رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

Al-sharq

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

الشرق

مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

ماجدة الجاسم

مساحة إعلانية

مقالات

366

ماجدة الجاسم

مراقبة مشددة

14 فبراير 2025 , 08:00ص

في زاوية من زوايا المدرسة، جلست نورا مع صديقاتها ليلى وسارة وريم. كانت ضحكاتهن تُعلي من روح الفريق، ولكن في كل مرة يضحكن فيها، كانت أم نورا، سعاد، تراقبهن من بعيد بوجه جدي. لطالما كانت سعاد مدافعة قوية عن سلامة ابنتها، لكن ضغوطات رقابتها المشددة تركت أثرًا عميقًا على نفسية نورا.

في المدرسة، كانت نورا تجلس مع صديقاتها في استراحة الغداء، يتبادلن الأحاديث عن يومهن الدراسي. كانت ليلى تتحدث بحماس عن عرض مسرحي قادم، بينما كانت سارة تخبرهن عن موضوعات لمشاريعها. وبينما كانت النقاشات تتصاعد، كانت عيون نورا تراقب ساعة يديها، تتذكر دائمًا ما تقوله أمها: «لا تتأخري، كوني حذرة، وابتعدي عن الأشياء التي قد تضعكِ في خطر». تلك الكلمات بدأت تتغلغل في ذهنها، مما جعلها تشعر بأنها محاصرة.

عندما عادت نورا إلى المنزل بعد يوم طويل في المدرسة، وجدت أمها تنتظرها عند الباب. نظرت سعاد بتشدد إلى نورا، وسألتها إذا كانت قد أتمت واجباتها. تعبت نورا من هذه الأسئلة المتكررة، وأرادت أن تشعر بحريتها. حاولت أن تشرح لأمها أنها بحاجة لبعض الراحة وأن صديقاتها كن يشعرن بتوترها بسبب قيود أمها. لكن سعاد، التي كانت تخشى على مستقبل ابنتها، لم تستطع أن تفهم الموقف.

مع مرور الأيام، كانت العلاقة بين نورا وأمها تتقلص أكثر. شعرت نورا بأن أمها تنظر إليها كطفلة، وليس كفتاة مراهقة تتجه نحو النضج. كانت تلك اللحظة المحورية في علاقتهما عندما استدعت نورا كل شجاعتها وقررت أن تتحدث مع أمها بصدق.

تغيير النظرة

في أحد الأيام، جلست نورا مع أمها في غرفة المعيشة بعد العشاء. قررت أن تعبّر عن مشاعرها. قالت: «أمي، أريد أن أتحدث معكِ عن شيء مهم». نظرت سعاد إليها باهتمام، فأكملت نورا: «أشعر وكأنكِ لا تثقين بي. حينما تقولين لي أن أكون حذرة، أحيانًا أرى ذلك على أنه عدم ثقة. أريدكِ أن تعرفي أني يمكنني الاعتناء بنفسي».

تأثرت سعاد بكلمات ابنتها. شعرت بالندم لأن قلقها الزائد قد أثر على علاقتها بنورا. بدأت تدرك أن الفتاة التي أمامها ليست فقط ابنتها، بل أيضًا صديقة وشخص له رأيه الخاص. قالت سعاد: «أنا آسفة، نورا. لم أكن أريدك أن تشعري بهذه الطريقة. أريد فقط الأفضل لكِ».

انتقلت المحادثة إلى مواضيع مختلفة حول الأصدقاء والدروس والضغوطات الاجتماعية. ومع كل جملة وتعبير، بدأت الجدران التي بنيت بينهما في الانهيار. اكتشفت سعاد أنه من الضروري أن تمنح نورا بعض الحريّة، وأن الحماية الزائدة قد تؤدي إلى نتائج عكسية.

قررت سعاد أن تعطي ابنتها مزيدًا من المساحة لتتواصل مع صديقاتها، بينما في نفس الوقت تحافظ على خطوط حوار مفتوحة تشجع على الثقة. خرجت نورا من هذا الحوار بشعور من الراحة والحرية، مدركة أن العلاقات تحتاج دائمًا إلى حوار مفتوح وتفاهم.

الخاتمة

يمكن أن تكون الرقابة عاملًا إيجابيًا، لكن عندما تتحول إلى قيود، فإنها تؤدي إلى مشاعر سلبية. بالتواصل والمشاركة، يمكن للعائلات فهم بعضهم البعض بشكل أعمق، مما يسمح بالحب والاحترام المتبادل. لقد أثبتت نورا لأمها أنها تستحق الثقة، بينما أدركت سعاد أنها بحاجة لتغيير نهجها. في النهاية، كانت تلك المحادثة هي بداية علاقة جديدة قائمة على الثقة والمودة.

 

مساحة إعلانية