رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

Al-sharq

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

الشرق

مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

بهاء الدين مكاوي

مساحة إعلانية

مقالات

495

بهاء الدين مكاوي

فرص وتحديات استعادة التماسك الاجتماعي في السودان (3-3)

15 أبريل 2025 , 02:00ص

بعد استعراض تجارب رواندا وجنوب أفريقيا وأيرلندا الشمالية في استعادة تماسكها الاجتماعي في أعقاب الحروب والنزاعات التي مرت بها يثور التساؤل حول كيفية الاستفادة من هذه التجارب في رتق النسيج الاجتماعي في السودان؟.

يمكن ملاحظة أن القواسم المشتركة بين هذه التجارب الثلاث (رواندا، جنوب أفريقيا، وايرلندا الشمالية) تتمثل في: الاعتراف بأخطاء الماضي واستحداث سياسات وآليات لمعالجة الانتهاكات التي وقعت من خلال المحاسبة القضائية إلى جانب العفو المشروط لتشجيع المصالحة. وكانت التنمية الاقتصادية عنصراً رئيسياً في عمليات إعادة البناء حيث سعت هذه البلدان إلى تنفيذ برامج تنمية شاملة لتحسين مستوى المعيشة، مع التركيز على إزالة مظاهر التهميش الاقتصادي والاجتماعي التي ساهمت في إشعال الصراعات، ولضمان استدامة السلام والمصالحة سعت الحكومات الجديدة إلى إصلاح المؤسسات الحكومية والقضائية بحيث تكون أكثر شفافية وكفاءة، مما يعزز ثقة المواطنين في النظام ويمنع تكرار الانتهاكات السابقة. كذلك فقد كانت المصالحة الوطنية محورية في بناء السلام، ولعب التعليم والمؤسسات الثقافية دوراً مهماً في تعزيز الهوية الوطنية وتعزيز الوحدة بين أطياف المجتمع، كما لعبت القيادات الكاريزمية مثل نيلسون مانديلا في جنوب أفريقيا وبول كاجامي في رواندا أدواراً حاسمة في تحول بلدانهم نحو السلام وتجاوز آثار الماضي البغيض.

إن تجارب رواندا وجنوب إفريقيا وأيرلندا الشمالية يمكن أن تقدم دروساً قيمة في مجال المصالحة الوطنية وبناء الثقة في السودان مع أهمية مراعاة الخصوصية السودانية. لقد شهد السودان سلسلة من الحروب والنزاعات على مدار العقود الماضية، بدءاً من النزاع في جنوب السودان قبيل الاستقلال، مروراً بحروب دارفور، وصولاً إلى النزاعات في جنوب كردفان والنيل الأزرق. لذلك، من المهم معالجة القضايا العرقية والثقافية ودعاوى التهميش التنموي والثقافي والاجتماعي كجزء من أي حل مستدام في السودان.

تتمثل أولى الخطوات لاستعادة الثقة بين الأطراف السودانية بعد نهاية الحرب الحالية في تشكيل حكومة تتمتع بالشرعية والكفاءة. يجب أن تكون هذه الحكومة قادرة على معالجة آثار الحرب وإعادة بناء الثقة بين مكونات المجتمع السوداني. تأتي على رأس أولويات هذه الحكومة التعامل مع الجرائم التي ارتكبت خلال الحرب، خصوصاً الاعتداءات الجنسية والتطهير العرقي. هذه الانتهاكات الجسيمة تمثل أكبر العقبات أمام المصالحة وأبرز التحديات التي سوف تواجه الحكومة الانتقالية، حيث يصعب التسامح بشأن هذه الجرائم. لذلك، يجب أن تتبنى الحكومة السودانية نهجاً غير تقليدي لمواجهة هذه العقبة، مع التأكيد على ضرورة عدم التعايش دون معالجة فظائع الماضي.

إن من أهم الدروس المستفادة من الحرب السودانية أن الاستعانة بالمليشيات المسلحة من قبل الحكومات هو خطأ استراتيجي كبير، وهو ما يقتضي التعاطي بجدية مع كل المليشيات والجماعات المسلحة غير النظامية في السودان، وتجريم إنشاء المليشيات دستوراً وقانوناً، والإسراع في دمج كل الحركات المسلحة في القوات النظامية حفاظاً على الامن القومي للبلاد. كما يجب إجراء تحقيق شامل وشفاف حول أسباب الحرب والضالعين فيها وتقديمهم للعدالة، وإجراء إصلاح شامل للمنظومة العسكرية، وتعزيز قدراتها بالتدريب والتسليح؛ وزيادة الميزانية المخصصة للجيش والشرطة وجهاز الأمن.

سياسياً، يحتاج السودان إلى دستور يضمن المساواة والعدالة واحترام حقوق الإنسان، ويؤكد على الحقوق السياسية والاقتصادية والتنمية المستدامة، ويعالج كل أوجه الخلل في النظام السياسي السوداني بما يضمن عدم تكرار هذه المأساة التي حلت بالسودانيين في المستقبل، ويجب أن يكون المجتمع المدني السوداني، رغم ما يعانيه من ضعف وتشرذم، جزءاً من عملية المصالحة وذلك بالمساهمة في تنظيم الحوارات الوطنية، ومساعدة الضحايا، وتعزيز التسامح ونبذ العنف، بالإضافة إلى المساهمة في بناء القدرات الشبابية في القيادة والمشاركة المجتمعية. كما يمكن للمؤسسات التعليمية والإعلامية أن تساهم في ترسيخ قيم التسامح وقبول الآخر، وتعزيز مفاهيم السلام والتسامح وتقبل الآخر واحترام التنوع الثقافي.

اقرأ المزيد

alsharq ومضات لحياة سعيدة

خلال قراءتي لرسالة الشيخ العلامة عبدالرحمن بن ناصر السعدي رحمه الله حول الوسائل المفيدة للحياة السعيدة أحببت مشاركتكم... اقرأ المزيد

114

| 07 نوفمبر 2025

alsharq لا مال بعد الموت

في زمنٍ أصبح المال فيه مقياسًا للهيبة، وميزانًا للقيمة، ضاعت كثيرٌ من المعاني النبيلة، وغابت عن الناس الحقيقة... اقرأ المزيد

186

| 07 نوفمبر 2025

alsharq اهتمام الآباء بتربية الأبناء

كل لحظة يقضيها الأب والأم مع أبنائهما اليوم هي استثمار في غدٍ مشرق، وفي شخصيات ستصون الأسرة والمجتمع.... اقرأ المزيد

78

| 07 نوفمبر 2025

مساحة إعلانية