رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
يقول برنارد شو في كتابه «حيرة طبيب» إن مهنة الطب لن تصبح مهنة إنسانية إلا بوضع حائل بين جيب المريض ويد الطبيب، واصفا الأطباء بأنهم «محض قتلة يحملون ترخيصًا». حسنا، لكن المؤكد أن هذا الوصف لا يقتصر على أغلب الأطباء الأفراد فقط، ولكن يشمل الشركات الكبرى التي تتحكم في الأطباء، وفي الدواء، وكل ما يتعلق بصحة الإنسان وسلامته. وبما أن كل شيء في هذا العصر بات يصنع صناعة فلم يعد المرض استثناء، حتى شاع أن شعار شركات الأدوية هو «إذا أردت أن تبيع الدواء فاصنع المرض». وهذا ما يقرره د. جاري جرينبرج في كتابه «صناعة الاكتئاب» 2010. وليت الأمر وقف عند ذلك، فهؤلاء لا يصنعون المرض فقط، بل إن أدويتهم لا تعالج بقدر ما تُديم المرض وتجعله مزمنا، بينما يمنعون صناعة الدواء الناجع بحق. وفوق كل ذلك يبيعونه بأسعار يعجز عنها الكثيرون. وهناك قصة توضح خطورة مؤامرات أعداء الإنسانية وارتباط بعضها بالبعض، وهي قصة الأمريكي مارتن شكريلي، (ابن البواب) الذي جعلوه رئيس أحد صناديق التحوط، التي ذكرنا أنها من أهم وسائل صناعة الفقر. فقد رفع سعر دواء مضاد للسرطان والإيدز، بعد احتكار تصنيعه، من 13 إلى 750 دولارا للحبة الواحدة، أي بنسبة أكثر من 5000 بالمئة. ورغم الانتقادات وحتى السجن الذي تعرض له لم ينخفض السعر!
وكان من أوائل من فضحوا تلك «المؤامرة» الباحث الأمريكي كيفين ترودو. ففي كتابه «علاجات طبيعية لا يريدونك أن تعرفها»2004، يؤكد ترودو وجود علاجات طبيعية للأمراض الخطيرة ومنها السرطان، والإيدز، والسكري، وأخرى كثيرة، موضحا أن تلك العلاجات تخفيها عن الجمهور عمدا، شركات الأدوية الكبرى، والجهات الرسمية المتواطئة معها. وقد تعرض نتيجة ذلك للسجن ولغرامات بعشرات الملايين من الدولارات، مثل كثيرين ممن حاولوا كشف جرائم النُخب.
الأمر نفسه أكده الباحث الأمريكي تاي بولينغر في كتابه «حقيقة السرطان»،2006، قائلا إن شركات الأدوية الكبرى تئد منذ عقود كل محاولات صناعة العلاجات الرخيصة البديلة لأدويتها التي لا تعالج المرض بل تفاقمه لأنها تهاجم أنظمة المناعة، ويسميها، «العلاجات السامة»، في مقابل علاجات الطب البديل الطبيعية التي تستهدف الخلايا السرطانية وتعزز أنظمة المناعة. الأمريكية سيليا فاربر، المناهضة لـ»أكاذيب الأوبئة»، من الإيدز وحتى كورونا، ذكرت بدورها في مقال عام 2006، أن عقارا معروفا مضادا للفيروسات التكاثرية كان جزءًا من «مؤامرة المجمع العلمي الطبي» لنشر الأدوية السامة. وإذا لم يكن هذا كافيا لاقناع البعض، فلا أصدق من شهادة د. بيتر روست، نائب الرئيس السابق لشركة فايزر، إحدى أكبر «عصابات» صناعة الدواء. يكشف د. روست في كتابه «النذير.. اعترافات قاتل صحي»2006، أسرارا خطيرة عن جرائم شركات الأدوية الكبرى، ومنها سيطرتها على البحث العلمي وتوجيهه للخروج بنتائج معدة سلفا تعزز مصالحها على حساب المرضى.
ولا عجب إذن أن يتساءل كثيرون، لماذا يشعر معظم الناس بالتعب المستمر الذي أصبح مرض العصر؟ والإجابة وفق موقع، «إشعار المستهلكين»، الذي يعتمد في توثيق معلوماته 20 موقعا طبيا رسميا، تكمن في «الغبار الذكي» الذي ينتشر عبر غاز الكيميتريل، وغازات أخرى تُبث في الجو منذ عقود. وبحسب الموقع فإن من وسائل صناعة المرض التي يعممها أعداء الإنسانية على البشر، مادة كيميائية تسبب أمراضا لا حصر لها، بداية من الزهايمر إلى التوحد وحتى الاضطرابات الهضمية، والاكتئاب. المادة اسمها جلايفوسيت، وهي عبارة عن مبيد حشري، ويتم رشها على كل المحاصيل، وتعتبر رسميا، وبحسب «الصحة العالمية»، مادة مسرطنة، وترش أيضا في الجو. وقد أدى استخدامها منذ العام 1990 إلى زيادة أعراض التعب المزمن بأكثر من 11000%، وتشتت الانتباه بنسبة أكثر من 10000 %، والاكتئاب بنسبة 280%. كما كشفت دراسة نشرتها أخيرا دورية «التلوث البيئي»، وجود مواد كيميائية تسمى «الفثالات»، في آلاف المنتجات الاستهلاكية مثل المعلبات والشامبو والمكياج والعطور وألعاب الأطفال، وكل شيء تقريبا، وتتسبب في أكثر من 100 ألف حالة وفاة مفاجئة سنويا، في الولايات المتحدة وحدها.
ومما يؤكد أن صناعة المرض تجرى على قدم وساق، مشروع تقول جامعة «جونز هوبكنز» إنه تدريبي استعدادًا لجائحة كبيرة في السنوات المقبلة!. لكن مصادر عدة أكدت أنه مشروع حقيقي يمهد لإطلاق جائحة جديدة باسم «سبارز»، العام المقبل، وتستمر حتى العام 2028. ويذكّر ذلك بمشروعات مماثلة تحدثت عن «جائحة كورونا» قبل حدوثها بسنوات، وكالعادة تكفل إعلام النُخب بتكذيب من فضحوا ذلك المشروع.
البعد السياسي في هذه المأساة لا يقل خطورة وإدهاشا. فالثابت أن كل هذه التصرفات اللا إنسانية تنفذ وفق خطط معلنة وبقيادة أكبر دولة في العالم. ومعروف أن هنري كيسنجر وزير الخارجية الأسبق أصدرعام 1974 مذكرة حول عدد سكان العالم، يتحدث فيها وكأنه مدبر الكون مطالبا بكبح الزيادة السكانية، واصفا إياها بأنها ربما تكون أخطر من التحدي النووي. وهذا زميله روبرت مكنمارا، وزير الحرب، ورئيس البنك الدولي الأسبق، يتحدث عام 1979، في نادي روما -معبد المالتوسية- مرددا نفس الأفكار ومقترحا التخلص من «الأعداد الزائدة» من البشر بصناعة المجاعات و»صناعة المرض». وذكرت دراسة لمنظمة الأبحاث الأسترالية، «CSIRO»، نشرتها مجلة العلوم البريطانية «نيوساينتست» في 2008، أن «التلوث الناشيء عن التغيرات في الإنتاج الصناعي وإنتاج الغذاء هو نتيجة لخطط نادي روما»، ما يدفع للقول إنه ليس فقط الدواء الذي به سم قاتل، بل الغذاء فيه سم قاتل، والماء فيه سم قاتل، والهواء فيه سم قاتل، لتصبح مصانع العصر الحديث، ربما، «مصانع الموت البطيء».
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
إعلامي وباحث سياسي
ماجستير العلوم السياسية
مساحة إعلانية




مساحة إعلانية
في زمنٍ تتسارع فيه التكنولوجيا وتتصارع فيه المفاهيم، باتت القيم المجتمعية في كثيرٍ من المجتمعات العربية أقرب إلى «غرفة الإنعاش» منها إلى الحياة الطبيعية. القيم التي كانت نبض الأسرة، وعماد التعليم، وسقف الخطاب الإعلامي، أصبحت اليوم غائبة أو في أحسن الأحوال موجودة بلا ممارسة. والسؤال الذي يفرض نفسه: من يُعلن حالة الطوارئ لإنقاذ القيم قبل أن تستفحل الأزمات؟ أولاً: التشخيص: القيم تختنق بين ضجيج المظاهر وسرعة التحول: لم يعد ضعف القيم مجرد ظاهرة تربوية؛ بل أزمة مجتمعية شاملة فنحن أمام جيلٍ محاط بالإعلانات والمحتوى السريع، لكنه يفتقد النماذج التي تجسّد القيم في السلوك الواقعي. ثانياً: الأدوار المتداخلة: من المسؤول؟ إنها مسؤولية تكاملية: - وزارة التربية والتعليم: إعادة بناء المناهج والأنشطة اللاصفية على قيم العمل والانتماء والمسؤولية، وربط المعرفة بالسلوك. - وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية: تجديد الخطاب الديني بلغة العصر وتحويل المساجد إلى منصات توعية مجتمعية. - وزارة الثقافة: تحويل الفنون والمهرجانات إلى رسائل تُنعش الوعي وتُعيد تعريف الجمال بالقيمة لا بالمظهر. - وزارة الإعلام: ضبط المحتوى المرئي والرقمي بما يرسّخ الوعي الجمعي ويقدّم نماذج حقيقية. - وزارة التنمية الاجتماعية: تمكين المجتمع المدني، ودعم المبادرات التطوعية، وترسيخ احترام التنوع الثقافي باعتباره قيمة لا تهديدًا. ثالثاً: الحلول: نحو حاضنات وطنية للقيم: إن مواجهة التراجع القيمي لا تكون بالشعارات، بل بإنشاء حاضنات للقيم الوطنية تعمل مثل حاضنات الأعمال، لكنها تستثمر في الإنسان لا في المال. هذه الحاضنات تجمع التربويين والإعلاميين والمثقفين وخبراء التنمية لتصميم برامج عملية في المدارس والجامعات ومراكز الشباب تُترجم القيم إلى ممارسات يومية، وتنتج مواد تعليمية وإعلامية قابلة للتكرار والقياس. كما يمكن إطلاق مؤشر وطني للقيم يُقاس عبر استطلاعات وسلوكيات مجتمعية، لتصبح القيم جزءًا من تقييم الأداء الوطني مثل الاقتصاد والتعليم. رابعا: تكامل الوزارات:غرفة عمليات مشتركة للقيم: لا بد من إطار حوكمة ؛ • إنشاء مجلس وطني للقيم يُمثّل الوزارات والجهات الأهلية، يضع سياسة موحّدة وخطة سنوية ملزِمة. مؤشرات أداء مشتركة • تُدرج في اتفاقيات الأداء لكل وزارة • منصة بيانات موحّدة لتبادل المحتوى والنتائج تُعلن للناس لتعزيز الشفافية. • حملات وطنية متزامنة تُبث في المدارس والمساجد والمنصات الرقمية والفنون، بشعار واحد ورسائل متناسقة. • عقود شراكة مع القطاع الخاص لرعاية حاضنات القيم وبرامج القدوة، وربط الحوافز الضريبية أو التفضيلية بحجم الإسهام القيمي. الختام..... من يُعلن حالة الطوارئ؟ إنقاذ القيم لا يحتاج خطابًا جديدًا بقدر ما يحتاج إرادة جماعية وإدارة محترفة. المطلوب اليوم حاضنات قيم، ومجلس تنسيقي، ومؤشرات قياس، وتمويل مستدام. عندها فقط سننقل القيم من شعارات تُرفع إلى سلوك يُمارس، ومن دروس تُتلى إلى واقع يُعاش؛ فيحيا المجتمع، وتموت الأزمات قبل أن تولد.
6387
| 24 أكتوبر 2025
نعم، أصبحنا نعيش زمنًا يُتاجر فيه بالفكر كما يُتاجر بالبضائع، تُباع فيه الشهادات كما تُباع السلع، وتُؤجّر فيه المنصات التدريبية كما تُؤجّر القاعات لحفلات المناسبات. هو زمنٌ تحوّلت فيه «المعرفة إلى سلعة» تُسعَّر، لا رسالة تُؤدَّى. تتجلّى مظاهر «الاتّجار المعرفي» اليوم في صور عديدة، لعلّ أبرزها «المؤتمرات والملتقيات التدريبية والأكاديمية» التي تُقام بأسماء لامعة وشعارات براقة، يدفع فيها الحضور مبالغ طائلة تحت وعودٍ بالمحتوى النوعي والتبادل العلمي، ثم لا يخرج منها المشاركون إلا بأوراق تذكارية وصورٍ للمنصات! وهنا «العجيب من ذلك، والأغرب من ذلك»، أنك حين تتأمل هذه الملتقيات، تجدها تحمل أربعة أو خمسة شعارات لمؤسساتٍ وجهاتٍ مختلفة، لكنها في الحقيقة «تعود إلى نفس المالك أو الجهة التجارية ذاتها»، تُدار بأسماء متعدّدة لتُعطي انطباعًا بالتنوّع والمصداقية، بينما الهدف الحقيقي هو «تكرار الاستفادة المادية من الجمهور نفسه». هذه الفعاليات كثير منها أصبح سوقًا مفتوحًا للربح السريع، لا للعلم الراسخ؛ تُوزَّع فيها الجوائز بلا معايير، وتُمنح فيها الألقاب بلا استحقاق، وتُقدَّم فيها أوراق بحثية أو عروض تدريبية «مكرّرة، منسوخة، أو بلا أثرٍ معرفي حقيقي». وهذا الشكل من الاتّجار لا يقل خطورة عن سرقة البيانات أو بيع الحقائب التدريبية، لأنه يُفرغ الفضاء الأكاديمي من جوهره، ويُحوّل «الجهد العلمي إلى طقسٍ استعراضي» لا يصنع معرفة ولا يضيف قيمة. فالمعرفة الحقيقية لا تُشترى بتذكرة حضور، ولا تُختزل في شعار مؤتمر، ولا تُقاس بعدد الصور المنشورة في مواقع التواصل. من جهةٍ أخرى، يتخذ الاتّجار بالمعرفة اليوم وجهًا «رقميًا سيبرانيًا أكثر تعقيدًا»؛ إذ تُباع البيانات البحثية والمقررات الإلكترونية في «الأسواق السوداء للمعلومات»، وتُسرق الأفكار عبر المنصات المفتوحة، ويُعاد تسويقها تحت أسماء جديدة دون وعيٍ أو مساءلة. لقد دخلنا مرحلة جديدة من الاتّجار لا تقوم على الجسد، بل على «استغلال العقول»، حيث يُسرق الفكر ويُباع الإبداع تحت غطاء “التعاون الأكاديمي” أو “الفرص البحثية”. ولذلك، فإن الحديث عن «أمن المعرفة» و»السلامة السيبرانية في التعليم والتدريب» لم يعد ترفًا، بل ضرورة وجودية لحماية رأس المال الفكري للأمم. على الجامعات ومراكز التدريب أن تنتقل من مرحلة التباهي بعدد المؤتمرات إلى مرحلة «قياس الأثر المعرفي الحقيقي»، وأن تُحاكم جودة المحتوى لا عدد المشاركين. الاتّجار بالمعرفة جريمة صامتة، لكنها أخطر من كل أشكال الاتّجار الأخرى، لأنها «تسرق الإنسان من داخله»، وتقتل ضميره المهني قبل أن تمس جيبه. وحين تتحوّل الفكرة إلى تجارة، والمعرفة إلى وسيلة للشهرة، يفقد العلم قدسيته، ويصبح المتعلم مستهلكًا للوهم لا حاملًا للنور.
6372
| 27 أكتوبر 2025
ليس الفراغ في الأماكن، بل في الأشخاص الذين لم يتقنوا الجلوس في أماكنهم. كم من مقعدٍ امتلأ جسدًا، وظلّ فارغًا فكرًا، وإحساسًا، وموقفًا. الكرسي لا يمنح الهيبة، بل من يجلس عليه هو من يمنح المكان معناه. المدرب… حين يغيب التأثير: المدرب الذي لا يملأ مقعده، هو من يكرّر المعلومات دون أن يُحدث تحولًا في العقول. يشرح بجمود، ويتحدث بثقة زائفة، ثم يغادر دون أن يترك بصمة. الحل أن يفهم أن التدريب رسالة لا مهنة، وأن حضوره يقاس بتغيير الفكر والسلوك بعده. وعندما يغيب هذا الإدراك، يتحول التدريب إلى ترفٍ ممل، ويفقد المجتمع طاقاته الواعدة التي تحتاج إلى من يشعل فيها شرارة الوعي. المدير… حين يغيب القرار: المدير الذي لا يملأ كرسيه، يهرب من المسؤولية بحجة المشورة، ويُغرق فريقه في اجتماعات لا تنتهي. الحل: أن يدرك أن القرار جزء من القيادة، وأن التردد يقتل الكفاءة. وعندما يغيب المدير الفاعل، تُصاب المؤسسة بالجمود، وتتحول بيئة العمل إلى طابور انتظار طويل بلا توجيه. القائد… حين يغيب الإلهام: القائد الذي لا يملك رؤية، لا يملك أتباعًا بل موظفين. الحل: أن يزرع في فريقه الإيمان لا الخوف، وأن يرى في كل فرد طاقة لا أداة. غياب القائد الملهم يعني غياب الاتجاه، فتضيع الجهود، ويضعف الولاء المؤسسي، ويختفي الشغف الذي يصنع التميز. المعلم… حين يغيب الوعي برسالته: المعلم الذي يجلس على كرسيه ليؤدي واجبًا، لا ليصنع إنسانًا، يفرغ التعليم من رسالته. الحل: أن يدرك أنه يربّي أجيالًا لا يلقّن دروسًا. وحين يغيب وعيه، يتخرّج طلاب يعرفون الحروف ويجهلون المعنى، فيُصاب المجتمع بسطحية الفكر وضعف الانتماء. الإعلامي… حين يغيب الضمير: الإعلامي الذي لا يملأ كرسيه بالمصداقية، يصبح أداة تضليل لا منبر وعي. الحل: أن يضع الحقيقة فوق المصلحة، وأن يدرك أن الكلمة مسؤولية. وعندما يغيب ضميره، يضيع وعي الجمهور، ويتحول الإعلام إلى سوقٍ للضجيج بدل أن يكون منارة للحق. الطبيب… حين يغيب الإحساس بالإنسان: الطبيب الذي يرى في المريض رقمًا لا روحًا، ملأ كرسيه علمًا وفرّغه إنسانية. الحل: أن يتذكر أن الطب ليس مهنة إنقاذ فقط، بل مهنة رحمة. وحين يغيب هذا البعد الإنساني، يفقد المريض الثقة، ويصبح الألم مضاعفًا، جسديًا ونفسيًا معًا. الحاكم أو القاضي… حين يغيب العدل: الحاكم أو القاضي الذي يغفل ضميره، يملأ الكرسي رهبة لا هيبة. الحل: أن يُحيي في قراراته ميزان العدالة قبل أي شيء. فحين يغيب العدل، ينهار الولاء الوطني، ويُصاب المجتمع بتآكل الثقة في مؤسساته. الزوج والزوجة… حين يغيب الوعي بالعلاقة: العلاقة التي تخلو من الإدراك والمسؤولية، هي كرسيان متقابلان لا روح بينهما. الحل: أن يفهما أن الزواج ليس عقداً اجتماعياً فحسب، بل رسالة إنسانية تبني مجتمعاً متماسكاً. وحين يغيب الوعي، يتفكك البيت، وينتج جيل لا يعرف معنى التوازن ولا الاحترام. خاتمة الكرسي ليس شرفًا، بل تكليف. وليس مكانًا يُحتل، بل مساحة تُملأ بالحكمة والإخلاص. فالمجتمعات لا تنهض بالكراسي الممتلئة بالأجساد، بل بالعقول والقلوب التي تعرف وزنها حين تجلس… وتعرف متى تنهض.
5103
| 20 أكتوبر 2025