رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
في الآونة الأخيرة زادت مطالب بعض الجهات الدولية بإلغاء نظام كفالة الأجانب المعمول به في بعض دول الخليج ودولة قطر باعتبار أن هذا النظام يعمل على ربط شرعية إقامة العامل الوافد بصاحب العمل أو(الكفيل) بما لا يمكن للعامل الوافد تغيير عمله أو وظيفته دون موافقة كفيله إلا في حالات استثنائية وبإذن صريح من الجهة المختصة وأنه لكي يستطيع العامل الوافد المغادرة يتعين عليه الحصول على تأشيرة خروج من كفيله.
ولكي نبحث موضوع نظام الكفالة بتعمق أكثر نقرر منذ البداية أن نظام كفيل الإقامة المعمول به في التشريع القطري وفقاً للقانون رقم 4 لسنة 2009 يستمد نشأته وتقريره وتطبيقه من ضرورات واقعية، أمنية واجتماعية واقتصادية تعطي للدولة حقاً كاملاً في صيانة أمنها وكيانها وهويتها، وهو حق معترف به لجميع الدول وفقاً لمبادئ القانون الدولي والمعاهدات الدولية.
ونظام الكفالة يعد إجراءً إدارياً قصد به تنظيم وضبط مركز الوافد فيما يتعلق بإقامته في الدولة في إطار التدابير والإجراءات والضمانات القانونية التي تهدف في الأساس لممارسة الدولة لحقوقها المشروعة في فرض سلطانها وهيمنتها من أجل حماية المجتمع القطري وكيانه من أي خطر قد يتعرض له، لاسيما مع وجود هذا الزيادة الكبيرة في أعداد الوافدين التي تجاوزت 85% من المواطنين القطريين.
إذن من حق الدولة التي يقيم على أرضها ما يجاوز 85% مقيم أجنبي غير قطري، أن تضع قيوداً لحماية أمنها واستقرارها، كما أنه من حق صاحب العمل في هذه الدولة أن يشعر بالأمان، ومن حق الوافد الأجنبي أيضاً أن يعيش حياة كريمة وأن يتمتع بكافة الضمانات والحقوق التي تحفظ له كرامته وحقوقه.
من هنا وفي ضوء هذه المعادلة لا يمكن القبول بأي إملاءات أو إجراءات تُفرض من الغير على أي دولة فيما يمس أمنها واستقرارها الاجتماعي والديموغرافي بل إن الدولة المعنية هي القادرة على إصدار التشريعات اللازمة التي ترى فيها ملاذ حمايتها وحماية مواطنيها، وبالتالي فإن المناداة بإلغاء نظام كفالة الوافدين والذي يعتبر – في اعتقادنا – صمام أمن واستقرار الدولة والمجتمع القطري، هذه المناداة تستحق الدراسة، ذلك أن نظام الكفالة أثبت فاعليته وجدواه طيلة العقود الماضية واستطاعت الدولة التحكم والسيطرة على قطاع العمالة الوافدة بما انعكس إيجاباً على الدولة والكفلاء والمكفولين ووفر الطمأنينة والاستقرار لأصحاب الأعمال وللعاملين المكفولين على حدٍّ سواء، ولا يقدح في كل ذلك حدوث بعض السلبيات وتلاعب بعض أصحاب النفوس الضعيفة بمخرجات هذا النظام واستغلاله لمصالحهم الخاصة. وقد تكفلت التشريعات المعمول بها حالياً في الدولة بمعاقبة الكفيل في حالة ما إذا شكل فعله هذا مخالفة أو جريمة أو ذنبا سواء من الناحية الجنائية أو المدنية، ويستطيع المكفول أيا كانت صفته أن يقاضي كفيله أمام الجهات المختصة.
صفوة القول أن المشرع القطري عندما أوجب على كل وافد أجنبي يريد الإقامة في البلاد، أن يكون له كفيل قطري إنما قصد من ذلك تنظيم وضبط مركز الأجنبي فيما يتعلق بإقامته في الدولة ضمن الأطر التي تهدف في الأساس إلى ممارسة الدولة لحقوقها المشروعة في فرض سيادتها وسلطتها من أجل حماية المجتمع القطري ولم تقصد من هذا الإجراء الإساءة إلى العامل الوافد أو الانتقاص من حقوقه أو كرامته لأنه مع غياب الضوابط والشروط التي تحدد إقامة الأجانب في الدولة ومنها أن يكون لكل أجنبي كفيل إقامة قطري، سوف تعم الفوضى والاضطراب مما سوف تبرز معه العديد من المشكلات سواء على المستوى الاجتماعي أو الاقتصادي بما يزعزع الاستقرار في المجتمع القطري. ونؤكد على أن النقد الموجه إلى نظام الكفالة نابع في حقيقة الأمر من عدم إدراك وأهمية هذا الإجراء للمجتمع القطري وخصوصيته فيما يتعلق بالتركيبة السكانية.
قلنا إن بعض ضعاف النفوس من الكفلاء القطريين حولوا نظام الكفالة المعمول به إلى أداة لاستغلال مكفوليهم من العمالة الوافدة عندما يرفض الكفيل إعطاء المكفول موافقة بنقل كفالته إلى شخص آخر والسماح له بالعمل لدى الآخرين ويصر على مغادرة العامل إلى بلده رغم أن هناك فرصة لكي يعمل هذا العامل في الدولة.
والثابت أن المخالفين من الكفلاء القطريين لنظام الكفالة هم قلة شاذة من المواطنين العاديين وأصحاب المؤسسات الصغيرة والشركات الوهمية أما غالبية الكفلاء سواء من الجهات الحكومية أو المؤسسات والشركات والأفراد فهم يعاملون المكفولين المعاملة الإنسانية اللائقة ويعطونهم حقوقهم المالية والمعنوية كاملةً.
والواقع أن القانون رقم 4 لسنة 2009 بتنظيم دخول وخروج الوافدين وإقامتهم وكفالتهم والذي تضمن في الباب الرابع منه المواد التي تنظم كفالة الوافدين اشتمل على عدة إيجابيات خففت الكثير من القيود التي قد يفرضها الكفلاء على المكفولين وهي على النحو الآتي:
أولاً: بموجب المادة (43) من القانون يجوز لوزير الداخلية إصدار سمات ومنح تراخيص إقامة بدون كفيل للفئات التالية:
1- المستثمرون الخاضعون لأحكام القانون رقم (13) لسنة 2000 بتنظيم استثمار رأس المال غير القطري في النشاط الاقتصادي.
2- المالكون والمنتفعون بالعقارات والوحدات السكنية وفقاً لأحكام القانون رقم (17) لسنة 2004 بتنظيم تملك وانتفاع غير القطريين بالعقارات والوحدات السكنية.
3- أي فئات أخرى تحدد بقرار من مجلس الوزراء.
مؤدى ما تقدم أن التشريع القطري سمح لطائفة من الوافدين بالإقامة في الدولة دون كفيل إقامة، كما خول القانون مجلس الوزراء ضم فئات أخرى من الوافدين وإعطاءها رخص إقامة في البلاد دون كفيل.
ثانياً: سمح القانون بنقل كفالة العامل الوافد على أن يكون ذلك باتفاق كتابي بين صاحب العمل الجديد وصاحب العمل السابق للعامل بعد موافقة الجهة المختصة بوزارة العمل بالنسبة للفئات الخاضعة لأحكام قانون العمل.
ثالثاً: واستحدث القانون حالة جديدة لنقل كفالة العامل، إذ أجاز لوزير الداخلية الموافقة على نقل كفالة العامل الوافد بصفة مؤقتة في حالة وجود دعاوى بين الكفيل والعامل الوافد، وللوزير أو من ينيبه الموافقة على نقل كفالة الوافد الذي لا يسري عليه قانون العمل مثل الموظفين والعاملين في الوزارات والهيئات والمؤسسات العامة وخدم المنازل والمستخدمين في الأعمال العارضة إلى رب عمل آخر في حال ثبوت تعسف الكفيل أو إذا اقتضت المصلحة العامة ذلك. ويجوز للوزير أو من ينيبه بناءً على طلب العامل وموافقة وزارة العمل نقل كفالة العامل الذي يسري عليه قانون العمل إلى رب عمل آخر.
مؤدى ذلك أن المشرع القطري أعطى لوزير الداخلية صلاحية نقل كفالة المكفول إلى صاحب عمل جديد دون موافقة كفيله في الأحوال السابقة.
جميع ذلك يدل على أن المشرع القطري خطا خطوات متقدمة وأدخل تعديلات على نظام الكفالة المعمول به لصالح المكفولين الوافدين.
ومن جهة أخرى فإن القانون عالج مأذونية خروج المكفول في المادة (18) إذ نصت المادة على أنه: "ولا يصرح للوافدين فيما عدا النساء اللاتي على كفالة رب الأسرة والقُصّر والزوار الذين لا تجاوز مدة زيارتهم للدولة ثلاثين يوماً بمغادرة البلاد بصفة مؤقتة أو نهائية إلا بعد تقديم إذن بالخروج من كفيل الإقامة".
ويحل محل هذا الإذن، عند تعذر حصول الوافد عليه لامتناع كفيله من إعطائه له أو لوفاة الكفيل أو لغيابه مع عدم تعيينه وكيلاً عنه، تقديم كفيل خروج، أو شهادة بعدم وجود أحكام تحت التنفيذ أو دعاوى مطالبة ضد الوافد، تصدر من المحاكم المختصة بعد مضي خمسة عشر يوماً من تاريخ الإعلان في صحيفتين يوميتين لمرة واحدة من تاريخ مغادرة الوافد للبلاد، وذلك وفقاً للإجراءات والضوابط التي يصدر بها قرار من الوزير.
المستفاد من هذا النص أن المشرع القطري قرر ضرورة حصول المكفول قبل مغادرته البلاد على إذن خروج مكتوب من كفيله، ولا يستطيع المكفول مغادرة البلاد إلا بحصوله على هذا الإذن (مأذونية الخروج) إلا أنه بالمقابل وضع بدائل أخرى في حالة ما إذا امتنع الكفيل أو تعذر حصول المكفول على الإذن.
والحقيقة أن البدائل التي أوردها المشرع في المادة (18) تحتاج إلى إعادة نظر لتمكين المكفول من الحصول على إذن الخروج بسرعة وحتى لا يكون عُرضةً لإجراءات طويلة ومعقدة تمنعه من السفر وطالما أن المشرع قرر الاستغناء عن موافقة الكفيل على مأذونية خروج مكفوله سواء لرفضه أو غيابه فإنه يتعين وضع آلية سريعة لتمكين المكفول من السفر فوراً.
وفي اعتقادي الخاص أن إيجاد آلية سريعة لحصول المكفول على مأذونية خروج في حالة رفض الكفيل ذلك أمر تحتمه المصلحة العامة للدولة وهو إجراء من المهم تحقيقه بتخصيص جهة محددة بوزارة الداخلية تختص بإصدار مأذونيات خروج الوافدين فوراً وبعد التحقق من عدة بيانات للوقوف على أسباب امتناع الكفيل عن التوقيع على مأذونية خروج مكفوله.
وفي جميع الأحوال إذا ما ثبت أن الكفيل قد تعسف أو تعمد عدم التوقيع على مأذونية خروج المكفول فلابد من مؤاخذته عن هذا التصرف.
وتبقى نقطة أخيرة ومهمة يتعين علاجها وهي مسألة نقل كفالة العامل الوافد من كفيل لآخر.
أوضحنا أن القانون الحالي لتنظيم دخول وخروج الوافدين وإقامتهم وكفالتهم اتخذ خطوات مهمة نحو إصلاح نظام الكفالة حين ذهب المشرع القطري في المادة (22) من القانون إلى السماح بنقل كفالة العامل الوافد وكذلك ما تضمنه القانون في المادة (12) من الموافقة على نقل كفالة العامل الوافد في حال ثبوت تعسف الكفيل أو إذا اقتضت المصلحة العامة ذلك.
مؤدى ذلك أن المشرع القطري عمل على تخفيف القيود التي تحد من نقل الكفالة للعمال الوافدين لأسباب حددها القانون على النحو الذي أشرنا إليه سلفاً.
وبالنظر إلى أن القانون أو التشريع الذي يحكم إقامة وتنقل الأجانب أو الوافدين أو المهاجرين في معظم الدول تحتاج قواعده إلى المراجعة الدائمة والتعديل والإضافة وفقاً لمقتضيات المصلحة العامة للدولة، وهو من أكثر القوانين واللوائح التي من الضروري مراجعتها بين فترة وأخرى. وتعتبر هذه القوانين الأهم التي توفر الاستقرار والطمأنينة لكافة شرائح المقيمين في الدولة ومعرفة حقوقهم وواجباتهم والضمانات المقررة لهم وكذلك ما يتوجب عليهم الالتزام به لتأتي إقامتهم مشروعة ومتفقة مع التشريعات النافذة في الدولة.
وأرى كخطوة أولى متقدمة ضرورة إصدار تعديل تشريعي يعطي المكفول الحق في نقل كفالته من كفيله إلى صاحب عمل آخر بعد انقضاء فترة يحددها المشرع القطري، بما يسمح للعامل بنقل كفالته بعد مرور تلك الفترة دون موافقة كفيله على أن تتولى وزارة الداخلية إصدار تلك الموافقة بعد تأكدها من عدم وجود موانع قانونية تمنع من ذلك على أن يسري هذا التعديل على جميع المكفولين الخاضعين لقانون العمل.
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية




مساحة إعلانية
في منتصف العام الدراسي، تأتي الإجازات القصيرة كاستراحة ضرورية للطلبة والأسر، لكنها في الوقت ذاته تُعد محطة حساسة تتطلب قدراً عالياً من الوعي في كيفية التعامل معها. فهذه الإجازات، على قِصر مدتها، قد تكون عاملاً مساعداً على تجديد النشاط الذهني والنفسي، وقد تتحول إن أُسيء استغلالها إلى سبب مباشر في تراجع التحصيل الدراسي وصعوبة العودة إلى النسق التعليمي المعتاد. من الطبيعي أن يشعر الأبناء برغبة في كسر الروتين المدرسي، وأن يطالبوا بالسفر والتغيير، غير أن الانصياع التام لهذه الرغبات دون النظر إلى طبيعة المرحلة الدراسية وتوقيتها يحمل في طياته مخاطر تربوية لا يمكن تجاهلها. فالسفر إلى دول تختلف بيئتها ومناخها وثقافتها عن بيئتنا، وفي وقت قصير ومزدحم دراسياً، يؤدي غالباً إلى انفصال ذهني كامل عن أجواء الدراسة، ويضع الطالب في حالة من التشتت يصعب تجاوزها سريعاً عند العودة. توقيت الإجازة وأثره المباشر على المسار الدراسي التجربة التربوية تؤكد أن الطالب بعد الإجازات القصيرة التي تتخلل العام الدراسي يحتاج إلى قدر من الاستقرار والروتين، لا إلى مزيد من التنقل والإرهاق الجسدي والذهني. فالسفر، مهما بدا ممتعاً، يفرض تغييرات في مواعيد النوم والاستيقاظ، ويُربك النظام الغذائي، ويُضعف الالتزام بالواجبات والمتابعة الدراسية، وهو ما ينعكس لاحقاً على مستوى التركيز داخل الصف، ويجعل العودة إلى الإيقاع المدرسي عملية بطيئة ومجهدة. وتكمن الخطورة الحقيقية في أن هذه الإجازات لا تمنح الطالب الوقت الكافي للتكيّف مرتين: مرة مع السفر، ومرة أخرى مع العودة إلى المدرسة. فيضيع جزء غير يسير من زمن الفصل الدراسي في محاولة استعادة النشاط الذهني والانخراط مجدداً في الدروس، وهو زمن ثمين كان الأولى الحفاظ عليه، خصوصاً في المراحل التي تكثر فيها الاختبارات والتقييمات. قطر وجهة سياحية غنية تناسب الإجازات القصيرة في المقابل، تمتلك دولة قطر بيئة مثالية لاستثمار هذه الإجازات القصيرة بشكل متوازن وذكي، فالأجواء الجميلة خلال معظم فترات العام، وتنوع الوجهات السياحية والترفيهية، من حدائق ومتنزهات وشواطئ ومراكز ثقافية وتراثية، تمنح الأسر خيارات واسعة لقضاء أوقات ممتعة دون الحاجة إلى مغادرة البلاد. وهي خيارات تحقق الترفيه المطلوب، وتُشعر الأبناء بالتجديد، دون أن تخلّ باستقرارهم النفسي والتعليمي. كما أن قضاء الإجازة داخل الوطن يتيح للأسرة المحافظة على جزء من الروتين اليومي، ويمنح الأبناء فرصة للعودة السلسة إلى مدارسهم دون صدمة التغيير المفاجئ. ويمكن للأسر أن توظف هذه الفترة في أنشطة خفيفة تعزز مهارات الأبناء، مثل القراءة، والرياضة، والأنشطة الثقافية، وزيارات الأماكن التعليمية والتراثية، بما يحقق فائدة مزدوجة: متعة الإجازة واستمرارية التحصيل. ترشيد الإنفاق خلال العام الدراسي ومن زاوية أخرى، فإن ترشيد الإنفاق خلال هذه الإجازات القصيرة يمثل بُعداً مهماً لا يقل أهمية عن البعد التربوي. فالسفر المتكرر خلال العام الدراسي يستهلك جزءاً كبيراً من ميزانية الأسرة، بينما يمكن ادخار هذه المبالغ وتوجيهها إلى إجازة صيفية طويلة، حيث يكون الطالب قد أنهى عامه الدراسي، وتصبح متطلبات الاسترخاء والسفر مبررة ومفيدة نفسياً وتعليمياً. الإجازة الصيفية، بطولها واتساع وقتها، هي الفرصة الأنسب للسفر البعيد، والتعرف على ثقافات جديدة، وخوض تجارب مختلفة دون ضغط دراسي أو التزامات تعليمية. حينها يستطيع الأبناء الاستمتاع بالسفر بكامل طاقتهم، وتعود الأسرة بذكريات جميلة دون القلق من تأثير ذلك على الأداء المدرسي. دور الأسرة في تحقيق التوازن بين الراحة والانضباط في المحصلة، ليست المشكلة في الإجازة ذاتها، بل في كيفية إدارتها، فالإجازات التي تقع في منتصف العام الدراسي ينبغي أن تُفهم على أنها استراحة قصيرة لإعادة الشحن، لا قطيعة مع المسار التعليمي. ودور الأسرة هنا محوري في تحقيق هذا التوازن، من خلال توجيه الأبناء، وضبط رغباتهم، واتخاذ قرارات واعية تضع مصلحة الطالب التعليمية في المقام الأول، دون حرمانه من حقه في الترفيه والاستمتاع. كسرة أخيرة إن حسن استثمار هذه الإجازات يعكس نضجاً تربوياً، ووعياً بأن النجاح الدراسي لا يُبنى فقط داخل الصفوف، بل يبدأ من البيت، ومن قرارات تبدو بسيطة، لكنها تصنع فارقاً كبيراً في مستقبل الأبناء.
1974
| 24 ديسمبر 2025
حين تُذكر قمم الكرة القطرية، يتقدّم اسم العربي والريان دون استئذان. هذا اللقاء يحمل في طيّاته أكثر من مجرد ثلاث نقاط؛ إنها مواجهة تاريخية، يرافقها جدل جماهيري ممتد لسنوات، وسؤال لم يُحسم حتى اليوم: من يملك القاعدة الجماهيرية الأكبر؟ في هذا المقال، سنبتعد عن التكتيك والخطط الفنية، لنركز على الحضور الجماهيري وتأثيره القوي على اللاعبين. هذا التأثير يتجسد في ردود الأفعال نفسها: حيث يشدد الرياني على أن "الرهيب" هو صاحب الحضور الأوسع، بينما يرد العرباوي بثقة: "جمهورنا الرقم الأصعب، وهو ما يصنع الفارق". مع كل موسم، يتجدد النقاش، ويشتعل أكثر مع كل مواجهة مباشرة، مؤكدًا أن المعركة في المدرجات لا تقل أهمية عن المعركة على أرضية الملعب. لكن هذه المرة، الحكم سيكون واضحًا: في مدرجات استاد الثمامة. هنا فقط سيظهر الوزن الحقيقي لكل قاعدة جماهيرية، من سيملأ المقاعد؟ من سيخلق الأجواء، ويحوّل الهتافات إلى دعم معنوي يحافظ على اندفاع الفريق ويزيده قوة؟ هل سيتمكن الريان من إثبات أن جماهيريته لا تُنافس؟ أم سيؤكد العربي مجددًا أن الحضور الكبير لا يُقاس بالكلام بل بالفعل؟ بين الهتافات والدعم المعنوي، يتجدد النقاش حول من يحضر أكثر في المباريات المهمة، الريان أم العربي؟ ومن يمتلك القدرة على تحويل المدرج إلى قوة إضافية تدفع فريقه للأمام؟ هذه المباراة تتجاوز التسعين دقيقة، وتتخطى حدود النتيجة. إنها مواجهة انتماء وحضور، واختبار حقيقي لقوة التأثير الجماهيري. كلمة أخيرة: يا جماهير العربي والريان، من المدرجات يبدأ النصر الحقيقي، أنتم الحكاية والصوت الذي يهز الملاعب، احضروا واملأوا المقاعد ودعوا هتافكم يصنع المستحيل، هذه المباراة تُخاض بالشغف وتُحسم بالعزيمة وتكتمل بكم.
1332
| 28 ديسمبر 2025
في هذا اليوم المجيد من أيام الوطن، الثامن عشر من ديسمبر، تتجدد في القلوب مشاعر الفخر والولاء والانتماء لدولة قطر، ونستحضر مسيرة وطنٍ بُني على القيم، والعدل، والإنسان، وكان ولا يزال نموذجًا في احتضان أبنائه جميعًا دون استثناء. فالولاء للوطن ليس شعارًا يُرفع، بل ممارسة يومية ومسؤولية نغرسها في نفوس أبنائنا منذ الصغر، ليكبروا وهم يشعرون بأن هذا الوطن لهم، وهم له. ويأتي الحديث عن أبنائنا من ذوي الإعاقة تأكيدًا على أنهم جزء أصيل من نسيج المجتمع القطري، لهم الحق الكامل في أن يعيشوا الهوية الوطنية ويفتخروا بانتمائهم، ويشاركوا في بناء وطنهم، كلٌ حسب قدراته وإمكاناته. فالوطن القوي هو الذي يؤمن بأن الاختلاف قوة، وأن التنوع ثراء، وأن الكرامة الإنسانية حق للجميع. إن تنمية الهوية الوطنية لدى الأبناء من ذوي الإعاقة تبدأ من الأسرة، حين نحدثهم عن الوطن بلغة بسيطة قريبة من قلوبهم، نعرّفهم بتاريخ قطر، برموزها، بقيمها، بعَلَمها، وبإنجازاتها، ونُشعرهم بأنهم شركاء في هذا المجد، لا متلقّين للرعاية فقط. فالكلمة الصادقة، والقدوة الحسنة، والاحتفال معهم بالمناسبات الوطنية، كلها أدوات تصنع الانتماء. كما تلعب المؤسسات التعليمية والمراكز المتخصصة دورًا محوريًا في تعزيز هذا الانتماء، من خلال أنشطة وطنية دامجة، ومناهج تراعي الفروق الفردية، وبرامج تُشعر الطفل من ذوي الإعاقة أنه حاضر، ومسموع، ومقدَّر. فالدمج الحقيقي لا يقتصر على الصفوف الدراسية، بل يمتد ليشمل الهوية، والمشاركة، والاحتفال بالوطن. ونحن في مركز الدوحة العالمي لذوي الإعاقة نحرص على تعزيز الهوية الوطنية لدى أبنائنا من ذوي الإعاقة من خلال احتفال وطني كبير نجسّد فيه معاني الانتماء والولاء بصورة عملية وقريبة من قلوبهم. حيث نُشرك أبناءنا في أجواء اليوم الوطني عبر ارتداء الزي القطري التقليدي، وتزيين المكان بأعلام دولة قطر، وتوزيع الأعلام والهدايا التذكارية، بما يعزز شعور الفخر والاعتزاز بالوطن. كما نُحيي رقصة العرضة القطرية (الرزيف) بطريقة تتناسب مع قدرات الأطفال، ونُعرّفهم بالموروث الشعبي من خلال تقديم المأكولات الشعبية القطرية، إلى جانب تنظيم مسابقات وأنشطة وطنية تفاعلية تشجّع المشاركة، وتنمّي روح الانتماء بأسلوب مرح وبسيط. ومن خلال هذه الفعاليات، نؤكد لأبنائنا أن الوطن يعيش في تفاصيلهم اليومية، وأن الاحتفال به ليس مجرد مناسبة، بل شعور يُزرع في القلب ويترجم إلى سلوك وهوية راسخة. ولا يمكن إغفال دور المجتمع والإعلام في تقديم صورة إيجابية عن الأشخاص ذوي الإعاقة، وإبراز نماذج ناجحة ومُلهمة منهم، مما يعزز شعورهم بالفخر بذواتهم وبوطنهم، ويكسر الصور النمطية، ويؤكد أن كل مواطن قادر على العطاء حين تتوفر له الفرصة. وفي اليوم الوطني المجيد، نؤكد أن الولاء للوطن مسؤولية مشتركة، وأن غرس الهوية الوطنية في نفوس أبنائنا من ذوي الإعاقة هو استثمار في مستقبل أكثر شمولًا وإنسانية. فهؤلاء الأبناء ليسوا على هامش الوطن، بل في قلبه، يحملون الحب ذاته، ويستحقون الفرص ذاتها، ويشاركون في مسيرته كلٌ بطريقته. حفظ الله قطر، قيادةً وشعبًا، وجعلها دائمًا وطنًا يحتضن جميع أبنائه… لكل القدرات، ولكل القلوب التي تنبض بحب الوطن كل عام وقطر بخير دام عزّها، ودام مجدها، ودام قائدها وشعبها فخرًا للأمة.
1140
| 22 ديسمبر 2025