وهو انقلابٌ من النقيض إلى النقيض، يعرف الجميع تفاصيله الغرائبية. لن نناقش هنا دلالات هذا الموضوع فيما يتعلق بالقيم والمبادئ، إذ يبدو أن هذه الأخيرة لم تعد ذات علاقة بالفكر السياسي السائد في الائتلاف.. وإنما يكمنُ الخطر في دلالاتها العملية فيما يتعلق بالمستقبل. فحين تحدثُ مثل هذه الانقلابات لحسابات ومصالح انتخابية بحتة هذه المرة، كما في مراتٍ سابقة، فإن هذا يعني إمكانية حصولها دوماً في أول موقفٍ تتضارب فيه تلك الحسابات والمصالح. ومن المعرفة بشؤون الائتلاف، فقد يحدث هذا أقرب مما يتصور الكثيرون، الأمر الذي يُصيب أي مبادرات جدية بالشلل، ويجعل القيادة دائماً محكومةً بالحفاظ على توازناتٍ يمكن تأمينها بالسلبية وانعدام المبادرة، أكثر بكثير من ضمانها بالفعل الإيجابي المُبادر.
وفي مساقٍ آخر، الواضح أن رئيس الائتلاف الجديد هو أكثر شخصيةٍ مرت في قيادات الائتلاف تمتلك حداً أدنى من الكمون الإداري والثقافي المطلوب لقيادةٍ فعالة. لكن عليه أن يتذكر دائماً كيف أن آليات العطالة والتعطيل الداخلية تحكمُ تركيبة الائتلاف وثقافته بشكلٍ يمكن لها بسهولةٍ أن تقتل ذلك الكمون.
على سبيل المثال، ليس لدينا أي عاملٍ شخصي ضد أعضاء الهيئة الرئاسية الجديدة، لكن معرفتنا بهم تؤكدُ بأن تركيبة الهيئة هي أبعد ما تكون عن التجانس، على المستوى الفكري والشخصي والخلفية الثقافية والقدرات التنظيمية والإدارية. وهو تجانسٌ يُمثل الشرط الأول لإمكانية إحداث أي نقلةٍ مؤسسيةٍ، مطلوبة منذ زمن، في عمل الائتلاف.
والواضح على مدى قرابة عامين من عمر الائتلاف أن ثقافة عميقة ترسخت فيه لا يمكن أن تسمح أصلاً بأي نوعٍ من أنواع العمل المؤسسي.
رغم هذا، ورغم أن رئيس الائتلاف محكومٌ بشكلٍ أو بآخر بأعراف الائتلاف وتحالفاته، إلا أن ثمة أفقاً يُمكن أن يُفتح إذا ما بادر إلى الخروج، بشكلٍ مُخططٍ ومتوازنٍ ومدروس، من حصار هيكلية الائتلاف إلى فضاء المجتمع السوري الواسع المؤيد للثورة، بكل ما فيه من طاقات وخبرات وإمكانات. وهؤلاء يُعدون بالمئات على الأقل، لم يستطع الائتلاف يوماً أن يوظف طاقتهم الإيجابية، بل إن ممارساته ومواقفه عملت على تحييدها أو تحويلها إلى طاقةٍ سلبية ضده عملياً ونفسياً وإعلامياً.
توجدُ حتماً وسائل كثيرة للتواصل مع تلك الشرائح على المستوى الشخصي، كما يمكن ابتكار آليات لاستيعاب جهودهم في إطار أداء وظائف الائتلاف، دون كونهم أعضاء فيه بالضرورة.
التقوِّي بالسوريين إذاً.
قد يكون هذا مدخلاً وحيداً يُخرج قيادة الائتلاف من الاستعصاء المتحكم بهيكلية الائتلاف وثقافته، ونحن لا نطرحُ هذا غراماً بالائتلاف، وإنما لكون هذا الجسد المترهل مفروضاً على الثورة كممثلها السياسي. وإذا كان من السهل الزهدُ فيه وفي شؤونه لدى الكثيرين، لكن هذا لا يغير من حقيقة تأثيره السلبي البالغ على الثورة في وضعه الراهن.
ثمة فسحة زمنية محدودة أمام رئيس الائتلاف الجديد لإظهار ملامح تغييرٍ حقيقي فيه، وبما أن مصير الطريق القديم معروف، فقد تكون الجرأة على السير في طريقٍ جديد يلتحمُ بالسوريين سبباً لإصلاح الائتلاف، أو لإعذارٍ يحفظ المقام أمام الشعب والتاريخ.
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية




مساحة إعلانية
ليش ما يمديك؟! بينما ممداني زهران، الشاب ذو الأصول الأوغندية، صار اليوم عمدة نيويورك. لم يولد هناك، بل جاءها مهاجرًا يحمل حلمه في حقيبة سفر، بلا جنسية ولا انتماء رسمي. حصل على الجنسية الأمريكية عام 2018، وبعد سبع سنوات فقط أصبح نائبًا في برلمان ولاية نيويورك وأحد أبرز الأصوات الشابة في المشهد السياسي الأمريكي. عمره اليوم 34 سنة فقط، لكنه أصبح نموذجًا يُثبت أن الإرادة حين تتجذر في النفس وتُروّى بالجد والاجتهاد، تصنع المعجزات.ولا حاجة لأن احكي عن معاناة شابٍ مهاجرٍ في مدينةٍ كـنيويورك، بكل ما تحمله من صعوباتٍ وتحدياتٍ اجتماعية واقتصادية. والآن ماذا عنك أنت؟ ما الذي ينقصك؟ هل تفتقد التعليم؟ قطر وفّرت لك واحدًا من أفضل أنظمة التعليم في الشرق الأوسط والعالم، وجلبت إليك أرقى الجامعات العالمية تخدمك من امام عتبة بيتك، بينما آلاف الشباب في نيويورك يدفعون مبالغ طائلة فقط ليحصلوا على مقعد جامعي… وربما لا يجدونه. هل تفتقد الأمان؟ قطر تُعد من أكثر دول العالم أمانًا وفقًا لمؤشرات الأمن الدولية لعام 2025، بينما تسجّل نيويورك معدلات جريمة مرتفعة تجعل من الحياة اليومية تحديًا حقيقيًا. هل تفتقد جودة الحياة؟ قطر من أنظف وأجمل دول العالم، ببنية تحتية حديثة، وطرق ذكية، ومترو متطور يربط المدن بدقة ونظام. أما نيويورك، فتعاني من ازدحامٍ وضوضاءٍ وتراجعٍ في الخدمات العامة، والفرق يُرى بالعين المجردة. هل تفتقد الدعم والرعاية؟ قطر من أعلى دول العالم في متوسط دخل الفرد، بينما في شوارع نيويورك ترى المشردين والمدمنين ينامون على الأرصفة. أما في قطر، فالدعم لا يقتصر على الجانب المادي فقط، بل يمتد إلى الرعاية الصحية المتقدمة التي أصبحت من الأفضل عالميًا. فالنظام الصحي القطري يُعد من الأكثر تطورًا في المنطقة، بمستشفياتٍ حديثةٍ ومعايير طبيةٍ عالمية، ورقمنةٍ شاملةٍ للخدمات الصحية تسهّل وصول كل مواطنٍ ومقيمٍ إلى العلاج بأعلى جودة وفي أسرع وقت. وتُعد مؤسسة حمد الطبية ومستشفى سدرة للطب ومراكز الأبحاث والمراكز الصحية المنتشرة في كل مدينة نموذجًا لاهتمام الدولة بصحة الإنسان باعتبارها أولوية وطنية. إنها دولة تجعل من كرامة الإنسان وصحته وتعليمه أساسًا للتنمية، لا ترفًا أما الفرص، فحدّث ولا حرج. بلدك تستثمر في شبابها بلا حدود وتفتح لهم كل الأبواب داخلياً وخارجياً في كل مؤسسات الدولة وقطاعاتها. وهذا ليس كلاماً نظرياً بل هناك تطبيق عملي وقدوة حاضرة. فقطر أميرها شاب، ووزيرها شباب، وأركان دولتها شباب محاطون بالخبرات والكفاءات. أما هناك، في نيويورك، فالشباب يقاتلون وسط منافسة شرسة لا ترحم، فقط ليجدوا لأنفسهم مكانًا… أو فرصةً ليتنفسوا الهواء. فما هو عذرك إذًا؟ ممداني نجح لأنه عمل على نفسه، ولأن أسرته زرعت فيه حب المسؤولية والاجتهاد. أما أنت، فأنت اليوم في وطنٍ منحك ( الجنة التي في الأرض ) وكل ما يتمناه غيرك: الأمن والأمان والرغد في العيش والتعليم والرعاية الصحية والبنية التحتية التي تُحلم بها شعوب الأرض. الفرق ليس في الظروف، بل في القرار. هو قرر أن يبدأ… وأنت ما زلت تنتظر “اللحظة المناسبة”. لا تنتظر الغد، فالغد لا يصنعه إلا من بدأ اليوم. لا تقول ما أمداني.. لأنه لن يمديك بعد هذا كله.. وإذا تقاعست نفسك تذكر ممداني الحقيقي.
16938
| 11 نوفمبر 2025
ماذا يعني أن يُفاجأ أولياء أمور بقرار مدارس أجنبية رائدة في الدوحة بزيادة تتراوح بين 30% و75% أُعلن عنها في تاريخ 20 أكتوبر الماضي ويجب تطبيقها في الفصل الدراسي الثاني على وجه السرعة؟! ماذا يعني أن يجد هؤلاء الآباء أنفسهم أمام قرار لا يساعدهم على نقل أبنائهم لمدارس أجنبية أخرى في الفصل الدراسي الثاني ومن المفترض أن يدفعوا مبلغ 17 ألف ريال قطري عوضا عن سبعة آلاف ريال كانت تدفع بجانب الكوبون التعليمي لكل طالب قطري الذي يُقدّر بـ 28 ألف ريال وباتت زيادة العشرة آلاف ريال تمثل عبئا على رب الأسرة فجأة بعد أن أصبحت 17 ألف ريال ودون إشعار مسبق؟! ولم هذا القرار والطلاب على وشك إنهاء الفصل الأول وإدارات هذه المدارس تعلم بأن الآباء سوف يمتثلون في النهاية لهذا القرار غير المبرر له لصعوبة إلحاق أبنائهم إلى مدارس أجنبية أخرى أقل في التكاليف التي زادت فجأة ودون إنذار مسبق لطلب الزيادة في مخالفة واضحة للتعميم رقم (21/2023) وكأنها تلزم الآباء إما أن تدفعوا أو اتركوا أبناءكم في البيوت في هذا الوقت الحرج مع بداية الفصل الثاني رغم أن هذه المدرسة قامت بمخالفة تنظيمية كونها لم تنشر جدول الرسوم المعتمدة للسنة الدراسية كاملة مخالفة لتعميم رقم (11/2025) وفرضت رسوما إضافية غير معتمدة عند تقديم التسجيل أو الاختبارات أو التسجيل والموارد كما فرضت رسوما غير قانونية على اختبارات قبول مرحلتي الروضة والتمهيدي مخالفة لتعميم عام 2022؟!. كل ما قيل أعلاه هي مجموعة شكاوى كثيرة وعاجلة من أولياء الأمور تقدموا بها لوزارة التربية والتعليم بعد أن قامت مدارس عالمية أجنبية في قطر بفرض هذه الزيادة في الرسوم بواقع 17 ألفا يجب أن يدفعها كل ولي أمر من حر ماله بجانب ما يُصرف للطالب من كوبون تعليمي بقيمة 28 ألف ريال بعد أن كان يدفع سبعة آلاف ريال فقط بجانب الكوبون كل عام فهل هذا معقول؟! وبات السؤال الأكبر الذي يعلق عليه أولياء الأمور هل بات التعليم مجانيا فعلا لأبنائنا في ظل هذه التجاوزات التي تمارسها إدارات المدارس الأجنبية التي تحظى بعدد كبير من الطلبة القطريين ولم اختارت أن تكون هذه الزيادة في منتصف السنة الدراسية رغم علمها بأن هذا الأمر يربك الآباء ويضعهم في دائرة سوء التخطيط من حيث إيجاد مدارس بديلة في هذا الوقت الحرج من العام الدراسي ناهيكم عن إرباكهم بدفع 17 ألف ريال لكل طالب بعد أن كانت سبعة آلاف ريال فقط بينما كان مبلغ الكوبون التعليمي من الدولة يسد بباقي الرسوم المطلوبة؟! أنا شخصيا أجد الأمر مربكا للغاية وإصرار هيئات هذه الإدارات على أنها حصلت على موافقة الوزارة على هذه الزيادات في الرسوم يزيد الحيرة لدينا أكثر خصوصا وأنه لم يخرج مصدر رسمي من الوزارة ليرد على هذه الشكاوى التي وصلت لإدارات هذه المدارس بجانب ما يتم نشره على وسائل التواصل الاجتماعي من أسئلة تنتظر إجابات من المعنيين في الوزارة وعلى رأسها سعادة السيدة لولوة الخاطر التي تلقى احتراما وتقديرا لها ولجهودها التي بذلتها منذ استلامها هذا المنصب القدير بشخصية مثلها. ولذا فإننا نأمل من سعادتها أن تجد حلا سريعا وناجعا لفحوى هذه المشكلة التي تؤرق بيوت كثير من المواطنين القطريين الذين يلتحق أبناؤهم بهذه المدارس التي تقع تحت مظلة الوزارة من قريب ومن بعيد وهي ليست بالمشكلة التي يجب أن تنتظر لأن مستقبل الأبناء يقف على قرار يطيح بقرارات الزيادة غير المسبوقة والتي لم يتم إخطار الآباء بها قبل بدء العام الدراسي لترتيب أوراق أبنائهم قبل التحاقهم بهذه المدارس الماضية في قراراتها الفجائية وغير مبالية بكم الاعتراض الذي تواجهه بصورة يومية من الآباء وعليه فإننا على ثقة بأن وزارة التربية والتعليم سوف تعطي زخما إيجابيا للشكاوى كما نأمل بإذن الله.
7914
| 11 نوفمبر 2025
العلاقة العضوية بين الحلم الإسرائيلي والحلم الأمريكي تجعل من تهاوي الحلم الإسرائيلي سبباً في انهيار الحلم الأمريكي في حال لم يفصل بينهما، فمن الحلم تُشتق السردية، وانهيار الحلم يؤدي إلى تلاشي السردية، وهذا بدوره يمس مفهوم الوجودية. تحطّم الحلم الإسرائيلي أدى إلى اختراق الدستور الأمريكي، من حرية التعبير إلى الولاء لأمريكا، وحتى سنِّ القوانين التي تناقض الدستور الأمريكي، ومن الملاحقات إلى عدم القدرة على الحديث، إلى تراجع الديمقراطية وفقدان الولاء للدولة من قبل السياسيين. لقد انتقلت الحرب من الشرق الأوسط بين المقاومة الفلسطينية وقوات الاحتلال الإسرائيلي إلى الولايات المتحدة الأمريكية والعاصمة واشنطن، ما بين المواطنين الامريكان الذين ولاؤهم لأمريكا وشعارهم «أمريكا أولاً»، وبين الامريكان الذين يدينون بالولاء لإسرائيل وشعارهم «إسرائيل أولاً». هكذا صار الطوفان يطرق أبواب الداخل الأمريكي، كاشفاً هشاشة السردية وانقسام الحلم ذاته. وفي خضم تشكل نظام عالمي جديد في طور النشوء، سعى الرئيس الأمريكي ترامب لتموضع أمريكي في أفضل صيغة ممكنة وذلك من خلال شخصيته ومن خلال رؤيته الخاصة التي ترى أن الوقت قد حان لأمريكا لان تكون علاقاتها مباشرة بالعالم العربي والعالم الإسلامي وبقية العالم كما حدث في زيارته للخليج وآسيا وعلاقاته بالصين. لم تعد الحسابات التقليدية التي نشأت من مخلفات الاستعمار وما بعد الحرب العالمية الثانية قادرة على استيعاب التغيرات الكبيرة والمتلاحقة في المنطقة أو على المستوى الدولي والعالمي، فأوروبا في تراجع صناعي ولم تعد قادرة على منافسة الصين لا تقنيا ولا صناعيا، والولايات المتحدة لم تعد قادرة على القيام بدور شرطي العالم. لقد كبر العالم وأصبحت أمريكا جزءًا من النظام العالمي بعد أن كانت تهيمن عليه. وفي حالة التحول هذه، تبحث أمريكا عن الإجابات، والإجابات الحاضرة اليوم هي إجابات السيد ترامب. فهو يرى أن العلاقة المباشرة أصبحت هي الأساس، سواء في مواجهة الصين سياسياً واقتصادياً أو تقنياً، ولم يعد الكيان قادراً على القيام بما وُكِّل إليه من قبل الدول الاستعمارية في مرحلة سايكس بيكو وما بعد الحرب العالمية الثانية، فالمكانة الاقتصادية ومشاريع التنمية تجاوز قدرات الكيان واصبح من مصلحة أمريكا العلاقات المباشرة. ومع تيقن أمريكا بعدم القدرة على إعادة تشكيل الشرق الأوسط ما بعد سايكس بيكو، وبعد الفشل في سوريا وليبيا والعراق ولبنان وقطاع غزة، ومع عدم قدرة الكيان على الهيمنة أو السيطرة، أصبح هذا الكيان منتجاً لعدم الاستقرار ومضرّاً بمصالح أمريكا وبمصلحته في حد ذاته. لذلك أصبح تدخل صانع القرار الأمريكي ضرورة لتجاوز مهمة الكيان الوظيفية التي وُكِّلت إليه أمراً حتمياً لتمكين أمريكا من إعادة تشكيل تموضعها في النظام العالمي القادم. ومن هنا نرى أهمية زيارة ترامب لدول الخليج والحديث عن التريليونات في تعبير واضح لعدم حاجة أمريكا لوكيل أو وسيط مع دول المنطقة مع بروز حاجتها لدولة قطر وعلاقاتها الحميمة بأمير قطر ورئيس مجلس الوزراء، وقدرة قطر على أن تكون ضابط الأمن والسلم الدولي والعالمي والمحور الرئيس لاقطاب المنطقة تركيا ايران والفاعلين في المنطقة من المقاومة وحتى سوريا، سواء على مستوى النزاعات الدولية من أفغانستان إلى إيران إلى القرن الإفريقي وإلى غزة. فقد أصبحت دولة قطر مركز حراك الولايات المتحدة ومركز اهتمامها، خاصة في بناء دور امريكا القادم في علاقاتها مع العرب، ومع الدول الخليجية، ومع تركيا، وحتى مستقبلاً مع إيران والشعب الفلسطيني، ومن أجل حماية أوروبا والغرب واستمرار تدفق الطاقة والطاقة النظيفة واستمرار تدفق الاستثمارات، خاصة من الصناديق السيادية، والقدرة على الولوج إلى الأسواق الخليجية، وهذا أصبح أولوية بالنسبة لصانع القرار في الولايات المتحدة. ان قوة ومكانة دول الخليج ومستويات التنمية جعلت من ترامب مؤمنا بأن علاقات مباشرة مع العرب وبالخصوص مع دول الخليج من مصلحة أمريكا وتتجاوز إسرائيل.
5871
| 10 نوفمبر 2025