رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

Al-sharq

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

الشرق

مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

هديل رشاد

صحفية فلسطينية

مساحة إعلانية

مقالات

573

هديل رشاد

سلطة تحت «بساطير الاحتلال»

15 يناير 2025 , 02:00ص

في يوم ما اعترف رئيس السلطة الفلسطينية صراحة قائلا بأنه «سلطة تحت بساطير الاحتلال»، وأنّه لا يستطيع مغادرة أو العودة إلى رام الله إلا بموافقة الاحتلال، على الرغم من أنَّ اعترافه صحيح ولا شائبة فيه، إلا أنني لم أدرك ما اعترف به صراحة إلا بعد عملية الخزي و العار لا عملية «حماية وطن» الأمنية التي أطلقتها قوات الأمن التابعة للسلطة الفلسطينية لتمنح نفسها شرعية إشهار سلاح ممول من الولايات المتحدة الأمريكية والكيان المحتل في وجه أبناء الجلدة الواحدة! لتخليص أبناء المقاومة الفلسطينية في مخيم جنين ثاني أكبر مخيم في الضفة الغربية من سلاح المقاومة الذي لم يشهر إلا في وجه الكيان المحتل والمستوطنين، مدعية أجهزة السلطة في عمليتها التي سُهي عليها وهي تختار شعار العملية أن تلحق بكلمة «وطن» الألف واللام، حتى تزيد حيرتنا فمن هو «وطن» المقصود في عمليتها الأمنية ؟!، ومن تخدم هذه العملية؟! وهذان السؤالان علينا توجيههما لمن لايزال يعتقد بأحقية ما اقترفته السلطة بحق أبناء الوطن الواحد تحت ذريعة «استئصال الفتنة والفوضى» في المنطقة على حد وصف الأجهزة الأمنية التابعة للسلطة الفلسطينية.

وما زاد الطين بلة هو أنَّ السلطة وبكل تبجح وصفت المقاومين بـ»العملاء» يسعون لزعزعة الاستقرار، واتهمتهم بالتواطؤ مع اليمين المتطرف الإسرائيلي الذي يعمل على إضعاف السلطة، مما دفع أجهزة السلطة لفرض حصار كامل على مخيم جنين، مما أسفر عن انقطاع الكهرباء والمياه، ومنع الدخول أو الخروج من المخيم. كما تعذر وصول سيارات الإسعاف، فيما استولت قوات السلطة على العديد من المنازل وحولتها إلى مواقع عسكرية، مما أدى إلى تهجير السكان قسرًا، كما عطلت طلبة المدارس والجامعات عن فصلهم الدراسي الحالي، دون أي مسوغ سوى شهوة السلطة، التي جعلت الأجهزة الأمنية تمارس أبشع أنواع الممارسات من قتل وقنص وتعذيب لمن تم اعتقالهم، وكأنها مقاول من الباطن لحماية وحراسة الاحتلال، كما أنها تخشى من تصاعد عمل المقاومين في الضفة الغربية الذي تراه تهديدا لوجودها المرتبط بالتنسيق الأمني مع المحتل، وبالتالي فإن تطور قدرات المقاومة الفلسطينية في الضفة الغربية يزيد من احتمالات تراجع النفوذ الأمني للسلطة في الضفة وهي تخشى تكرار سيناريو غزة.

..وما أراه مؤسفا في هذه العملية التي يندى لها جبين كل فلسطيني حر، هو أنَّ ما أقدمت عليه أجهزة الأمن التابعة للسلطة الفلسطينية هو نوع من المغازلة السياسية على حساب أبناء الشعب الواحد، وتوجيه رسالة بأن السلطة شريك موثوق به، ولنيل الرضا من دولة الاحتلال وداعميها عن عمليتها الواسعة في الضفة الغربية، وكيف لا ترضى وهي ترى الدم الفلسطيني يراق بيد فلسطينية !

..وحقيقة وللحظة كتابة هذه الأسطر، وأنا لازلت أضرب كفا بكف، فكيف لأجهزة الأمن التابعة للسلطة الفلسطينية أن تتخذ هذه الخطوة المخزية والتي تعد وصمة عار لا وسام شرف بتاريخ السلطة الفلسطينية، إذ أنَّ هذا الأمر مهما حاولت أجهزة أمن السلطة الفلسطينية تبريره وشرعنته سيظل وصمة عار بل وخيانة لأبناء الجلدة الواحدة، وعلى أجهزة السلطة الفلسطينية أن تعي تماما بأنَّ في حال انتهت مهمتها لن تنعم بطيب المعشر مع العدو المحتل مصداقا للمثل الشعبي «عشم إبليس في الجنة»، فمن سهُل عليه خيانة أبناء شعبه في ظل الخطر الذي يتهدد القضية الفلسطينية من خلال العدوان على قطاع غزة، ومحاولات تهجير الشعب الفسطيني وضم الضفة الغربية وتوسيع نطاق الاستيطان الإسرائيلي، لن يحظى باحترام حتى من تواطأ معه ضد أبناء شعبه.

ختاماً...

أتمنى من السلطة الفلسطينية أن تعود إلى رشدها، وتعيد حساباتها في ظل عنق الزجاجة الذي لا تحياه غزة فحسب بل كل فلسطين، ويظل السؤال قائمًا متى ستستيقظ السلطة الفلسطينية من غفلتها؟ ومتى ستغلق ملفات الخلافات بين الفصائل الفلسطينية؟ والتركيز على أنَّ هناك عدوا واحدا، يجلس متفرجاً على الأخ وهو يقتل أخاه بدم بارد لتحقيق مصالح العدو الخبيثة على أرض فلسطين.

مساحة إعلانية